عبداللطيف التلباني الذي تعاون مع أساطين الكلمة واللحن ولا نسمع له أغنية! (2/2)
* محمد حسن الشجاعي حضر للإسكندرية لسماع تسجيلات المطربيين الجدد، فلفت انتباهه صوت (التلباني)، ووقال له : (مكانك في القاهرة)
* جلال معوض قدمه من خلال حفلات (أضواء المدينة) فأصبح حديث القاهرة
* تعاون مع (السنباطي، والموجي، والأطرش، ومنير مراد، ومحمد فوزي، وبليغ حمدي، وعبدالعظيم محمد) وغيرهم
* قدم للسينما 5 أفلام غنائية، لم يكن راضيا عن أول أفلامه (نمر التلامذة)
* أنتج على حسابه الخاص بعض المسرحيات ليعيد المسرح الغنائي إلى أبوالفنون
كتب : أحمد السماحي
مازالنا مع مشوار النغم الحالم عبداللطيف التلباني الذي تعرض – ومازال – لظلم كبير من أجهزة الإعلام المختلفة بالنسبة لإذاعة أغنياته وعرض أفلامه ومسرحياته الغنائية، حتى أن كثير من الأجيال الجديدة لاتعرف مطرب اسمه عبداللطيف التلباني!، فبعد نشر الحلقة الأولى من مشوار صاحب أغنيات (من فوق برج الجزيرة، واللي روحي معاه، وخفة دمك، والكلمة الحلوة) وغيرها من الروائع المنسية، وصلتنا كثيرة من الرسائل من الزملاء الصحافيين ومعدي البرامج، وبعض النجوم، والكل أكد وجهة نظرنا، لكن كانت من أغرب الرسائل التى وصلتنا رسالة يقول صاحبها: (أن التلباني هو من ظلم حاله بتقليده لون عبدالحليم حافظ، وماهر العطار!).
والحقيقة أن عبداللطيف التلباني كان بعيدا عن شكل وطريقة عبدالحليم حافظ، وإن كان اعتمد اللون العاطفي نفسه، فهو لم يكن وحده الذي أعتمد هذا اللون، ولكن سابقه آخرون مثل (كمال حسني، وماهر العطار، ومحرم فؤاد) وغيرهم، ولو كان يقلد العندليب الأسمر ما كان نجح نجاحا كبيرا في وجود (حليم)، وظل ناجحا ومطلوبا فنيا وجماهيريا حتى رحيله.
وبعيدا عن كل هذا، تعالوا بنا نتابع مسيرة عبداللطيف التلباني من بداية شهرته، وحتى رحيله، في الحلقة الماضية توقفنا عند نشأته وميلاده في قرية العزيزية، مركز منيا القمح، محافظة الشرقية، وعشقه لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وحيرته بين دراسة الحقوق أو الأداب، وسفره إلى الأسكندرية، والدراسة في كلية (الأداب)، وغنائه في معظم أفراح عائلات الأسكندرية، وأيضا غنائه لعدد كبير من ملحني مدينة الثغر من هؤلاء (جلال حرب، محمد غنيم، محمد المصري، محمد الحماقي، حلمي أمين) وغيرهم.
عبداللطيف التلباني واللي روحي معاه
بعد أن ذاع صيت عبداللطيف التلباني جاء إلى مدينة الإسكندرية محمد حسن الشجاعي مسئول الموسيقى والغناء في إذاعة القاهرة لسماع تسجيلات المطربيين الجدد، فلفت انتباهه صوت (التلباني)، وقال له: (مكانك في القاهرة)، وقرر أن يصطحبه معه إلى القاهرة لتقديمه من خلال حفلات (أضواء المدينة) التى كان يشرف عليها صديقه وزميله المذيع الشهير (جلال معوض)، الذي قدمه بالفعل في حفل بدار سينما ريفولي ليلة 23 أغسطس 1960 مع مجموعة كبيرة من المطربيين، ورغم كثرة عدد المطربين لكن استطاع (التلباني) أن يحقق نجاحا لافتا من خلال أغنيته (اللي روحي معاه) التى كتبها الشاعر الجديد وقتها عبدالسلام أمين، وألحان الموسيقار محمد الموجي، وأحدثت الأغنية ضجة، وغناها الناس بعده في كل مكان، وكانت هذه بداية انتشاره.
عبداللطيف التلباني والكلمة الحلوة
بعد النجاح الكبير الذي حققته أغنية (اللي روحي معاه) تعاون عبداللطيف التلباني مع مجموعة كبيرة من الملحنيين، فلحن له العملاق رياض السنباطي (همسة حايرة) من كلمات حسين توفيق، وديو (قالوا حديث حبنا) مع المطربة عايدة الشاعر، كما لحن له فريد الأطرش أغنية (الكلمة الحلوة) من كلمات فتحي قورة، ولحن له الموسيقار خفيف الظل محمد فوزي أغنية (خفة دمك) كلمات الشاعر صلاح فايز، ولحن له المبدع منير مراد (عايز عروسة)، ولحن له الملحن عطية شرارة أغنيتين من أغاني الفرانكو آراب وهما (توحة بامبينا) من كلماته، والثانية (حلوة ترى جولي) كلمات فؤاد شعبان، أما الموسيقار سيد إسماعيل فلحن له (بأقول الآه) كلمات لبيب دهشان.
إقرأ أيضا : الأغنية التى نالت إعجاب العندليب وغناها عبداللطيف التلباني!
