رحيل (سمير شمص).. قمر لبنان الذي أضاء الدراما بـ 70 مسلسلا، و20 فيلما، وراهن عليه رمسيس نجيب!
كتب: أحمد السماحي
خلال الساعات الماضية رحل عن حياتنا الفنان اللبناني الكبير (سمير شمص) عن عمر يناهز الـ 82 عاما، والذي أعطى الدراما اللبنانية نخبة من أهم أعمالها.
كان (سمير شمص) محبا للحياة، وظل لآخر ساعة في حياته يملأ الوجود مرحا وصدقا ونبلا، ويعامل الجميع على طريقة فرسان الزمن القديم.
فقبل رحيله بساعات كتب صباح الأمس الأحد 11 أغسطس، على صفحته على (الفيس بوك): (صباح الخير وعسى السعادة ترافق دروبكم في كل الأوقات)، وكأنها كلماته الأخيرة التى يودع بها أحبابه وجمهوره.
(سمير شمص) وأدوار لا تنسى
المتابع لمسيرة الفنان الراحل (سمير شمص) يجد أنه لعب مع عدد كبير من الممثلين اللبنانيين المخضرمين الدور الأكبر في عصر الفن الذهبي، فالشارع اللبناني لا ينسى له أعمال مثل (كانت أيام، يا صبر أيوب، مغامرات نادر، المصيدة، رمال بين الأصابع..
ومذكرات ممرضة، غروب، الوادي الكبير، النهر، ليالي شهرزاد، البخلاء، يوم الرحيل، الأستاذ ممنوع، حنين، دوار يازمن، مع الصابرين، الليل والمصباح، بين السما والأرض، الحب القديم، الأرملة والشيطان، دائرة الضوء، قيامة البنادق).
كما شارك (سمير شمص) في بطولة مسلسل (إمرأة من زمن الحب)، تأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبدالحافظ، وبطولة سميرة أحمد.
حيث شاهدناه بدور (نزيه) الزعيم اللبناني النافذ الذي يقوم بمساعدة (وفيه) لاسترجاع ابنها المخطوف، مستخدما بذلك علاقاته واتصالاته المتشعبة مع عسكريي وسياسي البلد.
كما شارك أيضا في مسلسل (وجه القمر) تأليف ماجدة خيرالله، إخراج عادل الأعصر، بطولة فاتن حمامه، وأحمد رمزي، وغيرها الكثير من الأعمال الدرامية، والتى وصلت إلى 70 مسلسلا تقريبا.
وكان آخر عمل شارك فيه الراحل (سمير شمص) مسلسل (حنين الدم) عام 2018، ﺗﺄﻟﻴﻒ زينة عبدالرازق، إخراج شربل الخوري، بطولة (عمار شلق، علي منيمنة، نيكول طعمة)، حيث جسد بكل عظمة شخصية (رشيد بك).
(سمير شمص) والسينما
لم يقتصر نشاط (سمير شمص) فقط على الدراما، فالسينما كانت غايته منذ البداية، وهى أول من قدمته للجمهور من خلال العديد من الأفلام السينمائية المصرية واللبنانية.
ومن هذه الأفلام (بنت الحارس، وسفر برلك)، بطولة السيدة فيروز، وإخراج هنري بركات، و(الجاكوار السوداء، شارع الضباب، 3 نساء، وكلنا فدائيون، أمواج، عالم الشهرة..
و أجمل أيام حياتي، باي باي يا حلوة، سامحني يا حبيبي، الجهة الخامسة، حبي الذي لا يموت، البئر، عين الشوق، والباحثات عن الحرية، وأفريكانو).
(سمير شمص).. (زينة ونحول)
ملأ (سمير شمص) الحياة الفنية اللبنانية والمصرية نشاطا وجمالا وإبداعا، وبروح الفارس الشجاع غزا معظم المجالات الفنية من سينما إلى مسرح، إلى دراما إلى إذاعة.
وكان أول من أول قدم بصوته في لبنان مسلسل كرتوني، بعنوان (زينة ونحول)، وكان أول ممثل لبناني يقوم بعمل الدوبلاج والبطولة الصوتية لأول مسلسل مكسيكي يعرض في لبنان، كما عمل في فرقة الفنان الراحل شوشو (حسن علاء الدين) بالمسرح الوطني.
وبرز (سمير شمص) في كل هذه المجالات، فحظي بحب المشاهدين واحترام المخرجين وتقديرهم، وتميز إلى جانب عمله الفني بالإبداع الأدبي.
حيث صدر له عام 2006 روايته الأولى وكانت بعنوان (عند حافة الكون) وهى مصنّفة رواية خيال علمي، كما كتب السهرة الدرامية (أحلام الزغلول)، وكتب العديد من الأعمال للإذاعة والتلفزيون، والمسرح.
(سمير شمص) ابن البقاع
ولد (سمير شمص) عام 1942 في منطقة (الهرمل) محافظة البقاع، وانتمائه للأرض البقاعية أثر عليه في نواح كثيرة من شخصيته، فاكتسب صفة الفرسان، وتميز بالشهامة والنبل والرجولة.
وأمضى طفولته في أحضان الطبيعة بين نهر العاصي، والمشاوير البريئة في القرية، وعشق الفن من خلال الإذاعة اللبنانية، وفي هذه السن لم يكن يحب الذهاب إلى المدرسة.
لكن والده الذي كان مسؤولاً عسكرياً، كان يرغمه على الذهاب، وما كان يهون على (سمير شمص) مشقة الدراسة حصص الموسيقى والرسم، وبعد تخرجه من الجامعة عمل لمدة خمس سنوات في مجال الصحافة الفنية.
