بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
منذ عقود ومصر تقوم بدور الوساطه ولم الشمل الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس وبقية فصائل المقاومة، وكذا وساطة تبادل الأسري مثل (جلعاد شاليط) وغيره، وكانت هذه الوساطات كلها جهود لجهاز المخابرات المصرية.
وكانت اللقاءات أيضا يتم عقدها في أروقة جهاز المخابرات العامه أيضا، ولأن ثقافة الـ (إعلام) قديما كانت عدم الخوض في جهود جهاز المخابرات العامه إلا مايتم السماح به لأسباب استراتيجية.
وكم من زيارة قام بها رؤساء الجهاز إلي الضفه وغزة وكم من وفود فلسطينيه قدمت إلي مصر بغية التوافق والتشاور والنصح، ولم نعتب آنذاك علي قصور التغطيه الإعلامية لهذه الجهود المصريه نظرا لثقافة (إعلام) تلك الفتره.
أما الآن وقد تغيرت ثقافات الأجهزه والوسائل الإعلامية لدرجة أن رؤساء أجهزة المخابرات ولقاءاتهم أصبحت ملئ السمع والبصر، وأصبحت الوساطات عموما في النزاعات دورا دوليا هاما.
تخصصت فيه بعض الدول مثل قطر والتي أدارت سلسلة من المفاوضات في أماكن نزاعات كثيرة حول العالم شرقه وغربه، شماله وجنوبه، وأصبح الـ (إعلام) القطري يسوق بحرفيه لهذه الجهود القطرية حول العالم ونتائجها الإيجابية.
وفي وساطات حرب غزة، التي تصدت لها مصر وقطر ومعهم الشيطان الأكبر والمراوغ الأكثر تناقضا والداعم للقتل بشتي الطرق (أمريكا) المتناقضة، المراوغة، الكذوبه.
هذه الوساطه بذلت فيها مصر وقطر جهودا مضنية وأمام مراوغة وتناقض وكذب نتنياهو وإدارة (بايدن)، حاولت إسرائيل النيل من الدور القطري لإيقاف عملية التفاوض، فخرج علينا مسئولوها وإعلامها بأن قطر تدعم حماس ماليا، وشككوا في نزاهة الدور القطري كذبا وإفتراءا.
من الدوحة إلى القاهرة
فما كان من قطر إلا أنها هددت بالانسحاب من هذه الوساطات وأمام تحايل أمريكي وطلب عربي أكملت قطر دورها من أجل شعب فلسطين، إلا أن ثقل حجم الوساطه انتقل من الدوحة إلى القاهرة، وقادت مصر هذه المفاوضات قياما بدورها المحوري العربي وإيمانا بأن قضية فلسطين هى قضية العرب الأولي.
وأمام إصرار مصر على إنجاح هذه الوساطة، ومع كل الضغوط المصريه الإيجابية علي حركة حماس وباقي فصائل المقاومة، تم التوصل لصيغة من ثلاث مراحل لتبادل الأسري وتدفق المساعدات ووقف القتال والمضي في مسار حل الدولتين.
ولأن (نتنياهو) كاذب ومخادع ومهزوم ومقضي على مستقبله السياسي علاوة علي رضوخه لضغوط المتطرفين من أعضاء حكومته، وإنقسام مجلس الحرب المصغر وانقسام الشارع اليهودي، ولم يرضخ نتنياهو لضغوط الشارع وأهالي الأسري وظل يكذب عليهم، فلقد توقفت عملية التفاوض.
وفوجئ العالم بأكاذيب اليهود عن دور الوساطة المصرية، فتارة أذاعوا أن مصر غيرت في بنود الاتفاق الذي تم التراضي عليه، ولما لم تفلح هذه الأكذوبة، ومع احتلال العدو لمعبر رفح وبدء عمليته هناك – رغم أنف العالم أجمع- ومع إعلان مصر عن خطورة ذلك، وعدم قبولها بالتهجير القسري وتصفية القضية.
عاد (إعلام) الكذب ليروج إلى أن مصر ترفض فتح المعبر أمام الفلسطينيين الراغبين في الخروج من عمليات الإبادة التي تنتهجها دولة الإحتلال، ليس هذا فحسب، بل ومنذ إحتلال اليهود لمعبر رفح وتوقف دخول المساعدات لأن مصر رفضت التعاون مع المحتل في إدارة شئون المعبر لأنه معبر مصري فلسطيني وليس مصري يهودي.
عاد (إعلام) العدو وأبواق داعميه للترويج لأن مصر تمنع دخول المساعدات، لدرجة أن وزير خارجية أمريكا الكذوب صرح بأنه يحث مصر علي دخول المساعدات، وهو هدف نبيل يخفي هدف خبيث وهو التعاون مع المحتل في إدخال المساعدات وهو اعتراف بإدارة اليهود للمعبر ولكن مصر فطنت إلي ذلك.
