محمود حسونة يكتب: نجوم (فن) وإعلام أيضا يبلطجون !

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة
لم تعد ممارسة البلطجة تقتصر على من كانوا يمتهنوها، بل تمددت وانتشرت لتصل إلى بعض من النخبة ومن يفترض أنهم يقودون الرأي العام، وخلال الفترة الماضية تابعنا نجوم (فن) وإعلام وهم يبلطجون، فكرياً وجسدياً.
نعم، أخلاق المصريين تغيرت، ولم يعد أحد يحتمل أحداً، وسيظل 25 يناير 2011 تاريخاً فاصلاً في حياة شعب شهد له العالم بالصبر والخلق الكريم وحكمة التصرف إلى شعب أصاب وباء التمرد قطاعاً عريضاً منه.
وبدلاً من أن يتمرد على كل اعوجاج تمرد على جوهره وانقلب على ثوابته، وبدلاً من أن تتصدى الشخصيات العامة لهذا الوباء المعدي وفي مقدمتهم الفنانين والإعلاميين، ساهم بعضهم فيه ليتمكن من أناس يتخذونهم نماذج تحتذى.
بعض نجوم (فن) وإعلام اليوم يرسخون في الوجدان الجمعي الانهيار القيمي، سواء في مواقفهم المتبدلة بين عشية وضحاها حسب مقتضيات المصلحة الشخصية، أو في خطابهم المنفعل وصراخهم الدائم ومصطلحاتهم الفجة، بدلاً من محاولتهم البحث في جذور الانهيار.
ويسعون لمعالجته بكلام هادئ يخاطب العقل الجمعي ويقنع المشاهد ويستمد من التاريخ الاجتماعي المصري رسائله التي تعيد للتائهين هويتهم المفقودة.
وبعيداً عن الأسماء يكفيك أن تشاهد برامج التوك شو اليومية التي تستلزم من المتخصصين تحليلاً لمضمونها يكشف سوءاتها التي تضلل وتزيف وتشتت بدلاً من أن تضيء الطريق أمام الضالين الضائعين في عالم يكرس الضياع ويسعى لمحو الهويات وعولمة الانهيار القيمي والأخلاقي.

محمد رمضان نموذجا
لدينا نجوم (فن) لايكتفون بتشويه صورتهم فقط، ولكنهم يشوهون صورة الفن ورسالته وزملائهم، والصورة الذهنية المتداولة مجتمعياً عن الفن والفنانين لم تأت من فراغ، ولكن ثلة منهم هي التي رسمتها.
وما يحدث في الوسط الفني من فساد أخلاقي موجود في كل الأوساط، ولكن الأضواء المسلطة على الفنانين المتجاوزين هى التي تصور الجميع على أنهم الأكثر خروجاً على قيم وتقاليد المجتمع.
ما بين يوم وآخر نطالع أخباراً عن بلطجة مارسها أحدهم على الناس متوهماً أنه يحق له ما لا يحق لغيره، وكلما ازدادت شهرته خلق تريند فضيحته وازداد المجتمع حوله، وهو ما لا يعيه المستهترون من الفنانين.
وبدلاً من الأخذ بيد الناس ومساعدتهم على العودة للأخلاق المصرية الأصيلة من خلال أعمالهم وسلوكياتهم يأخذونهم إلى المزيد من الانحدار.
خلال الفترة الماضية تابعنا العديد من حكايات البلطجة التي يمارسها نجوم (فن) على الناس، تابعنا الكثير عن انفلات أعصاب الفنان (محمد رمضان) في حق زملاء له وفي حق أناس عاديين.
وآخرها في الساحل الشمالي، مع شاب قام بتصوير مقطع فيديو وردد عبارة (محمد حمضان)، مما أدى إلى غضب (رمضان) ومطالبته للشاب بإخراج الهاتف لحذف مقطع الفيديو، ولكن الشاب لم يعطه إياه.
لتحدث مشادة كلامية بينهما على إثرها صفع (رمضان) الشاب ليرد له الشاب الصفعة في التو واللحظة ليتدخل المتواجدون بالمكان لفض الاشتباك، وهو تصرف هبط بنجم (فن) يعتبر نفسه (نمبر وان) إلى القاع، ولو أنه تصرف بحكمة ما عرض نفسه للصفع ولعلّم هذا الشاب وغيره درساً في كيفية الارتقاء بسلوكياته بدلاً من الانحدار.


