في يوم ميلادها ننشر أول حوار لـ (ماجدة الرومي) وكلمات والدها عن طفولتها
كتب: أحمد السماحي
صوت (ماجدة الرومي) ــ التى نحتفل اليوم بعيد ميلادها ـ نبع رقيق مليئ بالحنان والعاطفة، يثير في الإنسان الإحساس بأخيه الإنسان، وبالحب، والعاطفة، والصداقة، والخير، والكلمة الحلوة المهذبة، واللحن العذب المليئ بالرقي والسمو.
صوت (ماجدة الرومي) كأنه ينطلق من فوق الأشجار يحمله الريح ويسافر به آمادا بعيدة ليسكب في قلب المستمع الأساطير والأسرار والحكايات والقصص، ويمنح الأشياء والأزهار رونقها وعبقها.
منذ بداية مشوارها الفني، أرادات (ماجدة الرومي) أن يكون لصوتها وغنائها ولرسالتها الفنية بعدا إنسانيا، فالفنان بنظرها رسول محبة وخير وجمال، ومن واجبه الغناء حيث يكون هناك إنسان متألم، ويمسح الدمعة عن خد المظلوم والمقهور والمستضعف
وأن يكون الفنان حيث يحتاج إليه الأخرون، لهذا قدمت عدة أغنيات إنسانية، وسافرت وغنت للعديد من الدول العربية في أزماتها قبل فرحها، فهي لا تفهم الحياة والفن إلا مرورا بالإنسانية والخير والحق والمحبة.
و(ماجدة الرومي) ترفض منذ بداياتها أن يموت البشر من دون أن يشعر بهم أحد نتيجة تقاتل الحكام، لهذا فهي لا يهمها الحاكم الظالم، إنما يهمها الإنسان، فهى منحازة إليه بدمعته وابتسامته.
وتقول في هذا الصدد: (سكوت العالم على الجرائم التى تتم يوميا بحق الإنسان اعتبره عارا على الإنسانية جمعاء!، فهل سنقف غدا بين أيدي الله لنقول له: (سمعنا أناسا يصرخون ولم نلتفت لصراخهم أو شاهدنا جريمة ترتكب ولم نحاول منعها).
بالنسبة لي جئت إلى الحياة لأقول كلمتي الإنسانية، ولن أتنازل عن قناعاتي وفي النتيجة أنا من مخلوقات الله وسوف أعود إليه عندما يأذن).
أول حوار لماجدة الرومي
اليوم وبمناسبة ميلاد الأيقونة اللبنانية (ماجدة الرومي) نتوقف عند أول حوار نشر لها في مجلة (الشبكة) اللبنانية تحت عنوان (ماجدة الرومي التى بعثت طيور أسمهان في التليفزيون).
الجميل في هذا الحوار، أن الموسيقار الكبير (حليم الرومي)، والد مطربتنا الكبيرة تحدث عن طفولتها، وسر حيرته في احترافها الفن!
وبدأ الموضوع بهذه الكلمات: (إذا كان فرخ البط عواما كما يقول المثل الشعبي، فماجدة الرومي أو (ماجي) ابنة الفنان الكبير (حليم الرومي) لم تكتف بالعوم وحده، بل غاصت إلى الأعماق.
وعادت منها بلؤلؤة لإسمهان هى (يا طيور) أنشدتها مرتين في برنامج (ستديو الفن)، وما أن أنشدت (ماجي) للطيور، حتى حلقت همسات الإعجاب من حولها، كل الناس يسألون عنها، كل المتفرجين يستقصون أخبارها، كل المشاهدين يقولون من هى هذه المطربة الرائعة؟
حليم وحكاية ماجدة
زار (حليم الرومي) وابنته ماجدة أو (ماجي) مكتب (الشبكة) بدعوة منها، كان (حليم) يسير ببطء بسبب الآلآم التى تعاوده كل سنة إثر الصدمة التى تعرض لها من سيارة زميله الموسيقي (توفيق الباشا).
قال حليم: كانت (ماجدة الرومي) وهي طفلة ترفع رأسها عن صدر أمها إذا ما سمعت غناء أو موسيقى، مثلي أنا عندما غنيت وأنا في العاشرة من عمري أغنية (الشك يحي الغرام) لأم كلثوم، ولقبت بخليفة أم كلثوم.
ويضيف (حليم الرومي): عندما دخلت (ماجي) المدرسة، أصبحت نجمة المدرسة في كل الحفلات، وأعتنقت الصمت لأني أحب أن تتابع (ماجي) دراستها، ثم تختار الطريق الذي تريده بنفسها.
