بقلم: مجدي صادق
يبدو أن قصة فيلم (ذا وندرفول ستوري أوف هنرى شوجر) للكاتب (روالد دال) والمخرج الأمريكى ويس اندرسون (اسمه الكامل ويزلى ويلز اندرسون 1969)، قد كشفت حقيقة أن منصات السينما الرقمية مثل (نتفليكس) و(أبل) لم تعد منافسة بقوة على الاوسكار.
تمام مثلما كانت فى فترة (كوفيد 19) فرغم ترشيح 32 فيلما لمنصة (نتفليكس) فى احتفالية الأوسكار 96، إلا أن الحظ لم يحالفهما فى الوقت الذى حصد فيه فيلم (أوبنهايمر) لكريستوفر نولان 7 جوائز أوسكار دفعة واحدة !
فقط القصة اليتيمة للويس أندرسون المرشحة من (نتفليكس) هى الوحيدة الفائزة، وهى المرة الأولى فى التاريخ التى تدخل فيها منصة رقمية حلبة المنافسة ضد استديوهات هوليوود العملاقة ولاتحقق شيئ رغم تكلفة الانتاج الباهظة.
لدرجة أن الكثير طلب بمنع أفلام المنصات مثل(نتفليكس) من الترشح إلى الأوسكار التى وجدت ضالتها أثناء جائحة (كوفيد 19)!
ففى عام 2021 حصدت (نتفليكس) 7 جوائز دفعة واحدة، صحيح أنها اقتصرت على الوثائقيات والرسوم المتحركة والملابس وغيرها من الفئات الثانوية، إلا أن ذلك الفوز شكل إثبات وجود للمنصة فى أهم محفل سينمائى
منصة (أبل) كان من نصيبها مالم تحققه (نتفليكس) وهو فيلم (كودا) الذى حصل على الأوسكار كافضل فيلم، وهى المرة الأولى لتفوز منصة بأفضل فيلم من إنتاجها، بينما فى 2023 حصلت (نتفليكس) على 6 جوائز أوسكار من بين 16 فيلم رشحتهم.
لكن فى عام 24 لم تكتمل الفرحة فرغم عدد الترشيحات 19 فيلم لـ (نتفليكس) و13 فيلم لأبل، فشل فيلم (مايسترو) لبرادلى كوبر فى الحصول على أى من الألقاب الـ 7 التى رشح لها.
(أندرسون) أنتج وإخرج الفيلم القصير
أما فيلم (قتلة زهرة القمر) أو (كيللرز أوف ذا فلور مون)، والذى كلف إنتاجه منصة أبل 215 مليون دولار فخرج هو الآخر خالى الوفاض، رغم الترشيحات الـ 10 جوائز، كذلك فيلم (نابليون) لريدلى سكوت ذى الإنتاج الباهظ !!
هل يمكن لرجل مقامر أعطاه الله منحة الرؤية دون بصر أن يتحول إلى رجل خير ويذهب الى الكازيونيهات ليكسب المال باستخدامه هذه القدرة النادرة ليلقى بها فى الشوارع حتى تأتيه الشرطة.
لتقترح عليه أن يتبرع بها لبناء المستشفيات ودور الرعاية هذا هو (هنري شوجر)، القادر على رؤية الأشياء والتنبؤ بالمستقبل بمساعدة كتاب سرقه؟!
(حسنًا، ها نحن الآن، في الكوخ الذي أكتب فيه).. تبدأ رواية (روالد دال)، (يلعب دوره (رالف فاينس)، الذى يعتزل حياة الصخب ويمضى 3 سنوات فى عزلة تامة داخل شقته بلندن يتدرب على تقنية (خان).
إلى أن يتمكن منها في فيلم (القصة الرائعة لهنري شوجر) الحصري لـ (ويس أندرسون) على (نتفليكس)، وهو الفيلم الأول من سلسلة أفلام قصيرة مكونة من أربعة أجزاء مقتبسة من قصص (دال) القصيرة، بما في ذلك (البجعة، وصائد الفئران، والسم).
شارك (أندرسون) في إنتاج وإخراج الفيلم القصير ومدته 39 دقيقة استنادًا إلى قصة قصيرة لروالد دال تحمل نفس الاسم، عقب إصداره ثلاثة أفلام قصيرة أخرى لاندرسون.
رغم أن قصة (هنرى شوجر) كان من المفترض أن يكون فيلم روائى طويل، إلا أن (أندرسون) أوضح فى تصريحات له فى يونيو 2023 إنه سيكون واحدا من مجموعة أفلام قصيرة!
