هشام بولس يعطي (وائل كفوري) مجددا قبلة الحياة في (حلو الحب)
كتب: أحمد السماحي
يوم الخميس الماضي طرح المطرب اللبناني (وائل كفوري) أغنية جديدة بعنوان (حلو الحب)، كلمات الشاعر منير بو عساف، ألحان د.هشام بولس، وإنتاج موسيقي داني حلو، ومكس وماستر رالف سليمان.
تم تصوير الأغنية – التى حققت حتى الآن أكثر من مليون و300 ألف مشاهدة ـ بشكل جميل وعفوي في شوارع لوس أنجلوس الأمريكية، ومن خلالها أطل (وائل كفوري) بإطلالتين واحدة باللون الأسود، والثانية باللون الأبيض.
وفي الإطلالتين كان (وائل كفوري) كعهده جذاب، مليئ بالحيوية والشباب والجمال، يبهج العين، ويسعد النفس، وإن كنت أتمنى أن تكون إطلالته بألوان مبهجة أكثر، بعيدا عن اللون الأسود لتعبر عن موضوع الأغنية، وعذوبة اللحن.
المتميز (منير بوعساف)
كلمات الأغنية التى كتبها بشكل راقي الشاعر المبدع (منير بوعساف) هى دعوة للحب، والحب ليس قاصرا على جيل أو سن، ولكن الكل يحتاج للحب والرومانسية.
وتقول كلمات الأغنية أن الحب لم ينتهي بعد من الحياة، ولم تنتهي اللّهفة من قلوب العاشقين، ومازالت القلوب تدقّ وتنبض بالحنين.
والحقيقة أن كلمات المبدع (منير بوعساف) الذي سبق وقدم لـ (وائل كفوري) العديد من الأغنيات الناجحة مثل (صار الحكي، كل شيئ حواليي، ضميرك مرتاح، كيف يا وجعي، الغرام المستحيل، يا بكون، مافي لو) وغيرها.
جاءت في وقتها، لأننا نحتاج الرومانسية الآن أكثر من احتياج الإنسانية لها في أوقات سابقة، فلكل زمن إحتياجاته وضروراته، وأساليب تعبيره.
ونحن الآن نفتقد الرومانسية ليس فقط في كل مجالات الفن، ولكن كطبيعة علاقات، خاصة مع صعوبات وأزمات الحياة التى لا تنتهي ومظاهر العنف والبلطجة التى نراها بصفة مستمرة على شاشات الفضائيات بدلا من مشاعر الود وعاطفة الإخلاص.
غزل (منير بوعساف) كلماته بنبض قلبه، ولملم خيوطها من روحه، فصدقنا ما كتبه، فرغم أن معظم أغنياتنا تتحدث عن الحب والغرام، لكن هناك كتابات تشعر أن للكلمات فيها شكلا وطعما ولونا ورائحة وصوتا، وكلمات (منير بوعساف) من هذا النوع.
بينما هناك كتابات تجد كلماتها فاقدة الطعم والرائحة واللون والصوت، وهى كلمات مرصوصة بجوار بعضها لدرجة أنها فقدت السطح الخارجي لها.
كتب (منير بوعساف) كلمات تتماهى مع آمال الناس وأحلامهم، ومع حقوقهم الإنسانية البديهية والمشروعة في الحب مهما كانت أعمارهم أو ألوانهم وأجناسهم.
(منير بوعساف) واحد من قلة من الشعراء يضيفون مفردات جديدة لقاموس الأغنية العربية، وهذا راجع إلى أنه مسكون بالموهبة، وغزارة موهبته وتدفقها تعلن بوضوح أن ما سوف يمكث على الأرض هو ما ينفع الناس فقط.
المبدع (هشام بولس) والتحدي!
أما اللحن فماذا أقول عنه؟! الحقيقة أنني سعدت بالاستماع إلى اللحن أكثر من مرة، نظرا لجماله وعذوبته، ودقة تفاصيله، والنقلات السريعة المدهشة داخله.
وهذا ليس غريبا، فعندما تتعانق ألحان (هشام بولس) مع حنجرة (وائل كفوري)، فنحن مع عمل سيضيف السحر إلى ليالينا، والرقة إلى عواطفنا، والجمال إلى أغنياتنا، فحيث يعشق اثنان بعضهما الآن وفي هذه اللحظة ستجد ألحان (هشام بولس) ثالثهما.
الجميع يلحنون، ولكن هشام بولس وحده مع قلة قليلة من المناضلين في مجال التلحين على مستوى العالم العربي هم القادرين على إسعادنا، وإضافة الجمال لحياتنا والعذوبة والشجن إلى أغنياتنا.
