(شربل روحانا).. أحب لبنان بقوة فأخلص في عمله، وحاول إرضاء نفسه في (خطيرة).
كتب: أحمد السماحي
المبدع اللبناني (شربل روحانا) مختلف ومتجدد ومعاصر، ومبدع حقيقي، استطاع تكريس صورته لدى الجمهور العربي، كعازف عود بتقنيات عالية وروحية مرهفة، كما جذب إليه الاهتمام المتزايد عبر سلسلة من مؤلفاته الموسيقية.
ولم يتوقف (شربل روحانا) عند هذا فحسب بل جرب موسيقاه باتجاه نطاق أوسع، ألا وهو وضع الألحان الموسيقية لنفسه ولعدد من الأصوات مثقفة الحنجرة مثل (ماجدة الرومي، عبير نعمة، جاهدة وهبي، نقولا الأسطا) وغيرهم.
وتؤكد أعمال (شربل روحانا) على ترسيخ معالم الرصانة، والرسوخ النغمي الموروث ولكن ضمن أفق معاصر، يعتمد التعبيرية والتصويرية، ومسا خفيفا للتطريب.
يؤمن شربل روحانا بأنه يشعر بأنه قد يخدم بلده وشعبه، إذا اتقن عمله، بعيداً عن الشعارات الفضفاضة والرنانة.
والحديث عن موسيقار مبدع في قامة (شربل روحانا) أمر عسير لأنه يمثل تحديا جادا لمدى القدرة على إدراك مدلولات عوالمه الفنية، وترجمتها إلى كلمات محددة.
وقديما كان الفيلسوف (الفارابي) يقول: (اخترع الإنسان اللغة، وبقيت في نفسه فضلة لم تسعفه اللغة في التعبير عنها، فاخترع الموسيقى كى تتولى التعبير المباشر عما لا يقال).
تبنى القضايا الوطنية والإنسانية
أقام (شربل روحانا) جسرا وثيقا بين النغم وهارمونية السياسة الرشيدة في تركيزه على تبنى القضايا الوطنية والإنسانية، وكفاحه من أجل الحرية والإبداع، كما أقام جسرا متينا بين المعاني المجردة في منظومة القيم العليا من الحق والخير والجمال وبين أحداث التاريخ وحياة الناس ونضالهم من أجل هذه القيم.
واستطاع أن يربط حلقات الفنون اللغوية والتشكيلية وفنون الصورة بحبل الإيقاع حيث أصبحت مقطوعاته الموسيقية فلذات متداخلة مع أعمق العناصر الثقافية الإنسانية.
رغم أنني لم أقترب من (شربل روحانا) إنسانيا، لكني أعرفه جيدا من خلال أعماله التى حرصت على إقتنائها، وأحن إليها كما يحن الرضيع إلى صدر أمه، كلما عطش أو جاع.
ومن خلال هذه الأعمال شعرت بمدى حبه وإخلاصه في عمله، وهذا وصل إلينا من خلال بعض التفاصيل الصغيرة والدقيقة الموجودة في أعماله سواء الموسيقية أو الغنائية، أو حتى في طريقة عزفه على معشوقه العود.
دقي دقي يا ربابة، ومرسيل خليفة
(شربل روحانا) عرف طريق الموسيقى مبكرا، ومنذ طفولته، ففي عمر الثامنة، علمت مدرسته أنه يمتلك صوتا جميلا، فطلبت منه أن يغني أمام زملائه التلاميذ، فغنى رائعة سمير يزبك (دقي دقي يا ربابة، دقي عا فراق الحبابا).
وبعد انتهائه من غنائها صفق له زملائه، فشعر لأول مرة بلذة فرح زملائه والمعلمين وهم يصفقون، وهذا التصفيق ظل يطن في أذنه، وعشقه، لهذا ألقى بنفسه في بحر الموسيقى المتلاطم.
واستطاع (شربل روحانا) أن ينجو بنفسه من الغرق، من خلال تقديم كل ما هو راقي وجميل وعذب في أعماله التى عزفت على الروح، وغزت وسكنت القلوب، فمن خلال أعماله نجد الروح تسمع، وكذلك القلب.
ومن حسن حظ (شربل روحانا) أنه ولد وأضواء الفن حوله، فان خالته هو الموسيقار المبدع (مرسيل خليفه) الذي تأثر بإبداعه سواء كمؤلف موسيقي أو عازف، أو ملحن.
كما تأثر بأغنيات (أمي، وريتا، وجواز السفر) ككل الأجيال التي انجذبت إلى فن العظيم (مارسيل خليفة).
كما أنه أثرى ثقافته الموسيقية بروائع الإنتاج الكلاسيكي العالمي كـ (موزار، وبتهوفن)، ولائحة طويلة من العازفين كعازف الجيتار البريطاني (جون مكلكلن)، وعازف الكونترباص الفرنسي (كزافييه فون)، كذلك الموسيقي الهندي (زكير حسين).
شربل روحانا وألبوم (خطيرة)
هذا الأسبوع في باب (غلاف ألبوم) نتوقف مع واحد من أجمل ألبومات (شربل روحانا) الذي قدم نفسه من خلاله كمغني وملحن، وهو ألبوم (خطيرة) الذي يعتبر أول ألبوماته الغنائية بعد سلسلة من الألبومات الموسيقية الرائعة.
