بقلم الكاتب الأردني: محمود الداوود*
هل قرأت يوما مادة صحفية بأسلوب أدبي؟، بل هل قرأت يوما لقاء حواريا مع فنان مثلا، وكان بأسلوب أدبي رشيق شيق؟ نعم بالتأكيد قرأت، لكن هل قرأت يوما لكاتبة إعلامية أدبية مسكنها بيروت وتحت سقف لبنان، بلد الحضارة والجمال؟،عندئذ ستعرف أن ما تكتبه (مايا إبراهيم) مختلف، لكن ما هو الاختلاف فيما تكتبه مايا عما يكتبه الآخرون؟
حين تقرأ لـ (مايا إبراهيم) فأنت تقرأ مادة صحفية صيغت بصدق، من القلب، من الأعماق، بعين حادة وبصيرة موغلة في المعرفة والعاطفة معا، فـ (مايا إبراهيم) تهديك المعرفة بين السطور وتهديك الورد من وسط الحروف وتشدك بأسلوبها الرشيق والمنمق.
هل قرأت يوما نصا أدبيا فيه ذات الرشاقة والسلاسة والمباشرة المحببة للقارئ، سواء بلغة فصحى أو بلهجة أهل لبنان المليئة بالموسيقى والسحر؟ أظنك لو شاءت لك الحظوظ أن تستمع إلى تلك النصوص خاصة باللهجة المحلية المحكية فإنك ستتوقف طويلا أمام ثلاثة أمور:
الأول: ذلك الصوت الموسيقي الصادق، صوتها، إنها (مايا إبراهيم) حين تتحدث من أعماق قلبها وفكرها، الثاني: أنها تقدم لك الخلاصة، فخير الكلام ما قل ودل، والثالث: أنها تضعك أمام الواقع بحكمة وذكاء وروعة.
(مايا إبراهيم) تكره التلون
(مايا إبراهيم) من ذلك النوع من الناس الذين يعيشون للإبداع ويتطلعون إلى المستقبل، لا يتوقفون أمام عوامل الإحباط ويكرهون التلون في المواقف، ويتقنون اكتساب الأصدقاء، ويخلصون لمن يخلصون لهم، ويبادرون قبل أن يطلب منهم، ويتجملون لأنهم صادقون مع ذواتهم، ولا يتجملون رياء ولا نفاقا.
ولا غرابة في ذلك و(مايا إبراهيم) من مواليد (الجدي) الواضح في مواقفه، والمتقن لكل عمل ابتدأ به.
وجدت (مايا إبراهيم) في الإعلام طريقها رغم أنه طريق المتاعب، فهو يحتاج الوقت والجهد والبحث، وهى تعطيه كل ذلك، ولا تريد أن تكون عابرة دون أن تترك الأثر، وهذا ديدن المبدعين فهي أينما تحط رحالها تضع لها بصمة.
هى تلك الصادقة في وصفها.. الأنيقة في لفظها.. اللبقة في حروفها، المتعطرة بابتسامتها التي لا تفارقها، لأنها تصنع الفرح حيث حلت، ترافقها الرصانة والشموخ، ورغم أنها درست الفرنسية وعملت في مجال بيع الملابس والعطور، إلا أن هذا ساهم في زيادة ثقافتها لذاتها.
ورتبت حياتها وأعطت لنجاحها نكهة لا توصف، ولا غرابة أن يأخذها عالم الإعلام فهي ابنة خال الإعلامي المعروف الراحل (مازن دياب)، فالإعلام يجري في الجينات والعروق.
كل من كتب عنها لم يكتب مجاملة لها إنما لأنها تحقق الإبداع بإصرار وجهد ومثابرة وترسم طريقها بثبات واتقان.
(ما بتتعلّم تمشي إذا ما وقعت ولا بيقسى عودك إذا ما بحرارة الحياة انلدعت ولا بتعرف قيمة الحبّ والمحبّة إذا ما خسرت وودّعت وانخدعت، حياتنا متل كرم العنب بيمرق بمواسم وعواصف ولو العنقود ينطق إنت وعم تاكلو كان قلّك لأكلت هالطعمة لو تعرف أنا بكم مرحلة قطعت).
(مايا إبراهيم).. سحر خاص
مثل هذه الحكمة تكتب (مايا إبراهيم) بلهجتها، حكمة وفلسفة وبعد نظر، سيأتي يوم يكون فيه لـ (مايا إبراهيم) سحرها الخاص في حياة الإعلام، وسيبقى مخلدا ما خلدت هى حضورها، بحسن عطائها.
وهى التي يعني اسمها الوهم أو السحر.. والوهم خيال، والخيال يملأ الآفاق إن حلمنا به، والسحر أعجوبة، يدهشنا إن حقق الجمال، وهذا بالسنسكريتية، أما بالحضارة الهندية القديمة فاسم (مايا) يعني القوة والحكمة، وهى كذلك، أما في نصوص (فيدا) المتأخرة فمعناها عرض سحري، فخذوا من سحر الكلام دهشته ومن حكمة القول فلسفة الحياة عند مايا.
ومن يقترب من شخصية (مايا إبراهيم) أكثر يدرك إنسانيتها، يدرك كم هى من عالم ملائكي، تنسى نفسها حين تفكر بهموم غيرها، تبحث لهم عن مخرج أو دعوني أقول أنها تبحث لهم عن أمل ولو من بعيد، لعلها بذلك تخرجهم من حال صعب الى حال رحب.
والإنسانية عند الأديب والمثقف هى عنوان مجده ومفتاح خلوده وعنوان ذاته، ومايا تحقق هذا كله في شخصيتها، إنها حقا أديبة مثقفة إنسانة تقود هذا كله تحت سقف (إعلاميتها) المحببة.
تحدث عنها الكثيرون من فنانين وإعلاميين ومبدعين فماذا عساي أضيف؟ سأختصر كل الكلام فأقول:
إذا تكلمت (مايا إبراهيم) أدهشتك، وإذا كتبت أبهرتك، وإذا تبسمت سحرتك، وإذا أطلت أشرقت عيناها، وثقت بنفسها وأخلصت لعملها فتحقق لها حب الناس وتحقق لها الإبداع.
* صحافي وكاتب، عضو الهيئة الادارية في منتدى البيت العربي الثقافي