تعرف على أغنية (عبد الحليم)، التى غناها مع (شادية) واستدعوا البوليس لحمايتهما من التحرش!
كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى السابعة والأربعين للعندليب الأسمر (عبدالحليم)، الذي يعتبر مرآة لأيامنا الحلوة، نستعيدها مثل حلم ليلة صيف، ونشتاق إليها كلما هبت الذكرى.
وأمطرت علينا من أغنياته التى تدور معانيها حول الحب، والعشق، والحنين، والوطن، والدين، أغنيات من الحقبة الأجمل في تاريخ الأغنية المصرية.
هذا الأسبوع في باب (حواديت الأغاني) نتوقف عند واحدة من أغنيات (عبد الحليم) السينمائية الأولى، وهى (تعالي أقولك) التى قام بغنائها مع معبودة الجماهير شادية.
والتى جاءت ضمن أغنيات فيلمه الأول (لحن الوفاء) تأليف محمد مصطفى سامي، إخراج إبراهيم عماره، وبطولة (حسين رياض، زوزو نبيل، عبدالوارث عسر) وغيرهم.
إقرأ أيضا : نساء في حياة العندليب الأسمر (عبد الحليم)!
هذه المرة لن نتحدث عن ظروف تصوير هذه الأغنية، ولكن سنترك العندليب الأسمر (عبد الحليم) يحكي لنا عن كواليسها، التى لا يمكن لأحد أن يتخيلها والتى تعرض فيها هو و(شادية) للتحرش من قبل الجمهور.
يقول (عبدالحليم) في مجلة (الكواكب) عام 1957: أعتبر فيلم (لحن الوفاء) الباب الذي فتح لي لأدخل منه إلى الشاشة.
وقد لقيت من حب العاملين فيه ما ساعدني على أن أؤدي دورا أعتقد أنه كلل بالنجاح، لهذا فهو عزيز على قلبي معزة الولد البكر على أمه وأبيه.
وقد التزمت الطبيعة في أدائي، وتغلبت على الرهبة التى سيطرت على عندما وقفت أمام الكاميرا لأول مرة.
وقال لي المخرج: تصور ما ستفعله وأنت في بيتك، وأنت مع أصدقائك، وافعل مثله أمام الكاميرا، وقد فعلت، ولكن صادفت عقبة حين خرجنا لتسجيل أغنية (تعالي أقولك) في حديقة الأسماك.
حديقة الأسماك مكتظة
وكانت هذه هى المرة الأولى التى أخرج فيها لتصوير خارجي، ولست أدري كيف علم الناس أننا سنذهب إلى هناك لأنني وجدت الحديقة مكتظة.
وقلت للأستاذ إبراهيم عمارة: (إزاي إحنا حانقدر نمثل وسط الناس دول كلهم، فقال يا سيدي دول زباين هنا، ما نقدرش نقولهم ماتجوش الحديقة!
وأضاف إلى ذلك قوله: وما تنساش أننا حنكون طبيعيين خالص في تمثيلنا، والناس حايبعدوا، واللقطة مش حاتاخد أكتر من ربع ساعة).
وكنت أعرف أن (إبراهيم عمارة) يقول هذا ليبدد رهبة الموقف بالنسبة لي، وكانت (شادية) معي في الأغنية، والمشهد يتطلب منا أن ننتقل بين أشجار الحديقة وحشائشها، وكهوفها، نجري ونمرح وأمسك يدها فأضغطها وأنظر في عينيها نظرات الحب والوله.
وابتلعت ريقي فلم أجده، لأنه جف، وأنا أتصور كيف أؤدي كل هذا أمام هذه الجموع التى كانت تتزايد دقيقة بعد آخرى حتى صارت مظاهرة.
بعدها قال لنا الأستاذ عمارة: نبتدي!، وكنت كلما اقتربت من (شادية) كأوامر المخرج صاحوا بي: ابعد.. ابعد!، ويرتج على فأتوقف عن الأداء.
صاح صائح: أمسك حرامي!
وينظر المخرج إلى الجمهور ليرجوه الصمت، ونعيد الكرة فإذا جريت خلف شادية، صاح صائح: أمسك حرامي!، فأتوقف مرة أخرى، ويعيد المخرج رجاءه.
ومن هنا رفضت أن ألمس يدها مثلا أو أن أجلس بجوارها في وضع غرامي كما يتطلب الدور.
ورغم هذا، ورغم أننا اقتصرنا في أداء الدور على الحركات السهلة الخفيفة، فقد ظللنا ساعة كاملة نؤدي حركات لا معنى لها ولا هدف، والجمهور يتدخل بطريقة سخيفة أثارت حنقنا جميعا.
وأخيرا اضطر الأستاذ (إبراهيم عمارة) إلى أن يستعين بالبوليس، وقد كانت المحافظة ملبية لرجائنا لأنها أوفدت إلينا فرقة تحرسنا وتبعد عنا الفضوليين، وقد تحرش بنا بعض الشباب، وكادت الدماء تسيل في الأرض الخضراء لولا أن الله سلم!
وكانت هذه أول مرة أخرج فيها لأؤدي مشهدا على مرأى من الناس وأعترف بأن توتر أعصابنا كان سببا في أننا لم نؤده بالصورة التى كانت مرسومة له!
والذي يرى هذا المشهد سوف لا يحس بالمتاعب التى صادفناها أنا و(شادية)، ونحن نعمل وسط ألف فضولي على الأقل.
أحداث لحن الوفاء
من المعروف أن فيلم (لحن الوفاء) عرض يوم 7 مارس عام 1955، وفي نفس التوقيت عرض فيلم (عبد الحليم) الأول أيضا (أيامنا الحلوة) إخراج حلمي حليم.
وتدور أحداث فيلم (لحن الوفاء) حول الطفل اليتيم جلال، الذي يتبناه صديق والده الملحن الموهوب (علام) الذي لديه إلتزام ناحية موهبته، ويرفض التفاهه والسطحية.
وبمرور الأيام يكبر (جلال) ويحقق الملحن الموهوب (علام) شهرة عريضه، وأثناء ذلك يتعرف (جلال) على (سهام) الفتاة التى تعمل في الكورس، والتى تلتقطها عيناه ويختارها قلبه من بين فتيات الكورس.
ويقع في هواها، ويسعى عند عمه لتصبح بطلة الفرقة، غير أن الموسيقار العجوز يعلن رفضه لتلك العلاقة، بسبب ذكرياته عن خيانة زوجته له.
وفجأة تنقلب مشاعر الموسيقار (علام) تجاه الفتاة ويقع في حبها، ويضحي (جلال) من أجل راعيه وأبوه الروحي، إلا أن الرجل يفيق من غيه وسطوة مشاعر شيخوخته وسلطان قوته.
ويبارك حب العاشقين الشابين، بينما تصدح ألحان وأغنيات الاستعراض الكبير (لحن الوفاء).