بقلم: علي عبد الرحمن
لايخفي علي مصري ولا حتي عربي أن مصر تمر بفتره (الأزمة الاقتصادية) الحرجة، ملامحها انخفاض شديد في قيمة العملة المحلية، وانفلات الأسعار، وغياب الرقابه علي الأسواق، وتدني الدخول، وقلة فرص العمل.
وتصفية بعض الأنشطة، وهروب بعض رؤس الأموال، وزيادة تسعير الخدمات، وغلو متطلبات الحياة الضروريه من (زيت وسكر وفول وطعميه وعيش)، ناهيك عن من نسوا طعم اللحمة وخاصموا محال بيعها.
وكذا الفراخ نظرا لغلو أسعار العلف والأمصال، مع تعثر الاستيراد نظرا لظروف عدم توافر العمله الصعبة، والأسماك أيضا خاصمها الجمهور.
ومازالت اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد مستمرة لعلاج (الأزمة الاقتصادية)، واجتماعات البنك المركزي لتحديد أسعار الفائدة، والوصول لحل مع التباين المفرط بين سعر الدولار البنكي 32 جنيه وسعره بالسوق الذي قارب الـ 80 جنيه.
إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب: أحلام في (إعلام) وطني × سنه ميلادية
وهذا فارق لايدفع عاقل للتعامل مع البنوك بأسعارها، ولما كانت الأزمات تحل لفترة ثم تنفرج، إلا أن أزمتنا مالها من ملامح حل، علاوة على ماسبق من قرارات اقتصادية قاسية لضرورة الإصلاح الاقتصادي.
وتحمل الناس كثيرا على أمل أن يكون الغد أفضل، ولكن لم يأت الغد بعد!، ومع استمرار تصاعد سعر الدولار وتصاعد يومي لأسعار كل شئ، وإنعدام الرقابه علي أسعار وجشع السوق في ظل (الأزمة الاقتصادية).
وعدم تحمل معظم الأسر لتكاليف الحياة اليومية البسيطة، ومع قرب دخول شهر رمضان ورعب المواطن مما هو قادم، أصبح اليأس والتشاؤم شعارا، والشائعات طريقة حياة، والقلق من الغد سمة عامة.
ومع كل ذلك لم يجد المواطن من يحنو عليه طبطبة وشرحا ومواساة وأملا في غد احسن، وتم ترك المواطن من جانب الإعلام لأقوال الشارع مثل (اللي جاي أسوأ) و (إحنا كده في رفاهيه واللي جاي أصعب).
فماذا يفعل المواطن بين قرارات قاسية وظروف أشد قسوة ومستقبل أقصي وأقصي؟!، فلا الحكومه بوزرائها ولا متحدثيها الرسميون أفهموا المواطن ما سبب ما نحن فيه ولا متي تنفرج؟
الخبراء و(الأزمة الاقتصادية)
ولا الخبراء تم السماح لهم بالقيام بهذا الدور للشرح والربط والإفهام، ولا أهل الميديا من مذيعي البرامج قاموا بدورهم وسارعوا إلى الحكومه ومتحدثيها، ولا استضافوا الخبراء وناقشوهم في (الأزمة الاقتصادية).
ولا حتي أتاحوا لهم فرصة تليفونيه للشرح والربط والتفهيم، ولا تحركوا مع حملة على الأسواق لردع جشع التجار، ولا خاطبوا جهات الرقابه على الأسواق من تموين وداخلية ورقابة وجهاز حماية المستهلك.
ولا أذاعوا أسعارا مقررة للسلع، ولا وسائل الشكوي من الأسعار، ولا بثوا تنويهات تحذر من نصوص قانونية تعاقب الجشع والاحتكار، ولا قدموا تغطية لمعارض سلع تبيع بسعر أقل.
لان معظم هذه المعارض صورة سياسيه فقط وأسعارها لاتفرق سوي في جنيه أو اكثر علي أحسن تقدير، وحتي سيارات بيع الوزارات قاربت جدا أسعارها أسعار السوق الجشع.
إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب: إعلام (الجمهورية الجديدة).. بين المحتوي والشكل
ففي خضم (الأزمة الاقتصادية) الطاحنه وأنين المواطنين، غابت الرقابة علي الأسواق وسياسات التسعير الملزمة وغاب دور الحكومه، واختفي دور الخبراء، ومات دور المجتمع المدني.
وانتهي دور الإعلام المنتمي لشعبه، وتزاد (الأزمة الاقتصادية) تفاقما مع قرب دخول شهر رمضان واستمرار غياب كل أطراف الأزمة، واستمرار مشاورات الاقتراض والتسعير، وتصاعد يومي في سعر الدولار والسلع.
وثبات غير منطقي لسعر الدولار بالبنوك، وتنامي تداول العملة الصعبة بالسوق السوداء، وتناقص تحويلات المصريين بالخارج لهذا السبب أيضا وقلة دخل قناة السويس.
نظرا لظروف تفاعل الحوثيين مع العدوان على غزه وهجماتهم على السفن المتجهة نحو قناتنا، وإجبار الملاحه علي الرجوع إلي طريق رأس الرجاء الصالح،.
كل هذا افقد الدولة موارد كثيرا من العملة الصعبة، سواء سياسات التسعير البنكية، أو عدم ملائمة هذا السعر لجذب المصريين بالخارج للتحويل إلي بنوك الوطن، وقلة موارد القناة، فماذا بعد كل هذا!!!
سئم المواطن من (الأزمة الاقتصادية)
هل يفقد المواطن صوابه؟، هل يعيش حبيس الإشاعات والأقاويل؟، هل يسلم نفسه لغد غير مأمون، أم ستسلك الحكومه مسلكا مريحا؟، وهل سيفسح المجال الإعلامي مساحة للخبراء لطمأنة المواطنين؟
أم هل سيترك الإعلاميون حكاية (حرب أوكرانيا) والوضع الاقتصادي العالمي، وأن كل شعوب الأرض تعاني مثلنا وأكثرمن (الأزمة الاقتصادية)؟!
لقد سئم المواطن هذه الرواية، وسئم تركه لظروفه الطاحنة، وسئم أداء إعلامييه، ويدعو الله أن يهدي كل قوم لدورهم، وأن يروا إعلاما منشغلا بظروف مواطنيه، ومهتما بطمأنة مواطنيه.
وأن تكون رسائله عبر مسئولي الحكومة، وخبراء المجتمع وإعلامييه، شرحا لـ (الأزمة الاقتصادية)، وربطا للأمور، وتحليلا للغلاء وأسبابه، ومصاحبة حملات الرقابه علي الأسواق، وبثا لعقوبات رادعة لتجار جشعين.
وإرشادا عن معارض حقيقية، وبثا لتنويهات حول (الأزمة الاقتصادية)، وإذاعة لنصوص القوانين الرادعة، ومحاولة لزرع بصيص أمل في غد تقل فيه حدة المعاناة.
وطبطبة على كتف المواطن المتحمل كثيرا، وتفنيدا للشائعات والأقاويل عن الغد الغامض.
إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب: (إعلام) تحت الأرض !
إنه المواطن الصلد الذي تحمل ويتحمل التائه بمفرده، المتحمل وأسرته، اللاهث خلف قوت يومه، المنتظر لمن يفهمه ماذا يجري ومتي يخف او ينتهي؟!
هيا بنا نفعل كلنا ما بوسعنا حتي يشتد صلب المواطن ونعبر كلنا هذه الأزمة التي مانري لها قريبا إنفراجة، إلا ان يتغمدنا الله برحمة منه وفضل.
حمي الله مصر وطمأن شعبها وألهم مختصيها صوابا ورشدا، وأنزل إعلامها من عليائه إلى أرض مواطنيه، وتحيا مصر..اللهم آمين.