بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد
بخطأ تاريخى فادح.. أو بتعمد.. أو بإيعاز من مراكز قوى لانتقام شخصى.. تم محو ثروة قومية فنية هائلة.. ثروة لا تخص إسماعيل ياسين و(أبو السعود الإبياري) فقط وإنما شارك فيها عشرات من كبار الممثلين لأزهى عصور الفن المصرى في الخمسينات والستينات.
وذلك حينما تم محو ما يزيد عن ال60 مسرحية لفرقة إسماعيل ياسين المسرحية من أرشيف التليفزيون المصرى – نكرر هنا مطالبة كل مسؤول صاحب ضمير إنساني وفنى أن يعيد فتح هذا الملف وإزاحة ستار التعتيم الكثيف.. وكشف الفاعل و من وراءه ودوافعه.
في رأس (أبو السعود الإبياري) انبثقت فجأة فكرة تكوين فرقة مسرحية باسم إسماعيل ياسين في بداية الخمسينات .. ليلتها كان (أبو السعود الإبياري) يشاهد إسماعيل ياسين على المسرح يؤدى المونولوج بأسلوبه الخاص و التفاعل القوى من الجمهور ليعرض على إسماعيل فكرة تكوين الفرقة سويا.
خاصة في عدم وجود فرق مسرحية عدا الفرقة القومية وفرقة نجيب الريحانى.. شجعتهما (تحية كاريوكا) على تنفيذ الفكرة التى تسربت تفاصيلها إلى الصحافة ليتبناها بالتشجيع بعض من كبار الصحفيين وعلى رأسهم موسى صبرى وعبد الفتاح الفيشاوى.
كان أهم عوائق تنفيذ الفكرة وجود المسرح نفسه.. حيث أن معظم المسارح في هذا الوقت قد تحولت إلى دور سينما.. ليقترح (أبو السعود الإبياري) استئجار سينما وتحويلها مرة أخرى إلى مسرح.
كان معظم أصحاب السينما من الأجانب أو اليهود ليغالوا في الإيجار الشهرى المطلوب حتى أن أحدهم طلب إيجار شهرى وقدره 1000 جنيه.
(أبو السعود الإبياري) وتحية كاريوكا
لم يجد (أبو السعود الإبياري) وإسماعيل سوى اللجوء إلى مجلس قيادة الثورة وبالأخص (وجيه أباظة) كمسؤول ثقافى والذى استطاع بالفعل إقناع الخواجه (بيانكو) صاحب سينما ميامى الصيفى بتحويلها إلى مسرح مقابل إيجار شهر قدره 450 جنيها شهريا من خلال عقد محدد المدة لموسمين فقط على سبيل التجربة.
لاحت الخطوة التالية أمام (أبو السعود الإبياري) وإسماعيل وهى تكوين الفرقة نفسها من خلال اجتذاب نجوم هذه المرحلة.
كانت أولى النجمات وأسرعهم استجابة (تحية كاريوكا) مقابل أجر شهرى 150 جنيها بالإضافة إلى 5% من صافى الأرباح.
توالى بعد ذلك انضمام (حسن فايق) مقابل 300 جنيه شهريا.. كذلك (عبد الفتاح القصرى وستيفان روستى وعبد المنعم إبراهيم ومحمود المليجى) الذى عرض أن يكون شريكا ثالثا في الفرقة.
كذلك (زينات صدقى، فردوس محمد، زهرة العلا، سناء جميل، عدلى كاسب، عبد الوارث عسر، توفيق الدقن، بدر الدين جمجوم، محمد رضا، جمالات زايد، يوسف شعبان، كاريمان، عقيلة راتب، خيرية أحمد، زوزو ماضي) وغيرهم.
قامت الصحف بنشر الخبر: (إسماعيل ياسين وأبو السعود الإبياري) يؤلفان فرقة مسرحية تبدأ عملها الموسم المقبل بتقديم روايات كوميدية تأليف (أبو السعود الإبياري)، وبطولة ياسين.
ليرتفع الستار بالفعل في 11/ نوفمبر عام 1954 عن أول مسرحيات الموسم (حبيبى كوكو)، بطولة (إسماعيل ياسين، ستيفان روستى، حسن فايق، سناء جميل، شكرى سرحان).
كعادة (أبو السعود الإبياري) في العمل كمكينة تأليف فقد كان يؤالف كل شهرين مسرحية، أي ست مسرحيات جديدة كل موسم.
بدأ بإخراج هذه المسرحيات في موسمها الأول (السيد بدير)، وحينما انشغل بالإخراج للسينما تم استبداله بنور الدمرداش وغيرهما.
(إسماعيل يا سين) والمنولوجات
أعاد المسرح (إسماعيل يا سين) للمنولوجات التي كان معظمها من تأليف (أبو السعود الإبياري) ليلحنها كبار الملحنين بدءا من عبد الوهاب مرورا بفريد الأطرش ومحمد فوزى و محمود الشريف و منير مراد لتعيد الفرقة الحيوية الطاغية للحركة المسرحية في مصر.
كانت الإيرادات من القوة التي تعود على نجومها بأعلى الأجورو انصرافهم تباعا عن الفرق الأخرى، أحس الكاتب (بديع خيري) بهذا التتابع في انصراف نجوم مسرح الريحانى الذى كان شريكا به ليطلب اجتماعا مع تلميذه السابق (أبو السعود الإبياري).
الذى لم يجد أمامه سوى موافقة أستاذه على طلبه بإيقاف التسابق في التعاقد مع الممثلين حيث أنهم بدأوا جميعا في المطالبة برفع أجورهم بشكل مبالغ فيه، وقد وقع الاثنان اتفاقا على ذلك.
كانت هذه المسرحيات تعرض على المسرح في نفس الوقت يتم نقلها عبر الإذاعة وتسجيلها للتليفزيون فيما بعد.
كان مذيع الإذاعة يصف للمستمعين ما يراه من المسرحية من مشاهد و حركة للمثلين
الجمهور: تصفيق حار.
المذيع: المنظر الآن غرفة جلوس.. دخل (إسماعيل ياسين) لابس بدلة مبهدلة قوى.. ولابس طربوش أحمر لا يتجاوز ارتفاعه 5 سننتيمتر.
حسن فايق: نعم؟
إسماعيل: ايه الوش الكشر دا؟
حسن فايق: جاى بيتى تعمل ايه؟
إسماعيل: حيلك حيلك.. انت فاكرنى جاى اشحت منك؟.. أنا داخل هنا أشوف شغلى
حسن: شغل ايه؟
إسماعيل: من فضلك اعرف مراكز الناس قبل ما تلبخ لهم.. خد اقرا.. اقرا.
المذيع: إسماعيل بيديله كارت.. الكارت وقع على الأرض.
الجمهور: ضحك جماعى.
المذيع: إسماعيل أخد الكارت من الأرض وباسه.. هاهااها.