بسبب مكالمة حليم ، بكى عبدالرحمن الأبنودي وكتب أغنية لـ (سيناء)
كتب: أحمد السماحي
تحتفل مصر اليوم بعيد من أهم أعيادها، هو عيد تحرير (سيناء) الحبيبة، أو (أرض الفيروز)، وبهذه المناسبة نتوقف عند واحدة من أشهرالأغنيات التى تغنت بسيناء وهى (صباح الخير يا سيناء) التي غناها (عبد لحليم).
والأغنية من كلمات عبدالرحمن الأبنودي، ألحان كمال الطويل، وغناء عبدالحليم حافظ، وقد غناها في بداية عام 1974، وكان سعيدا بغنائها لأن (سيناء) تعتبر سجل حافل مليئ بالأمجاد والبطولات فعلى رمالها دارت أشهر المعارك.
وعبر دروبها خمسة عشر جيشا من كل أمم الأرض، اسمها كناية عن القمر حيث أطلق عليها القدماء اسم الإله (سين)، ومن الفيروز أخذت صفتها، هى أرض الأديان أو الأنبياء التى مر بها ولجأ اليها أنبياء الله.
فسار على أرض (سيناء) إبراهيم عليه السلام قاصدا مصر، وأقام فيها فترة، ثم عاد مع زوجته (سارة) والسيدة هاجر، وعبرها (يوسف ابن يعقوب) وعاش فيها واصبح عزيز مصر.
واتجه إلى (سيناء) موسي، وعاش فيها وتزوج ابنة (شعيب) في مدين، وعلى أرضها كلم ربه، وتلقي الألواح التشريعية في الوادي المقدس طوى، وعلى ترابها مات (موسي وهارون)، وعلى أرض (سيناء) مرت العائلة المقدسة مريم والمسيح عيسي ابن مريم.
فـ (سيناء) لها مكانة عالية عند المولى عز وجل، حيث أقسم بها في كتابه بقوله تعالى (والتين والزيتون وطور سينين)، و(سينين) هى أرض (سيناء) وبها (جبل الطور) الذي أكرمه الله بأن ناجاه موسى عليه.
كما أن من خصائص هذا الجبل أن رفعه الله عز وجل فوق اليهود عندما خانوا العهد ولم يؤمنوا، فكان تخويفا وإرهابا لهم فآمنوا ثم أعرضوا كعادتهم، فقال فيهم عز وجل (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور).
وفيها أيضا الوادي المقدس (طوى) وهو البقعة الغالية التي قدسها الله تعالى فنادى فيها موسى قائلا: (هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى)، ذلك الوادي الكريم الطاهر الذي قال فيه الله عز وجل لموسى عليه السلام (فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى) .
أرض الفيروز (سيناء) التى حفرت على رمالها وصخورها دماء المصريين، وهم يدافعون عنها حتى لا تسقط في أيدي أعدائهم، مجدتها الأغنية المصرية بالعديد من الروائع التى لا تنسى لكبار المطربيين من مختلف الأجيال الغنائية.
عبد الحليم و(صباح الخير يا سينا)
من الروائع التى لا تنسى أغنية (صباح الخير يا سيناء) للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، التى قام بغنائها بعد أن أقسم أن يغني أغنية (أحلف بسماها وبترابها) فى كل حفلاته حتى تنتصر مصر، وبالفعل بر بوعده وظل يغنيها لسنوات.
وعندما انتصرنا وحدث العبور العظيم، أسرع العندليب بتقديم العديد من الأغنيات الوطنية التى لا تنسى مثل (عاش اللي قال)، (قومي يا مصر)، (لفي البلاد)، (الفجر لاح).
فى هذه الفترة بحث عن صديقه الشاعر عبدالرحمن الأبنودي الذى كتب له أفضل أغنياته الوطنية فلم يجده فى مصر، حيث كان قد سافر منذ بداية عام 1971 إلى إنجلترا للعمل فى إذاعة الـ (BBC) لعقد ندوات عن فلسطين ولجني بعض المال لإستكمال عمله فى جمع السيرة الهلالية.
الأبنودي و(صباح الخير يا سينا)
الخال عبدالرحمن الأبنودي حكى لي في أحد الاتصالات بيننا قصة أغنية (صباح الخير يا سيناء) فقال: فى أحد الأيام كنت على وشك الأستعداد للسفر إلى تونس لإستكمال عملي فى جمع السيرة الهلالية.
ففوجئت بصديقي الروائي السوداني الكبير الطيب صالح يقيظني من النوم قائلا: (اصحى يا عبدالرحمن مصر دخلت الحرب ضد إسرائيل(
فقررت العودة فورا لمصر، لكنني وجدت كل المطارات مغلقة حتى السودان، وحزنت جدا لعدم تواجدي فى مصر فى هذه الفترة التاريخية.
وأثناء ذلك فوجئت باتصال هاتفي من شخص صوته ناعم وليس غريبا علي يقول لي : (إزيك يا عبدالرحمن!)، فعرفت صوته على الفور وقلت له: (من أعطاك تليفوني يا حليم؟!).
فرد علي عبدالحليم حافظ ضاحكا: (بعد ابتعاد أربع سنوات تسألني هذا السؤال، أنت فاكر مصر سايبة، ومش هنعرف نجيب تليفونك، يا عبدالرحمن لازم ترجع مصر، كيف نكتب عن أحزان النكسة، ولا نكتب عن أفراح النصر؟!).
فتآثرت بكلامه وبكيت، خاصة إنني كنت بعيدا عن مصر لمدة أربع سنوات فنزلت وكتبت أغنية (صباح الخير يا سيناء،) التى لحنها بعذوبة شديدة الموسيقار الكبير كمال الطويل والتى يقول مطلعها:
الأوله قلنا جينلك وجينالك
ولا تهنا ولا نسينا، طيب
والتانية قلنا ولارملاية فى رمالك
عن القول والله ما سهينا وآه الله
والتالته أنتى حملى.
وأنا حمالك، صباح الخير يا سينا
وصباح الخير يا سينا
رسيتى فى مراسينا
تعالى فى حضننا الدافى
ضمينا وبوسينا يا سيناء.