كتب: محمد حبوشة
أجمل ما في فيلم (سكر) أنه أول فيلم سينمائي غنائي من إنتاج mbc ، أنه موجه للعائلة، وهو الفيلم الأول من عدة أفلام تحمل اسم (سكر) من رؤية وكلمات النص الغنائي لهبة مشاري حمادة، وإخراج تامر مهدي.
يستوحي (سكر) قصته من رواية (Daddy Longs Legs) العالمية الشهيرة بـ (صاحب الظل الطويل).
وتدور أحداث (سكر) حول يوميات مجموعة من الأطفال واليافعين الذين يعيشون في دار للأيتام ويتعاونون معا لمواجهة ظروفهم الحياتية الصعبة تحت إدارة قاسية للدار، في وقت يرسمون فيه أحلاماً وردية لمستقبل مشرق ينتظرهم.
(سكر) واحد من هذه السلسلة من الأفلام بطولة كل من النجمة (حلا الترك، معتز هشام، بافلي ريمون، ياسمين العبد، وديمه أحمد، محمد حربي، هاجر محمد، فضلا عن الفنانة القديرة ماجدة زكي، نجم الكوميديا محمد ثروت.
وأيضا النجوم اليافعين (ماريا جمعة، عبدالله خالد، عمر خالد)، ويشارك في البطولة النجوم: (ريهام الشنواني، إسلام إبراهيم، ياسر الطوبجي، عباس أبو الحسن) كما يشارك الفنان (أحمد سعد) أيضا في الفيلم، وآخرين.
وأشرف على تصميم الأزياء منى التونسي، أما التصميم الفني الإنتاجي فكان تحت إدارة (علي حسام علي)، فيما أدار التصوير السينمائي (السينموغرافي) مصطفى فهمي.
إقرأ أيضا : حوار إنساني رفيع بين “ماجدة زكي” و”خالد زكي”
نحن نلمس من خلال أحداث فيلم (سكر) أن بعض القصص لا نمل منها، نحب سماعها، ومشاهدة تجسيدها في السينما أو على المسرح، وفى كل مرة نكتشف تفاصيل جديدة، وربما أضاف إليها خيالنا المزيد من الأحداث.
وعلى الرغم من أن رواية الكاتبة الأمريكية (جين ويبستر) Daddy- Long- Legs، المعروفة باسم (صاحب الظل الطويل) المأخوذ عنها فيلم (سكر)، هى واحدة من هذه الروايات كانت على شكل مجموعة من الخطابات التي كتبتها شخصية جودى أبوت.
أحداث قصة فيلم (سكر) تدور حول الطفلة اليتيمة في دار الأيتام، لوالدها الذي تبناها، ولم ترَ منه سوى ظله لتحكى له فيها عن يومياتها، لكنها منذ خرجت للنور عام 1912 لقيت نجاحًا كبيرا.
وتحولت إلى مسلسلات وأفلام وحتى مسرحيات وأنيمى يصعب حصرها، وفى مصر كان فيلم (ابنتى العزيزة) لرشدى أباظة ونجاة الصغيرة في السبعينيات من أشهر الأعمال المأخوذة عن رواية صاحب الظل الطويل، وأخيرا جاء الفيلم الاستعراضى الغنائى (سكر) الذي نحن بصدده.
أحداث فيلم (سكر)
وكما في المعالجات الدرامية السابقة لرواية صاحب الظل الطويل، تأتي أحداث فيلم (سكر) حول مجموعة من الأطفال الذين يعيشون في دار للأيتام، ويتعاونون معا لمواجهة ظروفهم الحياتية الصعبة.
خاصة في وجود إدارة قاسية للدار، وتبرز وسطهم الفتاة (سكر)، التي تلعب دورها الفنانة البحرينية (حلا الترك)، أقدم الأطفال في دار الأيتام، والتى وصلت إلى سن المراهقة دون أن يتبناها أحد.
ووسط ما يعانيه الأطفال في (الملجأ) من قسوة المديرة (رتيبة/ ماجدة زكى)، وسوء الحال، يمرون أيضا بعدد من المواقف التي تظهر فيها شخصياتهم وكيف يتعاملون مع بعضهم ومع العالم الخارجى.
صحيح أن فيلم (سكر) لم يلتزم بتفاصيل وحبكة (صاحب الظل الطويل)، وانطلق من المكان (الملجأ) ليأخذنا في رحلة إلى عالم شخصياته سواء العاملين فيه أو الأطفال بشخصياتهم المختلفة وتركيباتهم النفسية.
إقرأ أيضا : مواجهة عاصفة بين (ماجدة زكي وخالد زكي) في مسلسل (قوت القلوب)
ولأن الفيلم غنائى بالكامل، فقد تعرفنا على طبيعة كل شخصية من خلال الاستعراضات والأغنيات، فهناك (بطاطا)، الذي يتعرض للتنمر بسبب حبه للأكل ووزنه الزائد.
و(جزرة) الذي يتعرض للابتزاز من ابن صاحب المخبز الذي يعمل به بسبب ذكائه، و(زوبعة) المتآمرة دومًا على زملائها، و(طارق) الموهوب في كرة القدم، والذى لديه طموح يصطدم دومًا بواقع أنه طفل يتيم يعيش في ملجأ.
ثم هناك (بلاليكا/ محمد ثروت) الذي يتولى تقريبا كل شىء في دار الأيتام، ويتعرض لإهدار حقه من مديرة الدار المستبدة (رتيبة)
والحقيقة أنه طوال فترة الإعداد التي استمرت لعام كامل بجانب 9 أشهر من التصوير كان يتم الترويج لـ (سكر) باعتباره مسلسلا تلفزيونيا، لكن الشركة المنتجة قررت وبشكل مفاجئ تحويله إلى فيلم سينمائى يتكون من عدة أجزاء.
