(شادية) عملت تحول في حياتها السينمائية، وتوهجت بسبب الأعمال الأدبية (2 /3)
* استطاعت مطربة (يادبلة الخطوبة) أن تقنع الناس أنها ممثلة بدون غناء في أفلام عديدة.
* أثبت دلوعة الشاشة أن وجهها الجميل صالح للكوميديا والمأساة من خلال تقديمها للعديد من الأفلام المتنوعة
* في فيلم (أرحم حبي) جسدت للمرة الأولي دور الزوجة الخائنة، فكانت الشريرة مثلما اعتدناها بريئة.
* أدت شادية دور الزوجة الشريرة البالغة الطموح في فيلم (لاتذكريني).
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
ما زالنا مع مشوار دلوعة السينما (شادية) التى تعتبر واحدة من جميلات الفن المصري، ويضاف إلى جمالها، خفة ظلها، وروعة طلتها.
من الصعب تصديق أو تفسير ذلك الثنائي الذي تكون بين (شاية) و(كمال الشناوي)، فقد عملا معا لسنوات طويلة للغاية حتي عام 1974 بدون انقطاع.
ما يعني أن هذا الثنائي الذي التقي طرفاه وهى في السابعة عشر، قد صارا يكبران معا يؤديان الأدوار الرومانسية غالبا، وقد يكون الرجل شريرا في بعض الأفلام لكنهما موجودان.
الغريب أننا لم نسمع عن قصة حب ولدت بين الاثنين في الواقع، لكننا عرفنا أن (كمال الشناوي) تزوج لبعض الوقت من شقيقة (شادية) الفنانة (عفاف شاكر).
وأن (شادية) في هذه المراحل تزوجت من رجال آخرين، منهم الفنان عماد حمدي، والمهندس عزيز فتحي، والنجم صلاح ذو الفقار.
وتزوج كمال الشناوي أكثر من مرة من داخل الوسط وخارجه، بما يعني أنه يمكن النظر الى كل قصص الحب التى حدثت في الأفلام علي أنها تمثيل في تمثيل.
وأن هناك أكذوبة كبري اسمها الكيمياء الفنية بين نجم وزميلته، وقد شاهدنا مثل هذه الظاهرة بكل وضوح في السينما الأمريكية من خلال الثنائي (روك هدسون ودوريس داي).
(شادية) وأفلام لا تنسى
عدد كبير من الأفلام لايمكن أن تنسي، عاشت فيها البطلة (شادية) في ظروف قاسية بسبب مشاعرها العاطفية، والوسط الاجتماعي الذي تنتمي اليه.
وذلك في الأفلام التالية التي قام ببطولتها هذا الثنائي (شادية) و(كمال الشناوي) ومنها: (في الهوا سوا، الهوا مالوش دوا، الدنيا حلوة، حياتي انت) وكلها من أخراج يوسف معلوف.
وقد جمع بينهما أيضا المخرج حسن الامام في أكثر من فيلم خاصة في النصف الثاني من الخمسينيات، ومن افلامه لهما (وداع في الفجر، لواحظ، قلوب العذاري).
وسوف نري هذا الثنائي العاشق (شادية) و(كمال الشناوي) وقد تغيرت ملامحه كثيرا، فهي في فيلم (لواحظ) عام 1957 هي ابنة الليل، أخت ضابط الشرطة الذي يحبها دون أن يعلم بالحقيقة، ويأخذها الي دار ابيه ضابط الشرطة السابق.
(شادية).. المرأة المجهولة
في فيلم (ارحم حبي) جسدت (شادية) للمرة الأولي دور الزوجة الخائنة، فكانت الشريرة مثلما اعتدناها بريئة، وفي فيلم (المرأة المجهولة) للمخرج محمود ذو الفقار، كم عانت من البلطجي الذي يجعلها تدفع الفدية.
ويقتل صديقتها حتي تم سجنه بعد أن فرقها عن أسرتها وقتلته دفاعا عن شرف ابنها المحامي، في هذا الفيلم تخلت عن جمالها.
