(محمد قنديل) يغني لفلسطين والجزائر واليمن والعراق وتونس، وسوريا أروع الأناشيد الوطنية
كتب: أحمد السماحي
تعاون عذب الصوت (محمد قنديل )الذي نحيي اليوم ذكرى رحيله الـ 20 مع أساطين الكلمة واللحن من مختلف الأجيال، واستطاع أن يجمع من خلال هذه الأغنيات قلوب الجماهير العربية كلها، ويصهرها في بوتقته السخنة ليصبها في قلب واحد يتمدد بين أضلع الأمة العربية.
أمس تحدثنا عن بعض أغنياته الوطنية لمصر، واليوم نتحدث عن بعض أغنياته للعالم العربي، فمنذ بدأت الثوارت العربية وقفت الأغنية المصرية مع أحداث الوطن العربي تسانده في كفاحه المجيد ضد كل معتد أليم وتشاركه أعياده وتتغنى بأمجاده
وساهمت الأغاني الثورية والأناشيد الوطنية بشكل كبير في صنع مسار الثورات على مر التاريخ، وكانت عامل مساعد على إنجاحها، من خلال الكلمات الثائرة المعبرة عن واقع الشعوب.
والألحان الحماسية التي تعمل على استنهاض الهمم، ورد اعتبارها من الوهن والسبات العميق الذي حل بها، وإيقاظ الأحاسيس المرهفة ذات الطابع الحماسي.
وتحريك المشاعر الجياشة الراكدة وقيادتها إلى ميادين وساحات النضال السلمي للتغيير ضد الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة والمستبدة، التي سلبت الحقوق والحريات ونهبت الثروات الاقتصادية من شعوبها.
محمد قنديل والجزائر
فور إندلاع الثورة الجزائرية في أول نوفمبر عام 1954، فتحت إذاعة (صوت العرب) أبوابها للفنانيين، واستجاب الكل، ولم يتخاذل أحد.
أشعل صمود وكفاح المناضلين والثوار الجزائرين فى وجه قوات الاحتلال الفرنسية، أهل الغناء بشحنة مضاعفة من الحماسة والوطنية، فكان من الطبيعي أن تترجم هذه الشحنة إلى أناشيد وأغنيات.
وانطلقت الأغنيات الوطنية التى ألهبت حماس المصريين والعرب جميعا، وكان أول المطربين الذين تغنوا بالجزائر صاحب الصوت الشجي (محمد قنديل) الذى كان صوته بمثابة جندي يحارب مع الثوار والمجاهدين.
ويحمسهم ويقوي عزيمتهم، وتغنى برائعته (نشيد الجزائر) والذي طالب من خلاله الجماهير العربية بمساعدة المجاهدين الجزائريين وإمدادهم بالسلاح فأنشد قائلا:
فوق الجبل شعب الجزائر البطل محتاج سلاح
أديله مال يجيب سلاح تروح عساكر الاحتلال ويا الرياح”.
ولم يقتصر أداء (محمد قنديل) على هذه الأغنية، فقدم أغنية أخرى بعنوان (حي على الكفاح)، كلمات الشاعر الكبير محمود بيرم التونسي، وألحان أحمد صدقي والتى يقول في بدايتها:
حي على الكفاح في أرض الكفاح المؤمنة
أحرارها نار ونور في الليالي المظلمة
وصيحة الحر لها في كل قلب مئذنة
حي على الفلاح سلاحنا بالحق أمضى من سلاح الجائر
والأرض والسماء فى عون الآبي الثائري
وأثار (محمد قنديل) حماس الجماهير الجزائرية بمجموعة من أغنياته عن الجزائر منها أغنيته (أرض العرب) كلمات بيرم التونسى، ألحان أحمد صدقى، والتى غير كلماتها لتصبح (أرض الجزائر) التى يقول في بدايتها:
أرض الجزائر هى العزيزة الغالية
أيد الجزائر هى القوية العالية
أخي وشقيقي لك انا وانت ليا
شمس العروبة اليوم للاأوج صاعدة
والكلمة منها اليوم فى الكون سائدة
ويعود عليها العيد وهى عائدة
وزاد اشتعال الجماهير مع صوته وهو ينشد (ياويل عدو الدار)، كلمات الإذاعى عباس أحمد، وألحان زكريا أحمد، والتى يقول فيها:
يا ويل عدو الدار من ثورة الأحرار
دول بالحديد والنار وعزيمة الجبار
هيحاربوا الأستعمار إحنا عرب شجعان
ما حد فينا جبان، بسلاحنا والإيمان نحمى الحمى والدار
(محمد قنديل) واليمن
كما ساند (محمد قنديل) ثورة اليمن، ففي صبيحة يوم 26 سبتمبر 1962 ومع الإعلان عن انتهاء حكم (آل حميد الدين) من إذاعة صنعاء وقيام الجمهورية العربية اليمنية، كانت إذاعة صنعاء تقدم موسيقى مارشات وأناشيد مصرية متوفرة في مكتبة الإذاعة.
