* الموجي لحن (يا أغلى إسم فى الوجود) على سلم الإذاعة في لحظة نوارنية!
* الرئيس السيسي يسير على درب جمال عبدالناصر، وأتمنى من الله أن يبعد عنه بطانة السوء، ومن يلعبون خلف الستائر!
* الملحن الجيد لا يقبل أن يلحن كلمات سيئة، والدليل العملاق رياض السنباطي
* منذ بدأت مشواري الفني لم أحقد عمري على أحد، ولا شربت كحوليات، ولا دخنت سيجارة
* الفنان الذى لا يبصم في مصر كأنه لم يغن حتى لو كان ضاربا في البلاد العربية والأوروبية
أجرى الحوار: أحمد السماحي
رحلت أمس المطربة الكبيرة (نجاح سلام) التى شقت صدرسماء الشرق الغنائي بصدق وواقعية، عبرمسيرة طويلة ومضيئة، حافلة بالمحطات العاطفية والرومانسية والوطنية.
ولقد ساهم في نضج تجربة (نجاح سلام) كونها ارتبطت منذ بداية مشوارها الفني بقضايا مصر والعالم العربي الكبير، انطلاقا من ارتباطها الأكبر بالعروبة، فكان غناؤها معبرا وكاشفا عن حسها القومي العظيم.
فاستحقت عن جدارة لقب (صوت العرب)، و(المطربة الفدائية)، و(ساحرة العرب) وغيرها من الألقاب التى توجها بها الجمهورالتواق للفن الصادق والغناء العذب الندي.
ومن ثم فقدغنت (نجاح سلام) لكل الأقطار العربية بلهجاتها المحلية باقتدار، فتغنت بمصر (أنا النيل مقبرة الغزاة) و(يا أغلى إسم فى الوجود)، وأهدت فلسطين أجمل أناشيدها (أنا الجريحة يا عرب أنا فلسطين/ طبيبي انتم يا عرب أروح لمين/ كل البلاد اتوحدت إلا أنا).
وللبنان غنت (لبنان درة الشرق) ولسوريا (سوريا حبيبتي، أعدت لي كرامتي/ أعدت لي هويتي بالحرب والكفاح)، وللجزائر(يا طير يا طاير ودي البشاير من مصر وأجري علي الجزاير).
إقرأ أيضا : ” عايز جواباتك”.. أيقونة “نجاح سلام” الخالدة
ولم تكتفي (نجاح سلام) بهذا فغنت للكويت والإمارات والأردن، وغيرها من الدول العربية، والجميل في هذا الأمر أنها تغنت بلهجات هذه الدول العربية.
لقد نشأت (نجاح سلام) منذ أن عرف الصوت الشجي والطربي الرصين حنجرنها في بيت يجمع بين العلم والدين والسياسة والفن، فالجد هوالعلامة الجليل الشيخ (عبد الرحمن سلام)، أحد كبار رجال الفقه والدين في لبنان.
والأب (محيي الدين سلام)، مسئول الموسيقي والغناء في الإذاعة اللبنانية، فضلا عن أن بيت العائلة مقصد كل أهل السياسة والأدب، والفكروالفن، ليس من لبنان وحده بل من كل الدول العربية.
(نجاح سلام) التي عشقت الفن
عشقت (نجاح سلام) الفن منذ بدايتها رغم معارضة والدها الذي حاول يبعدها عنه، فألحقها بمدرسة داخلية حتى تبتعد عن البيت وندواته وأهل الفن وأنغامهم، وفي نفس الوقت تدرس القرآن الكريم وتحفظه، خصوصاً وأنها من بيت ديني خالص.
ولم يكن الأب يعى أنه يدفع بتلك الموهبة الصغيرة (نجاح سلام) إلى طريق الغناء الصحيح، بحكم تعلمها إيقاع اللغة وموسيقاها، وإتقان مخارج الحروف من خلال دراستها لأحكام التجويد والتلاوة، فمدرسة القرآن هي أعظم مدرس لأي فنان.
إقرأ أيضا : تعرف على الأغنية التى كتبت لنجاح سلام، واشترتها نعيمة عاكف، وغنتها صباح (1/2)
وهكذا لعب القدر دوره في صقل موهبة (نجاح سلام) لتصبح هذه المطربة الكبيرة، وبهذه المناسبة أستعيد حواري الأخير معها الذي نشرته منذ خمس سنوات في جريدتنا الغراء (الأهرام).
ونعيد نشره اليوم وعلى مدى ثلاثة أيام في (شهريار النجوم) لأنه كان حوارا شاملا عن مشوارها الفني المليئ بالرقي والجمال والمحطات المهمة.
* في البداية يهمنا الاطمئنان على صحتك الغالية جدا على قلوب كل المصريين من عشاق فنك الرفيع؟
** (نجاح سلام): الحمد الله صحتي (كويسة جدا)، وخلال الفترة القادمة سأنزل للقاهرة التى أعتبرها أم العالم (مش أم الدنيا) لتسجيل أغنية وطنية جديدة بعنوان (احضنولي مصر) كلمات عبدالفتاح البنا، وألحان فاروق سلامة.
