في ذكرى رحيلها قصة غرام (صباح) و(نجيب شماس) من أول نظرة (1/2)
* كانت (صباح) هى الأكتشاف الذي أرادت به المنتجة (آسيا داغر) أن تنافس يوسف وهبي واكتشافه (نور الهدى)
* نقاد مصر يتوقعون أن تتحول المطربة الجديدة إلى مجرد مونولوجست على أكثر تقدير!
* (نجيب شماس) يدخل حياتها أثناء تمثيلها لفيلم (أول نظرة)، ووالدها يحول دون اللقاء بينهما
* كان (برهان صادق) يمثل أمام الكاميرا دور العاشق الولهان الذي أحب من أول نظرة في الخيال
* كان هناك عاشق آخر يقف وراء الكاميرا، أحبها في الواقع وليس في الخيال!
كتب: أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى التاسعة للأسطورة (صباح) التى رحلت يوم 26 نوفمبر 2014، والتى أطلت على الشاشة المصرية في عام 1945 من خلال فيلمها الأول (القلب له واحد) بطولتها مع فتى الشاشة أنور وجدي.
فكانت (صباح) الدرة اللبنانية الثانية التى تظهر على الشاشة المصرية بعد الدرة الأولى نور الهدى التى اكتشفها وقدمها (يوسف وهبي) في فيلم (جوهرة) فاكتسح بها السينما المصرية عام 1943.
(صباح) صبوحة الوجه كاسمها
كانت (صباح) هى الاكتشاف الذي أرادت به المنتجة آسيا داغر أن تنافس يوسف وهبي واكتشافه.
ومن حسن الحظ أن (صباح) كانت في ربيعها السابع عشر، صغيرة رشيقة، صبوحة الوجه كأسمها، ذات صوت معبر صغير كعمرها، فيه شقاوة صاحبته وخفتها ومرحها.
لو سمعته دون أن تراها لرأيت خيال (صباح)، الشقية بنت السابعة عشر التى تثب وتقفز كالطير المغرد الطليق الذي لا يعرف الهموم ولا الأشجان، وتراها تغمز لك بعينيها في خفة وحلاوة ورشاقة.
إقرأ أيضا : قصة غرام (صباح) مع الأمير الكويتي (عبد الله المبارك الصباح) !
في تلك الأيام كانت السينما المصرية تجتاز تجربة الرخاء والرواج والحظ في أسواق الحرب العالمية الثانية، كانت حشود العمال تخرج من المعسكرات الإنجليزية لتفرغ جيوبها في الأسواق.
وبخاصة في سوق السينما والملاهي والصالات، كان جو الرخاء المصطنع يدفع من يربحون المال إلى إنفاقه بغير حساب، فأزدهر سوق السينما المصرية.
وكثر المنتجون، وكثرت الأفلام التى يتحرى منتجوها رغبات جمهور السينما في تلك الأيام.
(صباح) مونولوجيست لا تصلح للسينما
كانت بداية (صباح) في فيلم (القلب له واحد) لا تبشر بنجاح كبير مستمر، فصوتها غير ناضج، وقدرتها على غناء الألحان المصرية محدودة تكاد تكون معدومة.
ولم تكن ملامحها التى ظهرت في الفيلم ملامح ممثلة جميلة أو ممثلة مثيرة، كانت أشبه بملامح فتاة بسيطة عادية مثل أي فتاة في أي مدينة عربية.
لهذا قال بعض النقاد في ذلك الوقت: (إن هذه المطربة الجديدة ستتحول قريبا إلى مجرد مونولوجست مثل ثريا حلمي على أكثر تقدير!).
لكن يشاء السميع القدير أن تملأ (صباح) سماء الفن العربي بأروع الأغنيات والأفلام والمسرحيات، بحبها للحياة، وإرداتها وتصميمها واشتغالها على نفسها.
هذا الأسبوع في باب (غرام النجوم) سنتوقف مع غرام (صباح) الأول وزواجها من زوجها الأول رجل الأعمال (نجيب شماس) ابن عم الفنان جورج شماس الذي عرفناه في السينما المصرية بإسم (برهان صادق).
الجمهور يصفق لـ (صباح)
رغم رؤية النقاد بأن صباح لا تصلح للسينما المصرية ولن تستمر فيها بعد انتهاء عقدها مع المنتجة آسيا داغر الذي ينص على تمثيلها فيلم آخر، وهو ما حدث حيث قامت ببطولة فيلم (هذا جناة أبي).
لكن الجمهور المصري والعربي وقع في عشق هذه الفتاة البريئة الأقرب إلى الساذجة، وصفق لها لأنها ظهرت في الدور المناسب لشخصيتها وطبيعتها، الدور الذي يتلاءم مع تلك السن الساذجة.
كما رسم لها المؤلفون والملحنون الأغنيات التى تتفق مع طبيعة صوت (صباح)، فاستدرت العطف والحب وغنوا معها (يا وردة قولي ما تخافيش بيحبني ما بيحبنيش) و(أرح ما روحشي) و(حيرانة يا ربي).
وطار صيت (صباح)، وتنافست عليها الشركات إلى أن أرتفع أجرها إلى ثلاثة ألاف جنية عن الفيلم الواحد، ووقعت مع المنتجة عزيزة أمير فيلمها الثالث (شمعة تحترق) بهذا الأجر، وأيضا مع شركة نحاس في فيلم (سر أبي).
وأصبحت أغانيها الساذجة على كل الأفواه، خاصة أغنيتها (بعدين معاك) كلمات مأمون الشناوي وألحان محمود الشريف (دي سكتي، دي سكتك، خايفة لا أروح في سكتك، بعدين معاك).
