جوائز مهرجان (مالمو) الذي ناقش تحديات الصحة النفسية في صناعة الأفلام
* مينا النجار: القائمين على الصناعات الإبداعية عليهم مسئولية الدعم النفسي تجاه العاملين
* ندى أبو فرحات: مازال هناك تخوفات في مجتمعاتنا في التصريح بالعلل النفسية
* لويز جوهانسون: الضغط والمقارنة أكثر ما يعاني منه العاملين بالصناعة الإبداعية
* بشرى: الفن في ذاته علاج وخصوصا حين يقدم قضايا تهم المجتمع.
كتبت: سما أحمد
أعلنت أمس السبت جوائز الدورة الرابعة عشر لمهرجان (مالو) للسينما العربية في السويد، حيث منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة للفيلم اليمني (المرهقون).
بينما حصل الفيلم المغربي (كذب أبيض) للمخرجة أسماء المدير، على جائزة أفضل فيلم في مسابقة الأفلام الطويلة.
وحصل فيلم (باي باي طبريا) للمخرجة لينا سويلم على جائزة أفضل فيلم غير روائي،
وذهبت جائزة أفضل إخراج إلى التونسية (كوثر بن هنية) عن فيلمها (بنات ألفة) المأخوذ عن قصة واقعية ويمزج بين الوثائقي والدرامي.
ونال الفنان( الفلسطيني صالح بكري) جائزة أفضل ممثل في مهرجان (مالمو) عن دوره في فيلم (الأستاذ) كما نالت مواطنته (منى حوا) جائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم الأردني (إن شاء الله ولد).
وفاز السوداني (محمد كردفاني) بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان (مالمو) عن فيلم (وداعا جوليا)، بينما ذهبت جائزة تصويت الجمهور لفيلم (أنف وثلاث عيون) للمخرج أمير رمسيس، وبطولة ظافر العابدين وأمينة خليل.
وفي مسابقة الأفلام القصيرة، فاز بالجائزة فيلم (عقبالك يا قلبي) للمخرجة المصرية شيرين مجدي دياب، ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة للفيلم العراقي (ترانزيت) من إخراج باقر الربيعي.
تكريم خيري بشارة
وكان مهرجان (مالمو) الذي انطلق في 22 أبريل الجاري قد كرم في هذه الدورة المخرج المصري (خيري بشارة) الذي رأس أيضا لجنة التحكيم.
وعقب انتهاء مراسم تسليم الجوائز التي أقيمت في سينما رويال عرض المهرجان الفيلم السعودي (هجان) للمخرج المصري أبو بكر شوقي، ومن المقرر عرض الأفلام الفائزة في وقت لاحق ابتداءا من اليوم الأحد.
كما عقد مهوجان (مالمو) ضمن فعاليات (أيام مالمو لصناعة السينما) جلسة نقاشية تحت عنوان (تحديات الصحة النفسية داخل مجال صناعة الأفلام).
وشارك فيها كل من الممثل المصري ومؤسس ميدفست مصر (مينا النجار)، المعروف بخبرته الواسعة في صناعة السينما، وشغفه بالدفاع عن الصحة العقلية.
و(لويز جوهانسون)، ممثلة (Sane Cinema)، وهى خبيرة في الصحة العقلية وصناعة الأفلام، والممثلة اللبنانية (ندى أبو فرحات)، والتي قدمت عدة أدوار معقدة في السينما والتلفزيون والمسرح.
(مينا النجار).. القلق الإبداعي
قال (مينا النجار) خلال الجلسة النقاشية، إنه سعيد بالتعاون مع مهرجان (مالمو) في إثراء النقاش حول الصحة النفسية للعاملين في المجال الفني.
ومناقشة القلق المتعلق بالعملية الإبداعية، والتحديات التي يمر بها المبدع، سواء ضغوط، أو مشكلات تواجه العملية الإبداعية في كل مراحلها، أثناء الإعداد أو التنفيذ أو وقت العرض.
وأشار (النجار) إلى أن الصناعة نفسها والنقابات والمنتجون والمخرجون عليهم مسئولية كبيرة تجاه الصحة النفسية للعاملين معهم.
إضافة إلى المسئولية الشخصية تجاه توازن الإنسان وتعامله مع نفسه، موضحا إلى أن مهرجان (ميدفست) سيتناول العديد من النقاشات حول نفس الأمر.
وأشار (النجار) إلى أن نوعية الدعم النفسي للعاملين في الصناعات الإبداعية قد تختلف عن المقدمة للأشخاص العادية.
خاصة وأن العاملين في مجال صناعة الإبداع لديهم ضغوط ومشكلات تكون مختلفة عن الإنسان العادي، لأنهم لا يتعرضون لنفس المسئولية والصعوبات.
ففي وطننا العربي لا يوجد الشخص الذي يعتبر همزة الوصل بين المخرج مثلًا، والممثل والذي يكون ضمن أدواره، ضمانة عدم تعرض الممثل لضغط نفسي، وعصبي شديد من جراء طبيعة العملية الإبداعية.
أو أن يضمن خلال العملية الإبداعية عدم تعرض المبدعين لضغط شديد قد يؤثر على حالته النفسية.
وأضاف (النجار) أن الفنان في زمن (السوشيال ميديا) يتعرض لضغوط مضاعفة من خلال التعليقات والانتقادات وأحيانًا التنمر على حساباته بمواقع التواصل الاجتماع.
وأكد النجار أن الماضي يؤثر بشكل كبير على حاضر الإنسان دون أن يفهم سبب الشعور الذي يشعر به الآن، لكن بالعودة إلى هذا الماضي، والنبش بداخله نعرف ماذا حدث وسبب هذا التأثر.