ويعتبر هذا الفيلم هو المشروع الأول لأندرسون لمنصة رقمية بدلا من الشاشة الكبيرة، ومع ذلك تم عرض الفيلم لأول مرة فى مهرجان البندقية السينمائى.
فقصة (روالد دال) الرائعة لهنري شوجر، هو فيلم خيالي أمريكي قصير لعام 2023، كتبه وشارك في إنتاجه وأخرجه (ويس أندرسون).
قصة (هنرى شوجر)
قدم شخصية (هنرى شوجر) الممثل (بنديكت كومبرباتش) وهو الاسم المستعار لرجل ثرى غير متزوج وقد بلغ من العمر 41 سنة، يستخدم ثروته الموروثة لتمويل عاداته في المقامرة.
وفي أحد الأيام، صادف كتابًا يتضمن تقريرًا طبيًا عن إمداد خان (بن كينجسلي)، وهو الرجل الذي ادعى أنه يستطيع الرؤية والتفاعل دون استخدام عينيه.
وعليه قرر أن يكون إمداد خان آخر تدرب على إمكانية الرؤية دون استخدام عينيه من خلال تدريبات (المديتيشن) أو (التأمل) وممارسة رياضة (اليوجا) التى اكتسب منها تلك المهارة، ثم يشرع فى ممارستها من أجل الغش فى المقامرة وتكوين ثروة!
فمن خلال ممارسة تأملات (إمداد) المتمثلة في التحديق في لهب الشمعة على مستوى العين أثناء تصوير وجه أكثر شخص يحبه في العالم، تمكن (هنري) من الرؤية من خلال ظهر أوراق اللعب لقراءة القيمة الإسمية بعد ثلاث سنوات من الممارسة.
وهو الأمر الذي قيل لإمداد أن واحداً فقط من بين مليار سيكون قادراً على القيام بذلك في فترة زمنية قصيرة.
نجح المخرج فى إظهار تعابير وجه كومبرباتش المبالغ فيها بتسليط الضوء بشكل هزلي على رحلة شوجر الشخصية، وهو يعيش فى صراع مع رغبته في الثروة
فكان يستخدم (هنري) قدرته في الكازينو ويكسب 30 ألف جنيه استرليني في لعبة (البلاك جاك).
ورغم ذلك لم يكن راضٍ عن سهولة كسب المال، ليقوم بإلقاء المال من شرفته في شوارع لندن (الصورة تكررت فى مصر حيث حملت الاخبار بان احد الاشخاص يلقى بالمال كل يوم من نافذة منزله !).
كاد هذا السلوك يتسبب في أعمال شغب وفوضى بسبب التزاحم حتى يقترح عليه ضابط شرطة أن يجد شكلاً أكثر فعالية لصرف المال فى الأعمال الخيرية.
يقرر (هنري) السفر حول العالم، وكسب المال من الكازينوهات بقدراته متنكرا بأسماء مختلفة لإنشاء سلسلة من المستشفيات ودور الأيتام والرعاية!
اعتمد الفيلم في بعض الأحيان على المونولوجات المكثفة، إلا أن أسلوب (أندرسون) دارس الفلسفة فى جامعة تكساس فى الفيلم السردي جعله مشوقا، ذات أبعاد فلسفية وجودية، وأحيانا تأخذ الشكل السريالى والمسرحى مع الحفاظ على سحره المميز متحررا من القواعد السينمائية.
حتى أصبح له (تكنيك) خاص بأفلامه مثل (راشمور وروكيت بوتيل)، وفيلمه شديد الشهرة والنجاح (فندق بودابست)، وفيلم (مدينة الكويكب).
وهو يتميز بتكوين الكادرات وحركة الكاميرا بشكل مسطح لروبرت دى بومان، واستخدام الملامج البصرية والتلاعب بالسرد ودينامية توظيف الديكور، ويبدو أن شقيقه الأصغر (إيريك) مصمم ديكورات أفلامه.
بعد عقدين من الزمن، مات (هنري شوجر) بسبب انسداد رئوي كان يعلم أنه سيسبب وفاته، حيث كان قادرًا على رؤية الجلطة من خلال جلده وقد قام محاسبه بتكليف روالد دال ( 1916 – 1990 ) بكتابة قصته تحت اسم مستعار (هنرى شوجر).
وهى القصة التى انقذت (نتفليكس) من الانسحاب من جوائز الأوسكار ،2024 وكان تحدى (أندرسون) بهنرى شوجر لانقاذ ماء الوجه!