المحذوف من (أبيات غزل) التى جمعت بين (خالد الشيخ) ومحمود درويش
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة، أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفه.
كتب: أحمد السماحي
كان المطرب البحريني الكبير عذب الصوت (خالد الشيخ) من أوائل المطربيين الذين قدموا للساحة الغنائية الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.
حيث غنى (خالد الشيخ) له العديد من الروائع الغنائية المحفورة كالوشم في الذاكرة العربية، وأوصل بصوته المليئ بالدفء والحنان والعذوبة والرقي أشعاره لقطاع كبير من الجمهور.
خاصة وأن (محمود درويش) كان – ومازال رحمة الله عليه – أشهر شعراء المقاومة الفلسطينية، وكان عددا كبيرا من الجمهور العادي غير المثقف لا يعرفه جيدا.
إقرأ أيضا : نكشف عن الكلمات المحذوفة من رائعة (عيناك) لـ خالد الشيخ ونزار قباني
فجاء (خالد الشيخ) وعمل على نشر أشعاره، وجعل كثير من الشباب العربي يبحث عن دواوين (محمود درويش)، ومن خلال هذه الدواوين عرفنا أنه يُعد من أهم الشعراء العرب والعالميّين الذين ارتبط اسمهم بالثورة والوطن.
من القصائد التى تحمل الكثير من التأويلات والتى ابداع فيها الشاعر محمود درويش قصيدة (أبيات غزل) التى تعد واحدة من أجمل، وأعذب وأرق ما لحن وغنى الموسيقار المبدع (خالد الشيخ).
(خالد الشيخ) يلامس القلب
فهو جعل معني الأبيات تلامس القلب بلحن وصوت وإحساس صادق، ورقيق يلهب عاطفة وشعور كل عاشق محب.
فأبحر الشيخ بلحنه الفخم وعذوبه صوته إلى معاني كثيرة في القصيدة وأبرز الرموز التى بين السطور، وجعلها قمة العاطفة والأحساس، وترجم من خلال لحنه معنى الحب والرومانسية.
وأوصل لنا (خالد الشيخ) إحساس محمود درويش بشكل رائع وبسيط وعفوي، لكن لا تنخدع عزيزي القارئ بهذه البساطة والعذوبة فورائها عمق ودراسة وفهم وثقافة لا يستطيع ايصالها أحد إلا إذا كان شديد الموهبة،ومثقفا حقيقيا مثل (خالد الشيخ).
إقرأ أيضا : الأبيات التى حذفها (خالد الشيخ) من قصيدة (موال) لمحمود درويش
هذه القصيدة طرحت تقريبا من 40 عاما وبالتحديد عام 1984، من خلال ألبوم (أنا وياك) الذي وزعته شركة (ريلاكس إن) لصاحبها المنتج اللبناني محمود موسى.
وكان الألبوم يتضمن 6 أغنيات جميعها من ألحان (خالد الشيخ)، وهذه الأغنيات هي (ألا يا مدير الراح، يود عليه، وأنا وياك، جروح قلبي، بحر الهوى، أبيات غزل)، كتب كلماتها (علي الشرقاوي، أبوالحسن المشتري، إبراهيم بوهندي، ومحمود درويش).
(خالد الشيخ).. و(أبيات غزل)
بالمقارنة بين قصيدة (أبيات غزل) التى لحنها وغناها (خالد الشيخ)، ونفس القصيدة كما كتبها الشاعر محمود درويش، يجد أن (خالد الشيخ) حذف بعض الأبيات القليلة من القصيدة التى بها تكرار.
هذا الأسبوع في باب (محذوفات الأغاني) سننشر قصيدة (أبيات غزل) كاملة وكما كتبها الشاعر محمود درويش، وستجدون الأبيات المحذوفة مكتوبة باللون الأحمر، وإليكم كلمات القصيدة:
سألتكِ: هزّي بأجمل كف على الأرض غصنَ الزمان!
لتسقط أوراق ماض، وحاضرْ
ويولد في لمحة توأمان :ملاك، وشاعر!
ونعرف كيف يعود الرماد لهيباً إذا إعترف العاشقان!
أُتفاحتي يا أحبَّ حرام يباحْ
إذا فهمتْ مقلتاك شرودي وصمتي
أنا،عجباً كيف تشكو الرياح
بقائي لديك؟ وأنتِ خلودُ النبيذ بصوتي
وطعم الأساطير، والأرض أنتِ
لماذا يسافر نجم على برتقاله
و يشرب يشرب يشرب حتى الثمالهْ
إذا كنت بين يديّ
تفتّتَ لحن، وصوت ابتهالهْ
لماذا أُحبك؟
كيف تخر بروقي لديك ؟ وتتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظةٍ، بأن الليالي مخدَّة
وأن القمرجميل كطلعة وردة، وأني وسيم لأني لديك!
سألتك هزّي بأجمل كف على الأرض غصنَ الزمان!
لتسقط أوراق ماض وحاضرْ
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تغمّس منقارها في فمي؟ وكفُّك فوق جبينَي شامه
تخلّد وعد الهوى في دمي؟
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تجنّحي، كي أطير، تهدهدني كي أنام
وتجعل لإسمِيَ نبض العبير
وتجعل بيتيَ برج حمام؟
أريدك عندي خيالاً يسير على قدمين
و صخر حقيقة، يطير بغمرة عين
(محمود درويش).. والكتابة عن الوطن
من المعروف أن الشاعر الكبير (محمود درويش) كان يُكثر الكتابة عن الوطن، وعن الحبيبة الأنثى، وقد يكتب عن الحبيبة وهو يقصد الوطن.
وعاش (محمود درويش) حياته ما بين غربة وتشرد، ولجوء في وطنه، وحمل أعباء القضية الفلسطينية، حتى أن البعض أطلق عليه لقب (شاعر القضية الفلسطينية).
نجح (درويش) ببراعة في تصوير الصراع القائم بين الإحتلال الإسرائيلي والعرب، في أشعاره، واتخذ من قصائده النضالية سلاح يوجهه إلى صدر العدو الإسرائيلي في الوقت الذي يشهرون أسلاحتهم وقذائفهم في صدر أطفال الحجارة.
إقرأ أيضا : تعرف على المحذوف من رائعة (زنابق لمزهرية فيروز) لـ (سميح قاسم، وخالد الشيخ)
كانت أشعار محمود درويش وسيلته لمقاومة الإحتلال، وإشعال روح المقاومة في قلب أبناء وطنه، وكان ذلك نابعا من حبه لوطنه وعشقه لتراب فلسطين..
والأمل الذي لم يفارقه طيلة حياته، وهو حلمه برؤيه وطنه منعما محررا ينعم فيه بالأمن والأمان مثلما تمتع به في صغره، وأن النصر آت لا محالة.
والمتابع لأشعار (محمود درويش) يجده أنه يلجأ إلى الرمز في كثير من الأحيان، فيرمز السلام بالحمامة البيضاء، وهكذا في كثيرٍ من المواضع، ويُعد (محمود درويش) من الشعراء الذين أسهموا في تطوير الشعر الحديث وإضفاء الرمزية إليه.
وقد تم اعتقاله عدة مرات من قِبل الاحتلال الاسرائيلي لتصريحاته ومواقفه السياسية، حتى أنه انتقل لاجئا إلى القاهرة في فترة، وانتقل بعدها إلى لبنان، وغيرها من البلدان، ثم عاد إلى فلسطين.