بقلم: الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
رغم أن المسلسل الكوري (تبديل.. تغيير العالم) أو Change the switch world مصنف كعمل يميل للكوميديا، إلا أن متابعته تجعل المشاهد يخرج بعدة قناعات أكثر مرارة من بعضها.
الأولى أن من يحكمون ويتحكمون في كوريا الجنوبية وهي في مسلسل (تبديل.. تغيير العالم) يمكن اعتبارها فقط نموذج لما هو عليه حال أغلب بلدان العالم تشكيلات عصابية منظمة، لا تتورع عن التجارة في المخدرات والتهريب والقتل في سبيل استمرارها في الحكم.
القناعة الثانية أن مقولة الشاعر الراحل أمل دنقل في قصيدته الرائعة كلمات سبارتكوس الأخيرة (لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد) هى منهج سياسي في معظم الدول وعند العصابات التي تحكمها.
فكلما تتم ازاحة مسؤول كبير في البلاد يستبدل بمسؤول أكثر فسادا وأشد ولاء للعصابة من المسؤول السابق، بل أن استبعاد أي مسؤول لا يكون بسبب فساده وانما بسبب صحوة ضميره أو رغبته في التوقف عن التورط في الفساد.
أما القناعة الثالثة فهي أن الالتزام بالقانون لا يمكن أن يؤدي الى محاربة العصابة التي تحكم البلاد، ليس فقط لأن لديها جيوش من المحامين الفاسدين القادرين على اخراج اي مسؤول ينتمي لهذه العصابة من أي مأزق قانوني.
ولكن لأن كبار المسؤولين عن تنفيذ القانون يعملون في خدمة العصابة، وبعضهم يعمل واشيا لديها يخبرها بأي تحرك يحدث ضد مسؤول فيها.
ولكن بقعة الأمل التي قدمها (تبديل.. تغيير العالم) لتبدد ظلام القناعات الثلاثة انه في الدول التي لا يزال لديها بعض من الاحترام هناك شرفاء في الجهات السيادية يقوممون بعملهم وهناك محاكمات لقادة هذه العصابات حين يتم الايقاع بهم.
قضية كبرى لتهريب المخدرات
قصة مسلسل (تبديل.. تغيير العالم) الذي أنتج في عام 2018 تدور حول (بايك جي سون) وهو مدعي عام في كوريا يعمل على قضية كبرى لتهريب المخدرات في الحقائب الدبلوماسية، لكنه يتعرض لحادث سيارة مدبر يدخله في غيبوبة لفترة طويلة.
يتسبب الحادث في تعطيل لقاء المدعي مع مصدر مهم وعد بأن يعطيه دليلا مهما ضد المتورطين في التهريب، فتلجأ زميلته (أو ها را) إلى (سا دو تشان)، وهو محتال يشبهه (الخالق الناطق) كما يقولون لتمثيل دوره.
خلال الأحداث يظهر مسلسل (تبديل.. تغيير العالم)، أن المحتال المحترف أكثر شرفا من كثير من المسؤولين مدعي الشرف في الظاهر، لكنهم في حقيقة الأمر لا يملكون ولو ذرة صغيرة منه.
يتواجه المدعي المزيف وزميلته مع أفراد العصابة التي تحكم البلاد، والتي تضم سياسيا كبيرا يطلقون عليه (المحافظ)، يدير ناديا سريا أشبه بالأندية الماسونية أعضائه من كبار رجال الأعمال في كوريا ومعهم رئيس تحرير أهم صحيفة يومية هناك، ويدير النادي رئيسا تنفيذيا كان زوجا لأبنة المحافظ ومحققا سابقا في الشرطة.
يكشف مسلسل (تبديل.. تغيير العالم) الجرائم التي ترتكبها العصابة من قتل وتهريب وترويج مخدرات، وكيف أن رئيس الادعاء العام الذي يساوي في مصر منصب النائب العام عضو في النادي السري ويعمل في خدمة العصابة.
ليس فقط بـ (تفطيس) أي محاولة للتحقيق في فساد أحد أعضائها، وإنما كعين لها داخل الهيئة القضائية وواش على زملائه الذين يحاولون تطبيق القانون.
تحكم العصابة في مفاصل الدولة
كما تكشف الأحداث عن تحكم العصابة في كل مفاصل الدولة، وكيف أنها هى من تقوم بتعيين كبار المسؤولين وصولا الى رئيس الجمهورية الذي يجب أن يحظى بالرضا من العصابة حتى لا يقف في طريق تنفيذ جرائمها.
كما يجب أن يكون لدى الشخص المرشح ملفات سرية مخجلة تحتفظ بها العصابة حتى تدمر سمعته إن حاول التمرد على تعليماتها في أي وقت.
يستيقظ المدعي العام خلال الأحداث ويعترض على ما تفعله زميلته مع المحتال بحكم كونه شخص متزمت في التزامه بالقانون، لكنه ينخرط معهما بعدما تيقن من أن القانون لن يفلح في كشف العصابة.
بمرور الوقت تعجب المدعية العامة بالمحتال الذي تكشف الأحداث عن نبله منذ أن كان طفلا يرفض سلوك والده المحتال، وكيف ابتعد عن حلمه بالعمل كمدعي عام رغم ذكائه من أجل نجدة صديق له استغاث به لإنقاذه من القتل في نفس توقيت امتحان القبول بالنيابة العامة، ثم اتجه للاحتيال بعد قام الرئيس التنفيذي بقتل والده وهو لا يزال طفلا.
من الملاحظات الطريفة التي تلفت الانتباه في مسلسل (تبديل.. تغيير العالم) أن الرئيس التنفيذي الذي يفترض أنه العقل المدبر للعصابة واحد أكثر أعضائها فسادا ودموية يشبه الى حد كبير الممثل المصري (أحمد فتحي) في الشكل وتعبيرات الوجه.
وهو تشابه قد يفتح باب الدراما الكورية في وجه (فتحي)، أو على أقل تقدير يدعمه إذا رغب يوما ما في الانضمام للعصابة!