وصارت امرأة عجوز متشردة في أشد الحاجة الي الأمان، ورغم ما اكتسي به وجهها من تشوهات الزمن، فإن الناس أحبتها، وتعاطفت معها بقوة باعتبار أن هناك جمالا آخر في الاعماق، جمال الأمومة والتضحية.
(شادية) واللص والكلاب
لعل النجم شكري سرحان هو أبرز من كون مع (شادية) ثنائيا في أفلام بارزة، وكثيرة العدد، وقد عملا طويلا حتي فيلمهما الخير معا: (اللص والكلاب) لكمال الشيخ 1962.
وفيه التقت العاهرة (نور) باللص (سعيد مهران) الخارج من السجن، فصار بينهما المأوي، ولم تفلح نور أن تجعل حبيبها يتراجع عن رغبته في الانتقام.
هذا الفيلم بمثابة نقطة تحول فاصلة في حياة المرأة التي اكتفت فقط بالتمثيل، ولم تعد البنت الدلوعة بالمرة، ونجحت في ارتداء القناع الذي اختارته.
وكان الثنائي (شادية) و(شكري) قد التقي معا خلال عشر سنوات في افلام عديدة منها: (الستات مايعرفوش يكدبوا) لمحمد عبد الجواد 1954، و(شباب إمرأة) لصلاح أبو سيف 1956.
و(حب من نار) و(الهاربة) عام 1958 لحسن الإمام، وغيرها من الأفلام التي جمعتهما .
(شادية).. والتأقلم مع الزمن
استطاعت (شادية) أن تتاقلم مع الزمن، وهى تدرك أنها لن تظل أبدا البنت الدلوعة المسكينة، إلا أنها لم تتخل قط عن القيام بدور البنت الشقية، والسيدة المرحة في أفلام أمام المطربين.
وبدت بالغة التألق أمام فريد الأطرش في فيلم (أنت حبيبي) 1957، وأيضا عندما استعان بها فطين عبد الوهاب لتعمل في فيلم (الزوجة 13).
ثم أمام زوجها صلاح ذو الفقار، في مجموعة متميزة من الأفلام الكوميدية، لم تكن فيها تغني إلا قليلا منها: (مراتي مدير عام، عفريت مراتي، كرامة زوجتي).
(شادية).. والتحول على يد الأدب
لكن تحول (شادية) الحقيقي، والتوهج الفعلي حدث في الأفلام الماخوذة عن نصوص أدبية، ومنها: (اللص والكلاب – 1962، وميرامار – 1969) لكمال الشيخ.
ثم (الطريق) لحسام الدين مصطفي، و(زقاق المدق) لحسن الأمام، وكلها عن روايات نجيب محفوظ و(شئ من الخوف) لثروت أباظة، و(نحن لانزرع الشوك) ليوسف السباعي، والأثنين للمخرج حسين كمال.
وقد تباينت الأدوار هنا بشكل حاد، لكن (شادية) بدت فيها جميعا في قمة التألق، فهي ابنة ليل تارة، لكنها امرأة شريفة تفي لحبيبها وتساعده.
وهى تقف بقوة ضد زواجها من حاكم القرية الطاغية (عتريس)، وهى (وصيفة) البنسيون التي تعمل وسط الرجال وتسعي الي التعلم، وأن تكون ذات حيثية.
وهى (حميدة) التي يدفعها طموحها الي الهرب من (زقاق المدق) الضيق الذي تسكنه، إنها رحلة طويلة مثمرة متنوعة في كل مرحلة منها حالة من الإضافة، ولأن الأصل جميل، فان كل صورة من التطور الذي حدث تبدو جميلة.
فمطربة (يادبلة الخطوبة) المتداولة بين الناس في فيلم (أنا وحبيبي) لكامل التلمساني عام 1953، يمكنها أن تقنع الناس أنها ممثلة بدون غناء في افلام عديدة.
كما أن هذا الوجه الجميل صالح للكوميديا والمأساة، السيدة المدير العام، ولواحظ ابنة الليل، وزوجة صاحب الفندق الخائنة، والزوجة التي حصلت علي رقم الثالثة عشر.
كما أدت شادية دور الزوجة الشريرة البالغة الطموح في فيلم (لاتذكريني).
الحلقة الثالثة والأخيرة الأسبوع القادم