* لو رجع بي الزمان مجددا هاشتغل كومبارس مرة أخرى
* عندما انطق اسم المخرج يكون مصطفى سعد، وأي مخرج آخر، هو مخرج العرض!
* رغم تقديمي حوالي 120 عرضا مسرحيا لم أحقق أي شهرة جماهيرية من خلالهم
* راض عن مشواري المسرحي بشكل غير عادي
كتب : أحمد السماحي
رشدي الشامي فنان من الحقيقيين في حياتنا الفنية، يمثل من الداخل، وبكل ذرة في جسده، مزج بين الموهبة وروعة الأداء، وكانت له صولات وجولات، أرختها أعماله المتميزة سواء في المسرح أو الدراما، التي انفردت بطابع خاص لا يجيده إلا عمالقة الفن الكبار، ملامحه مصرية تراها كل يوم في المرايا، والأتوبيس، والشارع، فتشعر بأنه ليس غريبا عن الصورة التى تحتفظ بها في بطاقتك، ملامحه تستقطبك بسرعة وتجهزك للتأثير فيك بأيسر السبل من خلال الأداء البسيط العميق في آن معا، ينطبق عليه المأثور الشعبي الغنائي الذي يقول: (البحر واحد، والسمك ألوان)، فمثلما تختلف الأسماك وتتنوع في البحر فكذلك الشخصيات في بحر رشدي الشامي تختلف وتتنوع وتتناقض وتتضاد، وهو رشدي واحد.
إقرأ أيضا : المهرجان القومي للمسرح يكرم الخولي والشامي وعبدالحليم
وفي كل الشخصيات التى قدمها رشدي الشامي ذاب وانصهر فيها، فقبل دخوله أهاب الشخصية، وتشريحه لها يحسها أولا، من خلال الحركة المنصوص عليها في تعليمات المؤلف – العمود الأيمن للسيناريو – ومن تفصيصه وتقطيعه للجمل الحوارية، واستحلاب الصياغات البيئية، والمفردات الفئوية والطائفية والمهنية التى هي بمثابة البطاقة الشخصية للشخصية، بطاقة الهوية الإجتماعية، وبعيدا عن هذا كله يضيف للشخصية الكثير من الأداء والحركة من واقع خبرته الحياتية الطويلة، وليس يفعل هذا إلا قلة قليلة من ممثلينا الكبار منهم رشدي الشامي الذي يكرمه المهرجان القومي للمسرح المصري برئاسة الفنان محمد رياض خلال دورته، السادسة عشرة التى تبدأ يوم 29 يوليو الجاري.
تكريم رشدي الشامي
جاء قرار تكريم رشدي الشامي بإجماع اللجنة العليا للمهرجان القومي للمسرح، وجاء في حيثيات تكريمه أنه أحد أبناء المسرح المصري المخلصين له، والذي قضي سنوات كثيرة من عمره علي خشبة المسرح القومي، وله الكثير من الأعمال المسرحية المتميزة علي مسرح الدولة.
المتابع لمشوار رشدي الشامي المسرحي الذي قدم فيه حوالي 120 عرضا مسرحيا، يجد قصة كفاح طويلة حيث بدأ من الصفر، كان يدخل المسرح ككمبارس صامت يمر من (الكالوس) إلى (الكالوس) دون أن ينطق بكلمة واحدة، وظل على هذا فترة طويلة، ورغم هذا كان سعيدا جدا حيث وجد في حياته لونا آخر من الشغف يستحق أن يرتبط به، وأن ترتعد فرائسه لمجرد رؤية المسرح والجمهور.
إقرأ أيضا : كرمة سامي تكتب: ما يمكث في الأرض.. رشدي الشامي أيها السادة !
وبعد فترة من عمل رشدي الشامي ككمبارس نطق وقال جملة واحدة وهى: (مجاذيب المولد جايين) من خلال مسرحية (المجاذيب) إخراج محمود الألفي، وبطولة سامي مغاوري، وولاء فريد، وكان يومها طالبا في المعهد العالي للفنون المسرحية، وبرغم صغر دوره في المسرحية، كانت عبارته القصيرة ودوره الأصغر اشارات وأدلة على طاقة فنية كبيرة، ومخزون انفعالي كامن في أعماق نفسه، وهى طاقة كانت تبحث عن الفرصة للانطلاق، ومن خلال هذه الجملة البسيطة التى كان يفتتح بها المسرحية أعجب المخرج المسرحي الكبير أحمد زكي به وقال لمخرج العرض: (حلو الولد اللي أنتوا جايبينه من الحسين ده)، وذلك في (المشهد الافتتاحي للمسرحية!).
