رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

‏آلان ديلون.. رحيل أسطورة السينما الفرنسية.. ساحر نساء العالم!

بقلم: محمد حبوشة

هكذا كتب دونجوان السينما العالمية (آلان ديلون)، العبارة قبل أيام من رحيله عن دنيانا: (سأغادر هذا العالم دون أن أشعر بالحزن، لم تعد الحياة تجذبني، لقد رأيت وجربت كل شيء، أنا أكره العصر الحالي، لقد سئمت منه!، أرى طوال الوقت مخلوقات بغيضة حقًا.. كل شيء فيهم مزيف.. الجميع يكذب على الجميع، لم يعد هناك احترام للعطاء والقيم، المال فقط هو المهم.. أعلم أنني سأغادر هذا العالم دون أن أشعر بالحزن عليه)

برحيل (آلان ديلون) تكون السينما الفرنسية قد ودعت نجمها الأسطورة.. ساحر النساء، الذي أبهر بوسامته وجاذبيته كبار المخرجين.. رحل أمس، آخر عمالقة السينما الفرنسية و(وحشها الوسيم) بعد حياة صاخبة ترك في نهايتها إرثا سينمائيا مشهودا.

وبرز اسم (آلان ديلون) على مدار عقود طويلة ضمن أعظم الأسماء في تاريخ صناعة السينما الفرنسية، قبل أن تتدهور حالته الصحية، وتظهر خلافات عائلية بين أبنائه تصل إلى حد وضعه تحت (الحماية القضائية).

وأفاد بيان نقلته وكالة (فرانس برس) أن النجم (آلان ديلون): (توفي بسلام في منزله في دوشي، محاطا بأبنائه الثلاثة وعائلته، وكانت صحته قد تدهورت في السنوات الماضية، وأصبح منعزلا إلى حد ما، كما تصدرت خلافات أفراد عائلته، عناوين الصحف الفرنسية مؤخرا.

عرف عن (آلان ديلون) بأنه (أوسم رجل في السينما) ولعب دور البطولة في أفلام ناجحة في ستينيات القرن الماضي من بينها (روكو وأخوته) و (الفهد)، جذب قلوب المعجبين في جميع أدواره المختلفة، من قاتل إلى محتال يتمتع بشخصية جذابة.

تراجع ظهور ديلون السينمائي منذ تسعينيات القرن الماضي، بيد أنه ظل محتفظا بمكانته كأحد أعمدة المشاهير في السينما الفرنسية والعالمية، برصيد أفلام تجاوز 90 فيلما خلال مسيرته المهنية.

ساحر النساء (آلان ديلون) عدة سنوات قليلة كا يطلب الرحيل عن الحياة بالموت الرحيم حيث أراد إنهاء حياته بـ الموت الرحيم حيث قال الممثل الشهير: (أؤمن بأن الشخص يجب أن يرحل في هدوء دون الحاجة إلى المرور بالمستشفيات والحقن والأدوية).

(إيمانويل ماكرون)، من بين الذين نعوا (ديلون)، وقال إن الممثل (لعب أدوارا أسطورية وجعل العالم يحلم)

نعاه الرئيس الفرنسي

وتفاعل أهل السياسة والفن في فرنسا مع وفاة النجم السينمائي آلان ديلون، آخر عمالقة السينما الفرنسية وصاحب الشهرة العالمية الواسعة والذي رحل فجر أمس الأحد، فقد كان الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون)، من بين الذين نعوا (ديلون)، وقال إن الممثل (لعب أدوارا أسطورية وجعل العالم يحلم).

وأضاف في بيان نشره على منصة إكس: (كان (نجما) حزينا ومحبوبا وكتوما، كان أكثر من مجرد نجم، كان معلما تذكاريا فرنسيا).

أما وزيرة الثقافة المستقيلة (رشيدة داتي)، فكتبت عبر منصة التواصل الاجتماعي: (آلان ديلون لم يعد موجودا، كنا نعتقد أنه لا يرحل، لأنه عاش حيوات عدة)، معتبرة أنه (يترك بوفاته فرنسا يتيمة من أجمل أدوار على الشاشة).

كما نعت إدارة مهرجان القاهرة السينمائى برئاسة الفنان (حسين فهمى)، النجم الفرنسى الكبير، وأحد أيقونات السينما العالمية (آلان ديلون) الذى رحل عن عالمنا صباح أمس بعد رحلة عطاء استمرت ستون عاما.

