
بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
كعادتي أتابع الفن والثقافة و(المبدعين)، فقد أدركت طوال مشوار طويل تأثير الفنون والثقافة وما أطلق عليه (جوزيف ناي) جامعة هارفرد مساعد وزير الدفاع الأمريكي سابقاً منذ آواخر التسعينيات القوة الناعمة هى كل سبل التغير والتأثير دون استخدام القوه والسلاح من الوجبات السريعة والجينز والست كوم ووزارة الخارجية والقوة الاقتصادية وهية قوة بالتوازي مع القوة العسكرية.
من هنا زاد يقيني بأهمية الوعي بروافد القوة وأهمها الناعمة من ثقافة وتنوير فنون وإبداع.
كان اهتمامي نابع من تعدد معارفي بمعظم أنواع الفنون، فنون جميله وموسيقي وكتابه وإخراج وتصوير وإنتاج وعلوم الصوتيات واهتمام بالفن السابع ومعظم مفرداته.
وخلال المشوار، شاهدت كيف كان دور الفن والفنانين و(المبدعين)، وأتذكر حين غنت (أم كلثوم) وذهبت تجمع الأموال للمجهود الحربي وحضرت شاباً يافعاً مع (محمد نوح) كيف تسابق كل الفنانين في حرب أكتوبر على استديوهات ماسبيرو واستمعنا لبسم الله الله اكبر لتلهب مشاعر الجماهير،غنى عبدالحليم عاش الي قال.
وكان (الشهد والدموع) في الدراما و(جمعه الشوان وأبناء الصمت في السينما، الرصاصة لا تزال في جيبي)، وشارك الكتاب وقدم الأدباء و (المبدعين) قصصاً وروايات لتعزيزالوعي وتعميق قيم الولاء والانتماء.
وكيف كان المسرح ومسرحية محمد نوح (مدد شدي حيلك يابلد، وبلدي يا بلدي لجلال الشرقاوي)، و(حدث في أكتوبر) لكرم مطاوع وكم كبير من أعمال لتكرس لقيمة الأرض والوطن وقيم الولاء والانتماء.
بكل صدق أشعر أننا الآن في مرحلة مهمة فارقة في تاريخ الصراع العربي مع الصهيونية والأطماع المدعومة بصلف بل جنون، فهل ما يقدم في الفنون والإعلام ومنه الموازي وشبكات التباعد الاجتماعي يلائم واع بما يحدث على سطح المشهد امام العالم!

العملاق (محمود المليجي)
أجزم أنه لا يتناسب ولا يجوز ولا يستطيع عاقل محب أن يوافق على ما نراه من فنون لا تكرس معظمها إلا للتسطيح العقلي والبلطجة وأخذ الحق بالعنف وتقديم أسوأ ما في الحارة المصرية التي قدمت لنا التلاحم والحميمية والوفاء والانتماء كما حدث في معظم منذ فيلم (العزيمة) ثم أعمال الستينيات إلى التسعينيات.
وهنا يأتي سؤال ما السبب؟، أعرف أن السبب هو أن يتوارى الكبار ويمنعهم الكبرياء من الظهور إما لاعمال لا تتوافق مع تاريخهم الفني أو لتجاهلهم، وهو المدهش والمهين، فالفنان في العالم يعمل بل والصادق منهم يريد أن تنتهي حياته وهو يعمل، كما حدث مع العملاق (محمود المليجي)، ولكن هنا يتحول النجم الكبير إلى المعاش.
فكيف بالله عليكم ونحن نشاهد (كلينت ستوود) يعمل و(مورجان فريمان، وروبرت دوفال)، وفي الإخراج مازال (ريدلي سكوت) يعمل (فرانسيس كوبولا)، يعمل (والن باركر، ستيفن سبلبرغ ،مارتن سكورسيزي) يعمل ومعظمهم تجاوز التسعين وقد يقترب من المائة.
العجيب أن لا أجد الان إلا نجوم شباب ونفس الوجوه في كل الأعمال والتركيز على العنف لمخاطبة جمهور بقايا العشوائيات والطبقة العامله ومنها الكادحة، والجزء الآخر يقدم كوميديا معظمها ساذجة، ولكنها سبوبة الموسم الرمضاني، والأعياد.
ويسأل البعض: هل لا توجد أعمال تحمل قيمه وإبداع والإجابة وللموضوعية نعم توجد، فالشركات كبيرة التي لها تاريخ في الإبداع تحاول، ولكنها تتوه وسط تلال من برامج الإسفاف لبعض الكوميديانات السذج، وبعضهم لم يقرأ كتاب فقط المجلات حين تكتب عنه.
والعار أن يكون هو النجم المتطاوس بالمال فهو فلتر العمل فيختار المخرج والأبطال والنص، وقد يتدخل في كل ما له علاقه بالعمل، وهنا تزداد حالة التسطيح والنتيجه الدولة تعمل والشعب البعض منه منفصل عن الأحداث، ويهرتل ويبحث عن فنون التسطيح العقلي وتكريس الابتسامة الساذجة دون أي قيمة مضافة إلا ملء الهواء.

زمن (ماسبيرو) أيام حرب أكتوبر
فهل لنا أن نراجع ما كان يقدم في زمن (ماسبيرو) أيام حرب أكتوبر وقبلها حرب 1967، وكيف شاركت الفنون وكبار الفنانين في تنمية الوعي فزادت قيم الانتماء ووقف الشعب وكنا نقف طوابير لشراء فرخه من الجمعية واللحمه ثلاث أيام وكم من تضحيات في سبيل الوطن.
ولم تكن مصر تعيش الرفاهية التي يعيشها البعض الآن ولا حتى النجوم (المبدعين)، وكان بكل شارع محل للبقالة وآخر للحوم والتليفونات بعضها عند البقال، وكل شارع تقف به عربه او اثنين.
رجاء المراجعة، ولا أطالب بالموافقة على ذلك بل فقط للتذكير لنقف جميعاً أمام مخططات تحاك بخبث للمنطقه ولا حل إلا باليقظة والاتحاد في الداخل، وكلنا مع الأمة العربية فيد الله مع الجماعة ولا يستطيع أحد أي ماكان أن يشق الصف لا الداخلي من بقايا الكارهين ولا أعداء الأمة والباحثين التجار والديك الرومي البرتقالي بأطماعة الفجه التي لن تتوقف.
بل تزداد.. إنها دعوة صريحة مني أن نتوقف عن تكريس التفاهة وبرامج الدجل السفسطة، الطبيخ والطب المدفوع على الشاشات، علينا إعادة برامج تكريس الوعي،الانتماء والفنون التي تحمل قيمة مضافة.
وبرامج تناقش وتوضح للمواطن بكل طوائفه خطورة ما تواجهه مصر المحروسة القادرة بمحبيها علي دحر أي جاهل أو متجاهل للتاريخ ومعرفة معدن المواطن المصري الذي يتحول في الشدائد شعب القوات المسلحه التي حطمت خط بارليف في 6 ساعات وأدهشت العالم.. مصر تنطلق وتستحق.