أيمن سلامة: بسبب (الاستسلام) قابل (صلاح السعدني) المشير (حسين طنطاوي)
كتب: أحمد السماحي
منذ بداية مشواري الصحفي ربطت بيني وبين عمدة الفن (صلاح السعدني) صداقة وطيدة، كان سببها أستاذي الكاتب الصحفي الكبير يوسف الشريف الذي أدخلني عالم الصحافة، وكان صحفيا في مجلة (روزاليوسف) ومدير مكتب جريدة (الشرق) القطرية في مصر.
وكان أستاذي (يوسف الشريف) بجانب موهبته الصحفية حكاء من طراز فريد، وفي أحد الأيام اصطحبني معه لزيارة صديقه الكاتب الصحفي الكبير (محمود السعدني).
وأثناء جلوسنا حضر (صلاح السعدني)، وكان حديث مصر بعد دوره الرائع في رائعة (ليالي الحلمية)، وتم التعارف بيننا سريعا.
خاصة بعد أن قدمني (يوسف الشريف) على أنني أمتلك مكتبة فنية مليئة بالمجلات الفنية القديمة، والصور الفنية النادرة، وآلاف من التسجيلات المسموعة النادرة لكبار مطربي مصر والعالم العربي.
ويومها أحب (صلاح السعدني) أن يختبر معلوماتي الفنية، فسألني عدة أسئلة فنية خاصة به وبزملائه، جاوبته عليها جميعا بسهولة ويسر، بعدها أعطاني هاتفه المحمول وكان جديدا في هذا الوقت، فضلا عن تليفون المنزل.
وبعد انتهاء السهرة بدأت بيننا الاتصالات، ورغم عدم حبه للحوارات الصحفية والتليفزيونية، لكنه سمح لي بإجراء أكثر من حوار معه نشر أحداهما في جريدة (الشرق) القطرية، وآخر في جريدة (الحياة) اللندنية.
أخيرا وجدت الفيلم الذي أحلم به
وفي أحد الأيام اتصلت به هاتفيا فوجدته سعيدا، وصوته يزغرد من السعادة، فسألته عن سر سعادته هذه فقال لي: أخيرا وجدت الفيلم الذي أحلم به، لكني لن أصرح بأي شيئ حاليا.
فقلت له: خائف من عدم اكتمال المشروع كما حدث من قبل في فيلمك (تراكواز) تأليف خالد الخميسي، وإخراج كريم جمال الدين، وإنتاج الموسيقار محمد نوح، وفيلم (هتلر) بطولتك مع يسرا، وإخراج عمر عبدالعزيز.
قال (صلاح السعدني) ضاحكا: بالضبط كده، لكن هذه المرة المشروع بدأ يأخذ خطوات جدية، وبإذن الله يخرج للنور لأنه مشروع سينمائي ضخم ومهم سيكون واحدا من أهم أعمالي السينمائية، وواحدا من أهم أعمال السينما المصرية.
فسيطرعليّ الفضول الصحفي والشخصي، فألححت عليه أن يخبرني، وكان كريما معي وقال (صلاح السعدني) لي: سأخبرك لكن هذا الكلام ليس للنشر، ولكنه بيني وبينك حاليا، وفي الوقت المناسب سأطلب منك نشره.
فيلم عن أكتوبر بعنوان (الاستسلام)
وبالفعل وعدته عدم نشر أي كلام سيدور بيننا، فقال لي: فيلم مهم عن حرب أكتوبر بعنوان (الاستسلام) كتبه الكاتب أيمن سلامه، وإخراج هاني لاشين.
وتدور أحداثه منذ يومي 9، و10 يونيو عام 1967، وحتى أكتوبر 1973، إلى حين تسليم أبطال الحرب الأوسمة في مجلس الشعب.
وحافظت على السر، ولم أنشر شيئ، ومرت الأيام، ونسيت الفيلم، وأحداثه، خاصة بعد أن مرت الأيام، ومرض النجم (صلاح السعدني)، وانقطعت بيننا الإتصالات منذ سنوات.
وعندما سمعت خبر رحيله أمس تأثرت وحزنت جدا بهذا الخبر المؤلم، وفجأة تذكرت شريط ذكرياتي مع هذا العملاق ومناكفتي له، ومناكفته لي بجملته التى كان يرددها ليا: (يا ابني متبقاش تقليدي، جدد في أسئلتك).
هذه الجملة التى كان يرددها عندما أطرح عليه سؤال من نوعية: لماذا خاصمتك السينما رغم نجاحك في التليفزيون؟!، أو سؤال أنك لم تكن المرشح الأول لدور (سليمان غانم) أو (حسن أرابيسك)؟
وأثناء استدعائي أمس لذكرياتي معه، قفز إلى ذهني فيلمه (الاستسلام) وفرحته الطاغية بهذا الفيلم، وعلى الفور اتصلت بصديقي وكاتبنا المبدع أيمن سلامه وسألته عن فيلم (الاستسلام)!.
وهل ما ذكره لي نجمنا الراحل كان صحيحا أم كنت أحلم واختلط على الأمر؟!.
فرد كاتبنا الكبير أيمن سلامة قائلا: ألف رحمة ونور على النجم (صلاح السعدني)، ما ذكره لك صحيح جدا، وبالفعل كان بيننا مشروع لفيلم عن حرب أكتوبر بعنوان (الاستسلام) وكتبته على مدى سنوات طويلة.
أول مشهد في الفيلم يوم 9 يونيو
وأضاف: كان أول مشهد في الفيلم يوم 9 يونيو ومن خلاله يعلن الرئيس جمال عبدالناصر عن حدوث النكسة، وبعدها تبدأ الأستعدات للحرب، ثم نرى وفاة الرئيس جمال عبدالناصر.
وتولي الرئيس محمد أنور السادات للحكم، وتعيين المشير أحمد إسماعيل لقيادة الجيش، واستعداد القوات المسلحة للحرب.
فالدراما في الفيلم كانت نابعة من أبطال حرب أكتوبر، وعرضنا الفيلم على ممدوح الليثي رئيس قطاع الإنتاج في التليفزيون، ووافق، وكان المنتج (محمد عشوب) يسعى لأن يأخذ الفيلم كمنتج منفذ.
وحتى يخرج هذا الفيلم للنور ذهبنا لمقابلة المشير محمد حسين طنطاوي، حتى نحصل على دعم القوات المسلحة، والرجل مشكورا وافق على التعاون مع قطاع الإنتاج في التليفزيون، وأوصاني أن أقابل اللواء عادل مسعود الذي أمدني بمعلومات ووثائق رهيبة.
وعن سر عدم خروج هذا المشروع المهم للنور قال أيمن سلامة: نظرا للميزانية الضخمة التى كان سيتكلفها الفيلم!، حيث كان من المقرر بناء خط بارليف، وعمل عبور كامل.
وفي هذه الفترة وهى نهاية التسعينات لم تكن ميزانيات الأعمال ضخمة، وتوقف للأسف المشروع ولم يخرج للنور، وانشغلت بعده بكتابة أعمالي التليفزيونية.
وفي نهاية تصريحاته معانا صرح أيمن سلامة: أن النجم (صلاح السعدني) كان من المقرر أن يجسد في فيلم (الاستسلام) شخصية المشير محمد عبد الغني الجمسي.