بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
كنت أقيم في القاهرة بشكل شبه دائم، وكنت أسهر مع (محمد نوح) كل ليلة حتي الفجر، حضرت خطيبتي (اعتدال الجمل) لزيارة والدها الذي تجرى له عملية جراحيه في مستشفي القصر العيني، أثناء عودتنا من المستشفي.
وفجأة ارتفعت درجة حرارتها بشكل مزعج، عودنا إلى المستشفي، صمموا علي حجزها، رفضت، وصممت علي العوده إلى المنصورة.
ولم أبلغها أن الحالة وصلت لمرحلة الخطورة، كان شقيقي المرحوم (محمد رضوان) معي ويومها أحضر لها وهى في (السوبر جت) دواء (فيجاسكين).
إقرأ أيضا : حسين نوح يكتب : أبي محمد نوح عاشق مصر الغالية
والذي حولها إلي بحر من العرق، ثم تعودت عليه بعد ذلك، حاولت أن أعود معها إلي المنصورة، فرفضت تماما لأنها تعلم أنني أسهر مع (محمد نوح) كل ليلة حتي الفجر
لأننا تفرغنا لإخراج ألبوم غنائي.
وأقسم (محمد نوح) أن الألبوم سيحدث به انقلابا في عالم الغناء، سافرت (اعتدال) إلى المنصورة.
وظلت تطمئنني أنها في صحة جيدة، إلي أن اتصلت بي أسرتي لتخبرني أن (الحال مش ولا بد!) ولابد من حضوري.
رسالة إلى خطيبتي (اعتدال الجمل)
جلست في ستوديو (النهار) الذي يملكه (محمد نوح) لأكتب لها رساله أطمئن فيها عليها، وأبلغها أننا سننتهي (أنا ومحمد نوح) من ألبوم بعنوان (لا تنسانا) خلال أيام قليلة.
كتبت الرسالة، وبين هوامشها بعض الأبيات الشعرية، اتصل بي شقيقي (فيصل) عن طريق الاستوديو، وأبلغني أن (اعتدال) في أشد الحاجه لوجودي بجانبها.
أخذت الرسالة، وغادرت الاستوديو، متجها إلى المنصورة، ونسيت مسودة الرساله في الاستوديو، عثرت (سحر نوح) على المسودة، فأخذتها إلي والدها.
إقرأ أيضا : محمد نوح .. المتمرد الذي غنى لمصر أروع أناشيدها، وفتح الطريق للكينج
وهى تخبره أن الرسالة بها أشعار جميلة جدا، كتبها (عمو إبراهيم) لخطيبته، قرأ (محمد نوح) الكلمات، وقام فورا إلى البيانو يلحن الكلمات، ويسجلها في نفس اليوم، هو و سحر.
وذلك أثناء وجودي مع خطيبتي في المنصورة، وأعطيت خطيبتي الرسالة التي كنت سأرسلها لها، وأراحها ذلك نفسيا، خاصة أنها كانت منهارة، عندما أخبرها الطبيب المعالج، أنه لا زواج قبل عام على الأقل.
وحدثت المعجزة تقدمت حالتها الصحيه جدا، لدرجة أنها استطاعت الخروج معي من قريتها (الريدانيه) والوصول إلى المنصورة لنشتري بعض الأشياء في شقتنا التي سنتزوج فيها، أخبرتها أننا سنتزوج في شقتنا، إلي أن تتحسن صحتها.
نوح ومفاجأة في انتظاري
عدت للقاهرة، واتجهت إلي ستوديو (النهار) حيث استقبلني (محمد نوح) كعادته بالأحضان، وسألني ازي خطيبتك؟ أبلغته أنها تتحسن، أخبرني أن هناك مفاجأة في انتظاري!
وأخذني إلي الاستوديو لأستمتع معه ومع سحر بأجمل أغنية سمعتها في حياتي، والتي أبكتني، وأبكت (محمد نوح) وأبكت سحر وكل من كان موجودا بالاستوديو.
وتعجبت أن (محمد نوح) استطاع أن يلحن مسودة من خطاب كتبته لحبيبتي ،ويومها قال لي: (انت ناسي اني باقدر ألحن ورقة اليانصيب).
بكاء خطيبتي بسبب هذه الأغنية
اتصلت بخطيبتي، وأسمعتها الأغنيه تليفونيا، حيث بكت أيضا من جمال العمل، تكلم معها (محمد نوح)، وتكلمت سحر التي كان يربطها بها علاقة ود ومحبة.
وكانت الأغنية التى أبكتنا جميعا هى (أنا شايلك بين عنيا) التى تقول كلماتها :
أنا شايلك بين عنيا.. وبين قلبي و كياني
وما دام أمري ف إيديا.. هافتح لنداك بيباني
حبيبي يا حبيبي.. يا زهرة المداين
جايبلك، توت في جيبي.. بازرعلك في الجناين
باحبك سنتي سنتي.. باحبك حتة حتة
يا اللي عيونك مدينتي.. ترجع لي تاني إمتي
دا أنا شايلك بين عنيا
…………………….
ما تخافشي.. بكره أخضر.. ما اتخافشي ع العواطف
دا احنا بإخلاصنا نقدر.. ندوس فوق العواصف
يا حبيبي اتداري فيا.. عطشان حنان؟..عنيا
والله يا حبيبي.. مركبنا جايه جايه
حبيبي يا حبيبي.. يا زهرة المداين
جايبلك توت في جيبي.. بازرعلك في الجناين
باحبك سنتي سنتي.. باحبك حته حته
ياللي عيونك مدينتي.. ترجع لي تاني إمتي
دا انا شايلك بين عنيا
…………………….
