(الرصاصة لا تزال في جيبي).. درة أفلام نصر أكتوبر 1973
* حسين فهمي: الفيلم المصري الوحيد الذي صورخط بارليف الحقيقي
* سمير فريد: يرى إحسان من خلال بطله الجندي الذى عانى هزيمة 1967 أن الهزيمة ترجع أساسا إلى أسباب داخلية
* سامي السلاموني : عندما يعرض (الرصاصة) فى مواجهة (بمبة كشر) وفى نفس الوقت ولا يفصل بينهما إلا مائة متر، فإننا لابد أن نصفق (للرصاصة) بلا تحفظ
كتب : أحمد السماحي
في كل عام ومع احتفال مصر بنصر أكتوبر المجيد، لا يجد التليفزيون أمامه غير الأربعة أفلام اليتيمة والبسيطة التى قدمت عام 1974 عن حرب العزة والكرامة وهى (الوفاء العظيم)، (بدور)، (أبناء الصمت)، (الرصاصة لا تزال في جيبي)، والأخير هو الأكثر شعبية، والأكثر جمالا بينهم.
لكن لابد أن نشكر كل الذين شاركوا في هذه الأفلام الأربعة التى صنعت على عجل، لكنها حفظت لنا روح نصر أكتوبر، وأشاعت بين الناس فى وقت عرضها روح الأمل والتفاؤل، ونشرت روح القتال، وروح التضحية، وحثت الناس على العطاء، صحيح أن هذه الأفلام ليست على مستوى الحدث الهام الذي غير خريطة العالم لكن (شابو) لكل شركات القطاع الخاص التى أنتجتها بحب.
تدور أحداث فيلم (الرصاصة لا تزال في جيبي) حول (محمد) المجند بالجيش المصري، الذي يلجأ بعد نكسة يونيو 1967 إلى غزة عند أحد الفلسطنيين من الذين يساعدون المقاتلين على الاختفاء حتى تتاح لهم سبل الفرار والعودة إلى أوطانهم.
وهناك يتعرف على (مروان) سائس الخيل ولكنه يشك في ولاءه لإسرائيل، ويشعر (محمد) بأن (مروان) يمكن أن يكون جاسوسا يعمل لصالح إسرائيل، وبعد فترة ينجح (محمد) بالفرار بحرا ويعود إلى بلدته محطما يائسا بعد أن رأى مقتل رفاقه جميعا أمام ناظريه.
إقرأ أيضا : المسرح المصري في (حرب أكتوبر) استلهم عروضه من وحي المعركة
ويستقبله أهل قريته بفتور، وكأنه المسؤول عن هذه النكسة، وفى أحد الأيام يقابل (فاطمة) ابنة عمه ويعرف أن (عباس) رئيس الجمعية التعاونية الذي يستغل الفلاحين ويطلق الشعارات المزيفة يريد الزواج منها، ويسانده في ذلك عمه (إبراهيم والد فاطمة).
وتأتي أهم أحداث (الرصاصة لاتزال في جيبي) حين يغتصب )عباس فاطمة* ويترك القرية، ويحل محله (عبد الحميد) الذي يعطى للناس حرية الكلام، يصمم (محمد) على الانتقام من (عباس) لشرف ابنة عمه، وأثناء ذلك يشترك (محمد) في حرب الاستنزاف ضد إسرائيل.
وفي أثناء ذلك يقابل (مروان) ويعرف بأنه كان يتعامل مع العدو لصالح الوطن، يتفق (محمد) مع العم على الزواج من (فاطمة)، ولكن تنشب حرب أكتوبر ويتم العبور ويعود (محمد) محملا على الأكتاف ويتزوج (فاطمة)، وهو يردد: (الرصاصة لاتزال في جيبي).
كواليس (الرصاصة لاتزال في جيبي)
يتذكر النجم الكبير (حسين فهمي) دوره فى فيلم (الرصاصة لاتزال في جيبي)، فيقول: لم يكن لي دور فى هذا الفيلم، وفى أحد الأيام كلمني المنتج الكبير (رمسيس نجيب) وطلب مني المشاركة في هذا الفيلم، وقال لي: أنت ملكش دور بس أنا حابب تكون في الفيلم!
فضحكت جدا وذهبت إليه، واصطحبني وذهبنا إلى الكاتب الكبير (إحسان عبدالقدوس) الذي أضاف فى الأحداث شخصية الضابط المصري الذي يتنكر في هيئة (سائس خيل) في البداية، لكنه يكشف عن حقيقته مع توالي الأحداث، خاصة لحظة إطلاقه صرخة بداية الحرب.
