رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان يكتب: حان موعد سفر (زكريا أمان)

إبراهيم رضوان يكتب: حان موعد سفر (زكريا أمان)
أشعار إبراهيم رضوان

بقلم: الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان

كنت قد أحضرت معي ديوانا كتبته بخط يدي (اسم المعتقل).. كان (زكريا أمان) فرحا به.. أحضر لي ملابسه المنزليه لارتديها.. سهرنا رغم إرهاقه من السفر حتى الصباح.. هو يدخن بشراهة وأنا ممتنع عن التدخين.. حيث كنت أستغل السجائر التي معي في المعتقل في شراء أي شيء حيث كانت السجائر هي العمله التي نتعامل بها في طره..

وكانت أعداد السجائر التي معي هناك قليلة جدا.. لأن والدي ووالدتي في هذه الفتره كانا يحتاجان إلى مرتبي الذي يرسله لهما الأديب (فاروق حسان) ومعه بدل الغربه في الصعيد (سوهاج) قبل اعتقالي.

حان موعد سفر (زكريا أمان) إلي وحدته.. من كلامه معي المثقف.. وبعض كراريس الأشعار القديمة قلت له أن بداخلك شاعر يحتاج لمن يفتش عنه ويخرجه إلى الوجود من قمقمه.. قال لي.. كنت أحب ما أكتب.

وأحب أكثر من شاعر قبل أن أقرا لك ديوان الدنيا هى المشنقة.. حانت لحظة الوداع.. تناولنا طعام الإفطار.. كان ما زال معي في هذا الوقت ديواني (زنازين الصمت).. ارتدي بدلته العسكرية وحمل حقيبته.. وانطلقت بنا السيارة في اتجاه محطة السكه الحديد بالمنصورة.. كنت حزينا لفراقه.. ركب القطار، وضع حقيبته على رف القطار.

 حقائب القوات المسلحة كلها متشابهة.. زكريا وصل إلي وحدته العسكرية وفتح حقيبته التي بها الديوان الذي لا يوجد عندي نسخة منه.. كان في أشد الحاجة يقرأ الديوان الجديد الذي كتبته عن فترة المعتقل.

اكتشف أن الحقيبة ليست حقيبته.. وأنه أخذ حقيبة ظابط آخر من القوات المسلحة.. يعلم الله أنه ظل يبحث عن صاحب الحقيبة حتى يأخذ منه الديوان فلم يعثر عليه.

 ظل (زكريا أمان) يحضره لي في كل إجازة يأخذني معه بملابسه الرسمية إلي  (شرنقاش).. ونفس الأطعمة ونفس حدائق الموز.

ونفس أسماك النيل التي يصطادونها بالجوبية ونفس كل شيء.. أصبح وجودي مع زكريا أثناء أجازته شيبا مقدسا عنده وعند الأسرة.. كنت أشعر بالبهجة.. ففي الوقت الذي كنت أشعر فيه أن الجميع  يخاف مني في طلخا مدينتي.. حتى شقيقتي الكبيرة وزوجها..

إبراهيم رضوان يكتب: حان موعد سفر (زكريا أمان)
كنت كلما سرت في شوارع طلخا يهرب مني الجميع

كلما سرت في شوارع طلخا

أشعر بالإحباط الشديد.. كنت كلما سرت في شوارع طلخا يهرب مني الجميع.. لذلك كنت أتالم جدا.. هل هم هؤلاء الذين دافعت عنهم.. هل هم هؤلاء الذين كتبت عنهم وعبرت عن مشاعرهم..

هل هؤلاء هم الذين دفعت من عمري عامان وشهران و12 يوما قضيتهم بين كل سجون مصر ومعتقلاتها.. كانت مراره شديدة لم يطفئها بداخلي إلا وجود (زكريا أمان) بجانبي.. كان بعض جيراني يقولون دائما أنني ما زلت مراقبا.

والدليل على ذلك أن هناك ضابطا ياتي للشاعر (إبراهيم رضوان) لياخذه معه إلى المعتقل لمده أيام ثم يعيده مرة أخرى.

 لم ألتقي بصبري الذي عرفني بزكريا به عن طريق ديواني لأنه كان يخاف على نفسه من الحضور لي.. انقطع (زكريا أمان) عنه وعن الجميع.. كان يحكي لي أن عنده إحساس أن ذراعه اليمين ستقطع في الحرب وكنت أطمئنه أن الله سيراه.