أما العبقري بليغ حمدي فلحن لعبد اللطيف التلباني أكثر من أغنية منها (عيونك الحلوين) كلمات مصطفى عبدالرحمن، و(عيونها الحلوة ديه) كلمات كامل الأسناوي، ولحن له عبدالعظيم محمد (فين مكاني) كلمات محمد حمزه، و(على بلدي) كلمات سمير يوسف، وتعاون أيضا مع حلمي بكر في أكثر من لحن منهم (مش قد نارهم) كلمات صلاح أبوسالم، وتعاون مع يوسف شوقي في أغنية (الحلوة اللي ما حد عاجبها) كلمات كامل الإسناوي، ومع إبراهيم رأفت في (وحياة الورد) كلمات محمد عثمان خليفة.
أما الملحن حلمي أمين فقدم لعبد اللطيف التلباني العديد من الأغنيات أشهرهم على الإطلاق الأعنية التى تذاع كل عام أثناء إعلان نتيجة الثانوية العامة وهي (إفرحوا يا حبايب لفرحنا، النمر اهي بانت ونجحنا، عقباله يارب نقولهاله كل اللي حيقعد مطرحنا)، و(مهر الصبية) كلمات محمد كمال بدر، و(يا محني ديل العصفورة) كلمات محمد حمزه، وغيرها.
عبد اللطيف التلباني .. سكي الشباك
لم تكن أغنية عبد اللطيف التلباني (اللي روحي معاه) هى الوحيدة التى جمعته مع الملحن الكبير محمد الموجي، ولكنه كون معه ثنائيا ناجحا من خلال أغنيات آخرى حققت نجاحا كبيرا مثل (سكي الشباك) كلمات عبدالوهاب محمد، (تحت العنابية) كلمات صلاح أبوسالم، (عطشان يا صبايا) كلمات كمال عطية، ورائعته الوطنية العاطفية (من فوق برج الجزيرة الله الله على سحرها، بلد العز الكبيرة العالية عمرها، شواهد مجدنا، وبشاير سعدنا، ومن ماضي عهدنا، شايفه من هنا).
عبد اللطيف التلباني ملحنا
لم يقتصر مشوار عبداللطيف التلباني فقط على الغناء، ولكنه لحن لنفسه عشرات من الأغنيات الناجحة التى استطاع من خلالها توظيف صوته توظيفا رائعا، وكانت بداية تلحينه من خلال أغنية (نار الهوى) كلمات حسين أبوعتمان، الذي تعاون معه في العديد من الأغنيات مثل (أنزل يا قمر، هوايا هوايين) وغيرها، كما تعاون مع الشاعر مصطفى الضمراني في أغنية (يا نجمتي)، ومع الشاعر حلمي سالم في أغنيتي (بحلم بيوم، ووحشونا الحبايب).
عبداللطيف التلباني والسينما
كان طبيعيا بعد النجاح الكبير الذي حققه عبداللطيف التلباني كمطرب أن يستثمر هذا النجاح مجموعة من المنتجين، الذين أقبلوا عليه بقوة فقدم خمسة أفلام هي (نمر التلامذة) بطولة سميرة أحمد وأحمد رمزي، وحسن يوسف، ومحمد عوض، وإخراج عيسى كرامة، وعرض أول نوفمبر 1964 ، ولم يكن راضبا عنه، كما ذكر هو في أحاديثه الصحفية، بعده قدم فيلم (حارة السقايين) بطولة شريفة فاضل، ومحمد رشدي، وأمين الهنيدي، ومحمد عوض، ومحمد رضا، إخراج السيد زيادة، وعرض عام 1966.
وكان الفيلم الثالث (غازية من سنباط) بطولة شريفة فاضل، ومحمد عوض، وسيد الملاح، وشفيق جلال، ومن إخراج السيد زيادة، وعرض يوم أول يونيه 1967، والفيلم الرابع (جزيرة العشاق) بطولة زيزي البدراوي، سهير المرشدي، رشوان توفيق، إخراج حسن رضا وعرض عام 1968.
وكان آخر أفلام عبد اللطيف التلباني السينمائية (درب اللبانة) بطولته مع هناء ثروت، وشريهان وسعيد صالح وسعيد عبد الغني، إخراج إبراهيم البغدادي وعرض يوم 3 سبتمبر عام 1984، كما قدم فيلم تليفزيوني غنائي بعنوان (القلب لا يمتلئ بالذهب) ومن خلاله قدم أغنيات (أنزل يا قمر، يا نجمتي، لا تسأليهم، الحب النهارده، سافروا الحبايب، يا حلاوة القمر)
عبداللطيف التلباني والمسرح الغنائي
عندما وجد عبداللطيف التلباني المسرح المصري يعاني من عدم وجود مسرحيات غنائية أوإستعراضية، قام بإنتاج وبطولة مجموعة من المسرحيات الغنائية التى للأسف الشديد لم تضبط مرة واحدة معروضة على إحدى القنوات الفضائية الكثيرة الموجودة، أو حتى في التليفزيون المصري، وهذه المسرحيات هي (الشال الاخضر، ليله جميلة، كرنفال الحب، انا وهى ومراتى، كلمة حب، محسن وزيزي، وأوبريت (شارع النغم) الذي قدمه مع المطربة مها صبري، ومن إخراج محمد سالم عام 1974.
رحيل عبد اللطيف التلباني
بعد سنوات من عمله في الفن، وبعد تحقيقه لشهرة عريضة، قرر القدر التدخل ليمنع انتشاره أكثر، حيث توفي وهو في عز شبابه وقمة نضجه، حيث كان هناك عطل في الإشعال الذاتي في البوتاجاز، وقامت ابنته الطفلة الصغيرة بتسخين مأكولات بالفرن، ولم يستجب الإشعال ولأنها صغيرة لم تدرك وجود الغاز، فتحت باب الفرن، فهجم الغاز بغزارة، وتوفي عبداللطيف التلباني، وزوجته وابنته اختناقا بالغاز، وأكدت النيابة أكد أن الوفاة غير جنائية.