قدم خلالها عشرات الأدوار الخالدة والملهمة، ولعب دور البطولة في أعظم الأفلام الأوروبية، خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

ولد (آلان ديلون) واسمه الحقيقي (آلان فابيان موريس مارسيل ديلون)، في ضاحية أوت دو سين بالعاصمة باريس، وعاش طفولة بائسة.

وألقت التنشئة المضطربة التي تلقاها ديلون في طفولته بظلالها على مساره الدراسي، الذي لم يكن ناجحا، بسبب عدم انضباطه وتمرده المتواصل الذي كلفه الفصل من مدرسة لأخرى، ويصف هو نفسه هذه الحالة قائلا: (كنت وحشا صغيرا بالغ الشراسة).

وسامته وكارزيمته جعلته يحصل لقب (أيقونة السينما الفرنسية

أيقونة السينما الفرنسية

عاش (آلان ديلون) الملقب بـ (أيقونة السينما الفرنسية) على حد وصف مجلة (فواسي) مراهقة صعبة إثر انفصال والديه عن بعضهما البعض بعد طفولة عادية بجانب أبيه مدير قاعة سينما وأمه مساعدة في صيدلية.

لكن فراقهما أثر عليه كثيرا، كما أنه انقطع مبكرا عن الدراسة، واختار الانخراط في الجندية الفرنسية في سنوات الخمسينيات، حيث شارك إلى جانب قوات بلاده في حرب الصين والهند.

يتذكر هذه المرحلة بانتشاء لأنه يعتبر أنه تعلم الكثير من الجيش (تعلمت الالتزام والاحترام… والعديد من الأشياء)، حسبما قال (آلان ديلون) في إحدى تصريحاته، وهو انتشاء ممزوج بالحزن أيضا، لأنه فقد الكثير من أصدقائه في هذه الحرب.

عمل (آلان ديلون) في صباه وشبابه بمهنة زوج والدته الذي كان يدير محلا لبيع مشتقات اللحوم، ثم التحق بالجيش وهو في السابعة عشرة من عمره بعد حصوله على ترخيص من والديه، الأمر الذي ظل يؤثر فيه لأنه اعتبر ذلك محاولة منهما للتخلص منه بوصفه طفلا مزعجا إلى أن التحق بالجيش، وبعد مجددا إلى باريس.

كان عمر (آلان ديلون) 20 عاما عندما عاد إلى باريس، حيث فتحت له وسامته أبواب السينما، وظهر لأول مرة عام 1957 في فيلم (أرسل امرأة عندما يفشل الشيطان) للمخرج (إيف أليغريه).

حققت مسيرة (آلان ديلون) المهنية نجاحا سريعا، وقدم على مدى سنوات بعضا من أبرز الأعمال السينمائية الفرنسية، من بينها أفلام (الشمس المتوهجة، وهل تحترق باريس؟) للمخرج (رينيه كليمان)، و(روكو وإخوته، والفهد) للمخرج (لوشينو فيسكونتي)، و(الكسوف) للمخرج (مايكل أنجلو أنطونيوني)..

و(الساموراي، والدائرة الحمراء، وشرطي) للمخرج (جان بيار ملفيل، حمام السباحة، بورسالينو) للمخرج (جاك دوري).

ويعترف (آلان ديلون) أنه أتى للسينما عن طريق الصدفة، إذ لم يدرس يوما في أي معهد من معاهد الفن، والنساء كن بالنسبة له المحفز الأساسي للنجاح في الأدوار السينمائية التي كان يؤديها.

ويشير (آلان ديلون) بهذا الشأن إلى أن (النساء هن من نادين علي للسينما، وكنت أريد أن أرى في عيونهن أنني الأكثر وسامة والأكبر قامة والأقوى سينمائيا).

بدأ نجم آلان ديلون يلمع بعد النجاح الكبير الذي حققه في الدور الرئيسي في فيلم (ظهيرة قرمزية)

فيلم (ظهيرة قرمزية)

بحسب عدة مواقع، قام ديلون ببطولة أكثر من 80 فيلما بالاشتراك مع عدد من مشاهير الممثلين مثل (جان غابان وإيف مونتان ورومي شنايدر ولينو فينتورا وجيان ماريا فولونتي وجان بول بلموندو وانغريد برغمان وكاترين دينيف وعمر الشريف وأنطوني كوين وجورج سيغا).