وذلك في جريدتي (الكفاح، والأحد) وكان صاحبهما نقيب الصحافة اللبنانية الراحل (رياض طه)، ونظرا لعمله في الصحافة الفنية، ووسامته الشديدة، كان النجوم الذين يذهب لمحاوراتهم يعرضون عليه العمل في الفن.
(سمير شمص).. (كان يا مكان)
وكان هذا العرض رغبة دفينة في عقل (سمير شمص)، الذي أحب الفن بقوة منذ طفولته، وراح يسعى لكي يصبح ممثلا، فبدأ مع فرقة كشفية، حيث كان يؤدي عروضا في مختلف المناطق اللبنانية، بعدها أنشأ فرقة مسرحية، ومنها انتقل إلى بيروت.
ودخل إلى تليفزيون لبنان عن طريق الصدفة، وذلك كبديل للممثل الزميل (رشيد علامة) في إحدى حلقات مسلسل (كان يا مكان)، حيث مرض (رشيد علامة) قبل ليلة من بداية تصوير المسلسل.
واقترح مؤلف العمل الذي كان يعرف (سمير شمص)، على المخرج أن يلعب الممثل الجديد الدور، ونظرا لأن الأعمال الفنية كانت تصور على الهواء، فاضطر المخرج على الموافقة.
وبالفعل أجاد (سمير شمص) الدور دون أن يخطأ، وقد شكلت هذه الخطوة بداية لسلسلة من أدوار البطولة، وكان أولها عام 1964، من خلال الفيلم السينمائي (العسل المر) ﺗﺄﻟﻴﻒ أحمد عزت، إخراج رضا ميسر، بطولة (رندة، موفق بهجت، جاكلين، إبراهيم خان).
معبود النساء.. و(الحب الضائع)
بعدها رشحه الأخوين رحباني للمخرج (هنري بركات) ليشارك في فيلمي (بنت الحارس، وسفر برلك)، وأجاد في أداء دوره في الفيلمين، وشاهده المنتج الشهير (رمسيس نجيب) في العرض الخاص وأعجب به.
وطلب منه النزول إلى مصر، وبالفعل حضر (سمير شمص) إلى مصر، وحاول المنتج الشهير أن يغير إسم (شمص) ويستبدله باسم (حسني) ولكن (سمير) رفض تغيير اسمه.
ووافق (رمسيس نجيب) على مضض، وقام (سمير شمص) ببطولة فيلم (3 نساء) حيث شارك (ميرفت أمين وصلاح ذوالفقار) البطولة، وحقق نجاحا كبيرا.
مما جعل المنتج (رمسيس نجيب) يراهن عليه، ويقول له: (يا سمير سأجعلك معبود النساء)، وبالفعل بدأ التحضير له لمشاركة (شادية، ونادية لطفي، وحسين فهمي) بطولة فيلم (الحب الضائع)، لكن حدث خلاف بين حسن الإمام مخرج الفيلم، ورمسيس نجيب مما جعل المشروع يتوقف.
وفي هذه الفترة رجع (سمير شمص) إلى لبنان وانشغل بأعماله السينمائية والتليفزيونية والمسرحية.
(سمير شمص) و(فاتن حمامة)
شارك (سمير شمص) في مسلسل (وجه القمر) تأليف ماجدة خيرالله، إخراج عادل الأعصر، عام 2000، ومن المواقف التى لم ينساها النجم اللبناني الوسيم لسيدة الشاشة العربية هذا الموقف الذي كتبه على صفحته على (الفيس بوك) عندما رحلت (فاتن حمامة) عام 2015.
حيث قال (سمير شمص): منذ 14 سنة كان موعدي لتصوير لقطاتي الأولى مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في مسلسل (وجه القمر) بمصر.
وقد فاجأتني هذه الفنانة الرائعة بإرسال سائقها الخاص ليقلني إلى موقع التصوير في إحدى فيللات الهرم، وأثناء الطريق اشتريت باقة ورد تليق بمقام (فاتن)، ولقائنا الأول.
وأقرنتها ببطاقة تحمل أجمل عبارات الاحترام والشكر، وطلبت من السائق أن يسلمها لها بينما انتهي من تغيير ملابسي في إحدى شاليهات القصر المطلة على حوض السباحة.
وبعد إرتدائي ملابسي، ظللت أفكر بما سأقوله لهذه السيدة العظيمة في لقائنا الأول، وإذا بالباب يقرع، وأفاجأ بها تحضر شخصيا لتشكرني على باقة الورد، وترافقني إلى موقع التصوير .
أسوق هذه الواقعة لأضئ على أخلاقيات (فاتن حمامة) وتواضعها وتهذيبها وتعاملها مع فنان لبناني تلتقيه لأول مرة في عمل مشترك.
(سمير شمص).. جحود ونكران
رحم الله الفنان اللبناني الكبير (سمير شمص) الذي رحل خلال الساعات الماضية بجسده، لكن أدواره الفنية المختلفة في كل مجالات الفن ستكتب له الخلود الفني.
وستجعل أولاده (ربيع، وريما) فخورين بمشوار والدهم الذي تعرض للجحود والنكران من قبل المنتجين والمخرجين في آخر سنوات عمره.
ففي الوقت الذي كان قادرا على العمل لم يدق أحد بابه، مما جعله يقرر التقاعد بإدارته والعيش على ذكرى وذكريات الماضي الجميل.