رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

قصة أغنية أبكت بها (فيروز) صاحبتها، واستوحاها منصور الرحباني من صديقته (كاتيا)!

لم يكن غناء (فيروز) للبنان مجرد غناء فقط، ولكنه كان صلاة أيضا

كتب: أحمد السماحي

غنت (فيروز) على مدى مشوارها  لكل المشاعر العاطفية، ولأرقى وأسمى المشاعر الانسانية، كما غنت لعدد كبير من قضايا العالم العربي، وحملت بيروت بصوتها إلى كل العالم.

وعندما دمرت الحروب بلادها لبنان الأخضر، زرعت (فيروز) الأمل في عودة لبنان قوي وحقيقي، وغنت (لبنان الحقيقي جايي)، ولم يكن غناء (فيروز) للبنان مجرد غناء فقط، ولكنه كان صلاة أيضا.

غنت فيروز أغنيات كثيرة، كتبت من وحي الخيال، ومن بنات أفكار شعرائها، والقليل من هذه الأغنيات كان ورائها قصص حقيقية، مأخوذة من الواقع.

كانت (كاتيا) ترتبط بعلاقة حب بأحد الشباب اللبنانيين الذين تم تجنيدهم

كاتيا وأزمة لبنان عام 1958

هذا الأسبوع في باب (حواديت الأغاني) نتوقف عند واحدة من أغنيات (فيروز) التى كانت ترجمة حقيقية لمشاعر إنسانية.

والحكاية ببساطة تقول: أن (منصور الرحباني) أحد أضلاع المثلث الذهبي الذي يتكون من (فيروز، وعاصي، ومنصور) كانت له صديقة اسمها (كاتيا).

وكانت (كاتيا) ترتبط بعلاقة حب بأحد الشباب اللبنانيين الذين تم تجنيدهم، وعمل (عسكرياً) في الأزمة المعروفة بلبنان عام 1958، هذه الأزمة التى كانت أزمة سياسية بسبب توترات سياسية ودينية في البلد.

وتدخل فيها الجيش الأمريكي ليخفف التوتر، وظل التدخل الأمريكي قائماً ثلاثة أشهر متواصلة حتى انتهت الفترة الرئاسية للرئيس (كميل شمعون)، الذي كان قد طلب من الولايات المتحدة الأمريكية المساعدة في الحد من التوتر في لبنان، وانتهت الأزمة وانسحب الجيش الأمريكي بعدها بفترة قليلة.

أحبت (كاتيا) حبيبها بقوة، فهو أول شاب يدق قلبها له، وهو الآخر أحبها بصدق، وكانت  (كاتيا) تنتظر بفارغ الصبر موعد إجازته الأسبوعية من فترة التجنيد، حتى يلتقيان، وكان لقائهما مليئ بكل مشاعر الحب البريئة.

وأسبوع وراء أسبوع والحب يشتعل في القلوب الشابة، وفجأة اختفى الحبيب، وانتظرته (كاتيا) ولم يعد، وبدأت تسأل عنه من يعرفه، وكان الكل يتجنب النظر إليها.

وقد قِيلَ لها أنهُ توفي، والبعض قال بأن قدمهُ قطعت، ولم يعد للبلدة بسبب قدمه، وأمَا الخبر الذي شاعَ أكثر بأنه هرب من لبنان لأنه خائن ومطلوب لـ (الحكومة اللبنانية)!.

 وحاولت (كاتيا) أن تصدق بأنه خائن فهوَ أقل قصة تحملُ الضرر إلى علاقتهما، لأنه لا يوجد مبرر لاختفائه المريب هذا غير أنه هرب خوفا من أن يتم إعدامه!.

كتب منصور الرحباني كلمات الأغنية بعدما سمع حكايتها من كاتيا

كاتيا تحكي قصتها لمنصور الرحباني

دخلت (كاتيا) في دوامة من القلق والإحباط، فالاختفاء المفاجئ يمكن أن يؤدي إلى حالات اضطراب، وانخفاض الثقة بالنفس، وأعراض الاكتئاب.

وغالباً ما ينجم عن الاختفاء المفاجئ، الخوف من المواجهة، أو تفادي الاستثمار العاطفي، وهذا ما حدث لـ (كاتيا) التى انطوت على نفسها، وذبلت، ودخلت في حالة إكتئاب.

وفي أحد الأيام زار (كاتيا) قريبها، وصديقها (منصور الرحباني)، للاطمئنان عليها، وبعد أن تركته الأم مع ابنتها على انفراد، حتى تعد له الشاي، روت (كاتيا) قصتها كاملة لمنصور.

وفي نهاية القصة قالت وهى في حيرة من أمرها، وسارحة في دنيا غير الدنيا (تعا، ولا تجي، وكذوب عليّي، الكذبة مش خطيّة) فكاتيا رغم عدم معرفتها بمصير حبيبها، لكنها لم تنساه أبداً.

 وكانت تتخيلهُ في كل الأيام، والتقط (منصورالرحباني) جملة (تعا ولا تجي، وكذوب علي، الكذبة مش خطية)، وحاول التعبير عن القصة بالكلمات هذه، والمعنى بأنها مابتعرف أي القصة الحقيقية، لهذا تمنت أن يكون (عايش).

ولو كذب وقلها (جاي)، لايجي!، لأن وقتها سيكون مطلوبا القبض عليه، وصور (منصور الرحباني) بكلماته التى قال فيها (حتى ع عتاب البواب الأبر عمبتحيّك، بتحيّك تكّاية، وتحيّك حكاية).

هنا يوصف (منصور الرحباني) كيف كانت النساء ماعندها شيئ تفعله وقت الحرب غير تشتغل صوف، وتألف قصص، عن حكاية (كاتيا) وحبيبها الذي فر وهرب منها، ولا تعرف طريقه حتى الآن.

ويتردد في زمن الحكايات القديمة بأن (كاتيا) حضرت حفل لجارة القمر فيروز، وعندما غنت الأغنية، بكت (كاتيا) بقوة، حتى نزلت فيروز إليها وعانقتها.

وكانت هذه الأغنية إحدى أغنيات فيلم (بياع الخواتم) إخراج يوسف شاهين، والذي قدمته فيروز عام 1964، وتقول كلمات الأغنية:

تعا ولا تجي وكذوب عليّي

الكذبة مش خطيّة

وعدني أنّو رح تجي

وتعا …. ولا تجي

ع عتاب البواب الأبر عمبتحيّك

بتحيّك تكّاية، وتحيّك حكاية

والأبر مسنونة والعيون مسنونة

وياخوفي الحكي يجي

الحسد عالطريق، الحسد عمبيزهّر

زهّر بالدّوارة، وزهّرعند الجارة

وغزلت بمغزلها قصتنا بمغزلها

ولوين رح التجي

 تعا ولا تجي، وكذوب عليّي

الكذبة مش خطيّة

وعدني أنّو رح تجي وتعا ولا تجي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.