ولم تلبث أن قدمت رائعتي (علي أحمد الخضر)، و(علي بن علي الآنسي): (جيشنا يا جيشنا جيشنا ياذا البطل، وفي السهول والجبال، في الشمال والجنوب، أخوة ووحدة تجمع القلوب).
ثم تلقت الإذاعة أشرطة تسجيلات مهداة من إذاعة صوت العرب، تضمنت أعمالاً غنائية أبدعها المصريون تتغنى باليمن وبالثورة اليمنية منها نشيد المجموعة (نحن فداك يا صنعاء) كلمات الشاعر الثوري عبدالله شمس الدين، وألحان محمود الشريف.
ومن الأغاني الوحدوية قدمت الإذاعة اليمنية أغنية (محمد قنديل): (وحدة ما يغلبها غلاب) التي يقول فيها:( أنا واقف فوق الأهرام/ قدامي صنعاء والشام)، ولعل هذه الأغنية هى التي ألهمت الشاعر والفنان القومي الكبير (محمد محسن عطروش) كلمات أغنية:
من فوق جبل شمسان/ أنا شايف صبر
يضحك لبرج القاهرة / أمسيت أنا فرحان
على ذاك اللقاء/ وأمست عيوني ساهرة
وكانت أول أغنيات (محمد قنديل) الخاصة باليمن أغنية (هب الشعب اليمني وثار) كلمات الشاعر مصطفى عبد الرحمن، وألحان أحمد صدقى التى يقول مطلعها:
هب الشعب اليمنى وثار
فى طريقه طريق الأحرار
هدم القصر على الخاينين
بعد ما عاش فى السجن سنين
ضرب الخونة والأستعمار
هب الشعب اليمنى وثار
وفي عيد الثورة الأول كان للفنانين المصريين دورهم الكبير والبارز في دعم الثورة السبتمبرية، ومثلهم مثل أشقائهم الفنانين اليمنيين، فقد خاطروا بأرواحهم وذهبوا إلى اليمن.
وذلك لدعم اشقاءهم اليمنيين، وثورتهم الباسلة وغنوا أغانيهم الثورية الحماسية الخاصة لثورة سبتمبر وأقاموا حفلاتهم في العاصمة صنعاء، وفي جبالها الشماء وفي جبال خولان وبني مطر والحديدة وغيرها.
وكان من هؤلاء المطربيين (محمد قنديل) الذى استقبل بالورود وأحيا يوم 28 سبتمبر 1963 حفل ساهر بمدينة تعز، وقدم نشيد (أرض العرب هى العزيزة الغالية)، كلمات محمود بيرم التونسي، وألحان أحمد صدقي، و التي أعاد تسجيلها لليمن مستبدلا كلمتي (أرض العرب) بكلمتي (أرض اليمن).
كما قدم أنشودته الجميلة (نشيد اليمن) كلمات عبدالفتاح مصطفى وألحان عبدالعظيم عبدالحق، الذى يقول مطلعها:
الحق سيوفه يمنيه والنصر سيوفه يمنيه
يمنيك يا وحدة قوية يا وحدة مصر وسوريا
يا يمن السعد ويمنها، يا مداين باركها الله
وبناء على طلب الجماهير غنى رائعته (وحدة ما يغلبها غلاب)، وأستبدل بعض كلماتها لتناسب اليمنيين فقال (أنا واقف فوق الأهرام، وأمامي أسود صنعاء بيقولولي أهلا يا زين).
كما غنى بعض أغنياته العاطفية الأخرى مثل (جميل وأسمر، ويا مهون، ويا حلو صبح).
(محمد قنديل) وعبدالناصر في اليمن
كان عام 1964 عاماً سعيدا بالنسبة لليمنيين حيث زار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر يوم 6 إبريل اليمن في ظل النظام الجمهوري الخالد.
