* ولدت في حي (سوق السلاح) عند جدتي لوالدي، وأمضيت طفولتي وشبابي الأولي في حي شبرا
* كنت شقية جدا في طفولتي، وكنت أتمني أن أكون ولدا لكي لا أمنع من اللعب في الشارع
* بسبب 6 جنيهات دخلت معهد الفنون المسرحية، وبسبب خوفي حكم علي (زكي طليمات) بأنني لا أصلح للتمثيل.
* كنت السبب في خناقة بين (زكي طليمات وجورج أبيض ود.محمد صلاح الدين باشا)
* كان معنا في معهد الفنون المسرحية سفير سوريا في الولايات المتحدة، والسيد (حمد الرجيب) الذي أصبح سفيرا للكويت في مصر
* في بداية عملي في الإذاعة مثلت في البرنامج الغنائي (عذراء الربيع) وسميت نفسي (سميحة سامي) ثم ثورت وتمردت علي اسمي
بقلم الإعلامية الكبيرة: أمينة صبري
تجمعني مع الفنانة القديرة جدا (سميحة أيوب) علاقة صداقة، وإعجاب شديد، واحترام لمشوارها الفني والحياتي الكبير، فعندما تقترب منها تجدها شخصية ساحرة تتمتع بذكاء شديد.
وقدر هائل من الثقافة الراقية، مع خفة ظل، وذكاء مبهر، كنا نلتقي أحيانا لكي نمارس رياضة المشي في نادي الجزيرة، ونتجاذب الآراء والتعليقات، ولم ينقطع انبهاري بها في كل مرة التقيها.
لدرجة أنني كنت أحبذ الصمت حتى أسمع منها أكثر، واتفقنا كثيرا أن نجري هذا الحوار، وفي كل مرة يأخذنا الكلام، ويضيع الوقت.
وفي النهاية قررنا أنه عندما نلتقي نبدأ الحديث فورا، حتي لا تأخذني لذة الاستماع إليها بصوتها الرائع والمميز.
ذهبت إليها في منزلها المطل علي النيل إطلالة بديعة، وللعلم فإن منزل سميحة أيوب تحفة فنية، فهي تتمتع بذوق رفيع جدا، وتقتني أعمالا فنية مبهرة مصرية وعالمية.
يعني جمال المنظر، وجمال الأثاث، وجمال صاحبة هذا الجمال كله، بجانب كل هذا الجمال، فسميحة أيوب (ست بيت) من الدرجة الأولي.
وتجيد الطبخ إجادة كبيرة جدا وتستطيع أن تقيم مأدبة فاخرة وراقية في ساعات قليلة، يعني من يقترب منها يعيش في جمال ورقي دائم، فهى فنانة متعددة المواهب، وإلي الحوار:
* أنت فنانة غير عادية، ولا يستطيع أحد أن يصنفك كممثلة مسرح أو تليفزيون أو إذاعة فقط، لكنك تملكين تجربة مهمة وطويلة في تاريخ الفن المصري، وبجانب دورك في الإدارة الكبير، ولابد أنك عشتي حياة حافلة مختلفة فلو أردنا أن نقترب أكثر لكي نعرف بعض تجاربك ومشوارك، فإذا بدأنا من الطفولة ماذا تقولين؟
** (سميحة أيوب): فعلا حكاية طويلة جميلة، عندما أجلس مع نفسي لكي استرجعها، أندهش كيف مررت بكل ذلك؟ على العموم أنا بنت حي (شبرا)، وأمضيت طفولتي وشبابي الأولي بها.
رغم أنني ولدت في حي (سوق السلاح) عند جدتي لوالدي، و(شبرا) وقتها كانت جميلة وهادئة، وكان منزلنا وسط الغيطان والخضرة، لذلك خافوا عليّ من الذهاب للمدرسة بمفردي.
وكنت أذهب لمدرسة (فرنساي) بأتوبيس المدرسة، واحنا ثلاثة بنات، وولد توفي صغيرا رحمة الله عليه، وكانت هناك مقلة مشهورة عند الدوران كان كل أو معظم البنات يذهبن إلي هذه المقلة للفسحة، وتجاذب الحديث سويا.
وأنا كنت شقية جدا جدا، وكنت أتمني أن أكون ولدا لكي لا أمنع من اللعب في الشارع، ولكن الآن أنا فخورة بأنوثتي لأني تعبت جدا لكي أكون سميحة أيوب.
* نحن نريد أن نعرف قصة التعب والكفاح التي توجت بكل هذا النجاح؟
** (سميحة أيوب): في المدرسة كنت متفوقة جدا، وكنت في مدرسة راهبات، ومن عادة الراهبات أن يعطوا نياشين للتفوق، وكان عندي مجموعة من النياشين.
وكنت أمام المدرسات أبدو هادئة، وكانوا يصدموا بشقاوتي، وكنت دائما يختاروني لإلقاء الشعر والنصوص الأدبية، ولم أكن أفكر بالتمثيل في ذلك الوقت.
* كيف بدأت رحلة التمثيل؟
** (سميحة أيوب): كنت في المدرسة، وسمعت في الراديو أن معهد الفنون المسرحية يريد طالبات، وتشجيعا للفتيات للتقدم سيعملون مكافأة لكل طالبة 6 جنيهات، وذهبت مع واحدة صاحبتي للمعهد.
وهناك شفت العجب، أولا رأيت ناسا يتحدثون باللغة العربية، وناس كبار، ولا أعرف أحدا منهم، كنت أشعر بخجل شديد، وأقف خائفة في الزاوية.
