سر حذف (أم كلثوم) كلمات من (طريق واحد) لنزار قباني
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة ،أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أو حذفها.
كتبت : أحمد السماحي
تعتبر كوكب الشرق (أم كلثوم) سيدة القصيدة الغنائية، حيث ارتبط اسمها منذ صباها المبكر بغناء أصعب القصائد لمجموعة كبيرة من الشعراء سواء القدامى، أو من شعراء العصر الحديث.
وقد أبدعت (أم كلثوم) فى غناء كل القصائد، ومن أشهر القصائد التى غنتها قصيدة (أصبح عندى الآن بندقية) كلمات الشاعر نزار قباني، وألحان الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب.
حيث شكل سقوط مدينة (القدس الشرقية) بيد الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، إثر نكسة يونيو عام 1967، ذروة الألم والحزن العربيين، فقد أضحى الأقصى أسيراً بيد الاحتلال، وصارت المقدسات المسيحية والإسلامية في متناول عدوان يومي مستمر على التاريخ والجغرافيا والرموز.
تجليات هذا على صعيد الأغنية العربية
وفى هذه الفترة شكلت ظاهرة العمل الفدائي الفلسطيني أملاً حقيقياً في وجدان الشعبي العربي عموماً، والفلسطيني على وجه الخصوص فقد جاءت بعد سلسلة من النكبات والهزائم وضياع الأرض، وتشرد اللاجئين، لتؤكد أنها الفعل الحقيقي الوحيد على طريق التحرير.
وقد انعكست تجليات هذا كله على صعيد الأغنية العربية من خلال عدد من الأعمال، إلا أن أبرزها كان أغنية (أصبح عندي الآن بندقية”) التي كانت اللقاء الأول بين كلمات الشاعر الكبير نزار قباني وصوت كوكب الشرق (أم كلثوم)،.
وقد غنتها (أم كلثوم) عام 1969 لتواكب بها تصاعد ظاهرة العمل الفدائي في تلك الفترة، وخصوصاً أن القصيدة، تؤمن بأن هناك طريقاً واحداً لتحرير فلسطين وهو طريق البندقية!.
(أم كلثوم) تحذف بعض الكلمات
حذفت السيدة (أم كلثوم) مع الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، بالاتفاق مع الشاعر الكبير (نزار قباني) بعض الأبيات، فاستخدمت كلمة (وكني) بدلا من كلمة (بيتي) فى البيت الذي يقول فيه (أبحث عن بيتي الذي هناك”) وأهملت (أم كلثوم) عدة أبيات من الجزء الثالث.
وهى الشطرة التى يقول فيها (أريد أن أنبت فى ترابها زيتونة)، أما بالنسبة للجزء الرابع فقد أهملت عدة أبيات وهى (مشيئة الأقدار لا تردني أنا الذي غير الأقدار)، وأضاف الشاعر الكبير نزار قباني، شطرتين غير موجودتين فى النص الأصلي للقصيدة الأصلية.
وهما (من يوم أن حملت بندقيتي، صارت فلسطين على أمتار)، أما باقي الكلمات المحذوفة، ستجدونها مكتوبة باللون الأحمر مع نشر كلمات القصيدة كاملة بعد ذلك.
وقد حذفت (أم كلثوم) هذه الأبيات حتى لا تدخل نفسها فى مواقف سياسية ودينية قد تجر عليها بعض المشاكل التي لا تقبلها أو تقوى عليها، إذا ما غنت كلمات نزار قباني بلا تعديل.
تقول كلمات القصيدة لنزار قباني:
أريد بندقية، خاتم أمي بعته من أجل بندقيه
محفظتي رهنتها، دفاتري رهنتها من أجل بندقية
اللغة التى بها درسنا، الكتب التى بها قرأنا
قصائد الشعر التى حفظنا، ليست تساوي درهما
أمام بندقية.
اصبح عندي الآن بندقية
الى فلسطين خذوني معكم
الى ربىً حزينة، كوجه المجدلية
الى القباب الخضر، والحجارة النبيَّة
عشرين عاماً.. وأنا..
أبحث عن ارضٍ وعن وهوية
أبحث عن (بيتي) الذي هناك
عن وطني المحاط بالأسلاك
أبحث عن طفولتي، وعن رفاق حارتي
عن كتبي، عن صوري
عن كل ركن دافئٍ، وكل مزهرية
الى فلسطين خذوني معكم يا أيها الرجال
أريد أن أعيش او أموت كالرجال
أريد أن أنبت فى ترابها
زيتونة أو حقل برتقال
أو زهرة شذية
قولوا لمن يسأل عن قضيتي
بارودتي صارت هى القضية
اصبح عندي الآن بندقية
أصبحت فى قائمة الثوار
أفترس الأشواك والغبار
وألبس المنيّة
مشيئة الأقدار لا تردني
أنا الذي أغير الأقدار
أنا مع الثوار،أنا من الثوار
من يوم أن حملت بندقيتي
صارت فلسطين على أمتار
يا أيها الثوار
فى القدس، فى الخليل، فى بيسان، فى الأغوار
فى بيت لحمٍ، حيث كنتم أيها الأحرار
تقدموا… تقدموا..
فقصة السلام مسرحية، والعدل مسرحية
الى فلسطين طريق واحد
يمر من فوهة بندقية