بقلم: محمد حبوشة
ركوب قضية طلاق الفنانة (ياسمين عبد العزيز) الترند خلال اليومين الماضيين، تؤكد مقولة الفيلسوف الفرنسي (ريجريس دوبريه) في كتابه الكاشف (حياة الصورة وموتها)، حيث قال (إن كثرة التعرض للصور يصيب الإنسان بالعمي).
طبعا يقصد (دوبريه) أن الإنسان يصاب بعمى (البصيرة) ما يعني غياب الضمير في خبر كان، بدليل أن الناس اعتادت صور مجازر إسرائيل البشعة في غزة، حتى أصبحت فعلا عاديا نشاهده على الشاشة، ومن ثم انشغلنا بطلاق (ياسمين عبد العزيز).
تفاعل الناس بقضية طلاق (ياسمين عبد العزيز) يشير إلى أننا نعيش عصر جدارة (صحافة الحرام)، و(حرمة الإعلام)، عندما غاب ضمير الصحفيين، ومذيعي البرامج التلفزيونية التافهة التي راحت تبحث عن سر طلاق أجمل (كابل) فني في مصر.
ينبهنا (ريجريس دوببريه) في كتاب (حياة الصورة وموتها) إلى خطورة الصورة في عصر التكنولوجيا قائلا: (تكتسي مباحث الصورة اليوم من الأهمية مايجعلها طلائعية، خاصة وإن تكنولوجيا الصورة والإعلام قد حولت العالم إلى راحة يد يكفي أن نبسطها كي نطلع على مايدب فيها).
لقد ذهب (دوبريه) – الذي لايعرف بالطبع النجمة (ياسمين عبد العزيز) – إلى أنه لم يعد الإنسان المعاصر اليوم يقبل بما هو لامرئي، إذ يسعى لاقتحام كل المجاهل والأشياء المادية وحتى غير المادية، وهو ما خلق نوعا من خفوت الخيال وتراجع القيم والأخلاق، في مقابل هيمنة مبدأ النفع المادي والتشابه وغياب الخصوصية.
إعادة قراءة الكتاب جعلني أتحسر على صحافة هذا الزمن وأنا أتابع تفاصيل طلاق ياسمين عبد العزيز) التي جعلت كل من هب ودب يبحث في أسرار (الطلاق) الذي وقع بين (ياسمين وأحمد العوضي) وكأنه طلاق القرن، واختفت مشاهد مجازر غزة.
وربما فسر لي (دوبري) أسباب تعلق إنسان هذا العصر بالصورة، سواء كانت الصورة موحشة أو مخففة عن النفس، أو كانت مدهشة أو فاتنة، أو كانت يدوية أو آلية، ثابتة أو متحركة، بالأبيض والأسود أو بالألوان، صامتة أو ناطقة.
فإنها تمارس الفعل وتحث على رد الفعل، هو الشيء الأكيد منذ آلاف السنين، إن بعض الصور التي ننعتها (بالآثار الفنية) تمنح نفسها باطمئنان للتأمل.
بيد أن هذا التأمل لا يعتق أبدا من (مأساة الإرادة)، كما كان يرغب في ذلك (شوبنهاور)، ذلك أن آثار الصور عادة ما تكون مأساوية.
صورة طلاق (ياسمين عبد العزيز)
نعم لقد جعل صحفيوا ومذيعي الغبرة، صورة طلاق (ياسمين عبد العزيز) و(أحمد العوضي) مأساوية بامتياز، وذهبوا بخيالهم المريض إلى اتهام فنانة بعينها بأنها كانت وراء الطلاق، أو أن الخيانة كانت وراء الطلاق!
بينما نفت الفنانة (ياسمين عبد العزيز) أن السبب وراء طلاقها من أحمد العوضي هو خيانته لها، وكتبت ياسمين عبد العزيز فى منشور لها على صفحتها الرسمية بموقع الصور الشهير (إنستجرام): أشهد الله أن هذا الرجل لم يخونني خلال 5 سنين جواز وانفصالنا شىء قدري مش بأيدينا .
وتصدرت الفنانة ياسمين عبد العزيز وزوجها الفنان أحمد العوضي (تريند) مؤشر البحث عبر موقع جوجل بعد تداول رواد التواصل الاجتماعي فيسبوك فيديو من لقاء خبيرة الفلك والأبراج ليلى عبد اللطيف مع الإعلامي نيشان، التى توقعت فيه انفصال ياسمين عبد العزيز عن زوجها، النجم أحمد العوضي.
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب : ماذا حدث لأهل الفن؟!
وجاء خبر الانفصال بعد ظهورهما المبهج سويا في حفل توزيع جوائز (وشوشة)، حينما رفعت ياسمين عبد العزيز علم فلسطين، واحتفى بهم المتواجدين مع إبراز الرومانسية بينهما.
سأل أحد المراسلين (ياسمين عبد العزيز) سؤالا ساذجا،عن حقيقة انتظارها مولود جديد من أحمد العوضي (هل في نونو؟) مما أربكها بشكل كبير لكنه دافع عن الأمر وتسبب في إحراجها.
بعدها ظهر (أحمد العوضي) بمفرده في العرض الخاص لفيلمه (الإسكندراني)، وقال إن سبب غيابها هو مرضها الشديد، ولكنها واظبت على تشجيعه ونشر صور وفيديوهات له عبر حساباتها على السوشيال ميديا.