وهذا يحتاج إلى شجاعة كبيرة، ويحتاج إلى فهم وخبرة الطبيب النفسي الذي يعرف كيف يخرج أحداث الماضي المدفون.
وتذكر (النجار) ما قالته الفنانة (سلوى محمد علي) خلال جلسة (ميدفست) في دمنهور: (يوجد شخص يستطيع أن يعرف تحديدًا المشاعر التي يشعر بها في اللحظة الحالية فالأمر ليس كالتمثيل).
(ندى أبوفرحات).. والطاقة السلبية
فيما قالت الممثلة اللبنانية (ندى أبو فرحات) خلال الجلسة إن هناك خطوات للحفاظ على الصحة النفسية للإنسان مؤكدة أنه مازلت التخوفات موجودة حتى الآن في التصريح بالعلل النفسي.
فقد يعلن الإنسان عن إصابته بأي مرض، لكن المرض النفسي لا يزال يخشى الناس الحديث عنه، والكشف عن الإصابة به، مضيفة أن هناك كتيب إرشادات للحفاظ على الصحة النفسية وهو مفيد بشكل كبير.
وتحدثت (أبو فرحات) عن فترة الإحباط التي مرت بها، لكنها لم تكشف عنها حتى لأقرب أصدقائها، حتى أنها اعتذرت لهم عن الظهور معهم في بودكاست.
متعللة بعدم قدرتها على التحرك من على السرير، دون أن تشرح لهم أن الأمر نفسي وليس عرضًا ما.
وأضافت النجمة اللبنانية: كممثلة صنعت مشوارها في المجال أرى أننا نتعرض لضغوط وصعوبات، ونواجه الكثير من الطاقات السلبية.
في البداية لم أكن أستطيع مواجهة كل هذا، وكنت دائمًا محبطة، لكن حاليًا بعد استيعابي قررت ألا أدع الطاقة السلبية تؤثر عليّ
وأصبحت فخورة بكوني هادئة، واستوعب الأمور وأستطيع تجاوزها مع الحفاظ على سلامتي النفسية ودون أن أضع نفسي تحت ضغوط لا أستطيع تحملها.
لويز جوهانسون والدعم النفسي
فيما قالت (لويز جوهانسون)، ممثلة (Sane Cinema)، خلال الجلسة إن الضغط والمقارنة بين الآخرين أكثر ما يعاني منه العاملون في الصناعات الإبداعية في مجال الفن سواء ممثلون أو خلف الكاميرا.
مؤكدة أن هناك الكثير من العاملين في مجال السينما خاصة تلك التسجيلية الوثائقية، وتحديدًا العاملين في مجال المونتاج ممن يقضون أوقاتًا طويلة يعملون مع المحتوى الذي تم تصويره، أعتقد أنهم يحتاجون إلى الدعم النفسي للحفاظ على صحتهم النفسية أكثر من غيرهم.
(بشرى) والضغط النفسي والعصبي
من جانبها علقت (الفنانة بشرى) على أهمية تواجد طبيب نفسي في لوكيشن تصور الأعمال الفنية لتخفيف الضغط على الممثلين، ومساعدتهم في تقديم المشاعر الحقيقة للشخصية.
بالإضافة إلى المساعدة على التخلص من الضغط النفسي والعصبي الذي يتعرض له الممثل، كونه يلعب كل الأدوار في حياته.
مشيرة أن الممثل في أماكن التصوير لا يمثل فقط وإنما دائمًا يقوم بأدوار ومهام ليست من مهامه، لذلك يجب أن يكون هناك طبيب نفسي داخل لوكيشن التصوير.
وأضافت بشرى: الفنان عليه ضغوط شديدة في مجال العمل، ولا يستطيع التعبير عن سخطه تجاه البعض، أو تجاه المواقف التي يتعرض لها، وعليه استيعابها ولا يظهر ضجرًا.
وعليه أيضًا التعامل مع أشخاص لا يريد التعامل معها، بالإضافة إلي تعرضه للتنمر من الكثير من الناس سواء العاملون معه في نفس المجال، أو من الصحافة أو غيره.
وأشارت (بشرى) إلى أن أحيانا الفن أو الأفلام التي يقدمها الفنان تعتبر علاج نفسه له، خاصة عندما يقدم أعمالًا تناقش مشكلات أو قضايا تمس الفنان.
مثل ما حدث معها عندما تعرضت للتحرش وهى في سن صغير، وعندما قدمت فيلم(678) الذي عبر عنها، وأخرج شحنة سلبية من داخلها.
وأكملت أن المخرج (محمد دياب) مخرج الفيلم كان لديه الوعي لمراعاة الفنانين العاملين معه نفسيًا.
مشيرة إلى أنه ساعدها كثيرًا في الخروج من شخصية (فايزة) التي أثرت عليها بشكل سلبي، خاصة وأن زفافها كان بعد 3 أيام وساعدها دياب بشكل كبير في الخروج من الشخصية.
جدير بالذكر أن (ميدفست – مصر) هو ملتقى دولي للأفلام القصيرة، ويعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط حيث يجمع بين عالم الفن وصناعة الأفلام بعالم الطب والصحة من خلال تجربة سينمائية فريدة.
تأسس في عام 2017 على يد (د. مينا النجار، ود. خالد علي)، ويقوم الملتقى بعرض مجموعة من الأفلام المختارة بعناية، يتبعها منصات حوارية للنقاش مع عدد من الخبراء في مجالي الطب وصناعة السينما.
ويقدم أيضًا برنامج (الموازي) على مدار العام، ويتضمن العديد من ورش العمل والمحاضرات والماستر كلاس لخلق نقاشات أعمق حول الفن والصحة، بالإضافة إلى عروض أفلام شهرية.