رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين نوح يكتب: أفلام الظل في (السينما)!

بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح

حين قررت أن أبحث  عن أفلام عربية لأكتب عنها  تأكدت أننا فعلاً وبلا أي تحيز أو شفونية نمتلك إبداعاً في كل مناحي فنون (السينما).

فكتبت عن عظمة الكبار محمود المليجي ، سعاد حسني ،عبد المنعم إبراهيم وعبد الوارث عسر وفي الإخراج كمال الشيخ ، بركات ، المبدع حسين كمال، العبقري حسن الأمام ، صلاح أبو سيف ، يوسف شاهين.

وكم كبير من مبدعين كبار في (السينما) أرجو أن اكتب عنهم جميعاً ومنهم العبقري (عبد العزيز فهمي) في التصوير و(محسن أحمد)، وهل  نتذكر (شادي عبد السلام) في (المومياء)، وعبقرية التشكيل والملابس والأضاءة.

تلك مجرد أمثلة من فيض كبير من عظماء (السينما) لحصرهم نحتاج لكتب وليس مقالات، ويجذبني ويمتعني دائماً (السينما) التي تقدم قيمة مضافة سواء في السيناريو والمتعة البصرية، أو حتي اختيار أماكن التصوير ليعرف العالم ويتعرف على عبقرية المكان.

كما حدث مثلاً في فيلم (صراع في الوادي) لفاتن حمامة وعمرالشريف، إنه طموح أجده يسعدني، ويؤكد ماهية الفن السابع ، يعرف جيلي أن (السينما) والقطن كانا يشكلان جزءاً كبيراً من الدخل القومي المصري، وحين اهتمّ رجل الاقتصاد الواعي (طلعت حرب) وأدرك قيمة الفنون و(السينما) أنشأ (ستديو مصر).

أيقنت بما لايدع مجالاً للشك، وبعد بحث وتدقيق أن مصر مليئة بالطاقات الإبداعية ولكنه الفرز ومهارات التسويق التي يمتلكها البعض.

بالصدفة لفت نظري اسم فيلم (معتقل الحب)، وجذبني الاسم فأنا أعرف المخرج  (يوسف أبو سيف)، تعاملت معه في مسلسل (الحصيدة) للكاتب صديقي (محمد الغيطي)، بطولة  (نرمين الفقي) والمبدع (محمد رياض).

ولحضوري التصوير كنت أتجاذب الحديث مع صديقي (يوسف أبو سيف) في مفردات (السينما) وتجلياتها عالمياً، وتاريخ (السينما) المصرية، فأنا أعرف أن الرجل ابن المفكر العملاق (أبو سيف يوسف)، وهو علامة من علامات النضال الوطني.

هالني ثقافة المبدع (يوسف أبو سيف) كما ترجمها في الفيلم

ثقافة المبدع (يوسف أبو سيف)

وهالني ثقافة المبدع (يوسف أبو سيف)، وكنت قد شاهدت له أعمالاً كثيرة في السينما والفيديو منها مسلسل (ست الحسن) لمحمود ياسين  ودلال عبد آلعزيز ومحمود قابيل، عزت أبو عوف.

والنص للعبقري  (فتحي غانم) وسيناريو (عاطف بشاي)، وكان  العمل مبدعاً للعقل وللعين بوعي، كذلك إنه  في آواخر سبعينيات القرن الماضي قدم تجربة شبابية موثرة مهمومة بقيم الابداع وتماسه مع الهم الاجتماعي، وقد كان في السنة النهائية بمعهد (السينما).

قدم المبدع (يوسف أبو سيف) فيلم تسجيلي  شديد الأهمية (هنا القاهرة)، قوبل الفيلم بحفاوة واستقبال يعلن عن مخرج شاب كبير الوعي، وكتب عنه كبار النقاد الحقيقيين وحصد جوائز المهرجان السابع للأفلام التسجيلية، وجائزة أخرى في مهرجان (أوبرهازون) بألمانيا.

وقامت هيئة الثقافة الجماهيرية بدورها الأصيل بعرض الفيلم في معظم محافظات الجمهورية، وشهد اقبالاً كبيراً أشاد به النقاد، فالفيلم يقدم صرخه لمعاناة المجتمع في المواصلات الي الترع في الريف وانفصال الاعلام الساذج.

