بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
الآن كلمة مصر ويلقيها: لم تكتمل كلمة (نوح)، وكنت علي المنصة وهالني منظر الحشد الكبير من قادة كل دول الديمقراطيات وحقوق الإنسان وباقي دول العالم، ونظرت أبحث عن معالي أمين عام (الأمم المتحدة) انطونيوغوتيرش.
وقد بادلني ابتسامة مستحية وزادت نبضاتي واستمعت لضربات قلبي فالرجل نال إعجاب الكثيرين في العالم حين تحدث بإنصاف للحق لما يحدث في غزة.
ولكن سارعت الصهيونية وحماتها في توجيه الاتهامات للرجل أمين عام (الأمم المتحدة) والأمين محاولاً إحقاق الحق في عالم سيطرت علية المصالح وجبروت القوة ورأس مال تجارة السلاح.
وأخذت نفسا عميقا وانطلقت متحدثاً السادة الحضور الرؤساء وأصحاب الجلالة والفخامة والسيدات والسادة سيادة معالي الأمين العام لـ (الأمم المتحدة) المحترم:
أتيت إليكم بدعوة كريمة بعد متابعة للاحداث التي اقترب بها العالم إلى الفناء، أتيت لا أمتلك في بلدي إلا تاريخ تعرفون جميعاً، إنه عريق ثري بالمخطوطات وأمهات الكتب.
وهذا ما ميز مصر بعمالقة في التاريخ وقراءته واستخراج العبر من قيم حب الحياة وحب السلام وقيمة الأرض وارتباطها بالعرض، علمنا التاريخ أن الأيام دول ودوام الحال من المحال.
إقرأ أيضا : حسين نوح يكتب: (إيكواليزر).. معادلة (المحتل) الصهيوني!
قرأنا لكبار الكتاب من كل الجنسيات، وعلمنا وتعلمنا، وأدركنا ويلات الحروب علي مر التاريخ وشاهدنا ماذا فعلت الحرب العالمية الأولى وبشاعة الثانية، وكيف كانت نهاية جبروت جنون القوة وبطش الحرب.
فضلا عن السيطرة والإبادة والدمار ونهاية احتكار القوة والاعتماد عليها والتجرد من إحساس الإنسان بأخيه الإنسان.
وأننا خلقنا جميعاً لإعمار الأرض وليس لتدميرها، وشاهدنا امبراطوريات تنهار ودول تقسم وجبابرة وبرابرة وهكسوس وتتار وجيوش وجحافل تنهار بفعل عجلة التاريخ.
والعجيب والمدهش أننا وحتى الآن لم نتعظ ولم يتغير هذا الأداء البربري المتوحش، بل يجد من يدعمه ويستدعيه، وكأننا خالدين في أرض الله الواسعة التي نتعاقب عليها جيلاً بعد جيل.
فمثلاً بعد حرب العراق والاعتقاد الكاذب والخطأ الجسيم أن لديهم أسلحة نووية ويقتل مئات الآلاف ومعهم أطفال ونساء لاصحاب الأرض ويسقط جنود المعتدي وتتكرر المأساة مرات ومرات.
(الأمم المتحدة).. وجبروت القوة
وتحاول (الأمم المتحدة)، ولكن جبروت القوة وأصحاب الفيتو يمارسون التجاهل والغطرسة بلا إنسانية، والآن تباد غزة ويقتل الأطفال والنساء والحرب علي الهواء يشاهدها العالم وتخرج المظاهرات.
واعتدلت ونظرت لشاشة عرض كبيره خلفي وعرضت عليها بعض مشاهد لأشلاء وجثث أطفال بعضهم لم يتجاوز العام وقتلي بالعشرات، وأمهات تبكي وجثث تحت الانقاض وهدم للمستشفيات والأطفال ترتجف ونظراتهم الحائرة المستفسرة.