يقول مطلعها: (احضنولي مصر اللي روحي فيها / أصل حب مصر بالدنيا وما فيها) وسأهديها للإذاعة وللتليفزيون المصري.
* قمتي بغناء العديد من الأناشيد الوطنية التى ما زالت حاضرة فى أذهان كل المصريين، ما الذى أعجبك فى أغنية (أحضنولي مصر)؟
** نجاح سلام) بصوت مليئ بالفرح قامت بغناء الكوبليه الأول من الأغنية، وبعد انتهائها من الغناء قالت بتواضع شديد: شو رأيك؟ قلت لها: رائع وصوتك ما زال جميلا وعفيا كعهدنا بك.
فتمتمت قائلة: الحمد الله (تعرف أشعر مع كل أغنية جديدة أقوم بغنائها إنني ما زلت في بداية مشواري الفني)، واستطردت قائلة نرجع لسؤالك: ما جذبني للأغنية كلماتها (يا عيني ع الكلام) جميل جدا، والملحن فاروق سلامة ملحن خطير، وجملته الموسيقية حلوة، وأول ما استمعت إلي الأغنية قلت له احتفظ لي بها حتى أنزل مصر وأقوم بغنائها.
(نجاح سلام) بين الكلمة واللحن
* أيهما يجذبك أكثر عندما تعرض عليك أغنية اللحن أم الكلمة؟
** (نجاح سلام): الاثنين، ويهمني في الكلمة أن تكون مفرداتها جديدة وغير مستهلكة ولا تحمل إسفافا، وتأكد من شيئ مهم، الملحن الجيد لا يقبل أن يلحن كلمات سيئة، وأبسط دليل على ذلك العملاق (رياض السنباطي) الذي لن تجد لديه أغنية كلماتها دون المستوى، وكذلك باقي الملحنيين الكبار.
* كثيرون ممن حوالي خاصة من السيدات عندما علموا بأنني سأجري حوارا مع حضرتك قالوا لي أسألها عن سر جاذبيتها وحيويتها حتى الآن؟
** (نجاح سلام) ضاحكة: الحمد الله، هذا راجع للنفسية الطيبة، كل ما كانت نفسيتك طيبة، ولا تحمل خبثا ولا حقدا لأحد فهذا يظهر على وجهك، والحمد الله منذ بدأت مشواري الفني لم أحقد عمري على أحد، ولا شربت كحوليات، ولا دخنت سيجارة، ولا تمنيت ذات يوم أن يكون عندي ماعند غيري، وأحب أصدقائي وأولادي وأحفادي، وفوق كل ذلك أعشق مصر.
* ما رأيك فيما يحدث فى مصر الآن من خلال الاستحاق الثالث في خارطة الطريق بعد إجراء الانتخابات الرئاسية وإقرار الدستور؟
** (نجاح سلام): شيئ رائع وربنا يولي كل من هو صالح، مصر تستاهل كل خير، وأكثر ما أسعدني هو القضاء على الإرهاب والفتن، وعودة الاستقرار والأمن مرة أخرى لمصر، بفضل الرئيس العظيم عبدالفتاح السيسي، الذى يعمل جاهدا على أن يعيد مصر لدورها العربي، والعالمي، ويصعد بها للقمة.
* البعض يشبه الرئيس السيسي بالزعيم جمال عبدالناصر ما رأيك فى هذا التشبيه؟
**(نجاح سلام): اتفق معه تماما، فكلاهما يعمل لصالح النهوض بمصر، وأن يجعل مصر أعظم بلد فى العالم، عبدالناصر بسبب حكمته أصبح زعيم الأمة العربية كلها وليس مصر فقط.
وأرى أن السيسي هو الآخر يسير على نفس الدرب، ويمتلك كاريزما خطيرة، وحضور إنساني رباني، وكل ما أتمناه أن يبعد عنه بطانة السوء، ومن يلعبون من خلف الستار!
(نجاح سلام) والأغنية الخالدة
* ما شعورك عندما تجدين أغنيتك الوطنية الخالدة (يا أغلى إسم فى الوجود يا مصر) أنشودة الجماهير المصرية، والتي تتردد فى كل مناسبات مصر الوطنية؟
** قالت (نجاح سلام) بسرعة: أسعد جدا جدا وأفتخر بمشواري، وأحمد الله أنني بصمت في مصر، فالفنان الذى لا يبصم في مصر كأنه لم يغن حتى لو كان ضاربا في البلاد العربية والأوروبية، ودائما أقول للمطربين الجيدين على مستوى العالم العربي، عليك أن تبصم في مصر أولا.
* ما سر خلود هذه الأغنية الوطنية التى أصبحت شبه نشيد قومي وتجدها حاضرة في كل المناسبات الوطنية؟
** (نجاح سلام): الصدق، ولقد غنيت هذه الأغنية بحب وصدق، فمصر احتضنتني من بداية مشواري، وكبر اسمي فيها، وأعطتني الكثير، وأكرمتني.