ويتميز غلاف الألبوم بالبساطة والشياكة، وحمل كلمات كتبها (شربل روحانا) حيث كتب: (إرضاء الناس مُحال فاتجهت إلى نفسي علّني أرضيها).
ووجه شكره: (إلى كل من ألمهمني، عذبني، دعمني، شجعني، ساعدني، أبكاني، أفرحني، وحتى من أذلني.. بسيطة).
يتضمن ألبوم (خطيرة) عشر أغنيات تتناول موضوعات اجتماعية وعاطفية وسياسية طريفة وساخرة تولى كتابتها وتلحينها وتوزيعها (شربل روحانا)، وكتب الشاعر جاد الحاج أغنية (قهوة) التى قامت بغنائها في الألبوم المطربة (عبير نعمة).
وكتب الشاعر بطرس روحانا أغنية (سلامي معك)، أما الأغنيات الثمانية الأخرى وهى (الحمد الله، عالروزانا، بالعربي، إمرأة خطيرة، بدبر حالو، بحبك، إنت والوتر، لشو التغيير) فكتب كلماتها شربل روحانا.
وغنى المطرب اللبناني (نادر خوري) أغنيتي (سلامي معك) و(بحبك)، أما الموسيقيون المشاركين في العزف في أغنيات الألبوم فهم عبود السعدي، (باس)، آرتور ساتيان (بيانو، وكيبوردز)، وفؤاد عفرا (درامز).
وعلي الخطيب (رق)، وإبراهيم جابر، (طبلة، كاتم، بونجو)، إيمان حمصي (قانون)، أنطوان خليفة (كمان)، شربل روحانا (عود)، سمير سبليني (ناي)، طوني ديب (أكورديون) طوم هورنيغ (فلوت)، خالد ياسين (إيقاعات) وإيلي خوري (بزق).
وكمنجات (ميشال خيرالله، أنطوان خليفة، آن كلير الخوري، منى سمعان، أنيس حاوي)، والكورس كان يتكون من (أندريه ديب، زينب زهر الدين، جنين يمين، جيزال الناشف، إيفلين قسيس.
وعباس شاهين، وسليم اللحام، إيلي خياط، شربل روحانا، غازي عبدالباقي)، وألبوم (خطيرة) كان من إنتاج وميكساج وماسترنج (غازي عبدالباقي).
شربل روحانا ولشو التغيير
من الأغنيات المهمة جدا والتى أحب التوقف عندها في هذا الألبوم الذي يحمل موضوعات غاية في الأهمية، أغنية (لشو التغيير) التى تدعو للتغير، والابتكار، وسلطت الضوء على إنعدام الخصوصية وموت الابتكار الفني، التى تقول كلماتها:
يللي عم تاكل عم تشرب، وبأي مطعم كنت
مندقلك، منغنيلك، ومنسهر نحنا وانت
هني الأكلات ذاتن والغنيات ذاتن، حتى السميعة ذاتن
لشو التغيير
يللي عم تكدح يومية وبأي شغلة كنت
كنو فكرك انو بكرى بيحمينا نحنا وانت
هني الأوادم ذاتن، ما بيحميهن غير ذاتن
بيضلوا هني ذاتن
لشو التغيير
يللي عم تطمح عالفاضي ومن أي ديانة كنت
المستقبل متل الماضي والحاضر هوي أنت
هني الطوايف ذاتن وبيجتمعوا مع ذاتن
حتى يختاروا ذاتن
لشو التغيير
يللي عم تنطر بالفي وتحت العريشة كنت
شي علاقة رومانسية مع أحلى وأجمل بنت
هني البدايات ذاتن والنهايات ذاتن
حتى لو منن ذاتن
لشو التغيير
يللي عم تحلم ليلية وباي فرشة كنت
بشي صبية هيفاوية لاتنسى وينك انت
هني الصبايا ذاتن حتى البوسات ذاتن
وبما انو هني ذاتن
لشو التغيير
يللي عم تحصر أفكارك على أي محطة كنت
مهما تحصر مهما تحلل رح تبقى حيث انت
هني اللي بيحكوا ذاتن، وما بيسمعوا غير ذاتن
خدهن على علاتن
لشو التغيير
يللي عم تسعى للهجرة وعلى أي دولة كنت
مهما تسعى أنا بالعشرة، ببصملك وين ما نزلت
هني البلدان ذاتن شمالاً وجنوباً ذاتن
شرقاً وغرباً ذاتن
لشو التتغير
يللي عم تسمع بالوقفة ومفكر في شي جديد
طمن بالك هيي هيي ولا نوطة فيك تزيد
هني الأفكار ذاتن والألحان ذاتن
حتى الموسيقي ذاتن
لشو التغيير
هني الأفكار ذاتن و الالحان ذاتن
حتى القفلات ذاتن
لشو التغيير
آخر فكرة لولادي وايضاً لولاد الناس
يللي حلمن عم يزهر، حلمن عالعين والرأس
بلكي التغيير جايي على حظن هني جايي
رغماً عن حزني جايي انشالله التغيير
بلكي التغيير جاي على ايدن هني
كرمال عيونن جايي انشالله التغيير
بلكي التغيير جايي، على وجهن هني جايي
ولومهما طال جايي انشاالله التغيير.