(حسين فهمي).. دنجوان السينما الذي احتفظ بحيويته وطاقته حتي الآن (2)
* حاول بعض المخرجين محو وسامته في بعض الأفلام، كي يبدو أبله، أو واحد من المعلمين في الأحياء الشعبية
* محاولات محو وسامته لم تنجح باعتبار أن نور الوسامة أسطع من الدمامة الداكنة
* (حسين فهمي )غير من صورة (الدونجوان) وأثبت أن الدونجوان في السينما لا يشترط ان تحاط به الحسان
* أغلب (دون جوانات) السينما المصرية أصحاب ثقافات عالية، وعلى رأسهم (رشدي اباظة، يوسف وهبي، أحمد سالم).
بقلم الباحث والناقد السينمائي : محمود قاسم
مازلنا نواصل السباحة في بحر مشوار النجم المبدع صاحب الطلة الرائعة (حسين فهمي)، أو (الواد التقيل) كما غنت له سندريلا السينما المصرية سعاد حسني.
في الحلقة الماضية، تحدثنا عن (حسين فهمي) ابن الأسرة العريقة الثرية، التى لعبت في الحياة السياسية دورا مهما في تاريخ مصر في القرن الماضي.
وذكرنا أن إطلالة (حسين فهمي) منذ البداية في السينما كانت إطلالة (دونجوان) فقط، بمعنى أننا لم ننتظر منه أن يكون ممثل عبقريا بقدر ما هو قطعة تشكيلية جميلة!
وقولنا أنه كان يظهر في أجمل أفلام المطربات اثناء السنوات الأولي من السبعينيات، وهى السمة التي إضيفت إلى (الدونجوان).
وكون (حسين فهمي) ثنائيا فنيا وشخصيا مع النجمة (ميرفت أمين)، كما كون ثنائيات أخرى مع (نجلاء فتحي، ونيللي، وبوسي، وسهير رمزي).
وقد احتفظ (حسين فهمي) كـ (دونجوان) بحيويته لفترة زمنية أطول لدرجة أن أبناء جيله قد رحلوا عن عالمنا الى أنه ظل يعمل بكل حيوية حتي يومنا هذا.
ومن هذه الأسماء (محمود يس، نور الشريف، محمود عبد العزيز، أحمد زكي) الذي كان يقف أمامهم دائما كمنافس بارز.
(دونجوان) هذا حاول بعض المخرجين محو وسامته في بعض الأفلام، كي يبدو أبله، أو واحد من المعلمين في الأحياء الشعبية.
وبصراحة أن هذه المحاولات لم تنجح باعتبار أن نور الوسامة أسطع من الدمامة الداكنة، وقد نجح الممثل في ادواره كضابط شرطة، أوجيش، وأيضا كأستاذ جامعي.
حسين فهمي.. (انتبهوا أيها السادة)
ففي فيلم (انتبهوا ايها السادة) عام 1980 هو الدكتور (جلال) أستاذ الفلسفة في (جامعة القاهرة) الذي يفشل في الاحتفاظ بخطيبتة معه، هذه الفتاة المتعلمة التى تركته لترتبط بزبال ثري يمتلك الثروة.
وهى تعرف تماما أن المال يمنع العوز، وقد انكسر هنا (دونجوان) الفيلسوف، وهو يردد أمام تلاميذه بأن الحقيقة (عنتر).
كي تتغير مفاهيم الدونجوان في عصر الانفتاح، فالبنت صار من السهل عليها أن تترك حبيبها الوسيم كي تتزوج من الزبال بكل وساخته، وتضمحل الثقافة الراقية امام عربة زبالة يجرها حمار و يقودها عنتر!
حسين فهمي.. (اللعب مع الكبار)
لعل المخرج (شريف عرفة) هو أفضل من قدم الصورة المثالية لـ (حسين فهمي) في فيلم (اللعب مع الكبار)، هو ضابط مباحث أمن الدولة البسيط الطيب المخلص لعمله، والذي يتعامل مع المواطنين برقي ملحوظ، ويذهب إلي المهام الرسمية غير حاملا سلاحه الناري، وهو يزور البسطاء في بيوتهم من أجل معرفة الحقيقية.
والغريب أن السيناريو هنا لم يكشف لنا عن الجانب الشخصي في حياته، لا نعرف له زوجة، أوعشيقة، أو أسرة تستفيد من مكانته أو وسامته.
ومع هذا فأن طلة الممثل علي الشاشة في الأماكن التي ظهر فيها كانت براقة للغاية، تؤكد أن الدونجوان في السينما لا يشترط ان تحاط به الحسان، وهكذا غير (حسين فهمي) من صورة (الدونجوان) فهو جذاب بدون مكياج.
في نهايات القرن الماضي أذاع التلفزيون المصري برنامجا رمضانيا عبارة عن مسابقات كشف فيها نجوم مصر من النساء والرجال عن ما يتمتع به كل منهم من ثقافة عميقة.
وكان (حسين فهمي) هو رقم واحد في هذه المسابقة ما جعل النقاد يغيرون مواقفهم اذاء (الدون جوان) فأغلب (دونجوانات) السينما المصرية أصحاب ثقافات عالية.
وعلي رأسهم (رشدي أباظة، يوسف وهبي، أحمد سالم)، ما جعل إجابة سؤال مهم غير مطروحة حتي الآن: لماذا لم يستفد حسين فهمي من ثقافته و دراسته وموهبته في الإخراج؟!
(حسين فهمي) كان أقرب إلى النرجسي
تكررت التجربة مرتان في السينما المصرية مع كل من (حسين فهمي) و(محمود مرسي)، فهذا الأخير عمل بالإخراج الدرامي الإذاعي طويلا، لكنه رأي أن بريق التمثيل أكثر أهمية و خلودا.
ولم يقترب قط من الإخراج السينمائي، ويبدو أن (حسين فهمي) كان أقرب إلى النرجسي، وهو يستخصر وسامته لتكون فقط خلف الكاميرا، و لذا فهو يعمل حتي الآن.
نعم حتي الآن، بعد أن تجاوز الثمانين، وهو لا يكف عن العمل فهو مقدم برامج تلفزيونية، كما عاد مره جديدة لتولي منصب رئيس (مهرجان القاهرة السينمائي) حيث كان من أنجح أصحاب هذا المنصب طوال سنوات عديدة.
وأثبت أيضا أن المهرجان يتحول في عهده الي كيان دونجوان، يرتدي فيه الضيوف (الاسموكينج)، ويبدو الاحتفال هنا حالة تليق بالتماثيل مع مهرجانات السينما العالمية.
يعني أن (الدونجوان) ليس وسيما فقط، ولكن كل شئ فيه قياسي، وهذا هو حال الممثل، والفنان (حسين فهمي) لمع أيضا في بعض المسرحيات المهمة، ومنها (أهلا يا بكوات) و(وداعا يا بكوات).
في الحلقة القادمة نتوقف عند محطات فنية مهمة في مشوار الدنجوان (حسين فهمي).