فيدعو الناس صباحاً إلى التفائل والمرح وإعلانات البرفان،  فيلم صريح يقدم قيمة دور الإعلام الحقيقي، وينال التكريم رغم تقديمة في زمن قصير، يظهر القبح والفقر والانفصال بينه وبين بعض قنوات إعلام ساذج، وهنا كانت الواقعية والصدق وحصد الجوائز.

وفي فيلم (معتقل الحب)، قدم الرجل فنتازيا كوميدية لكنها تحمل إسقاطاً واعياً على العلاقات الزوجية وما يحولها الي ممارسات قد تدمر الحياه الزوجية، ويدفع الأبناء الثمن.

فالزوج الثري الوسيم مشغول بأعماله (محمود قابيل) يبحث عن الاهتمام لاسترجاع شبابه، فيبحث عن شابه تصغرة  (رانيا يوسف) لكي تعطيه ما يفتقده في منزله،  وبالمثل تفعل الزوجة (تيسير فهمي)، وتلتقي (إيهاب فهمي) شكل فنتازي بديع.

يتألق في العمل النجوم ومعهم  (حسن حسني، حسن مصطفى وأحمد صيام، ووائل علي، ثريا ابرهيم، الفيلم قدم وجهة نظر تستحق الاهتمام عالج فيها المؤلف (رؤوف حلمي) الخلل الذي يصيب العلاقة الزوجية، حين يتحول أحد قطبيها إلى الأنانية لتحقيق الذات ويترك أحدهم يعاني الفراغ دون مراعاة لمشاعره واحتياجاته.

وقد عالجت (السينما) بأكثر من مره تلك القضيه لاهميتها، ولكن (معتقل الحب) نجح المخرج الواعي بع رضها بشكل كوميدي، أطلق طلقة إفاقة للمتزوجين للانتماء حتي لا تتفكك الاسرة وتزداد حالات الطلاق كما يحدث الآن.

 

لم يركز على الأكشن وتكسير العربات وكوميديا نجوم شباب في فيلمه

التركيز على الأكشن

فالتركيز على الأكشن وتكسير العربات وكوميديا نجوم شباب أصبحت فقط تبحث عن الضحك للضحك، دون نظر لمجتمع ينطلق ويحتاج لفنون واعية تضيف قيماً، مثل الولاء والانتماء.

(معتقل الحب) عمل فانتزي كوميدي، قدم فيه المخرج حركة كاميرا واعية ليضيف الإحساس بالتوتر، وقدم (كلوزات) لتماثيل لخدمة حالة القلق عند البطلة، كذلك (الساوند تراك) لأصوات فتح وغلق الأبواب.

وكان اختيار أماكن التصوير عبقري، حيث استعان فيه بالأركان العربية فزاد من ثراء المشاهد، وأضفت إحساس أسطوري بالزمن الذي تدور فيه الأحداث،  فقدم البسمة دون ابتذال وناقش قضية تهم معظم البيوت، وهنا يأتي سؤال: أين جيل كامل من مبدعي (السينما)؟

ما هى معايير أن يستمر المبدع في العطاء؟، أين (يوسف أبو سيف) الذي انتقل إلى أمريكا ويأتي علي فترات، ويجد معظم أبناء جيله لايعملون؟، أين مخرج الكوميديا العبقري (عمرعبد العزيز، وداود عبد السيد، وهاني لاشين ومحمد أبوسيف)؟

ماذا عليهم أن يفعلو ليستمر عطاؤهم؟،  فما زال  (مارتن سكورسيزي) يعمل (وريدلي سكوت)، ( ستيفن سبيلبرج)، الياباني (أكير أكورساوا)، (كلينت استود) بعد التسعين و(فرانسيس كوبولا).   

لدينا مخرجين وكتاب فضلوا البقاء في المنزل حتي لا يمتهنوا ويظهرون فقط في  الاحتفالات والمهرجانات أين المبدع الموسيقي (ياسر عبد الرحمن)، أين الموسيقار الكبير  الدكتور (مصطفى ناجي)، العبقري أنه كبرياء الحقيقيين، وعلينا البحث عنهم فهم قوة مصر الناعمة.. مصر تنطلق وتستحق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.