بقلم: محمد حبوشة
لاينفي اعتراضي على أن مسلسل (الحشاشين) يتحدث باللهجة العامية المصرية، أنه عمل درامي فائق الجودة على مستوى كتابة السيناريو المحكم، للكاتب الموهوب بحق (عبد الرحيم كمال)، فضلا عن الأداء التمثيلي والديكور وأماكن التصوير المبهرة، ما يجعله علامة فارقة في تاريخ الدراما العربية
ومن ثم يصبح طبيعيا جدا أن يهاجمه الإعلام الإخواني، نظرا لأنه يعري هذه الجماعة الإرهابية، ولقد ساءني أن أطلق ناشطون وإعلاميون محسوبون على جماعة (الإخوان) حملة (انتقادات حادة) ضد المسلسل.
فعلى الرغم من أن (الحشاشين يستلهم تاريخ تلك الجماعة الإرهابية، التي ظهرت في القرون الوسطى، إلا أنه لمس وترا لدى الإخوان، وعزف على العصب العاري في تاريخهم الأسود الملطخ بالدماء.
وسط تساؤلات حول أسباب ذلك الهجوم، رأى رواد على مواقع التواصل الاجتماعي، ومتخصصون في شؤون تنظيمات (الإسلام السياسي) أن حملة الهجوم الإخوانية تعكس (إدراكاً من جانب المنتمين للجماعة أو المتعاطفين معها لأوجه الشبه بين الجماعتي)، فضلا عن (الحساسية البالغة) لديهم من أي محاولة لكشف (توظيف الدين لأغراض سياسية).
فالثابت علميا وتريخيا، أنه لايختلف شأن (الحشاشين) عن جماعة (الإخوان) الإرهابية، فتنظيمهم ووجودهم قد ارتبط بعدد من الأساسيات التي تبدو وكأنها لا تختلف من زمن إلى زمن.
ومن قرءة متأنية لتاريخ (الإخوان) سنجد أنهم جماعة آيديولوجية واضحة الفكر والمعالم، كانوا من الإسماعيلية وكان هدفهم تقويض النظام السني القائم في فارس والشام ومصر.
كما أن هذا التنظيم كانت له معاقله ممثلة في القلاع ومنها (قلعة الموت) في بلاد فارس والتي كانت بعيدة عن متناول سيطرة الدول المختلفة، كما أنهم وضعوا نظاما عنقوديا لعملياتهم الارهابية.
(الحشاشين) طرفا في المعادلة السياسية
لكن الملاحظة التي لعلها تكون فريدة من نوعها، هى أن هذا الكيان الإرهابي المنظم ربما يكون الأول في التاريخ الذي دخل مباشرة حلبة توازنات القوة داخل نظام العلاقات الدولية الإقليمية.
فلقد ربطته بالدول والدويلات الإسلامية والصليبية على مدى أكثر من قرنين من الزمان تحالفات، كما لو أن (الحشاشين) كانوا طرفا في المعادلة السياسية الإقليمية، على الرغم من أنهم لا يمثلون دولة.
وهو الامر الذي نراه ماثلا في جماعة (الاخوان) الإرهابية التي كانت قد دخلت المعادلة السياسية في مرحلة سوداوية من تاريخ مصر، لولا انتفاضة الشعب المصري ضدهم في عام 2013.
ومن الملاحظ وما يذكره التاريخ وما نراه في المركز الوطني للدفاع عن حرية الصحافة والاعلام أن جماعة (الإخوان) الارهابية تتطابق مع مع طائفة (الحشاشين) التي انتشرت في العصور الوسطي.
وهذا يجعلنا نؤكد أن (الحشاشين) هى إمتداد طبيعي لهذه الجماعة الإرهابية، فيتفق منهج (الإخوان) مع منهج (الحشاشين) على مبدأ تقويض الدول والعمل علي انهيارها.
و(الحشاشين) كما هو معروف ومثبت تاريخيا، عملوا على قتل السلاطين المسلمين الأقوياء كمحاولة إغتيال (صلاح الدين الأيوبي) مرتين، وهاهم جماعة (الإخوان) الإرهابية وزبانيتهم من الجماعات الإرهابية يوجهون رصاص الغدر نحو صدور الشعب المصري قاطبة.
كما اعتمد (الحشاشين) سياسة الشائعات والأكاذيب ضد الدول وحكامها ليبحثوا لهم عن موقع قدم لدي العامة، وهو ذات المنهج الذي اعتمدته جماعة (الإخوان) ضد الدولة المصرية وقادتها.
