عيسى غندور أصيب في حادث موت فغنى (سيد درويش) !
كتب: أحمد السماحي
(سيد درويش) ليس في احتياج أن يكتب عنه مجددا عن سر عبقريته!، وليس في احتياج لصحف وبرامج تتحدث عن فضله على الموسيقى الشرقية.
ولكنه في احتياج أن تقدم أعماله وتراثه الثري الغني للناس في صورة جديدة بأصوات قوية عذبة تجيد تقديم هذا التراث وتكون على قدره، فيروز لم تبك (على سيد درويش)، وكذلك الأخوان رحباني لكنهم جميعا درسوا (سيد درويش).
وبحثوا عن ألحانه وحاولوا معرفة أسرار هذه العبقرية، ولم يتوقف هؤلاء النجوم الثلاثة أمام قبر (سيد درويش)، بل توقفوا أمام فنه العظيم، ولم يتوقفوا ليقولوا في كل مناسبة أنه كان عبقريا، وأننا خسرنا بموته خسارة فادحة، بل قرروا أن يقدموا بعض ألحانه بتوزيع عصري جديد.
إقرأ أيضا : فاطمة رشدي : سيد درويش سبب نزولي للقاهرة، ومحمد تيمورعرفني بـ عزيز عيد
وبالفعل استطاعوا أن يقدموا هذه الألحان في صورة بديعة بصوت فيروز، ومن بين هذه الألحان (زوروني كل سنة مرة، طلعت يا محلا نورها، الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية).
واستطاع الأخوان رحباني مع فيروز أن ينقذوا هذه الألحان الرائعة من الضياع، وخرجوا بها من سراديب الظلام إلى الضوء، حيث رددها الناس في كل مكان وأصبحت هى الأشهر في تراث (سيد درويش).
الأخوان رحباني و(سيد درويش)
مؤخرا وبعد انفصال الأخوين رحباني أعاد العبقري زياد الرحباني توزيع أغنية (أهو ده اللي صار) من تراث (سيد درويش)، ما فعله الأخوان رحباني وفيروز وزياد هو الموقف المثالي الصحيح أمام فن (سيد درويش).
عيسى غندور وسيد درويش
ما فعله الأخوان رحباني وفيروز وزياد شجع عدد كبير من المطربين اللبنانيين على الالتفات إلى أهمية فن (سيد درويش)، من هؤلاء المطرب اللبناني عيسى غندور ابن المؤلف والملحن حسن غندور الذي كان من المولعين بالمدارس الموسيقية العريقة.
وكان يحاول أن يستميل نجله إلى الأصالة من خلال معرفته الشخصية برموز القرن العشرين، لكن عيسى تأثر بتيار الأغنية الجديدة وأراد أن يقوم بتجربة مستقلة تماماً عن اهتمام والده فأصدر ألبومين هما (شجر الياسمين) و(اسألوه).
إقرأ أيضا : مفاجأة .. العشرة الطيبة تبعث من جديد في الذكرى المئوية لخالد الذكر (سيد درويش)
في تلك الفترة، تعرض عيسى غندور لحادثٍ كاد يودي بحياته، إلا أنه نجا بأعجوبة بعدما خضع لعدة عمليات، وهذه الحادثة غيرت وجهة نظرة إلى الحياة كما في الفن.
فأعاد النظر في الأغنية التي عُرِف بها في التسعينيات، ورأى أنها لم تكن سوى مجرّد تجربة عابرة وغير ناضجة، وأن الفن الحقيقي يكمن في مكان آخر، بعيداً عن رؤيته السابقة.
عيسى غندور وفرقة المدينة
هكذا راح عيسى غندور يبحث في ذاكرة الطفولة عن الأغنيات التي كان يسمعها في منزل والديه، فاختار من أرشيف الشيخ (سيد درويش) عشر أغنيات.
وسجلها بصوته مع فرقة (المدينة) التى تتكون من (زياد سحاب (عود)، غسان سحاب (قانون)، بشار فران (باص)، أحمد الخطيب (إيقاعات) وأحمد شبو (كمان).
والأغنيات العشرة التى اختارها عيسى غندور هى (دنجي .. دنجي) من مسرحية الطاحونة الحمراء، (الشيطان) من مسرحية البروكة، (سالمة يا سلامة، وطلعت يا محلا نورها، والشيالين) من مسرحية (قولوا له).
و(الحلوة دي) من مسرحية (ولو)، فضلا عن (زوروني كل سنة مرة) التى تغنى بها (سيد درويش) بمناسبة زيارة ضريح والدته، و(يا بلح زغلول) التى تغنى بها فنان الشعب لسعد زغلول في منفاه.
كما أعاد عيسى غندور غناء (أهو دا اللي صار، ويا ناس أنا مت في حبي).
غلاف السي دي وحلم غندور
كتبت الشركة المنتجة لـ (C.D) الأغنيات كلمة على غلاف الـ (C.D)، قالت فيها: (سيكتشف المستمع في هذه الاسطوانة عددا غير قليل من الألحان الخالدة للفنان (سيد درويش).
واخترنا لهذه الأسطوانة عشرة أعمال، ستة منها مأخوذة من مسرحياته الغنائية، وأربعة من خارج إطار تلك المسرحيات، ومع أن بعض هذه الألحان قد وردت بعد رحيل سيد درويش في صيغ كثيرة.
وعلى شفاه كثير من المطربات والمطربيين، فقد تعمدنا العودة إلى التسجيل الأصلي لكل هذه الألحان، كما ظهر بصوته أو بصوت سواه من المطربيين الذين كان يعتمد عليهم.
وذلك توخيا للاقتراب من روح اللحن، وتجنبا لما شابه من تحولات في بعض التسجيلات الحديثة والالتزام بالنص الأصلي لكلام الأغنية، وبروح الأداء الغنائي فيها.
غير أن هذه الرغبة بالتدقيق في أصول اللحن، لم تمنع أن يجمع الأداء الغنائي والموسيقي بين الاقتراب من روح سيد درويش إلى أبعد حد ممكن، والتعبير عن روح العصر الذي تنتمي إليه، إن هذه الأسطوانة تعبر عن عشق عيسى غندور لفن وروح (سيد درويش)، وعن حلم طالما راوده.