بقلم: بهاء الدين يوسف
من بين أزمات عديدة تسبب بها مسلسل (زوجة واحدة لا تكفي)، الذي كتبته الكويتية (هبة مشاري حمادة) وانتجته مجموعة (إم بي سي) للعرض على منصة شاهد، لفت انتباهي أن أحدا في مصر لم يتوقف عند كم الإساءة التي ألصقها المسلسل وكاتبته للمصريين والمصريات وكأن هؤلاء ليس لهم من يدافع عنهم.
بداية فإن أكبر وأهم أزمات مسلسل (زوجة واحدة لا تكفي) حدثت في الكويت الذي تدور أحداث المسلسل على أرضه، حيث أصدرت وزارة الإعلام الكويتية قرارا بمنع عرض ما تبقى من حلقات المسلسل الممتد إلى 30 حلقة، كما قررت أيضا إيقاف كل من شارك في المسلسل من العمل في أي إنتاج درامي كويتي في المستقبل.
قرار وزارة الإعلام الكويتية جاء بعد أن انتشرت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي هناك تدين كم الإساءات التي تضمنها (زوجة واحدة لا تكفي) لقيم وأخلاق المجتمع الكويتي.
حيث عرضت الحلقات التي تدور داخل مدرسة مشتركة للبنات والبنين تديرها سيدة (الممثلة العراقية هدى حسين) وزوجها (المصري ماجد المصري) مع بناتهما الثلاثة أحداثا غير مناسبة.
من بين أحداث (زوجة واحدة لا تكفي)، حدوث حمل غير شرعي لطالبة من زميلها، واعتداء جنسي من أب على ابنته، وتورط أب ثان في دفع ابنه للانتحار في قلب المدرسة بسبب سوء المعاملة, بجانب العلاقات السرية غير السوية للزوج المريض بالجري وراء النساء.
يعنينا هنا ما حمله مسلسل (زوجة واحدة لا تكفي) من إساءة لمصر وشعبها برجاله ونسائه دون أن يتوقف مسؤول أو كاتب واحد عند الأمر ولو بالانتقاد الشفهي الذي لا يقدم ولا يؤخر.
الإساءة جسدها ممثلين مصريين
والمؤسف أن هذه الإساءة جسدها على الشاشة ممثلين مصريين لهما قيمتهما الفنية مثل (ماجد المصري)، و(آيتن عامر) التي قدمت دورا تستحق عليه المحاكمة.
ففي وقت تظهر فيه الدولة المصرية اهتماما فائقا بالمراة ودورها في المجتمع، ولا يفوت رئيس الجمهورية مناسبة دون الإشادة بسيدات مصر، قدمت (آيتن عامر) المراة المصرية باعتبارها أداة رخيصة للمتعة، ليس لديها أي مشكلة في إقامة علاقة سرية مع صاحب المدرسة من وراء زوجته.
المشاهد التي تابعتها لآيتن عامر من (زوجة واحدة لا تكفي)، والمنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي أقل ما توصف به أنها مشاهد يندى لها الجبين، فكل كلامها ونظراتها تليق بفتاة ليل رخيصة وليس بمدرسة محترمة، كل تعبيراتها تثير الغرائز وتثبت صورة نمطية مخزية وغير حقيقية عن السيدات المصريات.
أما (ماجد المصري) فهو الرجل المصري الذي تثيره أي أنثى حتى لو كانت أنثى النملة، فهو لا يتوقف عن النوم مع أي فتاة أو سيدة يراها، ولا يشعر بالخجل من خيانة زوجته صاحبة المال والمدرسة التي يعيش في خيرها.
لكنه لا يمانع من خيانتها، بل إنه صنع غرفة سرية خلف مكتبة المدرسة ليمارس فيها حياته السرية مع المدرسات.
هل فكرت السيدة (آيتن عامر) وهى تقبل بتجسيد هذا الدور في انعكاساته على صورة عشرات المدرسات المصريات اللاتي تعلمن في دول الخليج، وتبذلن الجهد والعرق بكل اخلاص من اجل لقمة العيش؟!
المصري.. لا كرامة ولا كبرياء له
هل سوف تتحمل المسؤولية الأخلاقية عن حالات التحرش اللفظي، وربما الجسدي أيضا التي يمكن أن تتعرض لها هؤلاء المدرسات من رجال صدقوا ما قدمته (آيتن عامر) أن كل سيدة مصرية لا مانع لديها من ممارسة الجنس مع صاحب العمل؟!
وهل توقف السيد (ماجد المصري) عند الصورة الذهنية التي قدمها عن الرجل المصري الذي لا كرامة ولا كبرياء له، الذي يتحايل ويستخدم قدراته للإيقاع بسيدة خليجية ثرية يعيش في كنفها وعلى حسابها.
لكنه في نفس الوقت لا يملك أي معيار أخلاقي يجعله يصون تلك العلاقة؟!، هل يتخيل كمية التعليقات الساخرة والمسيئة التي سوف يتعرض لها الرجال المصريون العاملون في دول الخليج بعد مشاهدة هذا المسلسل؟!
كذلك لا أعرف أين الجهات المسؤولة في مصر من مسلسل(زوجة واحدة لا تكفي)؟، ومتى يمكن أن تتدخل لإيقاف الإساءة للمصريين، ولو حتى ببيان من نوعية بيانات الشجب والإدانة المستهلكة لمجرد ذر الرماد في العيون؟!
خصوصا أن تلك ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الكاتبة (هبة مشاري حمادة) صورة درامية مشوهة للمصريين في أعمالها وغالبا لن تكون الأخيرة، طالما أنها لا تجد جهة مصرية تردعها عن الإساءة لأبناء هذا الشعب الذي يكافح مرارات الحياة على عدة جبهات ثم لا ينعم حتى بأن تتركه الدراما الخليجية في حاله.