* لا أحب أن أجهد نفسي في تجسيد شخصية مسطحة أو ميتة
* أحب تجسيد الأدوار القيادية لأنني أشعر بأنها فاعلة وليست هامشية
* خطأ علمي وفني القول بأن الممثل عندما يتقمص شخصية ما، فإنه يتأثر بها طوال الوقت.
* أي دراما عربية هى في حالة تنافس شريف مع مثيلاتها في الوطن العربي
أجرى الحوار: أحمد السماحي
جسد النجم السوري المبدع (أسعد فضة) كثير جدا من الشخصيات المتنوعة ما بين التاريخي والمعاصر، وخلال تجسيده لهذه الشخصيات جسد الحياة نفسها بكل ما فيها من نبل وضعف وقوة.
وموهبة (أسعد فضة) تكمن في وجهه وحركات جسده، فجميع ملامحه تقنعك أنه ربما كان والدك أو شقيقك أو جارك أو عمك أو خالك، يشع من عينيه المعبرتين بريق يخطف قلبك ويجعلك تصدقه في كل ما يقول ويفعل.
بمناسبة تكريم (أسعد فضة) في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي المقرر انطلاقه في الفترة من 25 وحتى 30 نوفمبر الجاري برئاسة الفنان والمخرج مازن الغرباوي.
نعيد نشر حوارنا معه الذي أجريناه منذ سنوات في مجلة (الأهرام العربي)، وحذفنا من الحوار كل ما يتعلق بالزمان والمكان، وأبقينا الأسئلة العامة التى لا ترتبط بزمان ولا مكان.
وتمثل جزء من تاريخ (أسعد فضة)، ورأيه في بعض القضايا الفنية العامة، أمس نشرنا الجزء الأول من الحوار واليوم إليكم الجزء الثاني من حواري الذي أعتز به مع هذا العملاق الفني.
إقرأ أيضا : أسعد فضة .. مؤسس الحركة الفنية السورية
* مبدعنا لماذا تبدو أعمالك الفنية قليلة بالمقارنة بزملائك (هاني الروماني وطلحت حمدي وأيمن زيدان وعباس النوري) وغيرهم؟
** (أسعد فضة): لأنني كثير الاعتذرات، فأنا لا أحب أن أجهد نفسي في تجسيد شخصية مسطحة أو ميتة!، وعندما أجد ورقا جيدا يستفزني لتحويله إلى شخصية من دم ولحم وأشعر من خلاله بالمتعة أقدمه على الفور.
* عندما يعرض عليك سيناريو سواء في السينما أم التليفزيون هل تتدخل بالتعديل والمشاركة برأيك في الورق المعروض عليك؟
** (أسعد فضة): أحيانا لكن بعد إذن المخرج والمؤلف، وتدخلي دائما لصالح العمل.
(أسعد فضة) والأدوار القيادية
* يلاحظ أنك قدمت كثير من الأدوار القيادية مثل شخصيتي (ابن الوهاج) في مسلسل (الجوارح)، و(الحاكم عباد) في مسلسل (الموت القادم من الشرق) هل تحب هذه النوعية من الأدوار؟
** (أسعد فضة): نعم أحب الأدوار القيادية لأنني أشعر بأنها فاعلة وليست هامشية، والشخصية الفاعلة تشد الفنان وتحفز ملكاته وتحرضها، لأنها شخصية ذات عمق في المجتمع والمحيط الذي تعيش فيه.
ويجوز حبي لتجسيد هذه الشخصيات أنها تتقاطع كثيرا مع عالمي الداخلي والنفسي، بحكم أني مارست لفترة طويلة من حياتي الإدارة، وحمل مسئوليتها ومشاكلها.
وأعتقد أن في داخل كل إنسان نزعة طبيعية إلى حب القيادة، وبالتالي إلى أن يكون قويا وحكيما وقادرا.
* هل حدث يوما ما أن صاحبتك الشخصية التى تجسدها من الأستديو إلى البيت؟
** (أسعد فضة) بابتسامة هادئة يقول: لقد تحدثت كثيرا بهذا الشأن، وقلت خطأ علمي وفني القول بأن الممثل عندما يتقمص شخصية ما، فإنه يتأثر بها طوال الوقت.
وأعتقد أنه ما إن يغادر الممثل مكان التصوير ويخلع ثياب الشخصية التى يؤديها ويرتدي ملابسه حتى يعود إلى طبيعته الأصلية التى يعرفه الناس بها.
