(حسين فهمي) الوسيم الذي يكون في أحسن حالاته حين يكون في وضع منافسة مع أقرانه (3)
* في فيلم (اعتداء) أكد أنه ممثل من طراز (ستيف ماكوين)، و(جيمس دين)
* منذ فيلمه الأول (دلال المصرية) وحتى الآن، كان على (حسين فهمي) أن ينتظر طويلاً كي نراه في أدواره التي لا تنسى
* كان في حاجة أن يعمل مع المخرجين الذين أجادوا إدارة الممثلين
* ليس هناك تفسيراً لعدم حدوث تعاون بين الممثل، وبين أسماء كل من (خيري بشارة، وعاطف الطيب، وداوود عبدالسيد)!
* تحمس له المخرج (حسن الأمام) وقدمه في 6 أفلام سينمائية مهمة منها (خلي بالك من زوزو) و(أميرة حبي أنا) و(ليال)
بقلم الباحث والناقد السينمائي : محمود قاسم
قبل أن أكتب هذا المقال، وعن طريق المصادفة، شاهدت واحداً من أفلام (حسين فهمي) غير المعروفة للجمهور، أو فلنقل: أنه ليس واحداً من أفلامه المهمة، الفيلم هو (اعتداء) إخراج سعد عرفه، قدمه عام 1982.
ورغم السيناريو الضعيف للفيلم، فإن مجموعة من المشاهد السريعة في بداية الفيلم، أكدت أن حسين فهمي ممثل من طراز (ستيف ماكوين)، و(جيمس دين).
والممثلين الذين لمعوا في هذا النوع من الأدوار، تملأهم الشقاوة، ينطلقون فوق الجياد، والموتوسيكلات، ويتمتعون بجاذبية شكلية، وعندما يعملون مع مخرجين يجيدون إدارة الممثل، فإنهم يكونون في أحسن أحوالهم .
لعل (جيمس دين) كان محظوظاً حين عمل مع المخرجين (نيكولاس راي ، وستفنس، وكازات)، وكان ماكوين في أحسن حالاته وهو يعمل مع (روبرت وايز)، و(نورمان جويسون)، وآخرين.
الولد الأنيق الوسيم
وسط هذه الرحلة الطويلة منذ عام 1969، ومنذ فيلمه الأول (دلال المصرية) لحسن الإمام، وحتى الآن، فإن (حسين فهمي) كان عليه أن ينتظر طويلاً كي نراه في أدواره التي لا تنسى.
وأن يخرج من رداء الولد الأنيق الوسيم، ذي الشعر الناعم، والعينين الساحرتين، ليكون الممثل الأفضل من بين أقرانه، وسوف نرى أن الأدوار الأفضل لـ (حسين فهمي)، جاءته حين وضعته الظروف في منافسة مع زملائه.
في أفلام من طراز (الأخوة الأعداء) لحسام الدين مصطفى 1974، و(العار) لعلي عبدالخالق، و(اللعب مع الكبار) لشريف عرفه، و(انتبهوا أيها السادة) لمحمد عبدالعزيز 1980، و(دمي ودموعي وابتسامتي) لحسين كمال 1974 .
ولاشك أن الفتى الوسيم الذي سار ممثلاً حقيقياً، ينضج مثل الثمار التي لا تؤكل خضراء، قد كان في حاجة أن يعمل مع المخرجين الذين أجادوا إدارة الممثلين.
خان و(موعد على العشاء)
لكن ليس هناك تفسيراً لعدم حدوث تعاون بين الممثل، وبين أسماء كل من (خيري بشارة ، وعاطف الطيب، وداوود عبدالسيد)، وهي أسماء أخرجت أهم أفلام حقبتها.
فلا شك أن تعاوناً كان سيحدث بين هؤلاء المخرجين، وبين (حسين فهمي) فهو بمثابة مؤشر مهم على أن خريطته ستتغير بشكل ملحوظ مثلما حدث مع (نور الشريف) و(أحمد زكي).
فالفنان طاقة يفجرها الدور الجيد، والمخرج المتميز، فسوف يحسب لمحمد خان أنه منح (حسين فهمي) واحداً من أهم أدواره في (موعد على العشاء) عام 1981.
وقد كان فيه شكله، وأداءه متميزاً، وأقرب إلى دوره في (العار)، الشرير، العاشق ، الوغد ، الذي تدس زوجته السم في طعام زوجته فيموتان معاً .
حسين فهمي ودلال المصرية
رحلة الممثل المولود في 22 مارس عام 1940 ، والذي تخرج في المعهد العالي للسينما عام 1963 ، ودرس الإخراج في الولايات المتحدة ، بدأت بفيلم (دلال المصرية)، الطالب الذي زلت معه جارته.
