بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ
مالها نيللي؟!
وإيه يعنى لما تظهر عليها معالم الشيخوخة؟!
ولماذا تصف بعض المواقع ظهور (نيللي) بأنها إطلالة صادمة؟!
فلم تكن (نيللي) الأولى ولن تكون الأخيرة في هذا الشأن، لكن ما دام هناك عقليات سطحية ونفسيات مضطربة، فسوف نرى ونسمع كثيرا من ردود الأفعال تلك!
لكن فيما يبدو أن البعض ينتظرون من الزمان أن يوقف مسيرته ويعطل عمل الأيام في وجوهنا وأجسادنا، وكأن هناك من سبق لهم أن غلبوا الزمن وأجبروه على أن يمنحهم الشباب الدائم!
ثم إنه ما الداعى لكل هذه الصعبنة وهذا التعاطف مع (نيللي) بسبب صورتها الجديدة، من جانب المتصعبنين النائحين في كل محفل وعلى كل ناصية؟!
ألم يكن من الأفضل أن نرحب بإطلالة (نيللي) ونحييها على ظهورها، بدلاً من افتعال المفاجأة وكأننا كنا في غفلة طوال تلك السنين؟!
وسبق أن رأينا (نيللي) في كل مراحل عمرها، ترقص وتغني وتمثل، منذ أن كانت طفلة تتعلم كيف تخطو على قدميها، ومضينا معها نراها فتاة مشرقة في زهوة الصبا، ثم شابة منطلقة، ثم امرأة ناضجة.
و(نيللي) يمكن أن يطلق عليها (ظاهرة فريدة في تاريخ السينما والتلفزيون)، فتلك التى ترقص وتغنى وتملأ الدنيا مرحاً، كان لديها طاقة تمثيلية هائلة بجانب قدراتها الفارقة في الاستعراض.
أدائها المرن والمميز
فقد نجحت كذلك باقتدار في الكوميدي والتراجدى، وهناك أفلام لنيللي قدمت فيها الألوان الثلاثة معاً، فكانت تنتقل من الأداء الاستعراضى إلى الأداء الكوميدي، ثم إلى التراجيدي عبر شخصية واحدة.
بمنتهى السلاسة ودون أن تشعر بهوة بين الثلاثة ألوان في أدائها المرن والمميز لشخصيتها التى لقيها الجمهور في كل المراحل بقبول منقطع النظير.
ومنذ فترة أفلام (الأبيض وأسود) وحتى آخر ظهور لها على الشاشة، يحسب لنيللى أنها كانت تدرك المراحل في عمرها ومناسبتها مع أدوارها، فلم تؤدى أدواراً لا تليق ولا تتناسب مع عمرها.
والعجيب في فنانة مثل (نيللي)، رغم أنها تحسب من جميلات الشاشتين الكبيرة والصغيرة، أنها اعتمدت على الأداء النفسي قبل الجسدى للدور، فلم تعتمد على ملامحها الظاهرة فقط.
كما أنها قامت أيضاً بأدوار في مسلسلات إذاعية تمكنت تجسيد الشخصية من خلال قدراتها الفذة في الأداء الصوتى، ولعلنى من القليلين الذين مازالوا يتمسكون بأن الأداء الصوتى في تجسيد الشخصيات هو الاختبار الحقيقي لقدرات الممثل.
فمع أنها راقصة استعراضية بامتياز، لها حضورها المؤثر، إلا أني لا أذكر أن (نيللي) أدت دوراً من أى نوعية من الأدوار التى توصف بأنها أدوار تجارية أو إغراء فج بهدف الإثارة، تعتمد فيه على مفاتنها كأنثى حسناء.
فهى مع أنها كانت اتخذت مكانها بين جميلات الشاشة، إلا أن خفة الظل لديها طغت على هذا الجمال فأزاحته ليصبح خلفية لأدائها المرح، فهى تحسب من بين فنانات قليلات، لم يعتمدن على جمالهن كعامل أساسي ووحيد لحضورهن على الشاشة!
(يمكن لك أن تضع لبلبة وهى ابنة عمة نيللي، تحت هذا التصنيف).
والآن (نيللي)، كما نعرف، قد ناهزت الخامسة والسبعين من العمر، وندعو لها بدوام الصحة وطول العمر، ولذلك فظهور ملامح الكبر عليها لن يجدى معه أى عمليات تجميل، ولا أى من تلك الحيل التى لجأ إليها غيرها من الجنسين، خاصة من الفنانين والفنانات.
طغيان ملامح الكبر
ولعل ما حدث من ضجة مع الصورة المنشورة لنيللي مؤخراً، كان سبباً في أن فنانات كثيرات اختفين بسبب طغيان ملامح الكبر، وكثيراً ما نرى مقاطع فيديو لمقارنات بين صور عدد من النجوم – رجال أو نساء – يتداولها كثير من بعض مقدمى الفيديوهات القصيرة المتخصصين في الثرثرة الفارغة على مواقع الشبكة العنكبوتية.
ونكاد نسمع شهقات التعجب ونرى الأكف ترتفع إلى الخدود مثنى وفرادى، بسبب الاختلافات بين مراحل العمر!
بربكم خبروني: أى مفاجأة في هذه الظهورات؟!
عذرا.. لا يمكن وصف هذه الانفعالات حيال تلك الصور، إلا بالتفاهة، على أقل تقدير، فهل كل الذين ابتلوا ببلوة الشهرة، وخصوصاً أهل الفن، هم وحدهم الذين يكبرون وتظهر عليهم آثار الزمن؟!
وما حدث مع (نيللي) سبق أن وقع قريباً مع الفنانات (ميرفت أمين، بوسي، ونورا.. وغيرهن، ولا شك أن كثيرين وكثيرات أحجموا عن الظهور في الأماكن العامة وحضور الاحتفالات.
ليتجنبوا عدسات الكاميرات التى صارت لعبة في كل يد تمسك موبايل تقتحم الخصوصيات والشخصيات وكأن حامليها يمارسون حقاً قانونياً مقرراً لهم بتصوير أي شخص في أي مكان وبأي مناسبة، دون أى تقدير ولا احترام لحقوقه الشخصية.
ثم تنتشر الصور على مواقع الشبكة العنكبوتية الجبارة، لتظهر على أثر ذلك، التعليقات السخيفة والمتطفلة والبذيئة من جانب قطاعات متنمرة لأى شئ.
وكل ما أرجوه من (نيللي) ومن كل من تنشر لهم صور مذيلة بدعوة للتنمر بسبب تغيرات الزمان، ألا يلتفتوا لمثل هذه الترهات، بل ليت كبار الفنانين والفنانات يكثرون من ظهورهم دون أى رتوش تخفى ملامح الكبر على وجوههم.
فإذا ما اعتاد الناس رؤيتهم كذلك، فلن يكون هناك أى أثر سلبي، ولن يجد المتطفلون بغيتهم مع نشر صور لشخصيات اعتاد الناس رؤيتها في كل مكان!