إقرأ أيضا : 100 أغنية تسجل أسطورة الجيش المصري العظيم في حرب أكتوبر
ولقد تحمست جدا لأداء دوري في هذا الفيلم لأنني عانيت مرارة هزيمة يونيو وكنت وقتها أدرس الإخراج خارج مصر، وشاهدت بعيني الاستخاف والسخرية من المصريين بعد الهزيمة، وهذا الضابط الذي قمت بأداء دوره كان لديه ثأر من إسرائيل يريد أخذه، خاصة أنه حارب فى يونيو 1967 وتم هزيمته، لهذا فهو يقدم على الحرب بدافع التار والانتقام.
ولقد صورنا فيلم (الرصاصة لاتزال في جيبي) فى أماكنه الحقيقية بمساعدة القوات المسلحة، وفى هذا الفيلم صورنا مشاهد على خط بارليف، وهو الفيلم الروائي الوحيد الذي يحمل مشاهد لخط بارليف الحقيقي.
………………………………………………
سمير فريد و(الرصاصة لاتزال في جيبي)
كتب الناقد السينمائي (سمير فريد) عن فيلم (الرصاصة لا تزال في جيبي) فى جريدة (الجمهورية) نقدا عام 1974 عن الفيلم، وجاء في بعض منه التالي: (فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي)، هو أكثر الأفلام التى عرضت حتى الآن عن حرب أكتوبر جدية.
إقرأ أيضا : بليغ حمدي .. بطل حرب أكتوبر الغنائي الذي تنبأ بالنصر!
ففيه يحاول الكاتب (إحسان عبدالقدوس) كاتب القصة أن يصنع فيلما سياسيا، كما يحاول المنتج (رمسيس نجيب) أن يعيد خلق العبور ومعارك أكتوبر كلها، والأسلوب الذي يتبعه (إحسان عبدالقدوس) أسلوب رمزي يعتمد على الإيحاء بما لا تدل عليه الظواهر، وبناء السيناريو يعتمد على مشاهد الحوار الطويلة والمونولوجات الأقرب إلى الإذاعة.
يرى إحسان من خلال بطل (الرصاصة لاتزال في جيبي) الجندي الذى عانى هزيمة 1967 أن الهزيمة ترجع أساسا إلى أسباب داخلية، يقول (الحق علينا احنا، انسحبنا قبل الجيش ما ينسحب)، ويقول أيضا (انهزمنا من زمان وانضربنا من زمان، ماهو اللي ينضرب جوه بيته لازم ينضرب بره بيته) وغير ذلك من العبارات التى تؤكد نفس المعنى.
………………………………………………
سامي السلاموني و(الرصاصة لاتزال في جيبي)
أما الناقد المبدع (سامي السلاموني) فيكتب نقدا عن فيلم (الرصاصة لا تزال في جيبي) عام 1974 فى مجلة (الإذاعة والتليفزيون) جاء فيه: (الانطباع الإيجابي الأول عن فيلم (الرصاصة لا تزال في جيبي) هو إقدام القطاع الخاص على انتاج فيلم ضخم وشديد التميز بالنسبة للمستوى التقليدي لسينما هذا القطاع التى كانت قد وصلت إلى مستوى شديد التخلف.
وعندما يعرض (الرصاصةلاتزال في جيبي) فى مواجهة (بمبة كشر) وفى نفس الوقت ولا يفصل بينهما إلا مائة متر، فإننا لابد أن نصفق (الرصاصةلاتزال في جيبي) بلا تحفظ، فلعل أكثر ما نطمع فيه من القطاع الخاص هو أن يحاول الارتفاع إلى مستوى البلد واهتماماتها الحقيقية.
وأن يقدم أفلاما جادة ونظيفة خالية من الابتذال والمتاجرة بقصص كفاح الراقصات وأجسادهن مكسبا كبيرا وسط الإتجاهات المريضية الأخرى المسيطرة على سينما القطاع الخاص، ولكن ليس لهذا بالطبع علاقة بالتقييم الموضوعي لفيلم (الرصاصة لا تزال في جيبي) من الناحية السينمائية، فالنوايا الطيبة لا تكفي لصنع فيلم جيد، ومحاولة الحديث عن حرب أكتوبر في فيلم لا تشفع وحدها للفيلم أو تعفيه عن المناقشة.