سافر، و تعود عشاني.. ما تغيبشي.. يا حبيبي
قدام نهرك حصاني.. ما اشربشي يا حبيبي
يا ابو القلب الماوردي.. عدي ويايا عدي
و الله يا حبيبي.. إحنا قد التحدي
حبيبي.. يا حبيبي.. يا زهرة المداين
جايبلك توت في جيبي.. بازرعلك في الجناين
باحبك سنتي سنتي.. باحبك حتة حتة
يا اللي عيونك مدينتي.. ترجع لي تاني إمتي
تعقيب فايز حلاوة على الأغنية
بعد صدور ألبوم (محمد نوح)، احتفت الصحافة به، وأشادت بمولد أغنيات جديدة علي مسمع المتلقي العربي، كلهم كتبوا كلمات مشجعة، باستثناء شخص اسمه (فايز حلاوه) زوج الفنانة العظيمة تحية كاريوكا.
كتب في مجلة (أكتوبر): (أن عبد الرحيم منصور كتب أغنية يقول فيها لحبيبته جايبلك توت في جيبي، وبذلك أصبح روميو هذا العام سيلتقي بحبيبته، وجيوبه مبقعه من أثر التوت).
يشاء العلي القدير أن ألتقي أنا والمبدع (صلاح عبد السيد)، بالكاتب فايز حلاوه في أسانسير الإذاعة، قلت له بكل أدب علي فكرة يا أستاذ فايز: (أنا اللي كاتب الأغنية اللي فيها: جايبلك توت في جيبي، مش عبد الرحيم منصور!).
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: كانت علاقتي بـ (محمد نوح) علاقة إلهية!
كان رده سريعا، وقليل الأدب، قال لي: (ماتقولشي لحد أنك انت اللي كاتبها، وسيبها تلزق في عبد الرحيم منصور)، صرخ (صلاح عبد السيد) فيه : (ليه للدرجه دي الأغنية سيئة!).
لم أعطه فرصه للرد، وقلت لصلاح عبد السيد: (يا صلاح، ماتضيعشي وقتك في مناقشة جوز الست المتخلف عقليا!).
وبمجرد أن توقف الأسانسير في أول دور، غادر المصعد مهرولا، وهو في في غاية الفزع، قال لي صلاح: (كنت حاسس انك هاتضربه، وهو كمان كان حاسس بكده).
قلت لصلاح: (فعلا فكرت في كده، لأني حسيت أنه هان حبيبتي، وهان (محمد نوح)، وهان سحر، وهانني، وهان كل اللي حبوا الأغنية).
(محمد نوح) وأولاد أخو السادات
ضحك (محمد نوح) كثيرا عندما أخبرته بما قلته لهذا المختل (فايز حلاوة)، وأخبرني أنه يريد أن يدفع لي مبلغ 350 جنيه، كعربون لأغنيات سأكتبها له مستقبلا.
وسلمني المبلغ وهو يقول لي: (عد الفلوس يا إبراهيم، على ما احلق دقني، ونروح نسهر في الشاليمار وغرناطة، بس اوعي تتخانق مع أولاد أخو السادات زي المره اللي فاتت..
احنا مش قدهم، انت مالك ليدفعوا تمن مشروباهم أوما بيدفعوش هو أنت صاحب المكان؟!
عاد (محمد نوح) بعد حلاقة ذقنه ليقول لي: (عديت الفلوس يا إبراهيم؟)، قلت له: عديتهم، بس ناقصين عشرة جنيه، قال لي: (الفلوس مظبوطه يا إبراهيم، لأن فيهم ورقه بعشرين جنيه).
قلت له: (متي اخترعوا هذه العملة الورقيه الجديدة ولماذا؟!، قال لي (محمد نوح): (علشان تبقي هى الحاجة الوحيدة اللي اتغيرت في مصر).
وكان ويايا فى ليل غرناطة ليلاتى بيسهر
فى الشاليمار، أو جوه لاروند الحمره بيسكر
وأما بيسكر يبكى بحرقه، ما لهوش شقة
مالهوش إلا سرير مكسور، ومخدة قديمة
حقق شهرة فى مصرعظيمة، لكن عمره ما حقق مكسب
كل الناس اللى كتب ليهم.. كانوا عليه من بدرى بتنصب
يكتب، يكتب، والحسابة.. رفضت مهما ها يحصل تحسب
فجأة ظهر لعنيه جنيّة.. بيضة..عفية.. راح وياها
قبل ما ييجى صديقُه الغالى..دخل فى حشاها
لفت جوه عضامه جسدها لبؤة، وقالت عنه.. أسدها
وفضل يحرت فيها بروحه واما تغيب عنه بيرصدها
لحد ما مصت كل عروقه لحد ماضاق طوقه وهلاهيله
وأما وقع، ما لقاش فى المبنى حد يشيله
فجأة، ظهر صاحبه الجوانى، وشاله، وسافر
قالُه بأن العالم كافر
بعد سنين، كان عايز يرجع، فسمع صوته
بيحذره من ليل الغابة بص فى ألف وألف مراية
شافُه، بنفس اللبس الغامق، نفس ملامحه
بس بتحضن إيده، ربابة
لحد ما ضاق طوقه وهلاهيله
وأما وقع، ما لقاش فى المبنى حد يشيله
فجأة ظهرصاحبه الجوانى، وشاله، وسافر
قالُه بأن العالم كافر