تعرف على أغنية (شادية) التى تردد أنور وجدي في إعطائها لـ (منير مراد)، وهاجمها (حليم الرومي)!
كتب: أحمد السماحي
من الأغنيات الخفيفة التى قدمتها (شادية) في بداية مشوارها الفني، وكانت محطة في حياتها الفنية، وحققت نجاحا كبيرا عند الجمهور في الشارع، أغنية (واحد، اتنين) كلمات الشاعر المظلوم الذي لا يتحدث أحد عنه كشاعر غنائي في وسائل الأعلام (أبوالسعود الأبياري)، وألحان الرائع (منير مراد).
ولحن أغنية (واحد، اتنين) هو أول لحن للموسيقار المبدع (منير مراد)، الذي أثرى المكتبة الغنائية بمجموعة كبيرة جدا من الأغنيات الأستعراضية خفيفة الظل، فضلا عن نجاحه الباهر في تلحينه للثنائيات الغنائية.
لحن أغنية (واحد، اتنين) ورائه قصة أو حدوتة، تعالوا بنا نعود إلى زمن الأبيض الأسود، هذا الزمن الذهبي، بل الزمن الهادئ كالصحراء، المتموج كالبحر، النقي العذب الذي عذابه هو الحب، وليس الغلاء ولا تلوث الشارع بسلوكيات وعادات غريبة.
قصة موسيقي لحن أخبار الوفيات
تعالوا نعود إلى زمن خمسينات القرن الماضي تحديدا، ونعرف من ملحن الأغنية العبقري (منير مراد) كيف وصل لحن هذه الأغنية إليه، كما جاء في عدد من أعداد مجلة (الكواكب) تحت عنوان (قصة موسيقى لحن أخبار الوفيات) .
بدأ التقرير كالتالي: (في الجو المشحون بالأضواء والممثلين والموسيقى، وصوت أخته ليلى مراد، ترعرعت مواهب (منير مراد)، ولكنها ظلت تخبئ نفسها وراء لوحة (الكلاكيت) فترة من الزمن.
ثم كراسة (الأسكريبت) فترة أخرى، حتى أصبح منير بحكم التطور أحد مساعدي الإخراج مع الفنان أنور وجدي، وكان (منير مراد) يعرض ألوانا من مواهبه على (أنور وجدي) دون أن يحاول أنور استغلالها في أفلامه، ومنها موهبة التلحين.
وقاسى (مراد منير) من تجاهل أنور كثيرا، كان في سبيل إقناعه بمواهبة الموسيقية يلحن ويغني لأنور أي شيئ، أخبار الحوادث، الوفيات، أرقام حسابية إلى أخره.
وعاني أنور وجدي من إلحاح منير كثيرا، كان يخشى أن يصدمه بكلمة (لأ) وكان في الوقت نفسه غير واثق من أن منير يستطيع أن يلحن شيئا.
الإبياري يمنح منير مراد قبلة الحياة
أثناء العمل في فيلم (ليلة الحنة) عام 1950، إنتاج وسيناريو وإخراج أنور وجدي، وحوار وأغاني أبوالسعود الإبياري، كان (منير مراد) يعمل هو وحسن الصيفي كمساعدا إخراج.
وكرر (منير مراد) طلبه لأنور وجدي أن يعطيه لحن، وكان ذلك في وجود أبوالسعود الأبياري، ورفض أنور بقوة، وتعاطف الأبياري مع (منير مراد)، خاصة أن أنور نهره بقسوة، وطلب الإبياري من صديقه أنور أن يجربه في أغنية (واحد، اتنين).
وأخذ الإبياري أنور على جنب، وقال له: أغنيات الفيلم وهي (يا ميزان الحرارة) و(غاب عني ليه يا ترى) و(يا حسن يا خولي الجنينة) و(عاليادي عاليادي) راحت للملحنين (محمود الشريف، ومحمد البكار)، وما تبقى غير أغنية (واحد، اتنين)، فرد أنور: وهذه الأغنية أعطيتها للملحن علي فراج.