ومع استيلاء المحتل علي نصف حدود غزة مع مصر ومع استيلائه على معظم محور (فيلادلفيا) المنزوع السلاح حسب معاهدة السلام، ومع كل هذا الكذب والخبث اليهودي ويدعمه الهروله والطاعه والتسويق الأمريكي.
أجد أن إعلامنا بحاجة إلي توثيق لكل جهود الوساطات المصرية وكم من فتنة أطفأها الدور المصري في فلسطين، وعلى إعلامنا أن يشرح لماذا لم تقبل مصر الطلب الخبيث من اليهود بفتح المعبر لدخول أهل غزة.
تهجير قسري ونزوح جماعي
لأن ذلك طموح يهودي لتهجير قسري ونزوح جماعي وتصفية القضية وإعادة احتلال القطاع، هذا مالم يروج له إعلامنا أخبارا وتحليلا وتوثيقا وردا على خبث المحتل ولؤمه.
ثم جاءت تهمة إعاقة دخول المساعدات وكان السبب العروبي الواضح هو عدم الإعتراف بسيطرة اليهود على المعبر ورفض التعاون إلا مع سلطة فلسطينية، وهو سبب وطني انتهجته مصر ولكن لم يسوق له إعلامنا شرحا وتحليلا وردا علي كذب المحتل وداعميه.
وأخيرا بدء إعلامنا ينشر أخبارا فقط – وليس لقاءات تحلل وتشرح أو أفلاما وتقارير توثق وتؤرخ – حول تلويح مصر بالتوقف عن دور الوسيط مالم تتوقف دولة الإحتلال وداعموها عن ترويج الأكاذيب المفتراه علي الدور المصري.
ومع تصاعد الأكاذيب وتصاعد الصلف اليهودي، بدأت مصر في مناورات بالذخيرة الحية في سيناء، وهى رسالة واضحه لكل من سول له شيطانه اختبار صبر مصر وهدوء سياساتها.
ومع ذلك لم يتناول إعلامنا هذه المناورات بالتحليل والتبرير وكأنها تدريبات روتينيه! وليس هذا فقط بل أن إنحياز مصر لدعوى جنوب أفريقيا أمام الجنائيه الدوليه وإعلان خارجيتها.
لذلك ومع ما يحمله هذا الانحياز من تحول جوهري في رؤية مصر للغطرسه الإسرائيلية ومغايرة لحالة السلام الظاهري طبقا للمعاهده لم يتطرق إعلامنا لهذا التحول ومغزاه، ولماذا ولما الآن ومردود ذلك إقليميا ودوليا وما تأثير ذلك علي المحتل وغيره من التحليلات لم نر ذلك أيضا.
إعلامنا مطالب بإنتاج يتم بثه بحرفيه
وبناءا على ماتقدم ذكره من وقائع علي الأرض فإعلامنا مطالب عاجلا وليس آجلا بإنتاج يتم بثه بحرفيه سواء أخبارا أو تقاريرا أو برامجا أو وثائقيات لطرح وشرح والرد على إدعاءات المحتل وداعميه وهذه النقاط الملحه هى:
* هل غيرت مصر بنود الاتفاق كوسيط أم أن ذلك كذبا ومرواغة المحتل؟
* هل اوقفت مصر دخول المساعدات أم أنه رفض لسيطرة المحتل على المعبر؟
* هل منعت مصر دخول أهل غزة للعلاج والتعليم أم أنها رفضت التهجير القسري وتحقيق آمال المحتل الخبيثه؟
* لماذا إنحازت مصر ضد المحتل أمام الجنائية الدولية ولماذا الأن بالذات؟
* لماذا أجرت مصر مناوراتها الحية في سيناء الآن؟
* مانتائج احتلال العدو لنصف الحدود مع مصر وسيطرته على محور (فيلادلفيا) وأثر ذلك علي توقف معاهدة السلام؟
* لماذا طلب بلينكن من مصر دخول المساعدات وكيف نفهمه رؤيتنا؟
* لماذا كل هذا الضعف الأمريكي والانصياع لنتنياهو والتظاهر بأنها دولة وسيطة؟
* كيف لأمريكا أن تهدد المحكمة الدولية وتهدد من اعترف بفلسطين، وتظل تكذب أنها مع حل الدولتين!
* كيف اعترفت أمريكا بدولة المحتل عام 1948 دون موافقة فلسطين واليوم تطلب موافقة إسرائيل على دولة فلسطينية؟
* كيف تسعي للتطبيع مع السعودية في نفس الوقت الذي تدمر فيه كل شئ في فلسطين؟
* إلي متي ستظل المرواغه والكذب والانفصام الأمريكي وكيف ستستمر كوسيط أو راعي؟
هذه عناوين وموضوعات لحمله إعلامية يجب أن تبدأ كشفا للحقائق والنوايا، وردا على الأكاذيب ودعما وترسيخا للدور والحق المصري أمام أبواق الكذب والتلفيق اليهوديه الأمريكية.
أصلح الله محتوي إعلامنا ورسائله، وحمى مصر وأهلها، وتحيا دوما مصر..آمين.