بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
عندما تشتد حرارة الجو النفسي، وأشعر بالاختناق، وأن الاكتئاب اللعين يفكر في غزوي، وعزيمتي، أجدني دون أن أدري محشورا أو متشعلقا في رقبة الركاب في أي أتوبيس متجه إلي الزمالك لزيارة الأستاذ كمال الطويل.
أجلس في حجرة الصالون الكلاسيكية في انتظاره، مسليا نفسي بأي شئ، من الممكن أن يعيدني إلي الحد الأدني من حالتي النفسية، يدخل الأستاذ كمال الطويل بالبيجامه والروب الحريري في الصيف.
والروب الصوفي في الشتاء، ألاحظ أنه كان نائما أعتذر له أنني أيقظته يقول لي: علشان خاطري يا أستاذ ابراهيم!
فأرد : ما بلاش أستاذ دي يا أستاذ؟!
حاضر يا أستاذ!، علشان خاطري ماتقولشي الكلام ده تاني، لأن البيت بيتك، يعني أنا لو جيتلك طلخا وصحيتك من النوم هاتزعل؟ فأرد : لأ طبعا.
فيقول : خلاص يبقي ما تتكلمشي في الموضوع تاني، فأر عليه : حاضر
أقول للأستاذ كمال الطويل: يبدو أن بواب العمارة التي بها مسجد بجواركم يقصدك عندما يقول في كل صلاة : الصلاة خير من النوم.
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: أنا وكمال الطويل، والقواد شقيق المطرب الشهير!
تعلو ضحكته، ويبلغني أن صديقه أحمد رجب، كتب عن هذا البواب أمس، عندما حكيت له عنه.
أسأل الأستاذ كمال الطويل، عن الصحافة ورجال الصحافه، يقول لي: أحبهم جميعا، ولكن فتحي غانم، أقربهم إلي قلبي.
أقول له : كيف تحبهم جميعا، وفتحي غانم تحديدا له أكثر من عمل يهاجم الصحافيين مثل (الرجل الذي فقد ظله، وزينب والعرش).
يقول الأستاذ كمال الطويل: لا يهاجم كل الصحفيين، لكن بعض الصحفيين الذين غرقوا في مستنقع الفساد، ما تشوف واحد زي الشاعر الكبير كامل الشناوي لعب دور كبير جدا في نجومية مئات مش عشرات من أهل الفن.
ومنهم عبد الحليم حافظ اللي فضل وراه لحد ما بقي نجم، ومنهم أنا وغيري، مش أهل الفن بس، دا وقف جنب صحافيين كتير جدا، تستغرب لو قلتلك زي أنيس منصور، و يوسف إدريس، وتوفيق الحكيم نفسه!
كمال الطويل وعبد الوهاب
يأخذنا الحديث فأقول له: حضرتك مش قادر تنسي لعبد الوهاب، إنك لما دخلت تسأل عن صديقك رءوف ذهني، وكان عبد الوهاب بيعمل بروفة أغنية (اتمخطري و اتمايلي يا خيل) للسيدة ليلي مراد، وتضايق من دخولك، لحد ما راح له رءوف ذهني، وفهمه إنك مش ملحن، وجاي علشان تسرق اللحن.
فيقول الأستاذ كمال الطويل: لأ مش رءوف ذهني اللي كنت رايح اسأل عليه، دا أنور منسي عازف الكمان، اللي كان متجوز صباح، ومات لما وقع من على الحصان قدام الأهرام.
وتفوت الأيام، وتتفق معايا الست أم كلثوم علي غنوتين لحنت لها أول أغنية بعنوان (لغيرك ما مددت يدا)، في بروفة الأغنية الثانية، وفي نفس القاعة، وأثناء البروفة، اتفتح باب القاعة بابص لقيت الأستاذ محمد عبد الوهاب!.
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: أنا وكمال الطويل، ومأمون الشناوي
استنيت إن أم كلثوم ترحب بيه، ما حصلشي لقيتني فجأه وقفت، وقلتله: اتفضل يا أستاذ، أم كلثوم لقيتها بتزغرلي، كأني ارتكبت جريمة لما خليته يدخل، دخل قعد شويه، وخرج وهو بيتمني لينا التوفيق.
واحنا خارجين عاتبتني الست، وقالتلي رغم أن اللحن ده من أجمل الألحان والأغاني اللي أنا غنيتها، إنما خايفه يكون اللحن اتشم!
قلتلها: يا ست اللي أنا أعرفه، إن لما كانت أسرة تتسمم من أكلة سمك مثلا، كانوا يقولوا أصل السمك كان مشموم! حتي كنت أنا باسمعها وأنا صغير مسموم!
وكانت أمي تحط سكينه في البطيخة اللي شقتها، وتغطيها بتربيعه بيضه، ليه؟ علشان ما تتشمش، الست قالتلي: ربنا يستر!.
بروفة كمال الطويل وأم كلثوم
ويستكمل الأستاذ كمال الطويل: روحت وقعدت أسمع في بروفة اللحن بالأوركسترا علي التسجيل اللي عندي، حسيت برعشه، جريت علي التليفون واتصلت بالست علشان أبلغها إن اللحن سيئ، حاولت تفهمني إنه عاجبها جدا، قولتلها: (لو بتحبيني إنسي الأغنيه دي خالص)!.
ردت أم كلثوم بضيق: مش قلتلك ساعة ما عبد الوهاب دخل أثناء البروفات والفرقة موجودة، اللحن ده اتشم صدقتني؟!