وهو ما ظهر بشكل واضح في الجزء الأول (سكر) الذي عرض قبل ثلاثة أشهر تقريبا، والذي كان أشبه بـ (فرشة) للعمل، فخلال ما يقرب من ساعة ونصف الساعة مدة عرض الفيلم كان التركيز على تقديم كل شخصية من خلال مواقف ترجمت إلى قالب غنائى.
العالم الذي قدمه فيلم (سكر)
وأيضا وصف العالم الذي تدور فيه الأحداث، وهو ما جعل الحبكة أو المغامرة التي يمر بها الأطفال في هذا الجزء لا تأخذ حقها في التناول، على الرغم من أن قصة الرجل الغنى (أبوالدهب/ عباس أبو الحسن).
ذلك الرجل الذي يتبنى الأطفال ويحبسهم بغرض العمل في قبو لسبك العملات الذهبية، تتحمل المزيد من المغامرات المثيرة، خاصة في محاولات الأطفال الهروب من القبو.
وظني أن المخرج (تامر مهدى) استطاع أن يخلق عالما خاصا خارج أي سياق مكانى أو حتى زمانى، وهو ما أشاهده تقريبا للمرة الأولى في فيلم ناطق باللغة العربية.
ربما أن ذلك العالم أعطانى الإحساس بأنه مزيج من عالم هارى بوتر، وEdward Scissorhands، وربما أيضا بعض المعالجات التي قُدمت لرواية ديفيد كوبر فيلد والأجواء الإنجليزية في القرن الـ 19.
لكن المخرج وضع قواعد العالم الذي قدمه في فيلم (سكر) حيث اختار الشكل الأجمل بصريا، وهو ما نجح فيه بالفعل، فالصورة في الفيلم بالفعل جميلة وجديدة على السينما العربية بشكل عام.
كما أن اختيار القالب الغنائى الاستعراضى لتقديم قصة (سكر) كان من الأمور التي لابد أن يتوقف المرء عندها كثيرا، فهذا النوع ليس شائعًا في الدول العربية، وحتى مع التجارب البديعة التي قدمتها السينما المصرية.
وأهمها (غرام في االكرنك)، لكنه لم يكن فيلما غنائيا بالكامل مثل (The Greatest Showman»، أو Les Misérables، ولا يتوقف ذلك على الميزانية الضخمة التي تتطلبها هذه الأفلام فحسب.
لكن أيضا وربما الأهم هو فترة الإعداد الطويلة وما تتطلبه من جهد في تحويل النص المكتوب للكاتبة الكويتية هبة مشارى حمادة إلى عمل غنائى والاختيار الجيد جدًّا لكل فرد في فريق العمل.
وكيفية التعامل مع ممثلين لا يحترفون الغناء لاختيار النغمات والألحان التي تتناسب مع إمكاناتهم في الأداء وطبقاتهم الصوتية، وهى المهمة التي نجح فيها بجدارة الملحن (إيهاب عبدالواحد) الذي تولى الإخراج الموسيقى للعمل.
النجوم في فيلم (سكر)
في فيلم (سكر) نرى لأول مرة النجوم (ماجدة زكى وعباس أبوالحسن ومحمد ثروت وريهام الشنوانى) في أدوار تقوم بشكل أساسى على الغناء والرقص، بجانب مجموعة كبيرة من الأطفال.، وقد أجادوا جميعا في أدوارهم.
استطاع مصمم الرقصات اللبنانى (هادى عويضة)، تقديمهم جميعا كما لو كانوا محترفين وبشكل مبهر ويخدم الأداء الدرامى، خاصة في استعراض الأم الذي أداه الطفل (بافلى ريمون).
وأظهر من خلال مجموعة من الحبال علاقته بأمه وافتقاده لها رغم أنه حتى لا يمتلك صورة في خياله لها، وكذلك استعراض (فتح المزاد)، الذي قدم أداء مفعمًا بالطاقة، وفى الوقت نفسه أوضح فكرة العمل الخيرى القائم على الوجاهة الاجتماعية.
أبرز ما في فيلم (سكر) أنه يجمع طاقم عمل من جنسيات عربية مختلفة سواء خلف الكاميرا أو أمامها، وكانت اللغة العربية الفصحى هى اللغة المستخدمة، وهو تحد كبير، خاصة للأطفال المشاركين في العمل، وأيضًا للجمهور المتلقى.
فمع سرعة إيقاع الأغنيات لم تكن بعض الكلمات مسموعة بشكل جيد، وأيضا لأن الأغنيات تكون مسجلة ويؤديها الممثل خلال المشهد، ظهرت بعض اللقطات التي لا يوجد فيها اتساق جيد بين حركة شفاه الممثل وكلمات الأغنيات.
لكن رغم سعادتى باستخدام اللغة العربية الفصحى التي جمعت ذوى الجنسيات العربية المشاركين في (سكر)، لا يمكن إنكار أن اللهجة المصرية كانت (سر الخلطة)، وبجملها وتعبيراتها المميزة، كان المشهد يكتمل، وتنطلق ضحكة من القلب.
وأخيرا: جاء فيلم (سكر) رغم بعض الهنات البسيطة، إلا أنه يأتي في سياق مفعم بالهجة والحيوية، وهو ما يذكرنا ببعض كلاسيكيات السينما المصرية الاستعراضية الغنائية الغنية بالإبداع الذي يأسر القلوب من فتنة روعة صناعته.