وأثناء ذلك شاهدني العظيم (زكي طليمات) وسألني لماذا تقفين هكذا؟ هل تريدين التمثيل؟ طب مثلي لنا أي شيء فازداد خوفي، ولم استطع أن أنطق بكلمة واحدة فقال هذه البنت لا تصلح للتمثيل!
ولكن اختلف معه باقي اللجنة، وهم الدكتور (محمد صلاح الدين باشا)، والفنان (جورج أبيض)، واتخانقوا مع بعض عليّ، ثم فوجئوا إنني صغيرة وعندي 14 سنة!.
فقرروا أن التحق بالمعهد مستمعة، ثم إذا نجحت بعد سنة ألتحق نظامية، وأخذ الستة جنيهات، فحزنت جدا لأنني كنت أريد أن أخذ الستة جنيهات، هل تتصوري مدي الاهتمام بالمواهب الجديدة من هؤلاء الكبار؟
المهم رجعت المنزل حزينة علي الستة جنيهات، وكان ليّ خال مثقف جدا، بعروض الشعر، ومهتم بكل الفنون، وكان بمثابة ولي أمرنا، لأن والدي كان دائم السفر.
المهم حكيت له الحكاية، وأنا حزينة على الستة جنيهات، قال لي: (يا عبيطة أنسي موضوع الستة جنيهات دول، ولازم تعرفي أن الفن شئ رقي، والفنان يجب أن يكون مثقفا ومتعلما وشخصية محترمة).
* وماذا عن والديك؟
** (سميحة أيوب): خالي كان شخصية مهمة، وقوية في العائلة، فتحدث مع والدي ولكنهم اتخانقوا معه كثيرا، واتهموه أنه يريد إ، وظللت المناقشات حتى أقنعهم بأنني سأظل في المدرسة.
وأذهب للمعهد مساء، لأن الدراسة في المعهد كانت مسائية، وتكفل هو بالذهاب معي للمعهد، والرجوع معي، المهم أن معظم البنات الذين كانوا معي لم يستطيعوا أن يكملوا الدراسة لأنها كانت صعبة جدا.
وكان المدرسون علي درجة عالية من الرقي، أمثال الدكتور (زكي مبارك) والأستاذ (دريني خشبة)، وكانت الدراسة تحتاج لشغل جاد جدا.
* هل تتذكرين بعض الأسماء من دفعتك؟
** (سميحة أيوب): معظمهم لم يعلموا في الفن، وبعضهم عمل في المسرح المدرسي، وكان معنا سفير سوريا في الولايات المتحدة، والسيد (حمد الرجيب) الذي أصبح سفيرا للكويت في مصر.
وبدأت الدراسة الصعبة جدا، واجتهت جدا أول سنة حتى إنهم قدموا مسرحية (البخيل) في دار الأوبرا، واختاروني الوحيدة من السنة الأولي.
ونجحت المسرحية نجاحا كبيرا، وكنت أسمع من الكبار أنهم يقولون أن البنت دي عندها حضور، وأنا لا أعرف يعني أيه حضور في الفن؟!
* اسم سميحة أيوب هو أسمك الحقيقي؟
** (سميحة أيوب): اسمي الحقيقي (سميحة أيوب) لكن في بداية عملي في الإذاعة في البرنامج الغنائي (عذراء الربيع) سميت نفسي (سميحة سامي)، ثم ثورت وتمردت علي ذلك، وقلت سأرجع لاسمي الحقيقي.
وسوف يفخر أهلي بي، وسوف أشرف أهلي بتفوقي، وعملي وجديتي وسلوكي.
* وماذا عن الدراسة هل تركتي المدرسة؟
** (سميحة أيوب): أولا وزير التعليم عمل لي استثناء، وصرفوا لي الستة جنيهات، (اللي كنت زعلانة عليهم)، المهم جمعت بين الدرستان مدة طويلة.
وكنت في البداية أرغب أن أكون طبيبة، ولكني لم استطع الجمع بين المدرسة والمعهد، لأن شغل المعهد والدراسة فيه كانت صعبة وجادة، ووالدي زعل لأنني تركت المدرسة.
ولكنه عندما رأي كتب ومنهج الدراسة في المعهد، وجد أنها دراسة جادة محترمة، وأصعب من المدرسة، ووافق علي تفرغي في المعهد، ولكنه لم يكن يذهب ليشاهدني.
ولكني وجدته مرة قبل أن يتوفي بسنتين بيقطع تذاكر للمسرح لكي يشاهدني سرا، ولكنه عمره ما ناقشني في عملي علي الإطلاق وكان عند والدي أرض وقف.
وبعد ثورة 1952 باع هذه الأرض، وأعطي إخوتي قيمة الأرض ولم يعطيني نصيبي، وأنا لم أعترض وقلت هذا نصيب إخوتي وأنا بشتغل وبكسب فلوس هما لأ.
ولكن بمرور الوقت أصبحت أنا الأقرب له، وسره عندي وحدي، وقد قال لي قبل الوفاة إنه ظلمني، ولكن أنا هدأت من روعه بأنني لا أحتاج لهذه الأموال وإخوتي أولي به.
* وما موقف والدتك منك؟
** (سميحة أيوب): الحقيقة حدث شئ غريب فهي أعجبت بي جدا كممثلة، وأصبحت من عشاق فني، وأهم جمهور لي، وكانت فخورة بي جدا.
الأسبوع القادم نستكمل مشوار سيدة المسرح سميحة أيوب في المسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة