كتب: أحمد السماحي
خلال الأيام القليلة القادمة نحتفل بعيد ميلاد أسطورة الموسيقى والغناء الموسيقار اللبناني (زياد الرحباني)، الذي يواكب الأول من يناير عيد ميلاده.
ورغم الشهرة الكبيرة التى يحظى بها العبقري (زياد الرحباني)، لكنه من وجهة نظري لم يأخذ حقه فنيا ولا إعلاميا، فحتى اليوم لم يحلل أحد أعماله الغنائية والموسيقية بشكل أكاديمي صحيح.
ولم تشاهد الأجيال الحالية ولا السابقة لها أعماله المسرحية التى قدمها طوال حقبة السبعينات، وقدم من خلالها روائع غنائية وموسيقية ما زالت تتردد حتى اليوم.
والتى كان يجب أن تعاد مجددا بنجوم جدد تحت إشراف (زياد الرحباني) حتى يتم تصويرها بشكل يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة التى حدثت في الصورة، والتوزيع الموسيقي.
فـ (زياد الرحباني) تم حصره في المقابلات التليفزيونية في الحديث عن السياسة، وعن الأحزاب، وكلام بعيد تماما عن الفن، ونسى من يحاوره أنه يحاور (زياد الرحباني) الذي نطق غناءا في طفولته.
زياد.. اخترق المألوف
(زياد الرحباني) العبقري الذي احترف التلحين وهو في السابعة عشر، وقدم لوالدته جارة القمر (فيروز)، واحد من أشهر ألحانها حتى اليوم وهو (سألوني الناس عنك يا حبيبي)، اخترق المألوف الذي أطمأن إليه الناس، وناموا في ظلاله الوارفة.
وهذا الاختراق الذي فعله (زياد الرحباني) كان عملية شجاعة تحتاج إلى قلب من حديد، وخيال يتجاوز المستحيل.
أطلق (زياد الرحباني) عقال (جنونه) الفني، وأعلن ثورته الغنائية، وقطع حبل ما استقرت عليه الموسيقى العربية، وصار إبداعه حرا من قيود إيقاعات (التانجو) التى كانت تسير عليها، أو أحمال (أمان يا لالي) التى عاشت في آسرها.
وقدم (زياد الرحباني) مشروعه الغنائي بشكل رائع، وتحصن من أمراض بلده بالسخرية في الغناء، سخر من كل الكذب اللبناني، وفهم أن لا اختلاف جوهريا بين فئات الشعب التي تناحرت وتتناحر.
انتبه (زياد الرحباني) إلى أن المشكلة ليست في الزعماء فقط، المشكلة في الشعب أيضا، لهذا انتقد كلا الطرفين في أعماله، وقدم فنا يحمل تجربته الخاصة وثقافته.
وعلم (زياد الرحباني) أن الوجدان الشرقي العربي سخن ملتهب بطبيعته، فقدم له موسيقى حراقة موجعة لكنها عذبة شجية ثورية، تثري الوجدان وتوقظه من سباته العميق.
الشيخ سيد درويش والشيخ إمام
أكمل (زياد الرحباني) ما بدأه الشيخ (سيد درويش) و(الشيح إمام) الذي نشأت على يديهما الأغنية المحرضة المستنهضة للهمم القائمة بالتوعية وبث الروح الوطنية في الأفئدة، وحث النفوس على التأمل والنظر في الأمور بعمق وتفهم، وكسر هيبة الاحتلال وتحجيمه.
وهكذا فعل (زياد الرحباني) حيث فتح ـ في بعض أغنياته ـ المخيلة الشعبية اللبنانية والعربية على آفاق المستقبل الرحيب، وتقوية المشاعر وبعث روح المقاومة في الوجدان الشعبي العام.
(زياد الرحباني) الذي أحب وتأثر بقوة بكلا من الشيخ سيد درويش، والشيخ زكريا أحمد، والشيخ إمام، انحاز للغلابة، ولكلِّ المعذبين في الأرض، ودندن معهم، فجاءت أعماله مليئة بالصدق، والحياة والحيوية.
تفاصيل (أنا مش كافر)
هذا الأسبوع في باب (غلاف ألبوم) نتوقف مع واحد من أشهر ألبوماته وهو (أنا مش كافر) الذي قدم عام 1985، ومازالت أغنياته المليئة بالسخرية حتى اليوم تتردد في كل المناسبات، فاعمال زياد الرحباني لا تموت.
ويتضمن الألبوم 9 أغنيات هى (أنا مش كافر، شو هالأيام، الله يساعد الله يعين، عالنظام، بها اليومين، شو عدا ما بدا، بهنيك، حرف الشين، المقاومة الوطنية اللبنانية).
كتب (زياد الرحباني)، كل الأغنيات، باستثناء أغنية (شو عدا ما بدا) التى كتبها الشاعر اللبناني الكبير )جوزيف حرب)، وشارك في غناء الأغنية مع زياد كلا من (سامي حواط، وستيفاني).
وقام بغناء أغنية (المقاومة الوطنية اللبنانية) فاروق الكوسا، وكل الأغنيات ألحان زياد (الرحباني)، والذي قام بغناء أغنيات الألبوم مع (سامي حواط).
وكان الكورس يتكون من (كارمن لبس، عباس شاهين، جمال شحاده، مونيكا علي، ستيفاني ستيفانو، فرح رزق)، أما الموسيقيين فكانوا كالأتي (عود، وناي، وفلوت، عزف بسام سابا)..
و(بزق، وبيانو، وإيقاع زياد الرحباني) و(كمان، عزف ميشيل خيرالله)، و(رق، عزف عبدالكريم قرموز) و(باص، عزف عبود السعدي)، و(طبلة، عزف فيصل حسن).
واحدة من أشهر أغنيات الألبوم
والآن أترككم مع كلمات واحدة من أشهر أغنيات الألبوم وهى (أنا مش كافر) التى تقول كلماتها:
أنا مش كافر بس الجوع كافر
أنا مش كافر بس المرض كافر
أنا مش كافر بس الفقر كافر والذلّ كافر
أنا مش كافر
لكن شو بعملّك إذا اجتمعوا فيّي
كل الإشيا الكافرين
يللي بيصلّي الأحد ويللي بيصلي الجمعة
وقاعد يفلح فينا على طول الجمعة
هوّ يللي ديّن قال وأنا يللي كافر عال
راجعوا الكتب السماوية راجعوا كلام القادر
أنا مش كافر بس البلد كافر
أنا مقبووور ببيتي ومش قادر هاجر
وعم تاكل لي اللقمة بتمّي وأكلك قدّامك يا عمّي
وإذا بكفر بتقل لي كافر
معمّم عالدول الغربية ومبلّغ كل المخافر
أنا مش كافر هيذا إنت الكافر
أنا مش كافر ما دام إنت الكافر
أنا مش كافر قلنا مين الكافر، كافر
وعرفوا مين الكافر، كافر
أنا مش كافر متل ما عم قل لك
عم بتحطها فيي كونك شيخ الكافرين.