تصرف عمرو دياب ومحمد فؤاد
(عمرو دياب) أيضاً تصرف مع معجب له في أحد الأفراح بما يتنافى وقيمته الجماهيرية عندما صفعه عند محاولته التصوير معه، لينتقل الخلاف إلى ساحات القضاء الذي انتصر لشاب عادي على حساب نجم (فن) كبير.
الفنان محمد فؤاد تشاجر مع طبيب في أحد المستشفيات عندما تعرض شقيقه لأزمة صحية نقله على أثرها للمستشفى، وبدأ الشجار بتلاسن لا يليق بمكانة النجم مهما كانت درجة خوفه على شقيقه.

محمد سامي آخر الأزمات
آخر الأزمات كانت بين المخرج (محمد سامي) ومدير مركز صيانة سيارات والتي وصلت إلى حد ضرب المخرج له، مستدعياً فيه أحد مشاهد البلطجة والعنف التي تضمنتها مسلسلاته.
وتحولت الأزمة إلى قضية تم الأسبوع الماضي الحكم بشهرين سجن للمخرج الشهير، والذي أدين في نفس الأسبوع في جنحة سب وقذف للفنانة (عفاف شعيب)، ناهيك عن خلافاته الكثيرة مع فنانين وفنانات انتقدهم بشكل تضمن الكثير من التجريح رغم قبوله العمل معهم في الماضي، مثل غادة عبدالرازق وياسمين صبري وهيفاء وهبي.
البلطجة لا تقتصر فقط على الصفع على الوجوه والاشتباك الجسدي، فهناك أيضاً البلطجة اللفظية، والتي تحمل تشويهاً للآخر وحطاً من قيمته وتجاوزاً في حقه، ولعل التصريحات التي أدلت بها المغنية (بسمة بوسيل) في حق طليقها الفنان (تامر حسني). والتي تضمنت الكثير من التجريح له والتشويه لصورته أمام الرأي العام، رغم أن بينهما أولاد سوف يكبرون ويعرفون ما قالته أمهم في حق أبيهم، وقد يحاسبونها على ذلك أو يتجاوزون عنه حسب القيم التي سيتم زرعها فيهم.
أزمة (بوسيل، وتامر) تجاوزت الحدود لتتحول إلى أزمة على السوشيال ميديا بين المصريين والمغاربة، المصريون يرون أن (ابنهم) لا يستحق ما قالته في حقه طليقته التي قبلت الزواج منه لتنال بعض الشهرة، وبعدما حصلت على الطلاق شوهته.

بسمة بوسيل تحدث فنتة
في حين يرى المغاربة أن التجاوز في حق (بنتهم) هو تجاوز في حق المرأة المغربية، ليتجاهل هؤلاء وأولئك أنه لا ينبغي التعامل معها سوى أنها واحدة من الأزمات الكثيرة التي تحدث بين المطلقين في كل المجتمعات.
الرابح الوحيد في هذه الأزمة هو النجم (تامر حسني) الذي أعطى للجميع درساً في الأخلاق بعد أن ترفع عن الانزلاق في مستنقع البلطجة اللفظية، لدرجة أنها عندما تمنت الزواج بشاب مسلم يعرف ربه ويلتزم بصلواته لم يرد سوى بصورة لركن في بيته جهّزه للصلاة فيه.
وذلك فقط توضيحاً لجمهوره أنه مسلم ملتزم بتعاليم دينه وعبادة الله عز وجل وأن ما قيل في هذا الصدد لم يكن له من هدف سوى النيل منه أمام جمهوره.
وبصرف النظر عن أيهما أصدق فإن العلاقة بين العبد وربه علاقة خاصة ولا ينبغي الإتجار بها لا للتشويه ولا للخداع، ولا هي مجال لكسب ود الجمهور من قبل طرف على حساب طرف آخر.