وأيضا أغنيتها (أيه معنى الحب، أيه شكل الحب، أيه طعم الحب، أصلي ما شفتوش، ولا كلمتوش، ولا جربتوش) كلمات مأمون الشناوي، ألحان فريد غصن.
(صباح) تعرف معنى الحب
سار الحظ في ركاب السندريلا الجديدة في السينما، وكبرت بنت السابعة عشر، وأصبحت في التاسعة عشرة، وتنبهت أنوثتها، وظهرت شخصيتها.
وبدأت تنظر للحياة بعين أخرى غير العين التى كانت تنظر بها قبل أن تصبح كوكبا لامعا، يشار إليه بالبنان، وبدأ قلبها يخفق بالحب وتعرف أيه معنى الحب؟ وأيه معنى الحياة؟
وذلك في الوقت الذي كان فيه والدها المقيم معها في مصر لا يزال ينظر إليها كطفلة صغيرة، لا رأي لها ولا شخصية، ولا اعتبار، لا تخطو خطوة إلا بأذنه، ولا تفتح فمها إلا بأمره.
وكل ما تحصل عليه من إيراد يدخل لحسابه، وليس لها بحكم أنها قاصر، وكان هو الذي يتعاقد مع المنتجين، ويوافق على السيناريوهات.
(صباح) وأول نظرة
في عام 1946 كانت (صباح) تلعب دور البطولة في فيلمها السادس (أول نظرة) تأليف وإخراج نيازي مصطفى، حوار وأغاني أبوالسعود الأبياري، بطولتها أمام النجم اللبناني الدكتور جورج شماس الذي عرفناه في الفيلم بإسم فني هو (برهان صادق).
كان (برهان) يمثل أمام (صباح) دور بطل من أبطال الرياضة اسمه (عزت حمدي) تقع في حبه (سعاد هانم/ زوزو ماضي) التى كانت لها ابنة اسمها (سهام/ صباح) تقيم في لبنان.
فيقع (عزت) في حب (سهام) من أول نظرة دون أن يعلم أنها ابنة (سعاد هانم) التى أحبته.
ولكنه عندما يكتشف الحقيقة يضطر للتقدم لتلك الأم المدلهة بحبه طالبا الزواج من ابنتها!.
زيارة مفاجئة لـ (صباح)
في أحد الأيام فوجئ برهان وهو يمثل في الأستديو بزيارة ابن عمه نجيب شماس رجل الأعمال اللبناني الذي جاء لمصر للاتفاق على أحد مشاريعه التجارية.
تابع نجيب شماس، المطربة الجديدة (صباح) وهى تمثل ولفتت نظره بقوة، وكرر زيارته لإبن عمه كل يوم في الاستديو، وفي أحد الأيام استغل وجودها مع ابن عمه في الكواليس وتحدث معها.
وهنأها على تمثلها في الفيلم وعلى صوتها الجميل، وأهداها في نهاية حديثه وردة حمراء، وفي اليوم التالي استغل خروج الأب وراء واحدة من فتيات الكومبارس الأجانب العاملات في الفيلم.
وتحدث مع (صباح) وأخرج في نهاية حديثه من جيبه سلسلة دهب وأهداها لها، كذكرى قبل عودته للبنان، وبدأ حب (صباح) يتسلل إلى قلب (نجيب شماس).
كان (برهان صادق) يمثل أمام الكاميرا دور العاشق الولهان الذي أحب من أول نظرة في الخيال، بينما كان هناك عاشق آخر هو (نجيب شماس) يقف وراء الكاميرا، أحب (صباح) من أول نظرة كذلك، ولكنه أحبها في الواقع وليس في الخيال.
كانت النجمة اللامعة بنت التاسعة عشرة تخشى من والدها ولا تتحدث مع أحد، فكانت بمثابة إنسان آلي تقف أمام الكاميرا تلقى كلمات حوارها كالبغبغان، وبمجرد أن تنتهي يصطحبها والدها إلى البيت!.
وفي الليل يسهر الوالد في ملاهي القاهرة، ويعود بعد الواحدة لينام، وفي الصباح يصطحب ابنته لتمثل دورها في فيلم (أول نظرة)، وكان وجود الأب في الاستديو مشكلة لـ (نجيب).
وسأل نجيب ابن عمه كيف يخلو بـ (صباح) ويطارحها بعبارات الحب والغرام، ووالدها لا يفارقها لحظة، ويتبعها كظلها، فكان نجيب العاشق يريد أن يلفت نظرها إليه.
ويتحدث معها بعيدا عن سمع والدها وبصره، فلم يستطع، وعرف أن أسرة الفيلم لديهم مشكلة إنتاجيه، فتقدم نجيب شماس وقدم بكل فروسية مساعداته على أن يكون شريكا في الإنتاج.
وأثناء ذلك قرر المنتج والمخرج (نيازي مصطفى) أن يسافر مع أسرة الفيلم إلى لبنان لتصوير المناظر الخارجية هناك، فطار (نجيب شماس) قبلهم إلى لبنان.
وفي لبنان حاول (شماس) تكرار الحديث مع (صباح) تحت ظلال أشجار الأرز، والمناظر الرائعة التى تفتح الشهية على الغرام، لكن الجو لم يخل له بسهولة، إلى أن أنفرد بها لحظة!.
وقال لها بلهجته العصبية: يلعن أبوهالعيشة.. يعني ماحأعرف حاكيكي لوحدك؟ ودهشت بنت التاسعة عشر، وقالت له: نجيب شو بدك مني؟ فقال بصوت هامس كله صدق: باحبك يا جانيت!
في الحلقة القادمة
** نستكمل قصة زواج صباح من نجيب شماس وماذا فعل الأب؟ والمأساة التى أخفاها نجيب شمس عن صباح.
** وحلم صباح الذي كان يزورها يوميا وترى فيه أمها غارقة في الدماء