فقال له الإبياري: ومالو، نعطيها لمنير ونجربه، لو لحنه عجبنا، يبقى عرفنا أنه بيلحن حلو، ونعطيه فرصة في أحد أفلامنا القادمة، ولو معرفش لم نخسر شيئا، والأغنية بالفعل عند الملحن (علي فراج)، واستحسن أنور وجدي كلام الإبياري.
وعاد أنوروجدي ونادي لـ (منير مراد)، وقال له: (اسمع يا منير أنا حاديك غنوة لشادية من فيلمنا الحالي (ليلة الحنة) بعنوان (واحد، اتنين)، خذها لحنها أم أشوف راح تطلع ايه؟!
وفرح (منير مراد) كثيرا، ولكنه لم يكن يعلم أن أنور كان قد أعطى نفس الأغنية لملحن آخر، وأنه كان واثقا من أن (منير مراد) لن ينجح في تلحين أغنية (واحد، اتنين).
(منير مراد) يتحدث
قال (منير مراد) لمندوب مجلة (الكواكب): كنت انتظر من أنور وجدي أن ينفذ وعوده، ويعطيني أغنية ألحنها، فعشت شهورا في تحفز مستمر، كنت كحارس المرمى الي ينتظر أن تندفع إليه الكرة من قدم لاعب خطير في أيه لحظة فتقرر مصيره.
وعندما أخذت أغنية (واحد، اتنين) طرت من السعادة، ولم أصدق نفسي، ولحنتها على عجل وفي قرابة 24 ساعة، ولم أعرف ماذا كانت الكرة قد (مرقت) من يدي، واستقرت في الشبكة، أم أنني نجحت في صدها!.
ويضيف (منير مراد): في اليوم التالي وجدت (الإبياري) أمامي في ستديو (ناصبيان)، فقلت له: اسمع لحن أغنيتك، ومسكت العود وبدأت أعزف اللحن، وسط دهشة الأبياري وإعجابه.
وبمجرد حضور أنور وجدي إلى الاستديو، نقل الإبياري إعجابه باللحن لأنور، الذي استحسن هو الأخر اللحن واختاره على الفور لتغنيه (شادية).
وعرض فيلم (ليلة الحنة) وإذا بلحن (واحد، اتنين) يطير في السماء ويحقق نجاحا ساحقا، وكل من كان يسمعه لا يصدق أن واحدا اسمه منير مراد هو الذي وضع هذا اللحن الخفيف البسيط.
حليم الرومي يهاجم (واحد، اتنين)
رغم النجاح الكبير الذي حققته أغنية (واحد، اتنين) في مصر والعالم العربي إلا أن هذه الأغنية وجدت هجوما قاسيا من المتخصصين الذين اعتبروا نجاحها راجع إلى حب وعشق الجمهور الى مطربتها شادية.
وتحت عنوان (6 أغنيات تسيطر على مواج الأثير) انتقد الملحن اللبناني (حليم الرومي) الأغنية على صفحات مجلة (الكواكب)، حيث كان يتولى في بداية الخمسينات رئاسة القسم الموسيقي في الإذاعة اللبنانية، كما يتولى النقد الفني في محطة (الشرق الأدني) .
وكتب (حليم الرومي) عن أغنية (واحد، اتنين) التالي: (أعتقد أن حب الناس لشادية هو سبب القبول العجيب الذي تلاقيه هذه الأغنية، وفي رأيي أن ليس في هذه الأغنية شيئ على الإطلاق!..
كلام ليس له معنى، ولحن أقرب إلى الألحان البدائية من إلى الألحان الفنية، وما أريد أن أقوله وأتوجه به إلى شادية وهو أن تحسن اختيار أغانيها وأن لا تعتمد على حب الجمهور لها فقط، فهذا هو الذي يسمى استغلال نفوذ!).