وكان لابد أن أكون وفية وأغني لها في كل مناسبتها الوطنية، (أقسم بالله أنني أعشق مصر بدون غاية ولا هدف، وما أذكره عن هذه الأغنية إنها كانت من أسرع الأغاني التى غنيتها في مشواري).
فقد استدعانى الأستاذ الكبير محمد حسن الشجاعى، رئيس لجنة الاستماع بالإذاعة عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي ليسمعني كلمات أغنية وطنية جديدة كتبها الشاعر الرقيق إسماعيل الحبروك، ويومها وجدت الموسيقار الكبير محمد الموجى.
وبعد أن استمعت للكلام أنا والموجي، أكمل الشجاعي كلامه قائلا: أريد أن نسجل أغنية (يا أغلى إسم فى الوجود) بأسرع وقت، ليس لدينا وقت كاف، فحاول أن تنتهى من تلحينها بأسرع وقت ممكن يا موجي، واتفقنا أن نتقابل في استديوهات الإذاعة في اليوم التالي.
وفوجئت ونحن نهبط على درج سلم الإذاعة، بالموجى يدندن بكلمات الأغنية، وقبل أن نخرج من الاستديو التفت لى وقال: انتهيت من اللحن، هيا لنصعد مرة أخرى لنسجله!.
وبالفعل صعدنا وسجلنا الأغنية التى عاشت ومازالت تتردد كل هذه السنوات، لأننا كنا محملين بقضية العدوان الثلاثي ومتفاعلين معها، وكنا نشعر أننا ندافع بأصواتنا عن بلادنا وتاريخنا وحضارتنا.
(نجاح سلام): كان الغناء صادقا
* المتابع للغناء المصري والعربي يجد أن كل ما يبث وكل ما يطلبه الجمهور عبر الإذاعات المصرية والعربية لجيلكم والأجيال السابقة، لماذا عاشت أغنياتكم حتى الآن، فى الوقت الذى لا يتذكر كثير من الجمهور معظم الأغنيات الحديثة؟
** (نجاح سلام): كان الغناء فى جيلي صادقا ومسئولا، ويخرج من القلب لذا يدخل القلوب، هذا هو المناخ الذى عشنا فيه، لم يكن بإمكان أي مطرب أن يصل إلى الإذاعة إلا بعد مروره أمام لجنة الاستماع والأغاني ولجنة النصوص.
وكان كلام الأغنية يراقب من قبل (فطاحل) الشعراء وكبار الكتاب المشهود لهم بالكفاءة، وكان الشاعر الكبير أحمد رامى رئيس لجنة النصوص، ولم تكن الواسطة والإغراءات المالية والرشاوي قد عرفت طريقها إلى الفن، وهذا يعني إننا لم نأت إلى الغناء مدعومين بإمضاء هذا أو ذاك، فقط كان صوتنا هو واسطتنا.
* ما أسباب تدهورو تراجع دور الغناء في السنوات الأخيرة؟
** الاستسهال وعدم إدراك أهمية دور الفن، فالفن يلعب دور المرأة والسفير ويتحول إلى حضارة ننشدها جميعا، لكن الأجيال الجديدة من المطربين والشعراء والملحنين لا يعلمون هذا.
ولا يعلمون مدى تأثيرهم فى الأجيال الجديدة، نحن أصبح لنا تاريخ بسبب حبنا وتأثرنا بالأجيال السابقة من الفنانيين الكبار، الفنان معلم، وعندما يقف أمام آلاف الناس كي يقدم إليهم أغنية عليه أن يلعب دور الأستاذ الناجح، الذى يحرص على النطق السليم.
والمعنى الذى لا يشوه عقل ولا أذن المستمع، الكلام في زماننا كان مقدسا، أما اليوم فقد طغت اللغة السوقية التى تفتقر إلى القيمة الأدبية على ما عداها، كنا حين نسمع قصيدة ما ولا نفهمها نلجأ إلى الشعراء كى ندرك معانيها ومراميها.
وحين لا يتوافر الشعراء نلجأ إلى القاموس، كانت الأغنية تعيش على شفاه الناس، وكان أثرها ووقعها أكبر من أي صحيفة أو خطبة سياسية أو دينية، لقد تحولت الأغنية إلى جزء من الوجدان الجماعي.
وعاشت مع العائلة وفي كل مكان، كان للأغنية قيمتها وحضورها الفاعل بين كل فئات الشعب، ولهذا السبب نلاحظ أن أغاني زماننا محفورة فى قلوب الناس.
ويكفي أن نعرف أن أغاني بعض مطربينا الكبار عصية على الموت حتى نفهم قوة وقدرة الفن على الخلود والاستمرار، ما يروج اليوم من أغان يشبه تماما المجلات البراقة التى يتصفحها المرء فى عيادة طبيب الأسنان، ورق لماع ومادة تافهة!.
في الحلقة القادمة نتعرف على أول أغنية في مشوارها وظروف حضورها لمصر.