بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة
(إنجي علي وياسمين الخطيب)، نموذجان لمذيعات الزمن الرديء، للمذيعات اللائي لا تسئن فقط لمهنة البحث عن الحقيقة ونشر الفضيلة ومناصرة المظلوم ولكنهن تدمرنها وتضعن لها مفاهيم جديدة تناقض جوهرها.
ضل الإعلام الطريق وفقد البوصلة، وبعد أن كان الحارس على قيم المجتمع، الباحث عن الحقيقة، المصدر الرسمي لنشر الطمأنينة بين الناس.. أصبح هادماً للقيم، مروجاً لصور من الرذيلة على أنها فضيلة، ناشراً للشائعات ومثيراً للبلبلة، المصدر الرسمي لنشر القلق وإثارة الفتن بين الناس من جانب (إنجي وياسمين).
الإعلام الذي علّمنا ووجهنا وأخبرنا وساهم في تشكيل هويتنا وتنوير عقولنا وزرع بداخلنا مشاعر الفخر والاعتزاز بتاريخنا وعظمة أجدادنا ومشاعر التباهي أمام الأمم بتراثنا وآثارنا.
هذا الإعلام أصبح اليوم عالقاً بين فكي وحش يريد التهام كل منجزات إعلامنا وتحويلها هباءً منثوراً، الفك الأول يمثله من أصبحوا نجوماً في سماء إعلامنا في غفلة من الزمن لينشروا بيننا الغث ويزرعوا الفتن ويروجوا الأكاذيب ويهدموا الثوابت من خلال عدة برامج امتطوها وامتطوا القنوات التي تبثها.
برامج (إنجي، ياسمين) لا تقدم لنا مفيداً ولا مهماً ولكنها تأخذ من القنوات التي تبثها الوقت الأثمن، الوقت الذي كانت خلاله تحقق هذه القنوات أعلى نسب مشاهدة، وبفضل غرورهم وجهلهم أصبح هذا الوقت هو وقت المشاهدة الأدنى إن وجدت أصلاً، كل منهم ينعق بما لا يسمع بفتح الياء.
وبما لا يسمع بضم الياء، وكل منهم يظل لساعتين أو أكثر كمن يصرخ في قلب الصحراء الخاوية، ومِن شدة وتتابع صراخه لا يسمع حتى صدى صوته إن كان لصوته أي صدى.
الفك الثاني تمثله إعلاميات أتين إلى المهنة من الأبواب الخلفية مثل (إنجي وياسمين)، ليس لديهن أي مؤهلات إعلامية.. والمؤهل الوحيد شكلي يرضي ذوق صاحب القرار في هذه القناة أو تلك.
صدمتين إعلاميتين من مذيعتين
يأتين خاويات الوعي فارغات العقل يبحثن لأنفسهن عن مكانة ووسيلة للفت الأنظار وإثارة الجدل، ولا يجدن سوى الابتذال الشكلي وابتذال المحتوى، يجمعن بين الابتذالين، والغريب أنهن يعبثن بالشاشة ولا من رقيب يحاسب ولا من مسؤول يوجّه ولا من خبير يعلم.
الأسبوع الماضي تلقينا صدمتين إعلاميتين من مذيعتين، الصدمة الأولى كانت من مذيعة تدعى (إنجي) علي والتي لم تجد وسيلة للفت الأنظار إليها سوى التعري الفج بعد أن فشلت في لفت الأنظار إليها إعلامياً.
أطلت في حفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي شبه عارية، ترتدي في النصف العلوي فقط غطاء صدر تاركة كل تفاصيل الجسم لمن يحب البحلقة؛ ورغم ذلك جاءت النتيجة عكس ما كانت تتمنى.
فبدلاً من أن تحصد إعجاباً و(ترند) واستثارة للمتعطشين حصدت سخرية واستهزاءً وانتقاداً لشكلها وملابسها التي تكشف أكثر مما تستر.