إقرأ أيضا : فلسطين.. الدراما التلفزيونية تجسد سجل المرارة والألم (1)
* حققت الدراما السورية التليفزيونية في الفترة الأخيرة قفزة كبيرة على الصعيدين الفني والتقني، حتى أن البعض عقد مقارنات بينها وبين الدراما التليفزيونية المصرية، وكثر الحديث واللغط في هذا الموضوع ما تعليقك؟
** (أسعد فضة) بهدوء وبعد تفكير ثواني قال: منذ أيام الوحدة بين مصر وسوريا فإن مصر هى الأكثر نشاطا في صناعة الدراما سواء في التليفزيون أم السينما.
نحن اليوم سواء في مصر أو سوريا أصبحنا في عملية تكامل باعتبارنا البلدين الأكثر نشاطا في صناعة الدراما، وأي دراما عربية هى في حالة تنافس شريف مع مثيلاتها في الوطن العربي، وبالتالي تكمل مثيلاتها أيضا.
(أسعد فضة) والسينما السورية
* رغم مشاركة السينما السورية في المهرجانات الدولية وحصولها على العديد من الجوائز المهمة، إلا أنها تعاني عدم التواصل مع الجمهور المحلي لماذا؟
** (أسعد فضة): هذا صحيح إلى حد كبير، وراجع إلى عيب في فكر صناع هذه الأفلام، وليس عيبا في الجمهور، لأنني لا أؤمن بفن لا يقبل عليه الجمهور.
لكن هذا لا يمنع من وصول بعض الأعمال السينمائية إلى الجماهير العريضة، فمثلا فيلم (ليالي بن آوى) كانت الجماهير تأتي إليه من كل مكان في سوريا لتشاهده.
وكذلك (الترحال، أحلام مدينة، الليل، الطحين الأسود) وغيرها، رغم أن هذه الأفلام لا يوجد فيها مفردة من مفردات السوق التجارية من جنس وأكشن وكوميديا.
* بعض المخرجين السوريين يرجعون عدم وصول أفلامهم إلى الجمهور إلى مستواها الرفيع؟!
** (أسعد فضة): هذا غير صحيح! فكلما ارتفع المستوى الفني للعمل ازداد إقبال الجمهور عليه.
وأفلامنا مهما بلغت من إتقان لن تصل في مستواها إلى مستوى الأفلام الأجنبية التى يقبل عليها الجمهور، ودائما الجمهور على حق في إقباله على فيلم وانصرافه عن آخر.
أسعد فضة والإنتاج المشترك
* ما الذي يعوق الإنتاج المشترك لكي يحقق أهدافه المرجوة منه، خاصة أنك شاركت في بطولة العديد من الأعمال الفنية المشتركة؟
** (أسعد فضة): الإنتاج المشترك مهم ومفيد جدا، ومن خلال (الأهرام العربي) أطالب كل النقابات الفنية العربية بدعمه، لكن قبل أن نفكر في الإنتاج المشترك، لابد أن نفكر في استمراريته.
فمعظم الأعمال التى قدمت لم تستثمر بشكل جيد، ولم ندرسها لنعرف مميزاتها وعيوبها، ولكي نحقق أعمالا مشتركة لابد أن تذلل كل الصعوبات التى تقف في طريقها، ويؤمن الفنانون بأهمية الإنتاج المشترك.
* أيهما أحب إليك عملك كممثل أم كمخرج؟
** (أسعد فضة): استمتع بالاثنين، لأنني منذ تخرجت في معهد الفنون المسرحية، وأنا أعمل كمخرج وممثل في نفس الوقت.
* من ينافس أسعد فضة؟
** (أسعد فضة): كل الفنانيين، عندما تشعر بأنك تتنافس مع آخرين فهذا شيئ رائع، وأتمنى أن يكون هناك العشرات، بل المئات الذين ينافسونني في الساحة الفنية، حتى أستطيع أن أتميز وأطور نفسي.
* هل الموهبة وحده قادرة على نجاح فنان والعمل على شهرته؟
** (أسعد فضة) بابتسامة ودودة وبعد تفكير: للأسف لأ، لأن الموهبة طاقة إنسانية، ويجب تطويرها وتطويعها عن طريق الجهد والتعب والدراسة، والمطالعة والتجريب والمثابرة والمعاناة.
وهذا يتم عبر الإرادة الصارمة وتجاوز الفشل الذي قد يحدث هنا أو هناك، فالفنان يحتاج إلى القوة الداخلية والصلابة، لكي يستطيع الإستمرار في طريق الفن، وفي تطوير أدواته وملكاته.