بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
منذ فترة وأخبار تغييرات المجلس الأعلي لتنظيم (الإعلام)، وهيئتي (الإعلام) و(الصحافة) الوطنيتين مازالا قيد البحث، وتم ترديد أسماء بعض الشخصيات،وتم العرض علي شخصيات أخري،ونحن قيد الإنتظار.
لأن المشكله ليست في وجود أشخاص ملائمين لهذه المناصب، ولكن المشكله في ثقافة العمل داخلها، حيث اقتصر الحديث منذ سنوات داخل أروقة هذه الهيئات على حديث الأجور ومن يمولها كمديونيه علي الهيئه تتراكم تباعا.
وحديث الترقيات والدرجات وتمويل هذه الدرجات وحديث المكاتب وبيئة العمل وعدم ملائمتها ومن يحسن من أوضاعها، وحديث مستحقات أصحاب المعاشات وتأخرها وقلة قيمتها، وحديث توقف سبل العلاج والتداوي لعدم سداد مديونيات المستشفيات وشركات الأدوية.
وحديث النقل للعاصمة الإدارية وصعوبة المواصلات إلي هناك، وحديث مستقبل المبني العتيق (ماسبيرو) ولمن سيباع، وحديث هل تخلت الدولة عن إعلامها، وماهو مستقبله أمام الإعلام الموازي أو البديل أو شبه الرسمي؟
وكل هذه الأحاديث لم تتطرق لأصول المهنه وماهية الدور وضراوة المنافسة وحتمية الآداء المهني، وملامح (الإعلام) بكره، وجاهزية الكوادر، وتحديث المعدات، وتجويد المحتوي، وفاعلية الخطط الموضوعه،ورؤي القيادات، وتناغم الرسائل مع أهداف الدوله وتحدياتها، وإرضاء كل ذلك لتطلعات المواطنين.
من هنا يتضح الفرق الشاسع بين ثقافة أهل المكان والثقافه الغائبه أصلا، فالأشخاص المرشحون يصطدمون بالمديونيات المتراكمة، والكوادر الغفيرة، وبيئة العمل غير المناسبة، وأدوات العمل المتهالكة، وهذه الثقافة الراسخة التي عزلت (الإعلام) الرسمي عن مسار المشهد الإعلامي تماما.
شكل محتوانا وتنوعه
وهذه الثقافه جعلت أهل (الإعلام) الرسمي لايعلمون شيئا عن المشهد الإعلامي خارج جدران المبني العريق، مثل: ماهى رسالتنا، وما شكل محتوانا وتنوعه، وما أفضل إيقاع عصري لهذا المحتوي، وماهو المطلوب إعلاميا داخليا وخارجيا، وما تم سحبه من البساط من تحته؟
وما هي قواعد السوق الإعلامي إنتاجا وبثا وتسويقا، ومع من يتعاون، ومع من ينافس وكيف يضع خرائطه للإنتاج والبث، وما هى أصول عملية الترويج والتسويق وحوافزها ومرونتها؟
وكيف يخدم أغراض الدولة، وكيف تدعمه الدولة، وكيف يرضي جماهيره؟، كل هذه مفردات ثقافة العمل في المشهد الإعلامي المعاصر والتي تقتضيها ظروف العمل والمنافسه الحاليه.
لقد افتقد إعلامنا الرسمي، ومنذ فترة مهارات التدريب العصري المتنوع، وخبرات الابتعاث والاحتكاك بكل جديد ونقل وتبادل الخبرات، وافتقد صناعة الأحداث من معارض ومهرجانات وأسواق ومنتديات.
وافتقدت الكوادر الإداريه الرؤي المبتكرة، والأفكار الاستثمارية، وزيادة الموارد، ومحو الأمية المعلوماتية، والدخول لتطبيقات الإعلام الجديد، وأدوات الذكاء الاصطناعي، وآفاق إعلام الغد وتحدياته وتنافسيته.
كل ماسبق ذكره ليس في مخيلة الأسماء المرشحه لهذه المناصب لأن المنصب كرئيس هيئه وطنيه براق، ولكن ماوراءه أعتى على الاستيعاب، ونحن نرى أنه مهما كان المرشح سواء من داخل (ماسبيرو) أو من هيئات وشركات خارجية، لابد أن يعلم مفردات ثقافة أهل الإعلام الرسمي، وكيف سيواجهها؟
وكيف سيعدلها أو يغيرها، وكيف سيطلعهم علي ملامح المشهد والسوق الإعلامي، وكيف سيواجه مقاومة التغيير التي ستواجهه؟، ولابد أن يعلم علم وضع خرائط البث وملائمة مواعيدها للفئات المستهدفة.
وكيف يضع خطط الإنتاج ويمولها ويسوق لها، وكيف يقدم سلسلة من البرامج الجماهيريه التي تلتحم بالمواطن وتنقل رأيه وطموحه ومشاكله، وأن تكون لديه خطة عن أهمية التدريب المتخصص العصري، وفائدة البعثات والتواصل ونقل الخبرات.
وأن يكون لديه تصور حول عودة إقامة الأحداث كمهرجانات ومعارض وأسواق ومنتديات لشغل غياب (الإعلام) الرسمي عن هذه المشاهد، وأن تكون لديه رؤيه لخطط الحملات القومية التوعوية والإرشادية.
رؤيه للكيانات الإعلاميه
وأن تكون لديه رؤيه للتعامل مع الكيانات الإعلاميه بالمشهد الإعلامي، وأن ينظر لإعلام المنطقة من حولنا وتطوره وتنافسيته، وهيئاته وأحلامها، وأن يعيد للاعلام الرسمي دوره في إنتاج برامج الأطفال العصريه، والمحتوي الثقافي التنافسي، وعالم الوثائقيات.
ودراما الدين والتاريخ والوطن والتنميه التي لا يسعي إليها القطاع الخاص، وأن تكون عينه علي مساحات البث للإنتاج المصري على شاشات المنطقة من حولنا، فتلك روافد قوتنا الناعمة، وأثر وتأثير مصر علي محيطها العربي والإقليمي.
وأن يعود إعلام الدوله إلي دوره التربوي والتعليمي والتنويري لتغذية روافد الشخصيه المصريه التي باتت ملامحها مسخا غير بين الروافد او المحتوي.
نحلم معه وبه هذا الشخص المرشح بشاشات ومحطات سريعة الإيقاع وعصرية أداء (الإعلام) وجودة المحتوي، وتنافسيته، وتسويقه، وتعظيم موارده، وخدمته للوطن وأهله، حتي يعود صوت مصر وصورتها إلي سابق عهدها وأفضل لأن مصرنا تستحق وأهلها منتظرون وكوادر وخبرات مصر تستطيع.
المهم الاختيار المناسب، وحصر مفردات الثقافة الراسخة، ووضع خطة تحركات علي كافة هذه الأصعده بشكل علمي مدروس، والانفتاح على المشهد الإعلامي داخليا وخارجيا، والتأكد من أنه إذا صدقت النوايا وحسنت الأفعال وصلنا للأهداف، وكفى لإعلامنا الرسمي سباتا، وإنعزالا، وترهلا، وتقوقعا.
وهيا ننطلق بإعلام مصر إلي عصر الجمهورية الجديدة، وتحولها الرقمي، وآفاق تطبيقات الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي.. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد، وتحيا دوما مصر.. آمين.