ولأن الفنانين مهموسون بركوب (الترند)، كتبت (ياسمين عبد العزيز) في رسالة غامضة كتبت عبر حساباتها على السوشيال ميديا: (تم الطلاق الرسمي بيني وبين أحمد وبيننا كل الاحترام والتقدير).
بدوره أعلن (أحمد العوضي) في منشور على صحفته في فيسبوك عن الطلاق، قائلا (تم الطلاق الرسمي بيني وبين ياسمين.. وسيظل بيننا كل الاحترام)، وتداول عدد كبير من جمهور النجمين خبر انفصال الزوجين، معبرين عن اندهاشهم من طلاق الثنائي الفني خصوصا مع عدم وجود أي بوادر سابقة لخلافات بينهما.
لكن يبقى الأمر الأكثر إثارة للجدل، هو نبوءة خبيرة الأبراج اللبنانية (ليلى عبد اللطيف)، التي توقعت انفصال الثنائي في عام 2024، وعلق (العوضي) على هذه التوقعات حينها بعبارة (كذب المنجمون ولو صدقوا)، مشككا في هذه التنبؤات ورافضا لها.
(ياسمين عبد العزيز) و(صحافة الحرام)
ويبقى الأغرب من قصة (ليلى عبد اللطيف) انشغال (صحافة الحرام) و(حرمة الإعلام) هو انشغال بعض الصحفيين بأبرز 5 مواقف بين ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي في الفترة الأخيرة جعلت زواجها صدمه للجمهور، وجاءت على النحو التالي:
1- احتفل العوضي قبل ساعات قليلة من اعلان الطلاق بعيد ميلاد (ياسمين عبد العزيز)، ونشر صورة تجمعه به عبر حسابه على (انستجرام)، معلقا عليها: (كل سنه وانتي طيبه يا حبيبتي، العمر كله ان شاء الله في صحة وسعادة ونجاح).
2- نشرت (ياسمين عبد العزيز) مع بداية العام الجديد فيديو طريفا يجمعها بزوجها النجم أحمد العوضى، وهما يرقصان سويا خلال فيديو وضح عليه أن تم تركيبه عبر تقنية الفوتوشوب.
إلا أن (ياسمين عبد العزيز) قررت التفاعل به مع متابعيهما، (ياسمين عبد العزيز) لم تتوقف عند ذلك وإنما تفاعلت مع متابعيها بكتابة: (الخديوي مايعملش الحركات دي أنا الدادة دودي أعملها عادي).
3- في 1 يناير علقت الفنانة (ياسمين عبد العزيز) على توقعات خبيرة أبراج مؤخرا قالت فيه بمناسبة السنة الجديدة 2024، ستشهد انفصال الثنائى (ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضى).
وقالت (ياسمين) عبر حسابها على انستجرام: (بلاش إنتي يا ليلى، يا ساتر يا رب)، وما أن نشرت (ياسمين) الفيديو من كلام خبيرة الأبراج وعلقت عليه حتى تفاعل معها قطاع كبير من متابعيها ممن تفاعلوا معها بالدعاء لها هى وعوضى باستمرار حياتهما مستقرة بعيدًا عن أي أزمات.
4- في 12 ديسمبر الماضي، احتفلت (ياسمين عبد العزيز)، بعيد ميلاد أحمد العوضي، بصور نشرتها عبر حسابها الشخصي بموقع (إنستجرام)، وكتبت (كل سنة وانت طيب يا حبيبي عقبال 100 سنة ف صحة وسعادة يا عوضيكوااا)، وسرعان ما رد الأخير في تعليق على البوست قائلا: (وانتى طيبة يا قلبي).
5- في نوفمبر الماضي نشرت (ياسمين عبد العزيز) فيديو لها هى والعوضي في السيارة وأمامهم مئات المعجبين يريدون التقاط الصور للثنائي المفضل لهم، وهو ما كشف حب الجمهور الغامر للثنائي.
تفاهة الصحفين والنجوم سواء
ما هذه التفاهة التي يعيشها (صحفيوا الحرام) والنجوم المهموسون بالترند، بينما نحن نعيش أكبر مأساة في التاريخ الإنساني، حيث يستشهد يوميا أمام أعيننا أبناء غزة المكلمون على الأطفال والنساء والشيوخ وزهرات شبابهم.
كفانا عبثا ولنتأمل مليا قول (ريجريس دوبري): إذا كانت صورنا تتغلب علينا، وإذا كانت بطبيعتها تحمل في طياتها شيئا آخر بالقوة غير الإدراك، فإن قدراتها ـ سواء تعلق بهالة قداسة أو بحظوة أو إشعاع ما – تتغير مع الزمن.
ونحن نرغب في مساءلة هذه السلطة واستكشاف تحولاتها، وعلى تاريخ الفن هنا أن ينسحب أمام التاريخ الذي منحه إمكانية الوجود، أي أمام النظرة التي نلقيها على الأشياء التي تمثل لأشياء أخرى.
إنه تاريخ مليء بالضجيج والفوران، وغالبا ما حكي من قبل أناس بلهاء، غير أنه مع ذلك مثقل بالمعنى.
لا شيء قد حسم مسبقا فيه، ذلك أن السطوة التي تمارسها علينا صورنا تتغير مع حقل الجاذبية الذي تضعه فيه عيننا الجماعية، ذلك اللاوعي المشترك الذي يبدل إسقاطاته تبعا لتقنيات تشخيصاتنا.. حسبي الله ونعم الوكيل في صحافتنا وإعلامنا.