وبعيداً عن آراء الناس والصورة التي ينبغي أن تطل بها الإعلامية، فقد استفز الأمر ناقد الموضة اللبناني (إيلي حنا)، الذي علق على فستان (إنجي) قائلا: (التصميم لا يليق على جسم (إنجي).. بس هيدا الفستان بيمشي لجسم (جيجي حديد، بيلا حديد، كيندال جيني، بس مش الك يا عزيزتي (إنجي).
وتابع: (مش زابط أبداً لا ل شكل جسمك ولا تفاصيل جسمك ولا لعمرك (موال العمر مجرد رقم بعرفه وأنا مش ضده بس فيه أشياء ما بتنفع)، الفستان بحد ذاته مش سيء وممكن يطلع حلو مثلاً على تارا عماد..
صار لازم نعرف إنه مش كل شي بيزبط على الكل.. و كل حدا بيناسبه شي وما بيناسبه أشياء…..وبعطي الإطلالة 3/10).
ليست المرة الأولى التي تثير فيها (إنجي) علي الجدل بسبب لباسها، حيث سبق أن أثارت جدلاً واستفزت الناس وتعرضت للكثير من الانتقادات قبل أشهر عندما أطلت بملابس البحر، وهيى تغني مع (خالد سليم)، مما أثار غضب الجمهور.
ورغم أن (إنجي) لها عدة تجارب تمثلية فقد تناست أنها إعلامية، وأن انفلات بعض الفنانات في المظهر أحياناً يكون نتيجة قلة أعمالهن وضعف موهبتهن وقلة حيلتهن ولا يجدن أمامهن سوى التعري وسيلة للفت الأنظار.
صدمة (إنجي).. سلوك فردي
وقد اختارت أن تسير على هذا الدرب كي تركب (الترند) وتثير الجدل وتحقق ما فشلت عن تحقيقه بالإعلام وأيضاً عجزت عن تحقيقه بالتمثيل، باعتبار أن الخلاعة في الملبس هي الوسيلة لتعويض العجز الحرفي واضمحلال الموهبة والمعاناة من الفراغ الفكري والخواء المعرفي والثقافي.
صدمة (إنجي) سببها سلوك فردي، أما الصدمة الثانية فهي الطامة الأكبر حيث جاءت من قبل مؤسسة إعلامية، فيها هيكل إداري وفني يتحمل مسؤولية كل ما تبثه هذه المؤسسة.
وأقصد بها (قناة النهار) التي ظهرت على شاشتها مذيعة تدعى (ياسمين الخطيب) والتي عرفها الناس بما يثير الاستنكار والقلم يتعفف عن الخوض فيه، ورغم ذلك لها وجودها ومساحتها على شاشة مصرية وهو مايثير الاستغراب.
الإعلام عرفناه ناشراً لقيم الجمال والرقي والعفة والصلاح، وعرفناه مستضيفاً للنماذج المشرفة التي يمكنها أن تضيء للأجيال الشابة الطريق، ولم نعرفه منبراً لتبرير الخطايا سوى في برنامج “شاي بالياسمين” الذي تقدمه المذيعة المذكورة على شاشة النهار.
والتي تحدت قيم الإعلام وثوابت المجتمع واستضافت البلوجر (هدير عبدالرازق)، التي تم تسريب فيديو إباحي لها على مواقع التواصل تداوله الملايين وأثار غضباً مجتمعياً.
والغريب أن البرنامج الذي استضافها لم يكن مبرره كشف حقيقتها وإحراجها أمام الرأي العام حتى تكون عبرة لغيرها ووقتها كان يمكن أن يتقبله البعض، ولكن استضافها بهدف تبييض وجهها وإخراجها منتصرة من أزمة الفيديو الاباحي، ومنتصرة على القيم الاجتماعية والثوابت الأخلاقية.
القناة اعتذرت في بيان رسمي وحذفت حلقة العار من جميع منصاتها، والمذيعة اعتذرت، ولكنه اعتذار فرضه الضغط والغضب المجتمعي، وأياً كانت المصطلحات التي تضمنها بياني الاعتذار فإنهما غير كافيين، ولا ينبغي القبول بأقل من منع هذه النماذج من العمل الإعلامي.