ثم وقعت في حيرة! إذا منعت (ماجي) عن احتراف الفن فهذا جريمة، وإذا سمحت لها فهذا جريمة أيضا!
واستطرد حليم: ولكن الفن اليوم يختلف عنه بالأمس، الفن الأصيل اليوم هو توأم الأخلاق والاحترام والصيت الحسن، الفنان اليوم أصبح انسانا يعيش بكرامته، وينظر إليه الناس من خلال هذه الكرامة.
وعندما راودتني هذه الأفكار سمحت لماجدة باحتراف الفن شرط أن تنصرف حاليا إلى دروسها.
وتابع (حليم الرومي) حديثه قائلا: لقد اكتشفت بالسابق (فيروز) وكلنا يعلم أني أنا الذي أطلق عليها هذا الاسم، عندما غنت أمامي (يا ديرتي ما لك علينا لوم).
وأذكر يومها إني سألت (فيروز) إذا كانت تحفظ أية أغنية غير (يا ديرتي) فأنشدت (يا زهرة في خيالي) لفريد الأطرش، فتبنيتها ولحنت لها أول أغنية خاصة بها وهي (تركت قلبي وطاوعت حبك).
ثم أغنية (يا حمام) ثم (أحبك مهما أشوف منك)، وكانت هذه الأغنية أول أسطوانة نزلت لفيروز إلى الأسواق.
ماجي تتحدث بصمت
عندما انتهى (حليم الرومي) من حديثه، سألنا (ماجدة الرومي) التى كانت حديث الناس في الأسبوعين الماضيين:
* كم عمرك؟
** قالت: 16 سنة.
* في أي صف أنت؟
** في صف البكالوريا.
* هل تنوين متابعة دراستك؟
** نعم سأدخل الجامعة لأتخصص في الأدب العربي، ثم احترف الفن بعد ذلك.
* هل سبق لك أن درست الموسيقى؟
** درست العزف على البيانو.
* لماذا غنيت لأسمهان؟
** لأنني أحب هذه الأغنية التى لحنها الفنان الراحل محمد القصبجي، وأعتبرها غريبة في لونها وأسلوبها.
* وماذا تعدين الآن للتصفية النهائية في (ستديو الفن)؟
** أنني أعد الآن أغنية (ياما ناديت من آسايا) لأم كلثوم.
صوت ماجدة الأوبرالي
قبل متابعة الحديث مع (ماجدة الرومي) لابد من التحدث عن صوتها، إنه صوت إنساني فيه ليونة، وصراحة، وبراءة، صوت قوي، غربي على شرقي، يظهر جماله في الجمل الغنائية الطويلة.
أنه أشبه بالترتيل، أنه مشبع بالحركات الأوبرالية، وله شخصية مستقلة، أي أنه صوت جديد، وهذه إحدى أبرز مزاياه.
صوت (ماجدة الرومي) يشعرك أنها تغني لكل مستمع على حدة، يشعرك أن عليك أن تحترم ما تسمع، وتصغى بكل جوارحك، إنه بإختصار صوت الحواس الست.
حب وإعجاب وتأثر
عدت أسأل (ماجدة الرومي):
* بمن تأثرت من المطربات؟
** بفيروز ونجاة الصغيرة.
*ومن تحبين من المطربيين؟
** طبعا عبدالوهاب.
*ووالدك؟
** طبعا أحبه وأقدره.
*هل تنشدين أغنياته؟
** لا، أنا أنشد للجميع ما عدا أغنيات أبي مع أن كل الناس يحبونها.
*هل دربك والدك على أغنية (يا طيور) قبل أن تغنيها في التليفزيون؟
** كلا
*وما هي أحب ألحان والدك إليك؟
** البحيرة
وفي البحيرة الفنية ستبحر (ماجدةالرومي) غدا من شاطئ الأمان الذي يرعاه والدها إلى وسط بحر الاحتراف وستصل حتما لأن صوتها لا يكذب.
الكوبلية الأخير:
في النهاية وفي عيد ميلادها تبقى (ماجدة الرومي) هى الأيقونة اللبنانية التي لم تبتذل يوما فنها، وهى الأنيقة التي لم ترتدي يوما ثوبا غير محتشم، هى ست الكل التي لم يطلها الإعلام يوما بثرثرة خبيثة، وهى التى حركت فينا المشاعر الصادقة النقية.
وكان صوتها زادنا ورفيقنا الذي نستعين به على همومنا وانكساراتنا، ونلجأ إليه كفسحة أمل في ظلام أيامنا الصعبة التى نحياها حاليا في ظل الحروب والأوبئة.