والحمد لله أن هذا لم يحدث لأنه كان على الجبهة، وكان يحمل في كل يوم الجرحى و الشهداء الذين يحكي لي عنهم دائما في كل مرة مع دموعه التي تنساب دائما حزنا عليهم.

 ظل (زكريا أمان) في كل إجازة يحضر للأسرة أجولة البطاطس والأرز والدقيق وكل ما يقدر عليه مع كمية من الفواكه وكمية من الموالح وكمية من الخبز البيتي وكميه من الفطائر.

في بعض الأوقات كنت أعتذر عن توصيله للمحطة على أساس أن عندي بعض الأشياء التي أريد أن أفعلها.. رغم أنه تعود أن أقوم بتوصيله في كل مرة.. لماذا كنت أفعل ذلك؟

 لقد تعود أن يأخذني معه في كل أجازة إلى محطة السكة الحديد بالمنصورة حتى أوصله وأكون آخر شخص يحتضنه ويقبله قبل الذهاب إلى المعركة والتي لا يعرف إن كان سيعود منها سالما أو بذراع واحدة كما كان يتخيل ويقول لي: لماذا كنت أهرب من وداعه في بعض الأوقات؟

المنزل ليس به نقود.. أرسل له شقيقي الصغير المرحوم (مجدي) ليوصله ويخبره أن (إبراهيم) يريد بعض المال لانه يحتاجه.. فيرسل معه (زكريا أمان) كل ما معه ولا يتبقي بجيبه إلا المبلغ الذي يوصله إلي وحدته.. على أن يصل الى وحدته ليتسلم مرتبه..

إبراهيم رضوان يكتب: حان موعد سفر (زكريا أمان)
كان يتعمد أن يعطي المبلغ في ظرف مغلق

الظرف به أوراق مهمة

فهم (زكريا أمان) اللعبه ولكنه لم يفهمني أنه فهم أي شيء.. عندما استأذن منه قبل إجازته بيوم أن أغادر (شرنقاش) لأن عندي بعض المشاكل الخاصة.. يسمح لي بذلك ويستعد بمبلغ كبير جدا ليسلمه لشقيقي (مجدي) الذي سيصله نيابة عني..

لا أذكر أننا تكلمنا في هذا الموضوع نهائيا.. بل كان يتعمد أن يعطي المبلغ في ظرف مغلق قبل أن يتحدث معه مجدي في أي شئ و يبلغه أن الظرف به أوراق مهمة.

و

تاريخ كامل في ..حارة

العدوي.. ويا السيدة زينب

قضينا أجمل الأوقات ساعات كان السكات يطوينا

 بجناحه

وأنا وهو مع فيروز

فضل زكريا يزرع فروع

 الجوز ..

ونخل اللوز على الشطين

 لحد ما عودي طب واشتد و فرعي امتد في عالم لا يمكن

 يوم

هاتقدر تمشي فيه وحدك

مع .. البوني إم ..

نسمع كل غنوة رقيقة بتجدد

 وتلقى ويا ماجدة الرومي

 نور وعدك

 سلوك سخان بتسخن كل

 لحظه وفجاه تاني تموت

 ولسه الشاي كما هو علي

 البراد..

مفيش له صوت

 وميت جرنان.. وألف كتاب

 على الكنبة

 وألف بيجامة للي هيجي للأوضة

 سجاير جوه كام علبة

 وجبنة وبقسماط وسميط

 وريحة مالية كل الأوضة

 جوه البيت من الدخان ونظرة حنينة في عيون

 سموه ..

(سيادة الخير زكريا)

طبق فاضي ومش مغسول

و شخص بقلبه مش مشغول

وتاني م القلق مقتول

 وقول معسول

ودورة ميه مشغولة تملي بكافة الزوار

وسكان الجحور النايمة في

 الزنازين

 تلامذه إنما في الأصل

 داعش..

 حتى بيزيدوا في تفكيره

 وأنا وزكريا روح واحدة مع

 جسدين

 مفيش بيني وبينه غير

 حنين باين

ولاسنتي في قلبي..

 أو في قلبه البكر للعشرة..

 في يوم خاين

أجيله م الإذاعة جسمي مزروع شوك

 فيزرعني جناين حنطة

 مزروعة

ما فيش ساعة في قلب الأوضة مسموعة

تخلي الليله بيننا لحظة

ولو حسيت بجوع لحظة..

 مافيش فيه لقمه تتأجل

من كتاب (مدد مدد)

سيرة ذاتية لبلد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.