منذ بداية الستينات بدأ نجم آلان ديلون يلمع بعد النجاح الكبير الذي حققه في الدور الرئيسي في عدة أفلام مهمة، ومنها فيلم (ظهيرة قرمزية Purple Noon  – 1960) الذي أخرجه (رينيه كليمو)، وكان مقتبسا عن رواية (مستر ريبلي الموهوب) للكاتبة الأميركية (باتريشيا هايسميث).

وقام فيه ديلون بدور (توم) وهو مجرم ضليع في الإجرام، بارع في تنفيذ جرائمه بحيث لا يمكن الإمساك به، يتم تكليفه من قبل أحد الأثرياء في سان فرانسيسكو بالذهاب إلى روما لكي يقنع (فيليب) الابن الشاب للرجل الثري بالعودة إلى أميركا.

لكن الابن لا يستجيب، وبمرور الوقت يجد (توم) نفسه متقمصا شخصية فيليب، بل وينافسه أيضا على حب حبيبته (مارج)، ويستخدم كلاهما مارج كوسيلة لمضايقة بعضهما البعض.

قدم (آلان ديلون) دور المجرم الوسيم الغامض في فيلم (الساموراي)

فيلم (الساموراي)

قدم (آلان ديلون) دور المجرم الوسيم الغامض، الذي يتميز بالبرود والثقة، الذي يفتقد للدوافع الأخلاقية ويخفي غير ما يظهر، ويستخدم مظهره البريء في الإيقاع بضحاياه دون رحمة أو شفقة، هو الدور الذي سيبرع في أدائه في ما بعد في أفلام أصبحت الآن من كلاسيكيات السينما الفرنسية.

أول هذه الأفلام هو فيلم (الساموراي – 1967) للمخرج جان (بيير ميلفيل)، الذي يعتبر الأب الروحي لحركة (الموجة الجديدة) الفرنسية، ورغم أن (ميلفيل) يبدو شديد التأثر بالفيلم الأميركي الهوليوودي البوليسي المشوق الذي أطلق عليه نقاد فرنسا (الفيلم – نوار).

إلا أنه تمكن من خلق أسلوبه الخاص، الذي يتميز بالطابع الفرنسي، ويضفي رونقا خاصا وغموضا على الأماكن الباريسية بوجه خاص.

في (الساموراي) يقوم ديلون بدور (جيف)، القاتل المحترف البارد الذي يقتل دون تردد مقابل المال، وهو يعيش وحيدا، يرتبط بفتاة تقيم في شقة استأجرها لها عشيقها الثري، لكن (جيف) يستخدمها عند اللزوم للتستر عليه، فهي تشهد لصالحه بعد أن يقتل رجلا في ناد ليلي، وهو يتمكن من الإفلات من الشرطة.

لكنه يرتكب الخطأ أو الخطيئة الكبرى التي ستؤدي إلى نهايته التراجيدية، عندما تربكه فتاة سمراء شاهدت الجريمة في النادي الليلي، وبدلا من أن يقتلها، ينجذب إليها ويحاول التواصل معها.

سيناريو الفيلم مصاغ في سياق دائري كحلقة جهنمية، من الشر والعنف والتشكك وانعدام الثقة، والبطل أو نقيض البطل (جيف) الذي لا يثق في أحد، يبدو مدفوعا الى مصيره بعد أن يتورط في (الثقة) خلافا لما اعتاد عليه.

وأداء (آلان ديلون) للدور جعله يصبح نجما شعبيا في العالم وبوجه خاص في اليابان حيث أطلقوا عليه (ساموراي الربيع) ووضعوا صورته على ملصق الفيلم بحيث يبدو كما لو كان محاربا يابانيا من الزمن السحيق.

نجاح (آلان ديلون) في (الساموراي) امتد إلى فيلم (الدائرة الحمراء)

فيلم (الدائرة الحمراء)

نجاح (آلان ديلون) في (الساموراي) امتد إلى فيلم (بيير ميلفيل) التالي (الدائرة الحمراء) (1970) مع (إيف مونتان وجيان ماريا فولونتي)، وفيه يقوم (ديلون) بدور مماثل لدوره في (الساموراي).