فصارت من بين بنات الليل، ووجدت نفسها ذات يوم في المحكمة يلقى عليها الاتهامات وكيل نيابة، هو حبيبها الذي علمها الخطيئة، فيقرر أن يدافع عنها بكل ما لديه من سبل.
هذه الشخصية الرئيسية التي ابتدعها الكاتب (تولستوي) في روايته (البعث)، سبق لعماد حمدي أن جسدها أمام صباح، وفي عام 1983 جسدها محمود يس في (أشياء ضد القانون).
لكن في كل الحالات فإن الممثلين الذين لعبوا هذه الشخصية لم يكونوا في أحسن حالاتهم .
حسن الإمام وحسين فهمي
(حسين فهمي) في أدواره الأولى، ولعدة سنوات، هو الشاب اللامع العينين، ذو الابتسامة الثابتة، الوسيم الذي تحبه النساء، تحمس له المخرج (حسن الإمام) في تلك الفترة أكثر من غيره.
وهو الذي صنع أهم نجوم السينما حين اكتشفهم ، فقدم معه (دلال المصرية) عام 1969، و(بنت بديعة)، و(حب وكبرياء)، ثم (خلي بالك من زوزو) عام 1972، وفيما بعد قدمه في (أميرة حبي أنا) و(ليال) عام 1982.
لاشك أن دور أستاذ الجامعة، المتمرد، الشبابي النزعة، الذي يقع في هوى تلميذته، ونجاح فيلم (خلي بالك من زوزو) قد أعطى فرصة للممثل الجديد أن يلفت إليه الأنظار.
فهو (الواد التقيل) الذي غنت (زوزو) من أجله، وتعذبت حتى لا تتزوجه لأنه من طبقة اجتماعية أعلى، وبالنظر إلى هذه الأفلام، فلم تكن سوى الأدوار الثانية قياساً إلى أدواره فيما بعد.
(حسين فهمي) وشادية
لم ينقذ (حسين فهمي) في هذه الفترة سوى لجوئه إلى الأدوار الكوميدية الخفيفة، خاصة في (أجمل أيام حياتي) عام 1973، الذي أخرجه (بركات) لحساب السينما اللبنانية، تلك السينما التي عمل فيها أكثر من فيلم ، منها (سيدة الأقمار السوداء) و(مملكة الحب ).
لكن من الواضح أن الممثل كان جاداً في التعامل مع السينما، التي لم يدخل إليها من زاوية الوسامة، تلك التي ساندته أحياناً، ولعبت ضده في تلك المرحلة، أحياناً أخرى.
فقد كان على (حسين فهمي) أن يعمل مع مخرج جديد متميز يعرف أيضاً كيف يدير الممثل، وأمام شادية قدمه أشرف فهمي في ثلاثة أفلام، هى (امرأة عاشقة)، و(رغبات ممنوعة) 1974، و(أمواج بلا شاطئ) 1976.
وهذه الأدوار مركبة، مليئة بالتعقيدات النسبية، منها دور الابن الذي يقع في عشق زوجة أبيه، فيسقط معها في الرذيلة، إنها فكرة (فيدرا) اليونانية.
وفي (أمواج بلا شاطئ) يفاجيء الشاب بأن أمه تنام في أحضان الرجل الذي عامله كأبيه، فيتزوج من أول عاهرة تقابله في الطريق انتقاماً لما اكتشفه.
وفي الحقيقة، فإن هذه هى البدايات الحقيقية لحسين فهمي كممثل، أدوار اختبار، أجاد اجتيازها، في فترة كان (محمود يس) هو النجم الأول على الشاشة، ولم يكن المنتجون يعطون الفرص للآخرين بسهولة إلا بسبب كثرة الإنتاج .
مخرج يجيد إخراج الموهبة
لحظات بعينها يمكن الوقوف عندها، لتأكيد أن (حسين فهمي) يكون في أحسن حالاته كممثل حين يكون في وضع منافسة مع أقرانه، في فيلم يجمع أكثر من ممثل جيد.
وأيضاً لمشاركته في العمل مع مخرج يجيد إخراج الموهبة من النجم، ففي الأفلام التي أشرنا إليها ، كان هناك معه محمود مرسي بقامته التمثيلية المعروفة.
وفي (الرصاصة لا تزال في جيبي) لحسام الدين مصطفى أدى دور ضابط الاستخبارات الغامض الذي تظهر هويته الوطنية في الوقت الحاسم .
وفي (الهارب) لكمال الشيخ عام 1974، وجد نفسه يمثل دور الشاب الذي يهرب من الشرطة، فيتعرف على امرأة جميلة، يختطفها، ويذهب بها إلى قصر البارون كي يكشف فساد أحد مراكز القوى، زوج المرأة.