(الحشاشين) والطاعة العمياء
معروف عن (الحشاشين) الطاعة العمياء التي يبديها أعضاء الطائفة تجاه سيدهم، وهو الأمر الذي نجده ماثلا للطاعة للمرشد ولأولياء نعمتهم في الدوحة وأنقرة، فأعضاء الجماعة يطيعون مرشدهم في محل وغير محل دون مناقشة أو إعمال للعقل.
ولعل تشكيل (الحشاشين) لفرق الموت التي نجحت في اغتيال العديد من أعداء الطائفة من سلاطين ووزراء، هو نفس الأمر الذي سارت عليه جماعة (الإخوان) الإرهابية بتكوين جهازها الخاص لاغتيال وتصفية معارضيها.
وتطور الأمر ليصبح هذا الجهاز يتكون من الجماعات الإرهابية المنضوية تحت جماعة (الإخوان) الإرهابية، ويخوض جيش مصر وشرطته والشعب المصري حربا ضروسا لاقتلاعهم من فوق الأرض.
تقول شعارات جماعة (الحشاشين) أنها جاءت لتحرير العبيد من الذل والعبودية، وهو ذات المنهج لجماعة (الإخوان) الإرهابية التي تردد أن منهجها من أجل تحرير الفرد من عبودية البشر ليكون في عبودية رب البشر.
وهى العبارات ذاتها التي وعاها الشعب وأدرك أنها تجارة رخيصة لاستمالة الشباب، وأصبحت عباراتهم في هذا الصدد لا قيمة لها ولا أهمية تحت ضغط وعي الشعب المصري.
ياسادة: لقد ظلت جماعة (الحشاشين) الإرهابية تهدد الدول حتي تحولت مصر وعادت إلي طبيعتها السنية علي أيدي (صلاح الدين الأيوبي)، حيث تشير الحقائق التاريخية – كما يشير الدكتور محمد البدري – إلى أن (قوة الدولة المصرية كانت العامل الحاسم للقضاء علي جماعة الحشاشين).
وهو ذات الأمر في عودة هيبة الدولة المصرية وقوتها في القضاء على جماعة (الإخوان) الارهابية وطردهم من تحت سماء الوطن ليعيشوا عرايا مهزومين مدحورين خارج حركة التاريخ، لتتأكد فلسفة أن الدولة هى الدولة بمؤسساتها وشعبها وجيشها وقيادتها.
وكعادة (الإخوان) الإرهابية يهاجمون كل من يفتح دفاترهم المخطوطة بدماء الأبرياء ولا يسلم منهم حتى من يتطرق لأشباههم مؤكدين بذلك نسلهم الأيديولوجي الهجين.
وكما كان متوقعا، انطلقت سهام الإخوان فور بث أولى حلقات (الحشاشين) لتنغرس مخالبهم في المسلسل المصري وصناعه، في هجوم حاد فجر أكثر من سؤال حول علاقة الجماعة بأكثر الفرق دموية في التاريخ الإسلامي.
الإخوان ومنهج (حسن الصباح)
لقد استفزهم أن أحداث مسلسل (الحشاشين) الذي يقوم ببطولته النجم المصري (كريم عبد العزيز)، تكشف نهج الجماعات الإرهابية والتكفيرية منذ أيام (الحشاشين)، وتختزل تشابه الأفكار بين (حسن الصباح) مؤسس هذه الفرقة، و(حسن البنا) مؤسس جماعة الإخوان.
كما تكشف مبدأ (السمع والطاعة) الذي يسير على نهجه أنصار الجماعتين الأخطر في العالم، وكيف نجح مؤسس (الحشاشين) في إقناع أتباعه بأفكار خاطئة لتبرير جرائمهم، تماما مثلما فعل البنا مع أتباعه.
و(الحشاشين)، لقب أطلق على فرقة كانت عناصرها تتخفى وسط الحشائش لاغتيال معارضيها، وقيل أيضا لشربهم (الحشيش) قُبيل عمليات الاغتيال حتى لا يتراجعوا عنها في اللحظات الأخيرة.
أعجبني جدا رأي الكاتب والمفكر المصري (ثروت الخرباوي) في تفسيره أن هجوم (الإخوان) على المسلسل، هو ما أثار انتباه المتابعين للتطابق المذهل بين الإخوان و(الحشاشين).