هو (كوري) الذي يغادر السجن لحسن سلوكه، لكي يبدأ من اللحظة الأولى الانتقام ممن كان السبب في سجنه لخمس سنوات، أي زعيم العصابة التي كان يعمل لحسابها، وسرعان ما يصبح هدفا للعصابة.

ثم يرتبط مصادفة بمجرم هارب من الشرطة، يعرفه على ضابط شرطة سابق مدمن خمر، يقودهما للسطو على أكبر محل للمجوهرات في باريس وسرقة كل محتوياته.

(آلان ديلون) يظهر في نفس المظهر البارد، الواثق، الذي يعتزم المضي قدما في مغامرته حتى النهاية الدموية.. إنه يعيش أيضا بمفرده، يرتدي نفس معطف المطر الذي كان يرتديه في (الساموراي)، وقبعة مماثلة يضعها على رأسه بطريقة معينة ثم ينزعها ويعلقها فوق المشجب كلما دلف إلى شقته الصغيرة.

يشد حزام المعطف حول وسطه، ويضع يديه في جيوبه، ويرتدي النظارات السوداء، ويسير واثقا من نفسه، متشككا في كل من حوله، وكما يصبح هدفا للعصابة التي تريد التخلص منه، يصبح أيضا هدفا للشرطة.

ورغم النجاح الكبير الذي حققه (آلان ديلون) في أفلام الجريمة التي جاءت بنكهة جديدة شديدة الجمال في السينما الفرنسية واكتست بطابع أوروبي خاصة في الأفلام التي أنتجت بالاشتراك مع السينما الإيطالية (مع لينو فينتورا).

إلا أن (آلان ديلون) صنع شهرته الحقيقية في عالم سينما الفن من خلال الأفلام التي قام ببطولتها مع كبار السينمائيين، وكان أول هذه الأفلام فيلم (روكو وإخوته – 1960) للمخرج الإيطالي الكبير (لوتشينو فيسكونتي).

وفيه يقوم بدور (روكو) الذي يتعرض لأشد الظروف قسوة من أجل مساعدة أسرته المكونة أساسا من أشقائه الأربعة، الذين هاجروا من الجنوب الفقير إلى ميلانو الصناعية الغنية حيث أصبحوا يواجهون الكثير من المتاعب.

(روكو) يضطر لرهن جسده للملاكمة التي لا يحبها من أجل تدبير المال اللازم لإنقاذ أسرته، وقد لفت دور روكو الأنظار إلى قدرة ديلون على أداء الأدوار الواقعية المركبة.

تعاون ديلون مع فيسكونتي امتد إلى التحفة الكبرى (الفهد – 1963) ولكن ليس في الدور الرئيسي، فهذا الدور ذهب إلى (بيرت لانكستر)، الذي يؤدي شخصية الأمير الصقلي (دون فابريزو)، الأرستقراطي الإقطاعي الذي يدرك أن نهاية عصره قد أوشكت مع نجاح ثورة غاريبالدي بعد أن اقترب الثوار من صقلية بعد أن توحدت إيطاليا تحت راية (غاريبالدي).

ولكي يضمن انتقالا سلسا للأسرة في العهد الجديد يرتب الأمير تزويج ابن شقيقته (تانكريدي/ آلان ديلون) من ابنة عمدة البلدة المجاورة، وهو من طبقة الأثرياء الجدد، لكي يزاوج بين أقرب الناس إليه (تانكريدو) والجمال والمال اللذين يتمثلان في (أنجيليكا/ كلوديا كاردينالي).

وكان هذا الفيلم تعبيرا عن أفول عصر وبزوغ عصر جديد ستختفي فيه التقاليد العريقة القديمة الأرستقراطية وعشق الفن الكلاسيكي الرفيع، وتظهر تقاليد أخرى مع بزوغ الطبقة الجديدة (البورجوازية).

من أهم الأفلام التي قام ببطولتها (آلان ديلون) فيلم (الخسوف)

فيلم (الخسوف)

من أهم الأفلام التي قام ببطولتها (آلان ديلون) فيلم (الخسوف) لأنطونيوني عام 1963، في دور (بييرو) الواقع في حب (فيتوريا/ مونيكا فيتي) التي تركت حبيبها الأول لكنه لا يزال يطاردها، أما بييرو فهو مشغول بالمضاربة في البورصة لحساب امرأة جشعة.