وهبت الجماهير اليمنية من شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه لاستقباله والتعبير عن محبتها لشخصه، ويومها ألقى عبدالناصر من ميدان الشهداء في مدينة تعز خطابا، وكان موجها للتواجد الاستعماري في عدن.
حيث قال كلمته الخالدة: (على الاستعمار أن يحمل عصاه ويرحل)، وفى مساء نفس اليوم وفى حفل كبير فى مدينة صنعاء كان (محمد قنديل) يغني:
يا طيارات غني في كل مطار
ابن اليمن أصبح خلاص طيار
ابن اليمن أصبح خلاص عامل
بنى مصنعه العالي في خط النار..
وبعد مرور حوالي خمس سنوات على ثورة 26 سبتمبر، التحم الدم اليمني بالدم المصري في معارك النضال، وساحات الفداء عبر مشاهد بطولية سطرها التاريخ.
وعندما عاد بعض جنود الجيش المصري من اليمن، غنى (محمد قنديل) رائعته (يا راجع م اليمن)، كلمات حيرم الغمراوي، وألحان عبدالعظيم محمد، والتى يقول مطلعها:
يا راجع م اليمن وجبينك فى السما
يا مسجل للزمن الأرواح والدماء
حقيقة وحدتك وشهامة أمتك
وعروبة ثورتك، وعزة قوتك
(محمد قنديل) وفلسطين
يعتبر المطرب (محمد قنديل) أغزر المطربين غناءا لفلسطين، وللمسجد الأقصى تحديدا، ومن أوائل الأغنيات التى قدمها بعد عدوان 1956 أغنية (غزة غزة إحنا فداها، أرض العزة ما أغلاها، غزة غزة ما حننساها) ألحان أحمد صدقي
ومن أشهر أغنياته التى قدمها بمناسبة حرق المسجد الأقصي أغنية (يا قدس فين الآذان) كلمات عبدالفتاح مصطفى، ألحان عبدالعظيم محمد التى يقول فيها :
القدس مجروح بيتألم بقاله سنين
والأقصى بينادي يا بلادي وصوته حزين
والأنبياء اللي صلوا ليلة الأسراء حزانى
على الأبرياء الشهداء المسلمين
ولايمكن أن ننسى قصيدته النادرة التى لا تذاع إطلاقا (يا ضمير البشرية)، كلمات أحمد عثمان المراغي، وألحان أحمد صدقي التي يقول مطلعها :
يا ضمير البشرية هل أبحت البربرية؟
هل أجزت العنصرية؟
هل ترى العدل إنتهاكا للرحاب القدسية؟
وفى نهاية القصيدة يبشر الشاعر ويغرد (قنديل الغناء):
يا أخى الفجر آتي قم وآذن للصلاة
في رحاب المسجد الأقصى
ورتل بالحياة أن صوت الله يعلو
رغم نيران الطغاة سوف تبقى القدس رمزا أبديا للفداء
قنديل وتونس
مع تونس الخضراء، تونس الحبيبة، وقف (محمد قنديل) يؤكد أن العربي فى مصر أخو العربي في تونس، وصنعاء، ونجد، وبغداد، والدار البيضاء، وأبوظبي، والبحرين، والكويت، وشدا لتونس بالعديد من الأناشيد الحماسية والغزلية فغني من كلمات الشاعر عبدالوهاب محمد، وألحان السوري محمد محسن:
رايح بسلاحي متطوع
يساندني الحق والمدفع
وحبي لتونس الخضرا
عشان تونس تعيش حرة
(محمد قنديل) والعراق
عندما قامت ثورة العراق دعمها وساندها (محمد قنديل) هو ومجموعة من زملائه، وقدم للعراق أكثر من أغنية منها قصيدة (أشرقي شمس العراق بلا مغيب، أشرقي من ظلمة الليل الرهيب) تأليف الشاعر الكبيرعبد الفتاح مصطفى، ألحان الموسيقار الكبير عبد العظيم محمد.
كما غنى أغنيته (ثورة، ثورة) التى يقول مطلعها:
ثورة، ثورة على كل الأوضاع المقلوبة
ثورة، ثورة على الناس اللي عنيهم معصوبة
ثورة، ثورة على الظلم والذمة المخروبة
ثورة، ثورة لكرامتك وسلامتك يا عروبة.
الحديث عن غناء (محمد قنديل) للدول العربية كثير، ويحتاج كتاب، وليس مجرد سطور، حيث غنى مطربنا الراحل لـ (سوريا، والأردن، والسودان، والسعودية، والأمارات)، كما غنى أيضا لأفريقيا.