ويقول الخرباوي في هذا الصدد: إنه عقد هذه المقارنة في كتابه (أئمة الشر)، ليس فقط وفق المسميات الأساسية للجماعتين، ولكن مقارنة لمنهجهما ودورهما الوظيفي.
ويوضح أن مؤسس الحشاشين اسمه (حسن)، وأنه أسس (جماعة الدعوة) التي عرفت باسم (الحشاشين) في القرن الحادي عشر الميلادي، كجزء من الطائفة النزارية نسبة إلى (نزار بن المستنصر) المنتمية للمذهب الإسماعيلي، وأنه في بدايته كان شيعيًا يتبع الإثنى عشرية ثم انتقل للإسماعيلية النذارية.
ولفت (الخرباوي) إلى أن ما تقدم (يتشابه مع سيرة حسن البنا، الذي أسس جماعة الإخوان والتي يطلق هو عليها مصطلح الدعوة، والتي انطلقت من مدينة الإسماعيلية)، معتبرا أنه (قد يكون محض صدفة وقد لا يكون، لكن الأهم هو التطابق في المناهج والسياسيات).
الخرباوي: الحساشين وبحسب (الخرباوي): فإن (حسن البنا وحسن الصباح قاما باستخدام مناهج تربوية تقوم على عزل أتباعهما عن المجتمع، وغرس الكراهية والعداء ضد أوطانهم وحكامهم، وعلى اعتماد تربية مبدأ السمع والطاعة العمياء ليتمكن كل منهما بالتحكم في أتباعهما لتنفيذ مخططاتهما الإجرامية).
ويستكمل (الخرباوي): (كما شكل حسن الصباح فرق الموت التي نجحت في اغتيال العديد من أعداء الطائفة من سلاطين ووزراء، شكل حسن البنا جهازا خاصا لاغتيال وتصفية معارضي الجماعة من قيادات المجتمع).
(الحشاشين) وفرق الموت
ولهذا يلفت (الخرباوي) إلى (تطابق موقف الحشاشين والإخوان من القدس رغم اختلاف الظروف، فالحشاشون كانوا يعلنون أنهم ضد الصليبيين، ولكنهم لم يحاولوا أبدا الدفع بقوتهم في المعارك ضدهم بل بالعكس قاموا بقتل كل من يحاول مقاومة الصليبين وتحرير القدس).
وأشار إلى أن هذا (هو نفس موقف الإخوان الذين يعلنون أنهم يناصرون القضية الفلسطينية، وأنهم سيزحفون شهداء بالملايين لتحريره، والحقيقة أنهم لم يطلقوا رصاصة واحدة تجاه تحرير القدس، بل قتلوا كل من يناهض ويقاوم من أجل القدس والقضية الفلسطينية سواء معنويا أو جسديا).
وبالنسبة للخرباوي، فإن (أخطر أوجه التشابه بين الجماعتين هو قيام حسن الصباح وحسن البنا باختراق صفوف ومؤسسات الدول التي يريدان هدمها، وقاموا بتجنيد بعضهم منذ طفولتهم وعلمهم أغلب اللغات المعروفة في تلك الفترة).
ويتابع أن ما تقدم (سهل اختراق الدول المجاورة واستغلال وجود أتباع كخلايا نائمة في قصور الأمراء والخلفاء لتنفيذ عمليات الاغتيال وإضعاف الدولة بشكل ممنهج، وهو ذاته منهج حسن البنا الذي اخترق العديد من المؤسسات وحاول إسقاط الدولة في أكثر من مناسبة).
ويختتم الخرباوي بتأكيده على أن (الإخوان) جماعة سرية خطيرة ستنتهي وستلقى مصير جماعة (الحشاشين)، مشددا في الوقت نفسه على أن أي جماعة سرية في التاريخ سيكون مصيرها الزوال.
إذن لاخوف على الإطلاق من تلك الحملة الشرسة من وسائل الإعلام الإخوانية البغيضة، طالما أن الشعب المصر والعربي يعي جيدا حقيقة تلك الجماعة الإرهابية التي حاولت النيل من المصريين خلال فترة حكمهم التي تعد أسوء فترات التارخ المصري.
ولابد لي من تحية تقدير واحترام للشركة (المتحدة للخدمات الإعلامية) على إنجازها عملا تاريخيا مشهود له بالكفاءة والفاعلية، لأنه يكشف النقاب عن الجماعات الأشد عنفا وإرهابا، وذلك على الرغم من أنها تسعي للترسيخ لموسم درامي مازال يعتمد الفوضى والعنف والعشوائية منهجا ثابتا في رمضان من كل عام!