![](https://shahrayar-stars.com/wp-content/uploads/2025/01/1703001274-300x169.jpg)
بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
خبر غريب متداول عن سحب الدعوة لحضور مهرجان (جوي أواردز) الذي أقيم في الرياض قبل أيام، من الفنانين المصريين (محمد ممدوح ومحمد فراج) بسبب ما قيل عن مشاركتهما كضيفي شرف في عمل فني يقوم ببطولته الفنان (محمد سلام).
أول ما خطر ببالي وأنا أقرأ الخبر كان مطلع قصيدة أمل دنقل الرائعة (كلمات سبارتكوس الأخيرة) التي يمجد فيها (من قال لا في وجه من قالوا نعم).
فالجريمة التي ارتكبها (محمد سلام) ويحاسب عليها فيما يبدو حتى الآن (أنه قال لا في وجه من قالوا نعم للرقص والغناء والضحك على أشلاء الاشقاء في غزة الذين كانوا يتعرضون وقتها لأسوأ أنواع الإبادة).
هل كان يجب على (محمد سلام) وهو فنان واعد لا يزال في بداية طريق النجومية، أن يتبع نصيحة أمل دنقل العميقة في قصيدته حين طلب (سبارتكوس) المعلق على مشنقة في شارع الاسكندر الأكبر من المارة الذين يمرون من أمامه وهم يتجنبون رفع رؤوسهم حتى لا ينظرون إليه:
(فقبِّلوا زوجاتِكم… إنِّي تركتُ زوجتي بلا وداعْ.. وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ.. فعلِّموهُ الانحناءْ).
ربما يرى البعض أنه كان على (محمد سلام) تعلم الانحناء مثلما انحنى (بيومي فؤاد) الذي لم يكتف فقط بالمشاركة في العمل الكوميدي الهزلي متغاضيا عن صرخات الاشقاء على بعد أمتار من المسرح الساخر، ولو كان اكتفى بالمشاركة لما لامه أحد إذ ان الحياة اختيارات.
لكن (بيومي فؤاد) اختار أن يطعن زميله المعتذر في ظهره بكلمات لم يكن لها داع أمام مئات الحاضرين في المسرح وملايين المتابعين على الشاشات، متجاوزا معايير الشرف المهني على الأقل التي تمنع الفنان من التقليل من شأن زميله أو تعرية أخطائه على الملأ.
![](https://shahrayar-stars.com/wp-content/uploads/2025/01/132261-محمد-ممدوح-تايسون-1280x720-1-copy-300x192.jpg)
الوحشية في الانتقام
جريمة (محمد سلام) لم تكن لتحظى بكل هذا القدر من الرغبة الوحشية في الانتقام، بل حتى ربما لم تكن لتصنف ضمن الجرائم لولا أن هناك من قالوا نعم في وجه لا التي قالها بكل أدب ودون إساءة لأحد أو لجهة، مع تبريرها بعدم قدرته على الرقص والإضحاك والغناء بينما هناك أشقاء يذبحون يوميا في مسلخ الهوان العربي في غزة.
تقديري المتواضع أن ما يحدث مع (محمد سلام) منذ أن قال (لا) الشهيرة في نوفمبر من العام قبل الماضي، وحصاره الذي يتجاوز كل الحدود المنطقية والإنسانية، بل وحتى شهوة الانتقام الطبيعية، مجرد تصرفات فردية من أشخاص تنطبق عليهم مقولة (ملكيون أكثر من الملك) أي أنهم يتفننون في الانتقام من (محمد سلام) ظنا أنهم بهذا يكسبون رضا المسؤولين الغاضبين.
ولا أظن أن ما يحدث للفنان المصري بتعليمات من المستشار السعودي (تركي آل الشيخ)، أولا لأنه يصعب تصديق أن يكون مسؤول في أهميته وفي دولة بحجم المملكة الشقيقة بهذه التفاهة، لدرجة أن يتفرغ للتفنن في الانتقام من فنان لا يمثل له ولا لمشروعه أي تهديد).
وثانيا أن الرجل مشغول بالتأكيد بعشرات المشروعات الفنية والثقافية التي يتهافت على المشاركة فيها مئات الفنانين والمبدعين المصريين والعرب بخلاف العديد من نجوم الصف الأول في هوليوود، وأغلبهم يفوقون (محمد سلام) شهرة ونجومية.
ثالثا أن (تركي آل الشيخ) وهو القريب جدا من المصريين والذي يعيش وسطهم تقريبا، ويحرص على تقديم الدعم لرموز وجهات في الفن والرياضة، يفوت عليه أن محاربة (محمد سلام) وكل من يقف معه من الفنانين سيكون له رد فعل عكسي لدى الشعب المصري.
![](https://shahrayar-stars.com/wp-content/uploads/2025/01/الفنان-محمد-سلام-عالم-المال-300x164.jpeg)
اعتذار اللحظات الأخيرة
والمؤكد انه يعرف أن هكذا تصرفات ستدفع المصريين للتضامن مع هؤلاء الفنانين مثلما فعلوا مع (محمد سلام) الذي لم يختفي من الساحة الفنية، رغم محاولة بعض الصغار فرض حصار إنتاجي وفني عليه تصورا أنهم بذلك يفعلون ما يرضي المستشار.
كما أن توجيه الدعوات لفنانين ثم سحب الدعوات والاعتذار عنها في اللحظات الأخيرة قبل موعد المهرجان لمجرد أنهما شاركا في عمل يقوم ببطولته (محمد سلام) تصرفات صغيرة لا أتصور للحظة أنها تصدر من مسؤول كبير في دولة كبيرة.
ربما يحتاج هؤلاء المزايدين إلى نصيحة أخرى مهمة وعميق من (أمل دنقل) الذي عاش حياته متواضعا رافضا ان يبيع شعره وعقله لمن يدفع أكثر، وهنا لن أجد أفضل من كلماته التي قالها بلسان سبارتكوس :
سيزيفُ لم تعدْ على أَكتافِهِ الصَّخرة
يحملُها الذين يُولدونَ في مخادِع الرقيقْ
والبحرُ – كالصَّحراءِ – لا يروي العطَشْ
لأنَّ مَن يقولُ (لا) لا يرتوي إلاَّ مَن الدُّموعْ
فلترفعوا عيونَكم للثائرِ المشنوقْ
فسوف تنتهونَ مثلَه.. غدًا.