أن ما علينا أن نتحدث عنه الآن هو فيلم (الرصاصةلاتزال في جيبي) كما شاهدناه بالفعل على الشاشة حيث نجد أنفسنا أمام (محمود ياسين) الجندي العائد من كابوس حرب 67 حيث لم يحارب أحد ولكن انهزم الجميع، وفي (فلاش باك) جيد التنفيذ نرى هذا الجندي هائما في الصحراء منسحبا تحت طلقات هليكوبتر العدو بينما تتناثر حوله جثث رفاقه الذين بيعوا بلا ثمن، وهو خيط جيد تماما كان يمكن للفيلم أن يستفيد منه أكثر وأعمق من ذلك ليصبح سر أزمة البطل الحقيقية بدلا من تلك الأزمة الغرامية المفتعلة التى غرق فيها الفيلم وأغرقنا معه بذلك.
ولكن فيلم (الرصاصةلاتزال في جيبي) يبتر هذه البداية الجيدة نهائيا بعد ذلك ويكتفي بمشهد الجندي العائد في القطار إلى قريته وبقية الركاب يسخرون منه باستخفاف وابتذال شديدين دون أن يتعمق الفيلم الأسباب الحقيقية وراء هذه السخرية أو وراء هذه الهزيمة.
فالفيلم لا يشغل نفسه من البداية للنهاية بأن يفسر لماذا لم يحارب هذا الجندي عام 67 وهو نفسه الذي حارب فى عام 1973، ولو تخلينا عن الرموز الواضحة جدا إلى حد الافتعال السطحي فإن هزيمة 67 كان سببها (عباس) مشرف الجمعية التعاونية وهو سبب هزيل ومضحك إلى حد البكاء.
إقرأ أيضا : نكشف لأول مرة: (حرب أكتوبر) أوقفت بعض الأعمال الإذاعية والتليفزيونية (2/2)
وهذا (الرمز) الذي اسمه (عباس أو يوسف شعبان) هو الشرير التقليدي في السينما المصرية الذي لا يختلف في ملامحه عن أي شرير آخر كل قضيته سرقة البنت من البطل، فهو لص وكاذب وفاسد تماما استطاع أن يسيطر على القرية سيطرة كاملة بمجرد خطبة رأيناه يلقيها على ثلاثة فلاحين، وسواء على المستوى الرمزي أو الحقيقي فإن التحليل السياسي لسيطرة هذا (العباس) على مقدرات القرية كلها يبدو تحليلا رومانسيا شديد السذاجة.
أن الإطار الدرامي لفيلم (الرصاصةلاتزال في جيبي) هو أسوأ ما فيه حيث تبدو الأحداث الشخصية متخبطة بين الرمز والواقع قلا تقنع أحدا، وحيث تظل تحت مستوى الجزء الخاص بالمعارك الذي لا أتصور كيف كان يبدو الفيلم بدونه، وفي المعارك التى يقدمها الفيلم نحس بمستوى آخر تماما فواضح أن القوات المسلحة قدمت إمكانات هائلة للفيلم ولم تبخل بشئ.
ورغم أن المعارك هى أفضل معارك قدمتها السينما المصرية إلى الآن فقد فشلت الصياغة السينمائية استغلالها بحيث تعكس روح وتلاحم أكتوبر البطولية، فكل الأسلحة تضرب بمفردها وعلى التوالي ومن جانب واحد، والعبور العظيم بدا كما لو كان نزهة خلوية لاجتياز القناة.
وأفضل مشاهد القتال هو اقتحام وتحرير مدينة القنطرة من حيث التنفيذ الجيد والحي والشديد الاقناع، وحيث بدت المواجهة الحقيقية بين العدو والجندي المصري الذي حارب كما لم يتصور أحد، وكانت هذه هي النهاية المناسبة تماما للفيلم، بدلا من أن يعود بنا إلى قصة الغرام المضحك بين محمد وفاطمة التى لم يغتصبها أحد.
………………………………………………
أحداث عام 1974 السينمائية
** قام يوسف السباعي وزير الثقافة بطرد جميع الجمعيات السينمائية من مركز الصور المرئية اعتبارا من 24 يوليو 1973.
** توالت مجموعة من الأفلام التى تناولت حرب أكتوبر وتفاوت مستواها الفني وهى (الرصاصة لا تزال في جيبي) لحسام الدين مصطفى، و(الوفاء العظيم) لحلمي رفلة، (بدور) لنادر جلال، (أبناء الصمت) لمحمد راضي، والأخير كما يقول الناقدان (علي أبوشادي وسمير فريد) هو أفضل تلك المجموعة، وتناول حرب الاستنزاف، ومواطن الخلل في الجبهة الداخلية أثناء الحرب، وإن انتهى ببداية حرب أكتوبر لحظة العبور.
** أقيم المهرجان القومي للأفلام التسجيلية والقصيرة في الفترة من 4 إلى 12 مارس، وحصل فيلم (الفأس والقلم) لعبد القادر التلمساني على جوائز الإخراج والسيناريو والتصوير والمونتاج.