ولم يكن دور (آلان ديلون) هو الدور المحوري في الفيلم فأنطونيوني استعان به أساسا لقدرته على التعبير عن البرود واللامبالاة وجفاف المشاعر التي أصبحت تميز جيل الشباب في منتصف القرن الماضي، مع الطفرة الصناعية والخطر النووي في أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وكان (آلان ديلون) رمزا للتمرد على المشاعر القديمة، وطرق التعبير الكلاسيكية، وفي واحد من أكثر مشاهد الفيلم تعبيرا عن انعدام التواصل يتفق الحبيبان، (فيتوريا وبييرو) على اللقاء في شارع معين، لكن أحدا منهما لا يظهر في الموعد المحدد.

وعندما تصطدم سيارة بسيارة (بييرو) في وسط روما، يقابل (بييرو) الأمر ببرود تام ويسأل فقط من دون أي اكتراث عما حدث للسيارة.

أصبح (آلان ديلون) في فرنسا معادلا للشباب المتمرد في العصر الوجودي على غرار جيمس دين في أميركا، وكانت طريقة إمساكه السيجارة وطريقة وضعها في فمه، وتحديقه البارد في الكاميرا، وحركته البطيئة المتمهلة التي تعكس نوعا من السخرية مما يدور حوله، قد أصبحت علامات مميزة لشخصيته السينمائية.

كان الجمهور الفرنسي يتابع تفاصيل حياة (آلان ديلون) الفنية الناجحة وحياته العاطفية الناجحة أيضا

تفاصيل حياة (آلان ديلون)

على مدى عشرات السنوات كان الجمهور الفرنسي يتابع تفاصيل حياة (آلان ديلون) الفنية الناجحة وحياته العاطفية الناجحة أيضا، من خلال مجلة (باري ماتش) وغيرها من المجلات الفنية.

وتصدرت حياته الشخصية الصاخبة عناوين الأخبار الرئيسية بانتظام، وهو ينطلق في طريقه في جميع أنحاء أوروبا في ذروة شهرته.

وفي عام 2015، قالت شريكته السابقة (ميراي دارك) لوكالة (فرانس برس)، قبل أن يبلغ النجم الثمانين: (إن آلان يعيش في عزلة عميقة، اختارها، في عالم آخر، في الماضي مع كائنات يحبها كثيرا).

وقالت النجمة الفرنسية، (بريجيت باردو)، عندما بلغ (آلان ديلون) الثمانين: (إنه نسر برأسين.. الأفضل والأسوأ)، وكان ديلون يفتخر بأنه لم يعمل مطلقا على أسلوبه بل اعتمد على جاذبيته التي كان يتمتع بها.

عندما كان (آلان ديلون) يبلغ 87 سنة، قال في مقدمة سيرته الذاتية: (لم أحلم مطلقا بأن أصبح ممثلا، دخلت المهنة وواصلت التمثيل للنساء ومن أجلهن)، مشيرا إلى أسماء أنثوية في المجال السينمائي منهن (بريجيت أوبير، ورومي شنايدر، وناتالي ديلون، والدة أنتوني نجله الأكبر، وميريل دارك، بالإضافة إلى والدة ولديه الأخيرين عارضة الأزياء روزالي فان بريمن).

وعمل (آلان ديلون) أيضا مع (جين فوندا، وأني جيراردو، وكلوديا كاردينالي، وماري لافوريه، وجين مورو، وسيمون سينيوريه، وكاترين دونوف)، ومع ذلك اعتبرته ناشطات نسويات (عنصريا ومعاديا للمثليين وكارها للنساء)، وعارضن منحه سعفة ذهبية فخرية في مهرجان كان السينمائي عام 2019.

وقال لصحيفة (جي ديه ديه) مدافعا عن نفسه: (هل قلت إنني صفعت امرأة؟ نعم.. وكان عليّ أن أضيف أنني تلقيت صفعات أكثر مما وجهت، لم أتحرش في حياتي بأي امرأة)، وأول امرأة يشيد بها هى والدته إديت الملقبة (مونيت) والتي أنجبته عام 1935.

وفي مقابلة أذيعت في نهاية عام 2018 عبر قناة (فرانس 2)، تحدث أيضا عن (شغف مجنون بمريم العذراء).

