بقلم الدكتور: كمال زغلول
المصريون القدماء أول من ابتكر فكرة (القناع)، وعمم هذا الابتكار في الحياة الشعبية المصرية، حتى صار مرتبط بالوجدان الشعبي المصري القديم، وفكرة القناع اعتمدت.
ويبدو أن فكرة (القناع) كانت مبدئيا لتصوير الآلهة المصرية، فقد صنع المصري القديم قناع أو رمز دلالة على شكل الإله، فالآلهة المصرية مجموعة من البشر، ألههم المصري القديم، وصنع لهم مجموعة من الأقنعة لتدل على صورة لهم.
وسوف نلاحظ عند التعرض لها أنهم ذو أجسام بشرية، بوجوه مختلفة، وبعد ذلك انتقلت فكرة (القناع) إلى المتوفي، فكان الملك الميت يصنع له قناع، يوضع على جثته، وكذلك أفراد الشعب .
والكهنة في مصر القديمة كان يرتدون (القناع) الإلهي أثناء الطقوس، وبالطبع عند تمثيل المسرحية المصرية كان الممثلين المصريين القدماء يرتدون تلك الأقنعة ، الدالة على الشخصيات المسرحية.
ونستعرض بعضا من تلك الشخصيات المسرحية بأقنعتها الخاصة:
تحوتي.. و(القناع):
تحوتي أو تحوت: (القناع) أبو منجل، لون (القناع) الأخضر غطاء رأس على شكل قرص القمر يجلس على هلال يرتكز على رأسه، و(القناع) بهذا الشكل يدلل على شخصية تحوتي من خلال صورة (القناع).
فهو وفق الأساطير المصرية، مرتبط بالتوقيت الزمني، فنسب له إنشاء التقويم 360 يوم في السنة، ولهذا شخصية ترتبط بالحكمة، وتنظيم الأحداث والزمن والتنجم.
ولما كان تحوتي يرتبط بالقمر، فقد استخدم طريقة لحساب الوقت بدون الشمس عن طريق ضوء القمر، ويظهر ممسكا بورقة بردي وقلم لكونه وفق الأساطير المصرية مخترع الكتابة الهيروغليفية.
وتلك الشخصية تظهر في المسرح المصري لمساعدة (إيزيس) عندما لدغ (حورس) من العقرب، وعندما غزى الفرس مصر.
أوزيريس.. و(القناع):
يظهر أوزيريس) بوجهه بدون (القناع)، ولون بشترته الأخضر دلالة عن الخير والنماء، ويمكن أثناء التمثيل أن يرتدي الممثل (القناع) بوجهه أخضر اللون، والأخضر يرمز إلي الولادة من جديد، تصوير لعملية إحيائه من الموت.
ويرتدي التاج الأبيض، وهو لون ملكي في مصر القديمة، كما أن ملابسه لونها أبيض، وممسكا بالمذبة وهى عبارة عن قضيب به ثلاثة خيوط من الخرز، وعصا الراعي، وهما شارات الملك في مصر.
إيزيس.. و(القناع):
شخصية (إيزيس) تظهر أيضا بوجهها، ولكن رداء الرأس لها يعتبر من الأقنعة الرمزية في مصر القديمة، وما سبق القول فإن اسمها يعني العرش،.و
لهذا تظهر (إيزيس)، وعلى رأسها كرسي العرش، والذي استردته من (ست) أخيها، بعد معركة خاضها (حورس) الأبن مع ست وغطاء الرأس هذا يرمز إلى اسمها.
حورس.. و(القناع):
شخصية حورس تظهر بقناع رأس الصقر، فوجهه مخفي خلف هذا (القناع)، ويرتدى التاج الأبيض والأحمر كرمز للملكية على مملكة مصر بأكملها، وكرمز على وحدة مصر، ويعتبر حامي الملكية في مصر والوصي عليها في كثير من الأحيان.
أنوبيس.. و(القناع):
يتم تصويره بقناع ابن أوى، وهو المسئول عن التحنيط، وهو الذي قام بتحنيط جثة أوزيريس أبيه من (نفتيس)، التي تسللت إلى فراشة في غياب (إيزيس)، وتعطرت بعطرها، وكان هذا من تدبير (ست).
ويبدو أنه يظهر كشخصيه صامته تقوم بعملها، داخل المسرح المصري القديم.
نفتيس.. و(القناع):
اسم نفتيس يعني (ست البيت)، وهى أخت (إيزيس) التي يعني اسمها العرش، ومدلول اسمها غامض من حيث دلالة الاسم، فمازال الغموض يحيط بدورها كست للبيت ولم يظهر هذا في البرديات التي وصلت إلينا.
ولكن يمكن أن يكون معادل لإيزيس، من حيث الازدواجية، فإيزيس تخص العرش، و(نفتيس) تخص البيت المصري القديم، وهى تظهر مع (إيزيس) في بعض الأعمال المسرحية المصرية القديمة.
خاصة عند مقتل (أوزيريس)، وعند لدغ (حورس) من العقرب، وتظهر بوجهها الأدمي وترتدي غطاء رأس (القناع) على شكل منزل وسلة.
ست.. و(القناع):
قاتل (أوزيريس)، ومغتصب حكم مصر حتى أعاده (حورس)، وتحدثنا عنه كثير في المقالات السابقة، وفي تلك المقالة سوف نتحدث عن (القناع) الذي ارتداه (ست)، حيث أنه من أغرب الأقنعة.
فالمصري القديم صمم هذا (القناع) بغرابة شديدة أنه لا يرمز إلي حيوان بعينه، ولكنه مزيج من مجموعة حيوانات، وهذا عائد إلى تسمية المصريين لست أو تشبيه بحيوان غامض عرف باسم حيوان (ست).
هذا الحيوان يشبه خنزير الأرض أو كلب بري أفريقي أو ضبع أو خنزير أو حمار، ولكنه (القناع) الحيواني له، وفي الأغلب الأعم هو شكل لرأس الحمار.
جب.. و(القناع):
لا يوجد قناع لجب الأب للإخوة الأربعة ، ولكن يظهر بوجهه البشري ، ولحية ، ويرتدي غطاء رأس عليه أوزه ، ورمز الأوزه ، هو واحد من حروف اسمه ، عن التهجئة ، واسمه يعني الماشي المتعثر ، مثل الأوزه .
نوت.. و(القناع):
(نوت) هى زوجة (جب)، وهى أم الأربعة أبناء، وليس لها قناع رأس، وتردي غطاء رأس عليه وعاء ماء.
ونكتفي بهذا القدر من شخصيات المسرح المصري، وصورهم المقنعة التي صورها المصري القديم، ونحب أن ننوه أن المواد التي صنعت منها هذه الأقنعة كانت في البداية مصنوعة من الخشب، في قطعتين ومتصلتين بأوتاد.
وبعد ذلك استخدم المصريون ما يسمى بـ (الكارتوناج)، وهى مادة تصنع من ورق البردي أو الكتان وتنقع في الجص ثم تشكل على قالب خشبي.
إقرأ أيضا : كمال زغلول يكتب: الجمهور في المسرح المصري القديم
كان هذا بالطبع نسخة رخيصة مخصصة للطبقة الدنيا، وأقنعة الموت الملكية كانت مصنوعة من معادن ثمينة، في المقام الأول – أوراق الذهب أو الذهب على البرونز.
ومن أشهر الأقنعة الجنائزية قناع توت عنخ آمون، وبهذا تكون مصر من أولي الدول في العالم التي ابتكرت (القناع) واستخدمته على عدة مستويات، قناع الموتي، قناع الطقوس، قناع التمثيل في المسرح المصري القديم.