بقلم الدكتور: كمال زغلول
كما ذكرنا من قبل، صنع (المصري) القديم مجموعة من العلامات الحسية، وأصبحت ذات دلالة على عند الشعب (المصري) القديم ، فقد صنع علامة دالة على الأرض، ورمز لها بالملك جب، ملك (الأمنتت).
كذلك صنع علامة دالة على السماء، ورمز لها بزوجة الملك جب، وهى نوت، ورمز لها بالسماء، وتصورها (المصري) القديم بأنها السماء، وذلك بعد اختفاء أوزيريس، فجسدت نوت القبة السماوية المزينة بالنجوم والكواكب.
واعتبرهم (المصري) القديم أولادها، وتعتبر أم الشمس، وهى تبتلعها في الليل وتلدها في الصباح الباكر، وهكذا تمثل نوت علامة حسية، تتفرع منها مجموعة من العلامات الفلكية الحسية، تصور أولادها وأحفادها وحالة الصراع بينهما، ننتخب منها بعض العلامات للدلالة عليها.
أولا: علامة الشمس:
الشمس داخل المجتمع (المصري) القديم، تعد تجلي للحياة والحيوية وترمز للوعي، وتعد مبدأ أبدي، وقد تصور (المصري) القديم وجود ثلاث شموس، تجسد المراحل الثلاث بدورة الشمس.
أول تلك المراحل يسمى خبرى أو الشمس الوليدة في ساعات الفجر ، ثاني المراحل الشمس النهارية (وتسمى رع أو مرحلة رع) ، ولا يتوقف حورس عن القتل من أجلها، ثم المرحلة الثالثة وتسمى أتوم ، والشمس الليلة لها علاقة بالعالم الآخر.
فعندما تنطلق الروح مغادرة الحياة الدنيوية، فهي تأمل الامتزاج بالشمس لتصبح أوزيريس مضيئا، والثالث مراحل للشمس، يتجسد من خلال أمون (أي المستتر)، ونلاحظ أن الشمس تمثل علامة ثلاثية منقسمة إلى ثلاثة أسماء (خبرى.. رع.. أتوم).
ثانيا: علامة القمر:
القمر عند (المصري) القديم علامة حسية لها مراحل، إنه ضوء الليل، وكان يمثله خونسو وتحوت، ثم تحول إلى إيزيس وأوزيريس، وعن مراحل دورة القمر، فقد كانت تجسيد لمعاناة وآلام أوزيريس.
وأحيانا يلقب القمر بأبو الروح ويعتبر من عناصر الحياة، كما أنه يمثل عين حورس اليسرى، فالقمر عند (المصري) القديم تقريبا دورته تمثل معاناة أوزيريس، وعندما لا يتجلى أوزيريس في الشمس أو النيل، فإنه يوجد في القمر.
كما اعتقد (المصري) القديم أن الآلهة الإناث تولدت من القمر. وهكذا نرى خيال المصري القديم في تكوين علامة فلكية، مركبة تركيب حس ، يصور معناة أوزيريس، ويصور مجموعة من الإناث اعتقد أنهم آلهة.
ثالثا: علامات (فلك البروج)
لاعجب في كون الأبراج اختراع (المصري) القديم، وهي نفس العلامات للأبراج التي يستخدمها الناس هذه الأيام، لمعرفة الحظ والشخصية.. إلخ ، فأصل الأبراج هو التقويم المصري القديم، ونستعرضها:
* علامة الكبش: دالة على أمون الخفي الكامن في كل شيء، أنه مبدأ ترائي الحياة المنبعثة من تحولات لا يمكن أن تراها العين.
علامة الثور: دالة على الصورة البدائية المعبرة عن القوة والخصوبة، ويعتبر تجلي ذكوري وتجسد لحتحور.
* علامة التوأمين: لم يعثر على تفسير مقبول لتلك العلامة، إذ ربما يكونا شو وتفنوت، أو الربوتين التي تشرق الشمس من بينهما، أو صرحي المعبد.
* علامة السرطان: دالة على الجعل خبرى ، الذي يحضر الشمس إلى أفق المشرق، ويرمز إلى المستقبل والمولود الجديد.
* علامة الأسد: دالة على تصور وجود أسد شمسي حارس لأبواب المعبد والنصب المقدسة، ولهذا السبب أصبح ضمن أسماء الفرعون الكثيرة.
* علامة العذراء: دالة على إيزيس، وتمثل هذه العلامة، امرأة وقد امسكت في يدها سنبلة قمح، دليل على الحياة العالمية التي تتجدد دائما.
* علامة الميزان: دال على أداة الوزن للمحاصيل، ووزن الروح البشرية خلال المحاكمة الإلهية، ويرمز إلى مرحلة الحساب الختامي الروحاني والجسماني، والميزان مجال للمشاركة والحب، وإيزيس وجدت لها مكان به .
* علامة العقرب: دال على توفير الحماية والرعاية ويجلب الموت أيضا، ويجسم وفاة أوزيريس، بالإضافة إلي الرعايا التي قدمتها إيزيس للعمل على بعثة ثانية للحياة.
* علامة القوس: دالة على الفرعون أثناء الصيد، وترمز إلى أرواح المتوفين وهى تناضل ضد كل ما يربطها بالعالم الدنيوي، لكي تمضي إلى الضياء.
* علامة الجدى: دالة على صورة رمزية لأحد التحولات الليلة في صورة تحول سمكة إلى كبش قبل بداية دورة مستقبلية تمهد لها، وبشكل خفي للعلامتين يتجلى انتصار أوزيريس.
* علامة الدلو: دالة على نهر النيل وهو يصب مياهه عند النشأة الأولى لمصر.
* علامة السمكة: دالة على الروح التي يصادها الفرعون بالمشاهد الجنائزية، إنها الروح في مواجهة قدرها ، إنها الروح التي تبذل تعد من أجل حياتها الخالدة .
وهذه العلامات البرجية الفلكية ذات دلالات حسية كونها المصري القديم، ومركبة من مجموعة تصورات خيالية.
علامة نجم الشعري اليمانية:
تسمى (سوبدت) وتعنى المدببة، وكان بزوغها ينبئ عن الفيضان، وهى تجسيد لإيزيس، وترمز أيضا إلى المياه الأولية التي انبثقت منها الحياة والسنة المصرية.
وهكذا نلاحظ أن (المصري) القديم، كما صور حياة أبطال مسرحه ملوك الأمنتت، والعلامات الأرضية الجغرافية أيضا لأرض مصر.
صنع من السماء التي ترمز إلي (نوت) عالم من الكواكب والنجوم والأبراج، في صورة علامات لهؤلاء الأبطال، فكما لهم عالم أرضي أصبح لهم عالم في السماء في صورة علامات دالة عليهم.
وقد استخدمت تلك العلامات كنقوش داخل المعابد المصرية، والتي كانت تقدم عروض المسرح (المصري)، ويمكن أن تكون بمثابة مناظر سماوية دالة على شخصيات العرض الأرضية.