سألت الأستاذ كمال الطويل: بروفه كان فيها أوركسترا؟!، قاللي: وقائد أوركسترا كمان، معظم الفرق الموسيقية وقائدها بتكون موجودة دايما مع المغني في البروفات يا إبراهيم!.
باستثناء أغاني العندليب لأنه كان بيصمم يكون هو القائد، وطبعا مسموح لحليم يعمل أي حاجه هو عايزها، بس للأسف كان فيه ساعات ينسي نفسه! ويوجهني قدام الفرقة.
ويحاول يعدل في اللحن، آخر مرة عملها، قولتله بعد الفرقه ما مشيت: لو عدت تعمل كده تاني قدام الفرقة، مش هالحنلك بعد كده!
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: أنا و كمال الطويل وعسكري المرور!
الحاجات اللي انت قولتها دي تبقي بيننا وبين بعض يا حليم، طبعا اعتذر، ووعدني إن ده مش هايتكرر تاني، وقام باس راسي.
وسألني: لسه زعلان مني؟! قولتله: آه، قاللي : من إيه؟! قولتله لأنك قلت لفريد الأطرش في برنامج مع المذيعة أماني ناشد، بعد ما قال مش ممكن تقارن بيني و بين حليم!
أنا مطرب وملحن، وهو مطرب بس! تعرف يا حليم انت رديت عليه وقولتله إيه؟! قولتله إيه: قولتله أنا مش زعلان من كلامك لأنك في مقام جدي، وقتها حليم طلب مني أعتذرله بالنيابة عنه، قولتله التليفون عندك أهه، أعتذر له انت، وقد كان!
في هذا الوقت امتدت يد الأستاذ كمال الطويل، لإحضار قناه عربية، ستذيع له حوارا طويلا، الشاشه عليها مذيعة تستضيف الشاعر الكبير (أحمد فؤاد) نجم لتعرف رأيه في أهل الغناء.
سألته المذيعه عن المطربة روبي؟ فكان رد نجم عليها: آه البنت اللي بتغني بمؤخرتها دي!، لم يقل مؤخرتها بل قال كلمة أقبح من ذلك علي الهواء، وارتعش جسد المذيعة، وهى تطلب من المخرج قطع البرنامج، وأكملت وقت الحلقة في
اعتذار متكرر للمشاهد، وأنها مثلهم صدمت من رد أحمد فؤاد نجم!.
كمال الطويل وأحمد فؤاد نجم
يقهقه الأستاذ كمال الطويل، وهو يقول لي: إحتمال يكون النوع اللي خده قبل التسجيل مغشوش، على فكرة، أنا باحب نجم جدا، بس هو غلطان في اللفظ، وغلطان إنه ذكر إسم المطربة دي ممكن ترفع عليه قضية سب وقذف وتكسبها.
أسأله هل هناك من يغني كذلك؟! فيرد: أيوه ناس كتير بتغني من وسطهم، أقول له: زي أحمد عدويه مثلا؟! فيقول لي: علشان خاطري، مش عايزين نذكر أسماء، وأحمد عدويه على فكرة أحسن واحد يغني موال في مصر، والحق مش ع المطربين، والمطربات بس معظم الملحنين كده!
إقرأ أيضا : كمال الطويل : تساقطت القنابل على القاهرة فولدت (والله زمان يا سلاحي)
ومعظم المستمعين ابتدوا يدوروا على الأغاني اللي يقدروا يهزوا وسطهم فيها، أحنا في مرحلة هز الوسط، ونسيت اسألك يا إبراهيم عن أعضاء حزب الوفد هى كانت تهمتهم ايه؟!
أقول له: في جنازة النحاس، هتفوا كلهم في نفس واحد: لا زعيم بعدك يا نحاس!.
بمجرد ما رجعوا بيوتهم كان البوليس في انتظارهم، أسال كمال الطويل: كانوا أصدقاء لك في المعتقل؟! فيرد: جدا
طيب إحكيلي عنهم؟، حاضر يا أستاذ..
وأنا باش ولد عارفك ..
يا حبيبتى بالمللِّى
لو حتى مش شايفك ..
القلب هايقوللِّى
يا ام الهوى طارح ..
بين الرموش توته
أنا جيتلك امبارح ..
ومعايا حدوته
ومشيت فى بستانك ..
إنسان معاه بستان
بصيت لفستانك..
شفت القمر نعسان
ولقيتنى مش خايف ..
من أى شئ زايف
يا ام الهوى طارح..
بين الرموش توته
أنا جيتلك امبارح ..
ومعايا حدوته
على فين ما هاتروحى ..
لازم معاكى أطير
ما تحيريش روحى ..
وتطيِّرى العصافير
وكفايه جرح زمان ..
فى مملكة نسيان
يا ام الهوى طارح..
بين الرموش توته
أنا جيتلك امبارح..
ومعايا حدوته
أيوه انزلى تانى ..
يا ليلى للمجنون
فى البعد هاتعانى ..
ملكة جمال الكون
يا اللى انتى ست الناس ..
وام الوتر حساس
يا ام الهوى طارح ..
بين الرموش توته
أنا جيتلك امبارح ..
ومعايا حدوته
مستغربه جدا ..
أنا غنوتى مَهرك
لما الديوك تدن..
هاتوضى من نهرك
وارجع أغنيلك..
وارتاح على نيلك
يا ام الهوى طارح..
بين الرموش توته
أنا جيتلك امبارح..
ومعايا حدوتة.