** حصل فيلم (الظلال في الجانب الآخر) إخراج غالب شعث والإنتاج الثاني والأخير لجماعة السينما الجديدة على جائزة العالم الثالث في مهرجان (كارلو فيفاري)، وكان المخرج علي عبدالخالق عضوا بلجنة التحكيم الدولية.
** توفى المطرب الكبير فريد الأطرش وهو صاحب رصيد ضخم من الأفلام الغنائية في السينما المصرية منذ فيلمه الأول (انتصار الشباب) لأحمد بدرخان عام 1941 .
** صدر العدد الأول والثاني من نشرة نوادي السينما في الأقاليم التى تصدر عن الثقافة الجماهيرية.
** ترأس المخرج المصري توفيق صالح لجنة تحكيم مهرجان قرطاج السينمائي الدولي الخامس، وشارك فى هذه اللجنة الناقد المصري سمير فريد.
** أصدر وزير الثقافة يوسف السباعي قرارا وزاريا برقم 136 لسنة 1974 بمنع استيراد أو عرض أفلام الكاراتيه والساموراي والأفلام المشابهة، وأعاد مسابقة الأفلام الروائية وتمت المسابقة عن الأفلام المعروضة عام 1973، وفاز بالجائزة الأولى في الإنتاج فيلم (دمي ودموعي وابتسامتي) لحسين كمال، والثانية (نساء الليل) لحلمي رفلة، والثالثة (حمام الملاطيلي) لصلاح أبوسيف.
وأنشئت جوائز للنقد حصل على الجائزة لأولى رءوف توفيق عن نقد فيلم (حمام الملاطيلي)، والثانية حسن عبدالرسول عن فيلم (الشحات)، والثالثة رءوف توفيق أيضا عن (الشحات)، وفاز بجائزة الإخراج الأولى حسين كمال، والثانية صلاح أبوسيف عن (حمام الملاطيلي)، والثالثة عاطف سالم عن (السلم الخلفي).
** رشح فيلم (عقلي) لعاطف سالم لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي عام 1974.
** حصل فيلم (إمبراطورية ميم) إخراج حسين كمال على جائزة أحسن فيلم من المركز الكاثوليكي، كما حصل فيلم (خلي بالك من زوزو) على جائزة جمال عبدالناصر التذكارية.
** لم يظهر سوى مخرج واحد جديد هو زكي صالح، وتم التصريح بعرض فيلم (العصفور) بعد حرب أكتوبر.
………………………………………………
أفلام عام 1974
عرض فى هذا العام 44 فيلما سينمائيا هى ( قاع المدينة، أين عقلي، العذاب فوق شفاة تبتسم، الأبرياء، البنات والحب، وكان الحب، الزواج السعيد، دنيا، الأبطال، أنا وإبنتي والحب، لغة الحب، انسات وسيدات، رحلة العجائب، الأحضان الدافئة، غابة من السيقان، إمرأة عاشقة، عريس الهنا، ليالي لن تعود، العمالقة، إمرأة للحب، الشوارع الخلفية، في الصيف لازم نحب، العصفور، إمبراطورية المعلم، بمبة كشر، الوفاء العظيم، الرصاصة لاتزال في جيبي، بدور، الإخوة الأعداء، الساعة تدق العاشرة، شياطين إلى الأبد، 24 ساعة حب، عجايب الزمن، أرملة ليلة الزفاف، رحلة العمر، حبيبتي، أميرة حبي أنا، حبيبتي شقية جدا، الحفيد، عايشين للحب، لعنة إمرأة، الهارب، المهم الحب، أبناء الصمت).
………………………………………………
بطاقة فيلم (الرصاصة لاتزال في جيبي):
إنتاج : رمسيس نجيب.
مدير الإنتاج : أنور ومراد رمسيس نجيب، محسن علم الدين.
قصة : إحسان عبدالقدوس
سيناريو وحوار : رأفت الميهي، ورمسيس نجيب
مدير التصوير : إبراهيم صالح
تصوير المعارك الحربية : محسن نصر، عصام فريد، سعيد شيمي، علي حسن، عبدالحميد عمر، أحمد عبدالعزيز، ك. كوتري، سمير بهزان.
موسيقى : عمر خورشيد
مخرج معارك : ك.كوتري، خليل شوقي
مونتاج : نادية شكري
الطبع والتحميض: استديو مصر
إخراج : حسام الدين مصطفى
بطولة : (محمود ياسين، نجوى إبراهيم، حسين فهمي، يوسف شعبان،عبد المنعم إبراهيم، سعيد صالح، صلاح السعدني، محيي إسماعيل، أحمد الجزيري، إحسان شريف، حياة قنديل).