وكأنها تسأل ماذا حدث للعالم، وبأي ذنب نموت؟، وهم يرتجفون ولا يعرفون أن القوة الغاشمة وتحكم رأس المال القادم من تجارة السلاح، وسيطرة اللوبي الصهيوني ومصالح كبيره جعلت الكل يتجاهل ظلم ووحشية القاتل بل ويبحثون له عن المبررات، ولكن عبثاً.
فالمظاهرات تحاول والتاريخ يسجل وسوف يحاسبهم، والمؤسف أن يبقى جبابرة الحروب والمنظرون والمشاهدون للمجازر بعين واحدة، ويتهم من يدافع عن أرضه بالتوحش والإرهاب والداعشي.
ويترك المحتل ولا أحد يقترب من كلمة المحتل – حتى (الأمم المتحدة – منذ أكثر من خمسة وسبعين عاماً بجبروت القوة يهدم المنازل والمستشفيات، ويسجن ويحاصر ويقتل الشباب في الضفة الغربية.
ويسجن البعض ويهان الآخر وليس بغريب أن يطلق عليهم أيضاً الإرهابين، وهم شباب الأرض وأصحابها، ويستمر الدعم الضرير إلى صاحب القوة والابن الرضيع المدلل لصاحبة القوة العظمي وحق الفيتو.
إقرأ أيضا : حسين نوح يكتب: في (الأرض المحتلة).. العار لقتلة الأطفال!
وهى الباحثة لتأكيد أنها القطب الأوحد وصاحب حق الإبادة لكل معترض أو لمن يفكر في الاعتراض، وبالتوازي نستمع لصرخات الشباب في غزة وهم يخرجون أشلاء أبنائهم وأحبابهم وهم يصرخون انقذنا يا الله.
وتتساقط الدموع في كثير من بقاع الأرض، ولكن عبثاً فحاملات الطائرات تقف وتراقب أي انفعال إنساني لأصحاب القلوب التي مازالت تشعر.
ونستمع لجهابذة التنظير لدي المحتل ومن يناصره حين تباد مناطق سكنية للمدنيين ويمتليء فمي بالماء حين أسمعهم يدعون وبثقة الكاذب، أن المقاومة تأخذ المدنيين دروع بشريه وكأننا في مستشفي المجانين.
من منا يتخيل أن أم أو أي أب يضع أبناءه بجوار المقاومة، بأي منطق، وأين المقاومة؟، أنتم لم تعرفون حتي الآن أين هم وهل الدروع البشريه التي وضعها الاباء والأمهات مع المقاومة في الخنادق؟
قرارات (الأمم المتحدة)
أنتم أبدتم الأخضر واليابس ولم تتعاطفوا حتى مع الأسرى من جنودكم ولا المواطنين من بعض الجنسيات.
كيف بالله عليكم أن يقبل أحد أن يكون درعا بشريا وهو يعرف ويدرك خداعكم وبطشكم البربري الدموي، لقد طلبتم منهم أن يتجهوا إلأى الجنوب ودمرتم عرباتهم المدنية.
أنتم كاذبون وقتلة الأطفال ولن تحصدوا إلا عدم الأمان، وتحويل بلدكم الي سكنات عسكرية بها النساء جنودا، والجنود تترك الدبابات والمعدات وتزحف على الأرض تستجدي الحياة.. هل تلك الحياة التي تريدونها؟
من هنا أستطيع أن أجزم للحضور إلى تأكيد أن الحرب لن تتوقف والأجيال القادمة والتي شاهدت تلك المهازل والدماء والأشلاء هى بالحتمية مقاومة، فقد شاهدت الدم واعتادته.
والتاريخ أكد لنا أن الاحتلال وإن طال لا بقاء له ولا حل إلا بحل الدولتين، ويعيش كل منهما في سلام والرجوع لقرارات (الأمم المتحدة)، والتي امتلأت بها الأدراج إن كنا فعلاً نريد البقاء ونعيش جميعاً في خير لتعمير أرض الله الواسعة.
وفجأة وقف جميع الحضور يصفقون، وانتفضت مرتعشاً فقد كان الغطاء قد انسحب عن جسدي واستيقظت أردد: يا كريم يارب خير اللهم اجعله خير!