رفعت جرانه .. المؤلف الموسيقي الذي قدم الروائع وظلمته وسائل الإعلام!
كتب : أحمد السماحي
من عمالقة التأليف الموسيقى في مصر المؤلف الموسيقي المبدع رفعت جرانة، الذي أبدع روائع موسيقية متنوعة ومختلفة بصيغة عالمية، تعرض هذا العملاق مثل غيره من الموهوبين في التأليف الموسيقى إلى ظلم شديد، نتيجة الجهل الذي يسود حياتنا في وسائل الإعلام منذ قرون، والذي يربط دائما الموسيقى بالغناء، وأي ملحن على درجة كبيرة من الضعف، وقلة الموهبة، هو أشهر من أعظم مؤلف موسيقي مصري موهوب، وهذا يرجع إلى أن القائمين والمسئولين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة ليس لديهم أي حد أدنى بقيمة الموهوبين في مصر، وكل ما يهمهم النجوم المشهورين حيث يكتسبوا شهرتهم من استضافة هؤلاء النجوم اللامعين، وليس لديهم أي استعداد لاستضافة فنان غير معروف، حتى لو كان العظيم (بيتهوفن)!
كما أن القائمين على الصحف لديهم عداء شديد للفن الرفيع مثل الذي يقدمه رفعت جرانة، لا يحبون نشره في جرائدهم، ويرحبون بفنان درجة ثالثة على مؤلف موسيقي شهير، وراقصة درجة عشرة على فنانة بالية شهيرة، وفي حالة السماح للصحفي بالحديث عن مؤلف موسيقي معين أو إجراء حوار معه يكون في مساحة صغيرة من صفحة الفن، ولقد حدث معي شخصيا على مدى مشواري الصحفي هذا التصرف كثيرا، وكأن جزء من مهمتهم المكلفين بها هو التعتيم على كل ما هو رفيع في الفن، والترويج للسائد والمنتشر والردئ خوفا من انتشار العلم والثقافة بين الشعب!.
رفعت جرانه وآخر تكريم
لكن وإحقاقا للحق فقد قام الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، عام 2016 وبحكم وعيه وثقافته الموسوعية، بتكريم الموسيقار رفعت جرانة قبل وفاته بعام وأهداه درع المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وذلك في احتفالية بمركز الهناجر الثقافي، ويومها بدأت الاحتفالية بعرض فيلم تسجيلي بعنوان (رفعت جرانة.. سيمفونية نضال)، ثم فقرة موسيقية لفرقة المركز القومي للمسرح.
وكانت بعض المراكز الثقافية وبمجرد حلول انتصارات أكتوبر تتحدث عن مؤلف الموسيقي السيمفونى (السادس من أكتوبر) الذي قال عنه رفعت جرانة: (كتبت هذا القصيد بعد أن عشت المعركة واستمعت إلى قصص أبطالها وبطولاتهم وكان ذلك بعد شهر من بداية المعركة، وجعلت لكل آله موسيقية دورها فى تصوير الأحداث، ويبدأ القصيد بالتعبير عن هدوء الجبهة وتبرز دقات بندول الساعة فى انتظار ساعة الصفر ثم تعلن ساعة الصف من الأجراس ويبدأ الهجوم الكبير ويعبر عنه بقوة من الأوركسترا كاملا ويسمع جزء من السلام الجمهورى تعبيرا عن رفع الاعلام المصرية فوق جبهة القتال).
وقد استطاع رفعت جرانة استخدام قدراته المميزة فى الكتابة الأوركسترالية والتعبير الموسيقى فى تصوير مراحل القتال مستغلا لغة هارمونية حديثة باستخدام التآلفات المتنافرة.
رفعت جرانه و(كونشرتوا القانون)
هذا الأسبوع في باب (غلاف ألبوم) سنتوقف مع واحد من ألبومات المؤلف الموسيقي رفعت جرانه وهو (كونشرتوا القانون) الذي قامت بطبعه في عام 1981 شركة (صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات) عندما كان يتولى إدراتها مسئولين لديهم وعي وثقافة وإحساس بالجمال، في هذا الألبوم تسيطر الألحان الدينية على كونشرتوا القانون فالحركة الأولى نسمع فيها تكبيرات صلاة العيد عند المسلمين، أما الحركة الثانية فالحانها مبنية على لحن طلع البدر علينا، والحركة الثالثة على على لحن آذان الصلاة.
رفعت جرانه وأشهر مؤلفاته
قدم رفعت جرانة العديد من المؤلفات الشهيرة منها القصيد السيمفونى (بورسعيد) وقد ألف هذا القصيد عام 1966 وفيه يصور رفعت جرانة معركة بورسعيد والعدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وقد استوحى المؤلف ألحانه من الأناشيد المصرية الشهيرة مثل أغنية (والله زمان ياسلاحى) التى قدمت خلال تلك المعارك وكذلك الحان الدول المعتدية (بريطانيا، اسرائيل، فرنسا ) مثل نشيد المارسليز الفرنسى.
كما قدم رفعت جرانة قصيد (رحلة الى تشيكوسلوفاكيا) عام 1968، وقصيد (انتصار الاسلام) عام 1971، وقصيد (النيل) 1972 وفيه يصور رحلة النيل من المنبع الى المصب واستخدم فيه جمل موسيقية تعبر عن أهالى المناطق التى يمر فيها نهر النيل، كما قدم قصيد (الحياة) عام 1973 ويصور فيه انطباعه عن الحياة ومايحدث فيها، كما ألف متتالية شعبية تسمى (بلدى) كتبت عام 1970 لم تقدم الى الآن، بالإضافة إلى العديد من المقطوعات للآلات المنفردة والمجموعات الصغيرة.
وقد مثل رفعت جرانة مصر فى عدة مؤتمرات ومهرجانات دولية وحصل، على جائزة الدولة التشجيعية فى التأليف الموسيقى عام 1966، وحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1967.