المبدع رشدي الشامي
لحظات النشأة هي اللحظات الحرجة في حياة المبدع رشدي الشامي، وهى لحظات التجربة والقلق، وامتحان النفس للفنان، وهي أيضا لحظات التوقع والترقب والتعلق بالإحتمالات عند الجمهور، بعد جملته (مجاذيب المولد جايين) آمن به مجموعة من المسرحيين، وتوالت ادواره المسرحية التى نقش من خلالها إسمه بحروف من ذهب في سجل المسرح المصري.
رشدي الشامي أعرب لـ (شهريار النجوم) عن سعادته البالغة بتكريم المهرجان القومي للمسرح، فرغم كثرة التكريمات التى حصل عليها في السنوات الأخيرة في مجال الدراما، لكن تكريم المهرجان القومي للمسرح شكل تاني، فهو حصيلة (شقى عمره) وتعبه طوال 30 عاما عملها في مجال المسرح المصري بمختلف مسارحه، وهذا التكريم حلم لم يحلم به، ولم يكن في خياله، وهاهو سيتحقق يوم 29 يوليو الجاري.
إقرأ أيضا : حسين نوح يكتب: (تحت الوصاية) كمان وكمان!
وصرح (عم ربيع) بطل مسلسل (تحت الوصاية): أنه قدم حوالي 120 عرضا مسرحيا، لا يتذكر منهم إلا حوالي 56 عرضا، حيث لم تصور معظم هذه الأعمال، وظلت حبيسة المسرح وجمهوره، لكنه سعيد بكل ما قدمه في مجال المسرح، وراضي عن كل ما قدمه، حتى أدواره ككمبارس صامت، ولو عاد به الزمان مرة آخرى إلى الوراء سيعمل كومبارسا!.
وأضاف رشدي الشامي: أن من بين الـ 120 عرضا مسرحيا، هناك عروضا قام بإخراجها، وعروض في قصور الثقافة، والجامعات، فمن العروض التى أخرجها ولا ينساها عرض (بيت برنارد آلبا) للشاعر الإسباني جارسيا لوركا، التى أخرجها لكلية البنات، ويتذكره لأنه كله بنات وأتعبوه جدا!.
رشدي الشامي .. أول عرض
وأشار رشدي الشامي: أن أول عرض وقف فيه على خشبة المسرح كان في قصر ثقافة قصر النيل، بعدها مباشرة وعلى مسرح الجامعة قدم مسرحية (ميراث الريح) المأخوذة عن نص لجيروم لورانس، وروبرت إي لي، إخراج شاكر خضير والد محمد شاكر خضير الذي أخرج لنا مسلسل (تحت الوصاية)، بعدها قدمت جملة واحدة أفتتحت بها مسرحية (المجاذيب) على مسرح الطليعة.
وعن أحب العروض التى قدمها من بين 120 عرضا التى قدمها قال رشدي الشامي: كلهم بلا استثناء!، فكل عرض جسدت دور فيه، أو جملة يحمل لي العديد من الذكريات، لكن هناك بعد العروض التى قدمت من خلالها أدوارا متميزة مثل (الساحرة، بيت من لحم، المطعم، حمام شعبي، الست هدى، الجريمة والعقاب) وغيرها.
وأوضح رشدي الشامي، أن أي مخرج تحمس له ورشحه لأداء دور معين في مسرحيته، فهو مدين له بالكثير، من هؤلاء المخرجين المبدع الراحل مصطفى سعد الذي قدم له ثلاث مسرحيات مهمة للغاية وهي (ملك ولا كتابة، الساعة كام، 3 في واحد)، وعندما يحب إطلاق كلمة المخرج يطلقها على مصطفى سعد، لأنه مخرج غير تقليدي ولا يشبه أحد ولا يفعل ما يفعله الآخرون، لهذا يطلق عليه المخرج، وعلى الباقيين مخرج العرض.
وأضاف (عبدالحي كيرة) في فيلم (كيرة والجن): كما لا يمكن أن أنسى مخرجين رائعين آخرين عملت معهم مثل (أحمد عبدالحليم، سمير العصفوري، عاصم نجاتي، إميل شوقي، أكرم مصطفى، إيمان الصيرفي، مصطفى الدمرداش، ومحسن حلمي).
وعن الدور الذي قدمه في مسرحية معينة ولا يمكن ينساه قال رشدي الشامي: دور في مسرحية لمؤلف ليبي، وإخراج عبدالعزيز محمود بعنوان (الضب الذي توسد الحجر)، ورغم عدم نجاح المسرحية، لكني قدمت دورا مهما وهو دور رجل كفيف رواي للأحداث.