في كل عمل جديد للدكتور (هشام بولس) يتقدم إلى الأمام خطوتين، بموسيقاه وأصوات المطربيين الذين يتعاون معهم، مرضيا في نفسه نزعة التجديد والتطور.
وفي كل عمل جديد تحديدا مع (وائل كفوري) أجد (هشام بولس) في تحدي حقيقي، لأكثر من سبب أولها نجاحاته الكثيرة معه، فهو الذي أعطاه في الماضي قبلة الحياة، عندما كان ملك الرومانسية يلف ويدور حول نفسه، ويعيش على رصيده القديم مع الموسيقار العبقري (سمير صفير).
فجاء (هشام بولس) وزميله الملحن المبدع (بلال الزين)، وأنقذا وائل كفوري مع حالة (اللف والدوران) والدوامات التى كان يعيش فيها.
التحدي الثاني الذي أراه امتحان صعب لـ (بولس) أن (وائل كفوري) بالنسبة لجمهوره و(الفانز) الخاص به هو أحلى صوت، وهم يريدون أن يستمعوا إلى هذا الصوت، ويشاهدون طلته، إن الصوت والشكل وحدهما يكفيهم.
فالصوت وحده يثير فيهم المتعة والسعادة، الصوت وليست الموسيقى، إن الموسيقى بالنسبة لهذا الجمهور كانت دائما مجرد فرصة لسماع صوت (وائل كفوري) ومشاهدة طلته.
وهذه الطلة أو الصورة بالنسبة للجمهور أهم من أي موسيقى، لهذا تجد أن المتابع الجيد لمشوار (وائل كفوري) يجد أنه لم ينجح حقيقة إلا مع ثلاث أو أربع ملحنيين فقط، وحقق نجوميته مع ثلاثة منهم هم (سمير صفير، بلال الزين، وهشام بولس).
وحب الجمهور هذا كان أحد الانتكاسات التى حدثت في مشوار (وائل كفوري)، حيث صدق أن أي شيئ سيغنيه سيحقق نجاح مع الجمهور، وبالتالي حدث له – ومازال – (مطبات) كثيرة في مشواره.
عذوبة وجمال مقام النهاوند
نعود إلى لحن أغنية (حلو الحب) نجد أن (هشام بولس) ابتعد عن مقام (الكرد) المنتشر في معظم الأغنيات التى طرحت مؤخرا، أو طرحت في السنوات الأخيرة.
وقدم لحنه من مقام (نهاوند على درجة دو)، وهذا المقام هو الأكثر رواجاً وعزفا في الموسيقى العربيه لتوافق طبقته مع طبقة صوت الإنسان الطبيعيه، وسهولة مرافقة الغناء معه.
ويتميز بطابع مميز عذب ورقيق، إذ يُعرف عنه بأنه يُناسب الألحان العاطفية الحزينة ذات الإحساس العالي الذي يُثير الشجن، وأضاف التوزيع جمالا، وكان متميزا للغاية، واستخدام آلة القانون في اللحن كان موفقا جدا، وأضاف لمسة حنان، وكان التنفيذ مبدعا.
أداء (وائل كفوري)
أبدع (وائل كفوري) في غنائه لأغنية (حلو الحب)، وأضاف الحنان والرقة والعذوبة والليونة الأخاذة في الجمال، فكان جميلا في تأدية اللحن، وهذا ليس مستغربا، فعندما تتعانق حنجرة وائل كفوري مع هشام بولس، تكون في أجمل حالاتها، وتجدها تغرد، وذلك لتناسب ودقة الأداء اللحني مع صوت ملك الرومانسية وائل كفوري.
الكوبليه الأخير:
عندما يحقق مطرب ما نجومية كبيرة، ويصبح ظاهرة، ولديه مئات الملايين من عشاق صوته ومحبيه، يجب أن تكون كل أغنية يقدمها نقلة جديدة في مشواره، وليس فقط طرح أغنية جديدة للتواجد.!
هذا ما تعلمناه من أساطين الغناء، وعلى كل مطرب من نجوم الأغنية العربية الآن أن يراقب ماذا قدم مثلا (عبدالحليم حافظ) في نهاية مشواره.
سيجد أنه قدم قصيدة صعبة جدا، بعنوان (قارئة الفنجان) كلمات الرائع نزار قباني، وتلحين مهندس الألحان محمد الموجي، كان من السهل أن يقدم (حليم) أي أغنية بسيطة، وكان سيحقق من خلالها النجاح، والتهليل من الجمهور.
لكن الرجل اختار أن يقدم نقلة في حياته الغنائية، لهذا بقى عبدالحليم حافظ حتى يومنا هذا.