عاش ديلون قصص حب وشارك علاقات عدة مع نساء، لكنه في الثمانين من عمره، تقاعد في منزله مع (هيرومي رولين)، التي كان يقدمها على أنها مدبرة منزله لكنها وصفت نفسها بأنها حبيبته، حتى طردها أبناء الممثل في صيف 2023، متهمين إياها بإساءة معاملته.

طالته انتقادادات كثيرة في آخر أيامه

انتقادات وخلافات

لم يسلم (آلان ديلون) من الانتقادات، بعد أن اعترض البعض على دعمه لجان ماري لوبان، رئيسة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، التي دافعت عن عقوبة الإعدام وعارضت زواج المثليين، كما تسببت علاقاته النسائية في إثارة الجدل، وأدت إلى إثارة مزاعم بشأن كراهية النساء.

ومؤخرا، تصدرت خلافات أسرة (آلان ديلون) عناوين الصحف في فرنسا، لاسيما في عام 2023 عندما رفع أبناؤه الثلاثة دعوى ضد المعاونة المنزلية للنجمة (هيرومي رولان)، التي يقال أحيانا إنها شريكته، متهمين إياها بـ (استغلال ضعف) والدهم.

ثم اندلع نزاع عائلي بين أبناء ديلون وصل إلى أروقة القضاء وتناولته وسائل الإعلام، على خلفية الحالة الصحية للنجم الذي كان يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية وأصيب بجلطة دماغية عام 2019.

وفي أبريل من العام الجاري، وضع القضاء الفرنسي (آلان ديلون) تحت (الحماية القضائية)، مما يعني أنه لم يعد يتمتع بالحرية الكاملة لإدارة أصوله.

كان معجبا جدا بشخصية (شارل ديجول)

جاك شيراك في حياته

وفي النهاية يمكننا القول: السلام لروح (آلان ديلون)، نجما سينمائيا أسطوريا أبهر بجماله وجاذبيته كبار المخرجين وشكل لعقود طويلة أحد أعظم الأسماء في مجاله، قبل أن ينكفئ في آخر عمره وسط مشكلات عائلية بين أبنائه.

(الظل والنور).. ازدواجية جسدها الممثل طوال حياته وشكلت الأساس في شخصية ممثل لا يسعى إلى أن يكون محبوباً، ولا يتوانى عن الإفصاح بمكامن المرارة والازدراء إزاء سلوكيات الآخرين.

تمتع آلان ديلون، الذي يشبه في بعض صفاته (كيوبيد: إله الحب عند الرومان القدماء) بسهامه التي لا تطيش أبداً، (بشخصية مدمرة للذات إلى حد ما، ويبحث عن هويته الخاصة).

ودأب (آلان ديلون) على التأكيد أنه ليس مجرد مؤد للشخصيات، بل ممثل حقيقي (يعيش) أدواره، على رغم أنه لم يكن يحلم بالسينما في سن المراهقة.

وبأدواره المختلفة، من سفاح ذي عيون زرقاء في (بلان سولاي – 1960)، إلى قاتل مأجور قليل الكلام في (لو ساموراي -1967)، مرورا بالميكانيكي السكير في (نوتريستوار – 1984)، أسر (آلان ديلون) بنظرته وحركاته جمهور السينما.

رغم ملامح وجهه الأرستقراطي الملائكي، ظهر في عالم السينما في منتصف القرن الماضي، وأصبح أسطورة؛ بل إنه أضحى رمزا فرنسيا، إذ يعد أشهر من الرئيس الفرنسي (شارل ديجول) في العالم، ولا يضارعه في شهرته إلا برج إيفل، كرمز لفرنسا.

سواء كانت وسامته هى سبب شهرته، أو أنه لطالما أثار الجدل بعلاقاته الغرامية المتعددة وتصريحاته المثيرة لغضب محبيه، فإن (آلان ديلون) الذي رحل عن عالمنا أمس الأحد كان واحدا من أهم نجوم السينما في القرن العشرين، حيث لعب أدوارا مهمة في أفلام صنفت بأنها من أفضل ما أنتجته السينما الفرنسية.

مع ابنته أنوشكا
مع رفيق الدرب (جان بول بولموند)
مع النجم العالمي (عمر الشريف)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.